رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطفيش الأونروا

إلى محاولات «تطفيش» وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، «الأونروا»، التى بدأت منذ سنوات، أضافت إسرائيل خطة جديدة لإخراج الوكالة من قطاع غزة، تضمنت ثلاث مراحل، تبدأ بـ«اتهام الوكالة بالتعاون مع حركة حماس»، ثم «تقليص عملياتها، واستحداث أو البحث عن منظمات لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين فى غزة»، أما المرحلة الثالثة فستكون «نقل كل مهام الوكالة إلى الهيئة التى ستتولى حكم أو إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب».

تنفيذًا للمرحلة الأولى، من هذه الخطة، التى نقلتها القناة ١٢ الإسرائيلية، ثم موقع «تايمز أوف إسرائيل»، عن تقرير «شديد السرية» لوزارة خارجية دولة الاحتلال، زعم أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى، أمس الأول الجمعة، أن الوكالة تغطّى على «سرقة حماس» للمساعدات المقدمة إلى قطاع غزة. وكانت تلك هى المرة الثالثة التى يوجّه فيها المذكور هذا الاتهام للوكالة والحركة. ومن المفارقات، أن مدير «مكتب الإعلام الحكومى» بقطاع غزة، التابع لـ«حماس»، كان قد اتهم الوكالة نفسها بالتواطؤ مع إسرائيل، وزعم أنها «تمارس دورًا غامضًا فى إذلال وإهانة» الأسر الفلسطينية!.

بموجب قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة تأسست «الأونروا»، فى ٨ ديسمبر ١٩٤٩، للعمل بشكل مؤقت، على أن تتجدد ولايتها كل ثلاث سنوات، حتى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. وفى أول مايو ١٩٥٠ بدأت عملها، وتسلّمت من اللجنة الدولية للصليب الأحمر سجلات اللاجئين، الذين وصل عددهم، حاليًا، طبقًا للموقع الرسمى للوكالة، إلى أكثر من ٥ ملايين و٩٠٠ ألف لاجئ، يقيمون فى مناطق عملياتها الخمس: الضفة الغربية، قطاع غزة، لبنان، الأردن، وسوريا.

يأتى تمويل «الأونروا» من تبرعات طوعية تقدمها الدول المانحة. وفى الأوضاع العادية، تحتاج الوكالة إلى ١.٦ مليار دولار سنويًا، لتلبية احتياجات اللاجئين التعليمية، والصحية، والإغاثية، ورواتب موظفيها. غير أن الوكالة تعانى أزمات مالية منذ سنوات، وأنهت سنة ٢٠٢٢ بعجز مالى تجاوز ٧٥ مليون دولار، جرى ترحيله للسنة الجارية، ما زاد من الأعباء المالية على ميزانيتها، وأجبرها على اتخاذ مزيد من الإجراءات التقشفية. وكان أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، قد أكد فى يونيو الماضى، أن الوكالة «على وشك الانهيار المالى»، داعيًا الدول المانحة إلى تحمل مسئولياتها، والوفاء بالتزاماتها.

قبل مرور شهر على بدء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وعلى الأراضى الفلسطينية المحتلة، إجمالًا، أعرب فيليب لازارينى، المفوض العام لوكالة «الأونروا»، فى حسابه على شبكة «إكس»، عن شعوره بـ«الفجع»، بعد أن «تأكد مقتل أكثر من ١٠٠ من موظفى الوكالة». ومنتصف نوفمبر الماضى، قال «لازارينى» إن هناك محاولة متعمدة و«شائنة» لخنق عمل الوكالة فى غزة، وأكد أن قدرتها على تقديم الخدمات على وشك الانهيار، محذرًا من أنها قد تضطر إلى تعليق عملياتها بالكامل. 

أيضًا، أمام ممثلى الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، الذين اجتمعوا فى ٣ نوفمبر الماضى، للاستماع إلى تقرير حول الوضع الإنسانى فى قطاع غزة، قال توماس وايت، مدير الوكالة فى القطاع، عبر الفيديو كونفرانس، إن علَم الأمم المتحدة لم يعد كافيًا لحماية الفلسطينيين، الذين لجأوا إلى المدارس الأممية فى القطاع المحاصر. ووصف مارتن جريفيث، مسئول الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة، ما تشهده الأراضى المحتلة بأنه «وصمة» على ضمير المجتمع الدولى. ومع كل ذلك، واصل جيش الاحتلال استهداف موظفى الوكالة، ليقترب عدد ضحاياها من ١٥٠، وأمس الأول الجمعة، قالت الوكالة إن جنودًا إسرائيليين أطلقوا النار على قافلة مساعدات تابعة لها، كانت تسلك طريقًا حدّده الجيش الإسرائيلى.

.. أخيرًا، ومع استمرار العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وعلى مجمل الأراضى المحتلة، والذى يقترب من الدخول فى شهره الرابع، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الأول الجمعة، فى بيان، أن خطر اندلاع صراع إقليمى أوسع نطاقًا فى منطقة الشرق الأوسط لا يزال قائمًا، ووصف تصاعد العنف، خاصة عنف المستوطنين، فى الضفة الغربية، بأنه «مثير للقلق الشديد»، ودعا كل أعضاء المجتمع الدولى إلى بذل ما فى وسعهم «واستخدام نفوذهم على الأطراف المعنية» لمنع التصعيد واتساع دائرة الصراع.