رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معارضون فى قصر الرئاسة

استقبال الرئيس السيسى المرشحين الثلاثة فى انتخابات الرئاسة حدث مهم بكل تأكيد.. أولى دلالات الحدث دلالة إنسانية تكشف عن روح غير متعالية تقدر الآخرين وتقدر مواقف الآخرين وجهودهم، حتى لو كان الفارق بين الأصوات التى حصل عليها الرئيس وبين منافسيه كبيرًا جدًا جدًا جدًا.. وثانى هذه الدلالات أن المقابلة تدشن نظامًا سياسيًا جديدًا تتعدد فيه الأصوات والاجتهادات تحت مظلة الوطن وفوق الأرضية الوطنية الجامعة، وهى فى حد ذاتها -من وجهة نظرى- تدشين لمرحلة جديدة من الحوار الوطنى، ولا تقل فى أهميتها عن الدعوة التى أطلقها الرئيس للحوار الوطنى فى أبريل ٢٠٢٢، وتلاها كل هذا الحراك الهائل من حيث الإفراج عن المحكوم عليهم فى قضايا ذات صلة بالسياسة أو جلسات الحوار الوطنى أو مد الجسور مع القوى الوطنية المختلفة، ما أدى لإعادة إحياء الحياة الحزبية المصرية ومنحها مزيدًا من الثقة والحيوية بعيدًا عن مواريث الماضى.. وأوهام البعض إزاء العمل الحزبى.. من شأن هذه المقابلة أن تمنح مزيدًا من الحيوية للتيار الإصلاحى فى السياسة المصرية، وهو تيار أصيل ارتبط ميلاده بميلاد الدولة الحديثة على يد محمد على باشا، وتعرض لتشويهات كثيرة على يد المتطرفين الدينيين وبعض التنظيمات اليسارية المبتسرة والمفتقرة للنضج، رغم أن كل الإنجازات الكبرى فى تاريخ مصر تمت على يد الإصلاحيين مثل رفاعة الطهطاوى وعلى مبارك وطه حسين وأحمد لطفى السيد وثروت عكاشة، وحتى كبار مثقفى اليسار المصرى الذين اندمجوا فى مؤسسات الدولة المصرية فى منتصف الستينيات وحققوا إنجازات كبيرة فى مجال الثقافة والعمل السياسى تحديدًا.. أعقب ذلك اختلاف فى الرؤى من السبعينيات وحتى قيام ثورة يونيو، واحتاج العديدون للمزيد من الوقت لإدراك أن نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى ليس امتدادًا لغيره، وأنه يحمل رؤية سياسية ممتدة من ميراث الوطنية المصرية الأصيلة والخالصة.. وقد احتاج مد الجسور للشرح والتدليل على هذا لخيال جرىء من الرئيس، ولتنفيذ مخلص من مؤسسات الدولة المصرية التى قدمت أداءً سياسيًا رفيعًا وفهمًا لمعادن البشر والتيارات وتفرقة واضحة بين من يعارض لوجه الوطن، وبين من تلوثت ذمته لحساب المصالح الشخصية والتبعية لقوى خارجية.. بشكل براجماتى بحت، فإن مد الدولة الجسور مع القوى المعارضة الوطنية كان يعنى حرمان الجماعات الإرهابية وبعض أذنابها من فرصة استقطاب هذه القوى السياسية بدعوى الوحدة فى الموقف من النظام الحاكم، ولذلك علينا أن نتوقع أكبر قدر من النباح والتشويه من اللجان الإلكترونية تجاه هذه المقابلة التاريخية، وتجاه ما سيتلوها من خطوات لتقوية الحياة الحزبية والسياسية، وضخ مزيد من الدماء الجديدة فى شرايينها.. لأن هذا التجديد يكشف أكاذيب الجماعة الإرهابية وفريق الهاربين للداخل ويملأ مساحات الفراغ التى طالما ملأتها الجماعة الإرهابية وأذنابها وحولتها إلى مكاسب لها ولأذنابها ولبضاعة تتاجر بها مع من يدفع فى الخارج.. تحية لهذه المقابلة التاريخية التى أعتبرها خطوة تتلوها خطوات كبيرة لمصلحة المصريين جميعًا بإذن الله.