رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثيران.. والحبر الأحمر!

مساء اليوم، الثلاثاء، ينتهى ثالث وآخر أيام التصويت فى الانتخابات الرئاسية، التى يتنافس فيها أربعة مرشحين، من بينهم الرئيس عبدالفتاح السيسى. ومن المقرر، حسب المادتين ٣٨ و٣٩ من قانون الانتخابات، أن يتم خلال خمسة أيام إعلان انتخاب رئيس الجمهورية بحصول المرشح على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة، وإذا لم يحصل أى من المرشحين على هذه الأغلبية سيُعاد الانتخاب بعد سبعة أيام، على الأقل، بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات.

مع «وجود إقبال كثيف غير مسبوق من جمهور الناخبين فى مختلف المحافظات»، دفعت الهيئة الوطنية للانتخابات، كما ذكرت فى بيان، «بالعديد من السادة القضاة وأعضاء الهيئات القضائية الاحتياطيين إلى عدد من اللجان الفرعية؛ وذلك لتسريع وتيرة عملية التصويت والتخفيف من زحام طوابير الناخبين أمام هذه اللجان». ومع الصور ومقاطع الفيديو، التى أشرنا إليها أمس، والتى أظهرت أن المراكز الانتخابية، واللجان الفرعية، شهدت إقبالًا كبيرًا، وكثيفًا، انتشرت، أيضًا، على شبكات التواصل الاجتماعى، صور لمواطنين خارج لجان الانتخابات، بعد الإدلاء بأصواتهم، وهم يرفعون أصابعهم التى جعلها «الحبر الفسفورى» حمراء، فاقعًا لونها تسرّ الناظرين، الذين ليس فى قلوبهم مرض، أو غرض.

اللون الأحمر، على أصابع المصريين، أصاب «ثيران» الخارج، والداخل، بحالة من الهياج العصبى. مع أن العلماء أكدوا أن المواشى، أو الماشية، لا تستطيع تمييز الألوان، وأن ما يجعل الثيران تهاجم مصارعيها هو حركة القماش وليس لونه. وفى تجربة، قام بها برنامج «منتهكو الأساطير»، Mythbusters، على قناة «ديسكفرى»، سنة ٢٠٠٧، جرى استخدام أعلام حمراء وبيضاء وزرقاء، وهاجمها الثور كلها، دون تمييز. كما تم تحريك ثلاث دمى ترتدى الألوان الثلاثة، خلال تجربة ثانية، وهوجمت كلها أيضًا.

تقوم فكرة الحبر الفسفورى، الذى بات معروفًا باسم «حبر الانتخابات»، على تفاعل نترات الفضة، Silver Nitrate، مع الملح الموجود فى يدك، حال تعرضها للضوء، ليكون الناتج هو كلوريد الفضة، الذى لا يذوب فى الماء، ولا يزيله الصابون أو الكحول أو حتى منظفات الأظافر. وتاريخيًا، جرى تطبيق هذه الفكرة، لأول مرة فى الهند، خلال الانتخابات، التى جرت سنة ١٩٦٢، لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم أكثر من مرة. وعلى ذكر الحبر الفسفورى، نشير إلى أن الدولة المصرية قامت، سنة ٢٠١١، باستيراد ٥١٠ آلاف زجاجة منه، بنحو ثمانية ملايين و٦٧٠ ألف دولار، جرى استخدامها، خلال تلك السنة السوداء، فى استفتاء مارس على التعديلات الدستورية، ثم فى الانتخابات البرلمانية، التى جرت فى نوفمبر. لكن منذ سنة ٢٠١٤، بدأ تصنيعه، محليًا، فى مصلحة الكيمياء، التابعة لوزارة الصناعة والتجارة، والتى تأسست سنة ١٨٩٨، وتوصف بأنها قلعة التحاليل والاختبارات وبيت الخبرة الكيميائية فى مصر. 

المهم، هو أن حالة هياج، غير عادية، أصابت ثيران، مواشى، أو أدوات، أجهزة مخابرات الدول المعادية، وبعض الدول الصديقة، للأسف. ولأسباب يمكنك استنتاجها، قالت «وكالة الأنباء الفرنسية»، مثلًا، إن البرامج التليفزيونية المسائية فى القنوات المحلية، «المقربة من أجهزة المخابرات المصرية»، تحاول الربط بين الانتخابات والحرب فى غزة. مع أن الوكالة نفسها، التى تستعملها المخابرات الفرنسية، زعمت فى التقرير نفسه أن هذه الانتخابات لا تثير حماسة المصريين بعد أن ألقت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس فى قطاع غزة المجاور ظلالها على الحملة الانتخابية التى أجريت فى نوفمبر. والطريف هو أن شبكة «فرانس ٢٤»، التى يديرها ويستعملها الجهاز ذاته، نشرت، وعرضت، تقريرًا عنوانه «المصريون يصوتون على مدار ثلاثة أيام لاختيار رئيس للبلاد فى اقتراع تطغى عليه الحرب فى غزة»!.

.. وأخيرًا، قيل إن مصارعى الثيران يستخدمون القماش الأحمر، بالذات، لمحاولة التخفيف من تأثير لون وكمية الدماء التى ينزفها الثور، بعد الإجهاز عليه. وفى هذا السياق، أعربت الهيئة الوطنية للانتخابات عن شكرها وتقديرها العميق لجموع أبناء الوطن، الذين أظهروا وعيًا عميقًا بأهمية المشاركة الإيجابية الفاعلة فى هذا الاستحقاق الانتخابى المهم، والتمسك بإعمال حقوقهم الدستورية والقانونية.