رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ من الخسائر.. كيف تسببت ظاهرة "النينو" في تراجع اقتصاديات الدول؟

ظاهرة النينيو
ظاهرة النينيو

اختلافًا متوقعًا في شتاء هذا العام هذا هو ما صرحت به الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية، وذلك على لسان الدكتورة منار غانم عضو المركز الإعلامي بالهيئة، مؤكدة أن ذروة فصل الشتاء ستكون في شهري يناير وفبراير المقبلين.

 

في تصريحاتها التليفزيونية أوضحت "منار" أن السبب وراء التغير في فصل الشتاء هذا العام يرجع إلى ظاهرة "النينيو" مشيرة إلى أنه سيكون بسببها أكثر انخفاضًا في درجات الحرارة، كما سيشهد حالة من عدم الاستقرار.

ولفتت "منار" إلى أنه من الممكن أن يسجل هذا الفصل معدل أكبر من هطول الأمطار على بعض المناطق، في حين قد تشهد مناطق أخرى ندرة في الأمطار.

ما هي “النينيو"؟

وتعرف ظاهرة النينيو بأنها سلسلة من أحداث الاحترار والتبريد التي تحدث على طول خط الاستواء في المحيط الهادئ، وتحدث عندما يكون هناك انخفاض في كمية المياه الباردة التي ترتفع إلى سطح البحر بالقرب من أمريكا الجنوبية، مما يؤدي إلى زيادة درجات حرارة سطح البحر عبر المحيط الهادئ، وهو ما يؤدي بدوره بعد ذلك إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي فوقه.

 

ويطلق على جزء التبريد النينيا (La Niña) وله تأثير معاكس، وتحدث كلًا من النينيو واللانينيا كل سنتين إلى سبع سنوات، وتستمر عادة لمدة 9-12 شهرًا ولكنها قد تدوم لعدة سنوات في كل مرة تحدث.

 

في هذه السطور نستعرض تاريخ التأثيرات التي تسببت فيها ظاهرة "النينو" على مدار السنوات الأخيرة:

أصدر تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا جديدًا تحت عنوان "عودة النينيو" يوضح فيه أن هذه الظاهرة قد تسببت في تسجيل العالم أعلى درجة حرارة في تاريخه.

 

حيث إنه وبسبب "النينو" بلغ متوسط درجة الحرارة في العالم ارتفاعًا جديدًا في الثالث من يوليو 2023 إذ تجاوز 17 درجة مئوية لأول مرة، ليحطم الرقم القياسي السابق البالغ 16.92 درجة مئوية منذ أغسطس 2016، ويصبح الأعلى ارتفاعًا والأكثر دفئًا منذ بدء مراقبة تسجيلات درجات الحرارة عبر الأقمار الصناعية في عام 1979.

 

وحسب التقرير فإن ظاهرة "النينيو" المناخية القوية ارتبطت بسلسلة من الأحداث الجوية المتطرفة عامي 2015/ 2016 أثرت على مستويات التضخم العالمي، كما تركت آثرها على معدلات وكميات الغذاء، وكذلك انقطاع التيار الكهربائي الذي تسبب في تعطيل سلاسل التوريد وزيادة التضخم.

عام 2016 كان الأكثر احترارًا بسببها

ووفقًا للبيانات الصادرة عن الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، فإن عام 2016، الذي قدر أنه العام الأكثر احترارًا، بين أحداث ظاهرة "النينيو" "، قد شهد ارتفاعًا بلغ 0.99 درجة مئوية فوق متوسط درجات الحرارة للقرن العشرين البالغة 13.9 درجة مئوية.

كما تسببت الظاهرة في إضافة 3.9 نقاط مئوية إلى أسعار السلع غير المتعلقة بالطاقة و3.5 نقاط إلى النفط، وكذلك أثرت على نمو الناتج المحلي الإجمالي، لا سيما في البرازيل وأستراليا والهند وغيرهم من البلدان.

1982- 1983 خفضت النمو الاقتصادي 4.1 تريليون دولار

وبين عامي 1982- 1983 تسببت "النينيو" حسب التقرير في انخفاض النمو الاقتصادي العالمي بمقدار 4.1 تريليونات دولار، وأدت إلى خسارة 5.7 تريليونات دولار من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الخمس التالية لعام 1997/ 1998.

 

 وعن عودة ظاهرة النينيو عام 2023 أوضح التقرير أنه وحسب  المنظمة العالمية للأرصاد الجوية فهناك احتمالًا بنسبة 90% أن تستمر ظاهرة "النينيو" التي بدأت في النصف الأخير من هذا العام حتى نهايته، وذلك نظير توقعات بنسبة 10% فقط لاحتمالية العودة إلى نمط مناخ "إنزو" المحايد بين ظاهرتي "النينيو" عالية الاحترار، وظاهرة "النينيا" عالية البرودة.

بين عامي 2023 و2027 سترفع درجة الحرارة إلى 1.5 فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية

كما أفاد تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بوجود احتمال بنسبة 66% أن يصل المتوسط السنوي لدرجة الحرارة العالمية القريبة من السطح، في وقت ما بين عامي 2023 و2027، إلى 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية لمدة عام على الأقل.

 

وأشار التقرير إلى ما توقعته "المنظمة العالمية للأرصاد الجوية" في تقرير نُشر في مايو 2023، بوجود احتمال بنسبة 98% إلى أن تحطم إحدى السنوات الخمس المقبلة -وفترة السنوات الخمس هذه ككل- الأرقام القياسية من حيث درجة الحرارة العالمية، مما يزيح عامي 2016 و2020 من المركز الأول باعتبارهما أكثر الأعوام دفئًا على الإطلاق.

متوقع خسائر 84 تريليون بحلول نهاية القرن

وتوقع التقرير، أنه بحلول نهاية القرن الجاري ستؤدي هذه الظاهرة إلى خسارة نحو 84 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي، ومع ارتفاع درجات الحرارة، تبذل شبكات الكهرباء في جميع أنحاء العالم جهدًا لمجابهة هذه المشكلات، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الوقود، بما في ذلك الفحم والغاز.

 

يذكر أن ظاهرة "النينو" تتسبب في حدوث موجات الحرارة الشديدة، وكذلك الجفاف، والأعاصير، والفيضانات، كما أنها تساهم بدرجة كبيرة في انتشار الآفات وأمراض المحاصيل، وكذلك حرائق الغابات مما يسبب العديد من الخسائر الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة على العالم.