رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لفتة إيرانية مُقدَّرة

مكالمات تليفونية عديدة تلقاها الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولا يزال، من قادة دول العالم، لتهنئته على فوزه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة وإعادة انتخابه رئيسًا للبلاد. وكانت «اللفتة المُقدَّرة»، بوصفه، أو وفق تقديره، هى تلك المكالمة، أو التهنئة، التى تلقاها من الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، أمس الأول السبت، والتى تباحث خلالها الرئيسان، أيضًا، بشأن تطورات الأوضاع فى قطاع غزة، إضافة إلى «متابعة النقاش حول مسار تناول القضايا العالقة» بين البلدين.

شهدت الأشهر القليلة، أو الكثيرة، الماضية عدة لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين، تناولت إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وكان لقاء الرئيسين، السيسى ورئيسى، فى ١١ نوفمبر الماضى، بالعاصمة السعودية الرياض، هو أول لقاء بين رئيسى البلدين، بعد اللقاء الذى جمع الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ونظيره الإيرانى محمد خاتمى فى ديسمبر ٢٠٠٣. وطبعًا لن نلتفت إلى لقاءى محمد مرسى وأحمدى نجاد، خلال سنة ٢٠١٢ السوداء، باعتبارها صفحة مطوية، أو ملغاة، من تاريخ مصر.

خلال لقائهما، على هامش القمة العربية الإسلامية المشتركة الطارئة، تبادل الرئيسان وجهات النظر حول الأوضاع فى قطاع غزة، ومسارات العمل؛ من أجل تخفيف وطأة المعاناة الإنسانية التى يتعرض لها الفلسطينيون فى القطاع. وفى هذا السياق، استعرض الرئيس السيسى الجهود المصرية لدفع مسار التهدئة ووقف إطلاق النار، وكذا قيامها بتقديم وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين فى القطاع، كما تطرق الرئيسان إلى أهمية عدم اتساع دائرة الصراع فى المنطقة والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمى.

قبل هذا اللقاء، تلقى سامح شكرى، وزير الخارجية، فى ١٠ أكتوبر الماضى، مكالمة تليفونية من نظيره الإيرانى حسين أمير عبداللهيان، الذى أعرب عن تقدير بلاده الجهود التى تبذلها مصر، على المستويين الإقليمى والدولى، خاصة فى دعم القضية الفلسطينية. وخلال تلك المكالمة ناقش الوزيران التطورات الخاصة بالتصعيد الإسرائيلى العنيف، وما يحمله من تهديدات على استقرار المنطقة وأمن وسلامة شعوبها.

فى مناسبات وسياقات مختلفة، أكد وزير الخارجية الإيرانى أن بلاده ترحب بتوسيع العلاقات مع مصر، ونفى وجود أى مشكلة ثنائية بين البلدين. وبوساطة من محمد شياع السودانى، رئيس الوزراء العراقى، استقبله الرئيس السيسى، أواخر ديسمبر الماضى، فى الأردن، على هامش مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون. كما استقبله، أيضًا، سامح شكرى، فى سبتمبر الماضى، بمقر بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة، خلال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية، واتفق الوزيران على استمرار التواصل لمتابعة الحوار حول مختلف المواضيع التى تهم البلدين على المستويات الثنائية والإقليمية والدولية. 

بين هذين اللقاءين، تحديدًا فى مايو الماضى، قال الرئيس الإيرانى إنه وجّه وزير خارجيته باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر. وأواخر الشهر ذاته أعلن «المرشد الأعلى» على خامنئى، خلال لقائه سلطان عُمان هيثم بن طارق آل سعيد، عن ترحيبه بتحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر. ومنذ ذلك الوقت، تزايدت التوقعات بقرب رفع التمثيل الدبلوماسى بين القاهرة وطهران، من مستوى القائمين بالأعمال ورعاية المصالح، إلى مستوى السفراء، كجزء من عملية وساطة تقوم بها السلطنة.

حافظت سلطنة عُمان على علاقتها مع إيران، وتقوم عادة بالوساطة فى نزاعات أو صدامات طهران مع الدول العربية، أو الغربية، انطلاقًا من سعى السلطنة الدءوب إلى حل الأزمات وتقريب وجهات النظر عبر الحوار. وقبل أن يزور طهران بأيام، زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة، وكانت تطورات العلاقات العربية الإيرانية بين الملفات التى تناولها مع الرئيس السيسى، فى ضوء الاتفاق الذى عقدته السعودية مع إيران، فى مارس الماضى، بوساطة صينية، والذى رحبت به مصر وأعربت عن تطلعها إلى أن يسهم فى تخفيف حدة التوتر، وتعزيز دعائم الاستقرار، والحفاظ على مقدرات الأمن القومى العربى. 

.. أخيرًا، ننتظر بعد المكالمة، التهنئة أو «اللفتة المُقدَّرة»، ولقاءات الوزراء المصريين والإيرانيين، أن يزور الرئيس الإيرانى القاهرة، ليحسم مع الرئيس السيسى «القضايا العالقة بين البلدين»، وإذابة ما تبقى من الجليد بينهما، وبين إيران والدول العربية إجمالًا.