رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتبة تغريد فياض لـ"الدستور": القضية الفلسطينية كانت وماتزال جزءً من وجداننا

تغريد فياض
تغريد فياض

تحدثت الكاتبة اللبنانية تغريد فياض عن تجذر القضية الفلسطينية، في ثقافة الشعوب العربية، وأشارت في تصريحات خاصة لـ “الدستور” إلي: تربينا منذ الطفولة القضية الفلسطينية وأهميتها لكل بلدان الوطن العربي، ودعمناها نفسيًا ومعنويًا وبكل الطرق الممكنة التي استطعناها. 

القضية الفلسطينية كانت وماتزال جزء من وجداننا

وقالت “فياض” إن القضية الفلسطينية كانت وما تزال جزءً من وجداننا وأحلامنا وحريتها كانت أسمى تطلعاتنا للمستقبل منذ ذلك الوقت، وكان الألم والحزن لما يحدث هناك في فلسطين الغالية المحتلة الأسيرة من وحوش بشرية كبيرًا، قد يخف أحيانًا بسبب انشغالات الحياة، لكنه لم ينقطع أبدًا.

وعن أثر حرب غزة علي الأدب، أوضحت “فياض” أنه وبشكل تلقائي وواضح كانت فلسطين وقضيتها جزء كبير من جميع نواحي الأدب العربي، إن لم يكن كتابة أو ابداعًا، فلقد كان في حفظ قصائد محمود درويش وسميح القاسم، وقراءة قصص ومقالات غسان كنفاني حد الإجهاش بالبكاء، والتحديق في رسمة حنظلة الحزين الغاضب، والذي خطه ابداع ورسم ناجي العلي، كان كل ذلك جزء مهمًا من كياننا ووجداننا. "وقف الأسير مقيدا...بين الأسنة والعدا..." كم حفرت تلك الأبيات الحزن بقلبي كما بعقلي، منذ الطفولة الباكرة، وكانت من ضمن منهج اللغة العربية وقتها.

وتابعت: "في الحقيقة كوني ولدت في الكويت وتربيت فيها وفي مدارسها التي أنشأتنا على حب القضية الفلسطينية وتبنيها، وخصوصًا أن أغلب معلماتي كن وقتها من فلسطين الحبيبة، فلقد أغنى كل ذلك تجربتي الشخصية في هذا المجال، حتى أن أحد أحلامي وأنا مراهقة كان أن أناضل بشكل شخصي على أرض فلسطين الحبيبة، وحاك ذاك الحلم كل التفاصيل ببراعة، لدرجة أنني ذهلت عندما وجدت أن المناضلة اللبنانية سهى بشارة قد نفذت الجزء الكبير من ذلك الحلم وإن كان في واقع مغاير، وكأنني قد تواصلت معها روحيًا وأبلغتها به، وتلك تجربة هزت وجداني كثيرًا وأنا في ذلك العمر الصغير.

وأضافت : أظن أن الكثيرين مثلي حول العالم العربي كان لديهم مثل تلك الذكريات والأحلام. ورغم كل الطاقة الشعورية والعاطفية الحاشدة، لم تسعفني كتاباتي التي بدأت بشكل مبكر منذ عمر الثالثة عشر، من أن أعبر بشكل واضح عن تلك القضية المهمة جدا في حياتي، ربما لأنني اكتشفت أن بلدي لبنان كان يعاني من نفس المحنة وان كان بطريقة أقل بكثير، ولكنه كان شيئًا مخيفًا أن تحس أن وطنك يرزح تحت احتلال غاشم لا يرحم، ويجعلك تحس أن روحك مسحوقة من الذل، كتبت وقتها قصة قصيرة ونشرتها في جريدة كويتية، وكانت بعنوان "العالم يحاكم لبنان"، حيث كانت خريطة لبنان تقف أسيرة، خلف قضبان السجن، بجرم التفكير في مقاومة المحتل، وكان بنظري العالم كله، وليس الكيان الصهيوني فقط. كنت صغيرة وقتها، ولم أفهم أن ذلك ما كان يحدث بالحقيقة.

واختتمت “فياض” حديثها عن القضية الفلسطينية: والآن ما أراه في فلسطين وفي غزة بالتحديد، فاق كل الحزن والألم والوجع الحارق، الذي عشته في طفولتي على فلسطين وعلى لبنان. ما يحدث قد فاق خيال كل وحوش وشياطين العالم مجتمعة. يكون الألم حارقًا جدًا عندما تنزف الروح، ونزيفها أقوي بكثير وأشد ألمًا من نزيف الجسد. أغلب الأدباء والشعراء، يجبرون قلمهم الموجوع على الكتابة.

ويكتبون عن هذا النزيف فلن يصل لجزء صغير جدًا مما يودون قوله عما يحدث في غزة. أنا شخصيًا أجد نفسي عاجزة جدًا من شدة الألم عن كتابة أي حرف عن غزة الحبيبة، لأنني أتهيب الكتابة عن تلك الوحشية، فلن أستطيع أبدًا أن أصف بدقة أي جزء من وجعي عليها.... أغني فقط مع فيروز: "الآن الآن وليس غدًا أجراس العودة فلتقرع..... "وأغني: "لأجلك يا مدينة الصلاة أغني".