رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اختطاف قنصل بريطانى!

مدينة جواياكيول، Guayaquil، أكبر مدن جمهورية الإكوادور، وأكثرها ازدحامًا، وتقع على الضفة الغربية من نهر جواياس، الذى يصب فى المحيط الهادئ، وتعد مركزًا للصيد والصناعة والتجارة، والميناء الرئيسى للبلاد، و... و... وفى هذه المدينة كان يعيش كولين أرمسترونج، Colin Armstrong، قنصل بريطانيا الفخرى لدى الإكوادور، الذى تم اختطافه وزوجته، فى الساعات الأولى من صباح أمس الأول، السبت، باستخدام سيارته الخاصة، التى عثرت عليها الشرطة لاحقًا!.

يقوم القنصل الفخرى، عادة، بالمهام الدبلوماسية لدولة ما، فى المناطق التى ليس لها فيها تمثيل دبلوماسى، ويكون على دراية جيدة بمنطقة اختصاصه، تؤهله أكثر من غيره للتدخل بسرعة وفاعلية فى حالات الطوارئ مثلًا، وكثيرًا ما يكون من التجار وأصحاب الأعمال الحرة، كحال أرمسترونج، المخطوف، الذى يملك شركة زراعية، ومزرعة، قيل إنها تعرضت للنهب والتخريب من جانب من وصفتهم جريدة «ذا صن» البريطانية بـ«المجرمين الذين اقتادوه إلى جهة مجهولة». وقالت الشرطة على منصة «إكس» إنها تجرى تحقيقًا بشأن الحادث، فى حين لم تدل السفارة البريطانية ولا وزارة الخارجية الإكوادورية بأى تعليق إلى الآن!.

كان لافتًا، أن وسائل الإعلام البريطانية والدولية، استبعدت وجود بعد سياسى لحادث الاختطاف، إذ ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، مثلًا، أن الإكوادور تحولت فى الأعوام الأخيرة مركز عمليات لكارتيلات المخدرات، سواء الأجنبية أو المحلية، مع تفشى جرائم القتل والخطف والابتزاز. وأشارت الوكالة إلى أن عصابات مسلحة تسيطر على سجون وأحياء فى العديد من المدن، وأن نسبة جرائم القتل، ازدادت أربعة أضعاف، منذ ٢٠١٨، وقفزت من ست جرائم إلى ٢٦ جريمة لكل ١٠٠ ألف مواطن. والنسبتان ضئيلتان نسبيًا، أو قياسًا، بمتوسط معدل جرائم القتل فى المدن الأربعين الأولى فى قائمة «مجلس المواطنين للأمن العام والعدالة الجنائية»، CCPSCJ، لهذا العام، الذى بلغ ٦٤.٥٥ جريمة لكل ١٠٠ ألف شخص.

تقع الإكوادور فى قارة أمريكا الجنوبية، بين دولتى بيرو وكولومبيا، أكبر منتجى الكوكايين فى العالم. وخلال العام الماضى، صادرت سلطاتها كمية قياسية من المخدرات تزيد على المائتى طن. والإشارة هنا، قد تكون مهمة إلى أن الإكوادور قامت، سنة ٢٠١١، بطرد سفيرة الولايات المتحدة، هيذر هودجيز، بسبب تعليقات الأخيرة على «الفساد الحكومى» بالبلاد، وهى التعليقات، التى كشفت عنها برقية مسرّبة، كانت ضمن مئات الآلاف من البرقيات والوثائق المشابهة، التى نشرها موقع «ويكيليكس»، والذى تسبب مؤسسه، جوليان أسانج، بعد فترة وجيزة، ولسبع سنوات تالية، فى أعنف خلافات بين بريطانيا والإكوادور، ودول التحالف البوليفارى للأمريكيتين، وغالبية الدول الأعضاء فى منظمة الدول الأمريكية. 

بعد صدور أمر أوروبى باعتقاله، استجابة لطلب الشرطة السويدية، لجأ «أسانج»، إلى السفارة الإكوادورية بالعاصمة البريطانية لندن، فى ١٩ يونيو ٢٠١٢، وطلب اللجوء السياسى. ووقتها، هددت بريطانيا بمداهمة السفارة للقبض على أسانج، وألمحت إلى أنها يمكن أن تفعّل المادة الخاصة بالمناطق الدبلوماسية، الصادرة سنة ١٩٨٧، والتى تسمح لها بإلغاء الحصانة عن أى سفارة على الأراضى البريطانية، ما أثار استنكار حكومة الإكوادور، ووصفته بأنه تهديد بالاعتداء على سيادتها وسلامة أراضيها فى لندن، ومخالفة للقانون الدولى. ثم أعلنت الخارجية الإكوادورية، فى ١٦ أغسطس التالى، عن منح اللجوء السياسى لأسانج، نظرًا لـ«الأخطار التى يتعرض لها فى حال تسليمه إلى السويد»، و... و... وفى ١١ أبريل ٢٠١٩، قامت الشرطة البريطانية باعتقال أسانج من داخل السفارة بموافقة السفير الإكوادورى!.

.. وتبقى الإشارة إلى أن سجن المدينة الإكوادورية نفسها، مدينة جواياكيول، شهد اضطرابات أوائل أكتوبر الماضى، انتهت بتصفية ستة سجناء كولومبيين كانوا متهمين باغتيال المرشّح الرئاسى فرناندو فيلافيسينسيو، قبل أحد عشر يومًا من الانتخابات، التى فاز فيها الرئيس الحالى دانيال نوبوا. والطريف هو أن الرئيس الإكوادورى، الذى تولى مهام منصبه فى ٢٣ نوفمبر الماضى، قام فى ١٠ ديسمبر الجارى، بتعيين نائبته فيرونيكا أباد، التى خاض معها، أو بها، الانتخابات الرئاسية، سفيرة لبلاده لدى إسرائيل!.