رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لقاء الرئيس ومنافسيه

فى كلمته عقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، توجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى ستنتهى وستتجدد ولايته فى أبريل المقبل، لكل المرشحين المنافسين بـ«تحية واجبة على ما قاموا به من عمل عظيم وأداء سياسى راقٍ، يمهد الطريق أمام حالة سياسية، مفعمة بالحيوية والتنوع». واستكمالًا لهذه اللفتة الطيبة، استقبل، صباح أمس، الثلاثاء، المرشحين الثلاثة، أو منافسيه السابقين، فى قصر الاتحادية.

خاض الرئيس الانتخابات مستقلًا، وتنافس معه، كما أوضحنا، أمس، ثلاثة مرشحين يمثلون أحزابًا سياسية: حازم عمر، رئيس حزب الشعب الجمهورى، الذى احتل المركز الثانى بنسبة ٤.٥٪، وفريد زهران، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، الذى حصل على ٤٪، ثم الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد، الذى حلّ فى المركز الأخير بنسبة ١.٩٪. وبعد ترحيبه بمنافسيه، أكد الرئيس، مجددًا، تقديره أداءهم السياسى، خلال العملية الانتخابية، على النحو الذى يثرى التعددية والتنوع فى المشهد السياسى والديمقراطى المصرى، مشيرًا إلى أن النجاح الحقيقى لمصر كلها تمثل فى مستويات المشاركة العالية، وغير المسبوقة، التى عكست وعى الشعب المصرى العظيم بمسئوليته الوطنية.

حين كان وزيرًا للدفاع، قائدًا عامًا لقواتنا المسلحة، قدم «المشير» السيسى نموذجًا تاريخيًا، لكيفية استعادة الدولة، بشكل سلمى وحضارى، استجابة لإرادة أو تكليف أو أمر الشعب، الذى اختاره، رئيسًا للجمهورية، فى انتخابات مايو ٢٠١٤، ومنحه ٩٦.٩٪ من إجمالى الأصوات الصحيحة. وبزيادة طفيفة، أعيد انتخابه، فى مارس ٢٠١٨، وأمس الأول، الإثنين، أعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» عن فوزه بولاية جديدة، وحصوله على ٨٩.٦٪ من إجمالى الأصوات الصحيحة، فى ثالث انتخابات رئاسية، تجرى تحت إشراف قضائى كامل، بمتابعة، وتحت رقابة، مختلف منظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام المحلية والدولية.

بهذه الانتخابات، التى شارك فيها ٦٦.٨٪ ممّن يحق لهم التصويت، محققين أعلى نسبة مشاركة فى التاريخ، طوينا ما تبقى من صفحات الجمهورية الأولى، الشائخة، بتاريخ الميلاد ومفاهيم التأسيس، لنستكمل، خلال السنوات الست المقبلة، بناء الجمهورية الثانية، الجديدة، الشابة والقوية، المدنية، الديمقراطية، الحديثة، التى شقت، بالفعل، طريقها نحو التنمية الحقيقية، واستردّت مكانتها الخارجية، عربيًا وإقليميًا ودوليًا، وصارت دولة مؤثرة، وكسبت، أو انتزعت، احترام العدو قبل الصديق.

فى هذا السياق، نرى أن دعوة الرئيس لرؤساء الأحزاب الثلاثة، الذين صاروا منافسين سابقين، تأتى من يقينه الراسخ، الذى أكدته مواقف عديدة، أبرزها دعوته ورعايته الحوار الوطنى، بـ«أن الاختلاف فى الرأى، لا يفسد للوطن قضية»، وبأن الدولة المصرية، تمتلك قدرات وإمكانات، تتيح لها بدائل متعددة، لإيجاد مسارات للتقدم السياسى والاقتصادى والمجتمعى، وتمتلك من الكفاءات وصدق النوايا، وإرادة العمل، ما يجعلها فى مقدمة الدول، و... و... وأن أحلامنا وآمالنا، تفرض علينا، أن نتوافق ونصطف للعمل، ونجتمع على كلمة سواء، وصولًا إلى تحقيق «رؤية مصر ٢٠٣٠»، للتنمية المستدامة.

المهم، هو أن المرشحين الثلاثة قاموا، خلال لقاء أمس، بتهنئة الرئيس، مشيدين بنجاح العملية الانتخابية وبالإقبال الهائل من المواطنين على المشاركة فى الانتخابات بما يتفق والمصلحة الوطنية العليا. كما أعربوا عن خالص تمنياتهم للرئيس بالتوفيق والسداد لما يحقق مصالح الوطن، التى تعد الهدف الأسمى لكل الأطياف السياسية الوطنية، خاصة فى هذا التوقيت الدقيق الذى تمر فيه المنطقة بتحديات جسيمة. وبعد أن عرضوا رؤاهم بشأن كيفية تعزيز جهود التنمية الوطنية خلال المرحلة المقبلة، وأكدوا استمرارهم فى العمل بما يخدم مصلحة مصر والمواطنين، ثمّن الرئيس هذه الرؤى، مؤكدًا أن الحوار بين مختلف الأطياف السياسية فى المجتمع يعد مكونًا جوهريًا لتطور المجتمع، وسمة أساسية للجمهورية الجديدة.

.. وأخيرًا، نرى أن ست خطوات فقط، أو ست سنوات، تفصلنا عن اكتمال بناء جمهوريتنا الجديدة، ذات الاقتصاد التنافسى، المتوازن والمتنوع، الذى يعتمد على الابتكار والمعرفة، ويستثمر عبقرية المكان والإنسان، لتحقق التنمية المستدامة والارتقاء بمستوى المعيشة. وهذه، باختصار، هى «رؤية مصر ٢٠٣٠»، التى ربطت تحقيق التنمية الاقتصادية، بالعدالة الاجتماعية، والتى ينبغى على رؤساء الأحزاب الثلاثة، وكل الأحزاب والأطياف، والفاعلين المختلفين، أن يشاركوا، جميعًا، فى استكمال تنفيذها.