رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حتى آخر جندى إسرائيلى!

الإدارة الأمريكية وجّهت انتقادات علنية للحكومة الإسرائيلية، وحذرتها من خسارة الدعم الدولى. وجوزيب بوريل، مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، وصف الوضع فى قطاع غزة، بأنه «كارثى ومروع»، وقال إن الدمار «أكبر نسبيًا مما شهدته ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية»، و... و... ومع ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى، مخاطبًا لواء سلاح المدرعات المشارك فى العدوان على القطاع: «أريدكم أن تستمروا حتى آخر جندى.. سنستمر حتى النهاية.. حتى النصر.. حتى إبادة حماس». 

دخل العدوان الإسرائيلى أمس، الجمعة، يومه السبعين، واقترب عدد ضحاياه من الـ١٩ ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من ٥٠ ألف مصاب، وفرض ظروفًا وأوضاعًا إنسانية تجعل من القطاع منطقة غير قابلة للحياة. ولا تزال الجهود والاتصالات المصرية للدفع فى اتجاه وقف إطلاق النار، مستمرة. وخلال الاتصال، الذى تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى من العاهل البحرينى الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أمس الأول الخميس، جرى استعراض هذه الجهود، وتم التوافق على ضرورة تحرك المجتمع الدولى لإنفاذ مقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن الدولى، والجمعية العامة للأمم المتحدة، ذات الصلة، لوضع حد فورى للمأساة الإنسانية التى يعانيها أبناء الشعب الفلسطينى الشقيق. 

المهم، هو أن الانتقادات والتحذيرات الأمريكية والأوروبية، العلنية أو الشكلية، لم تمنع رئيس الوزراء الإسرائيلى، ومسئولين إسرائيليين آخرين، من تأكيد اعتزامهم مواصلة العدوان، حتى تحقيق ما يصفونه بـ«النصر». ولعلك تعرف أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد أقرت، الثلاثاء الماضى، بأغلبية ١٥٣ صوتًا من أصل ١٩٣، قرارًا صاغته مصر، وتقدمت به المجموعة العربية، يدعو إلى «وقف إطلاق نار إنسانى فورى»، وتعرب فيه الدول الأعضاء عن قلقها بشأن الحالة الإنسانية الكارثية فى قطاع غزة، الذى تحول إلى «جحيم على الأرض»، بحسب مسئولين أمميين، وتخطت الأوضاع الإنسانية فيه «مرحلة الانهيار»، بوصف فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان.

لا تلتفت، كذلك، إلى ما ذكرته وكالة «رويترز»، عن مواجهة إسرائيل ما وصفته بـ«عزلة دبلوماسية متزايدة»، مع تزايد الوفيات بين المدنيين وتفاقم الكارثة الإنسانية، فى الأراضى الفلسطينية المحتلة. إذ يقول الواقع إن دولة الاحتلال لا تزال تتلقى الدعم العسكرى والسياسى، وكل أشكال، أوجه وأنواع الدعم، من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين. كما قالت وزارة الدفاع الأمريكية، أمس الأول الخميس، فى بيان، إن الجنرال تشارلز كيو. براون، رئيس الأركان، سينضم إلى لويد أوستن، وزير الدفاع، فى اجتماعات سيعقدها فى إسرائيل، خلال الأيام المقبلة.

إلى إسرائيل أيضًا ذهب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكى، الخميس، فى زيارة تستغرق يومين، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلى، وأعضاء فى «حكومة الحرب». وقال، جون كيربى، المتحدث باسم البيت الأبيض فى مؤتمر صحفى، إن سوليفان تحدث عن انتقال محتمل «فى المستقبل القريب»، من «العمليات العسكرية عالية الشدة إلى عمليات عسكرية أقل شدة»، دون أن يوضح الفارق بين الاثنتين! 

لشبكة «الحرة» الأمريكية، قال ليئور حياة، المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، إن بلاده «ستواصل القتال ضد حماس مع أو بدون الدعم الدولى»، غير أنه أكد، أيضًا، أن إسرائيل ما زالت تحظى بـ«دعم دولى كبير لهدفها الأهم والرئيسى، المتمثل فى القضاء على حركة حماس»، مضيفًا: «سنواصل هجومنا حتى نحقق الأهداف الثلاثة للحرب: تحييد حماس من قطاع غزة، وثانيًا تحرير كل الرهائن، وأخيرًا تغيير واقع غزة؛ حتى لا تصبح مرة أخرى نقطة لانطلاق الأنشطة الإرهابية ضد المواطنين الإسرائيليين». كما ذكرت صحف عبرية أن نتنياهو أكد لأعضاء حكومته، أنه قال لزعماء فرنسا وألمانيا ودول أخرى: «لا يمكنكم دعم القضاء على حماس من ناحية، ومن ناحية أخرى الضغط علينا لإنهاء الحرب».

.. وأخيرًا، نتمنى، طبعًا، أن يستجيب كل جنود جيش الاحتلال، وليس لواء سلاح المدرعات فقط، لنداء رئيس وزرائهم، ويستمروا فى عدوانهم «حتى آخر جندى»، و«حتى النهاية»، نهايتهم. وفى هذه الحالة، فى هذه الحالة فقط، ستكون «إبادة حماس»، وأرواح الشهداء، السابقين واللاحقين، ثمنًا معقولًا ومقبولًا.