رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبل الاستحقاق الرئاسي 2024.. ورقة بحثية حول سياق ومآخد انتخابات 2005

الانتخابات الرئاسية
الانتخابات الرئاسية 2024

أعد المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، ورقة بحثية مقارنة تحت عنوان «الانتخابات الرئاسية المصرية السياق والمحددات ونظرة على الانتخابات السابقة من 2005». 

وبحسب الدراسة، ينطلق مارثون الانتخابات الرئاسية في الداخل يوم 10 ديسمبر الجاري وحتى يوم 12 ديسمبر على أن تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات النتائج النهائية يوم 18ديسمبر، وفي حال إجراء جولة تصويت ثانية، تجرى جولة الاعادة بعد نحو شهر، في 5 و6 و7 يناير 2024 للمصريين بالخارج، و8 و9 و10 يناير2024 للمصريين في الداخل.

وتجري الانتخابات الرئاسية تحت إشراف قضائي كامل لضمان حريتها ونزاهتها، ويتنافس  في مارثون هذا الاستحقاق الدستوري الهام أربعة مرشحين وهم: السيد عبد الفتاح  السيسي "رئيس جمهورية مصر العربية الحالي"، والسيد حازم عمر- رئيس حزب الشعب  الجمهورية،- والسيد عبد السند يمامة-رئيس حزب الوفد،- والسيد فريد زهران – رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.

ويجري هذا الاستحقاق الدستوري الهام في أجواء سياسية ديمقراطية حيث تجري  الانتخابات بإشراف قضائي كامل، وبين أحزاب سياسية معارضة أساسية، كما تأتي علي  وقع حوار سياسي وطني سبقها.

ورغم إجراء هذه الانتخابات في خضم حرب " إسرائيل علي غزة"، والتي يعتبرها الشعب  والدولة المصرية مسألة أمن قومي، وسط التطورات المفزعة لهذه الحرب وموقف  الرئيس السيسي والدولة والشعب المصري الداعم للقضية الفلسطينية والرافض بشكل  قاطع للمخططات الإسرائيلية للتهجير القسري للشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية، واهتمام الرأي العام المصري بالحرب في غزة، وتصاعد مخاوفه بشأن الأمن  القومي المصري والعربي، وسط تنامي مخاوف توسع الحرب إقليمًيا وتأثيرها علي الوضع في المنطقة بأكملها والعالم أجمع، إلا أن هناك اهتمام كبير من الرأي العام  المصري بالإنتخابات الرئاسية وما يقدمه المرشحون المعارضون المتنافسون، وما يطرحه  الرئيس السيسي من أفكار وبرامج ورؤي خلال الفترة الرئاسية القادمة.

مما يدعو للتساؤل بشأن سياق ومحددات إجراء الانتخابات الرئاسية 2024 وما الفرق  بينها وبين الانتخابات الرئاسية السابقة خلال أعوام،2005،2012،2014،2018.

 

أولًا: سياق الانتخابات الرئاسية عام 2005:

انتخابات الرئاسية عام 2005، تعد سابقة هي الأولي من نوعها في مصر لإجراء انتخابات رئاسية تعددية مباشرة بعد ثورة 23 يوليو عام،1952 وسبق إجراء هذه الانتخابات التي عدت تجربة جديدة علي الساحة السياسية المصرية وقتها، مبادرة الرئيس  الأسبق حسني مبارك بطلب تعديل المادة 76 من الدستور المصري، أقرت باستفتاء  شعبي، وعلي إثرها فتح باب الترشح لمن تنطبق عليه الشروط للانتخابات الرئاسية.

ووفًقا للجنة الانتخابات الرئاسية آنذاك، فإن نسب المشاركة في التصويت بلغت %23 وهي  تعتبر نسبة ضعيفة للمشاركة في الانتخابات لسيما أنها كانت أول انتخابات رئاسية  تعددية مباشرة، وأجريت في 7 سبتمبر عام 2005 لختيار رئيس للجمهورية لمدة 6 سنوات، وتنافس في هذه الانتخابات عشرة مرشحين، وفاز فيها الرئيس الراحل حسني مبارك بفترة رئاسة خامسة، بنسبة %88.57.

وأشرف علي الانتخابات لجنة انتخابات رئاسية، تضمنت إشراف قضائي، ولم يسمح بوجود مراقبين دوليين لمتابعة الانتخابات، وقاطعت بعض قوي المعارضة المصرية تلك الانتخابات، باعتبار أن بعض شروط الترشح للرئاسة تعجيزية، ومن بينها حصول أي مرشح على تزكية 250 عضًوا من مجلسي الشعب والشورى ومجالس المحافظات،  التي كان يهيمن عليها الحزب الوطني الحاكم آنذاك، ولكن التعديل استثني قيادات  الحزاب الرسمية لمرة واحدة فقط، واتاح لهم الترشح من دون استيفائه.


ومآخذ على هذه الانتخابات ما يلي:

1-عدم تنقية الكشوف الانتخابية حيث تضمنت وجود أسماء لمواطنين متوفيين وتكرار  أسماء البعض، وأخطاء في الارقام المتسلسلة، هذا إلى جانب وجود أخطاء في قائمة  جداول الانتخابات من حيث الدقة في السماء، وعدم وجود أسماء كثيرة في المقار  الانتخابية التي اعتاد الناخبين الادلء بأصواتهم بها وتوزيعهم عشوائًيا إلى مقار أخرى بعيدة عن المقرالاصلي.

2- تجميع أكثرمن شياخة وقرية في صندوق انتخابي واحد مما زاد من كثافة الناخبين علي    الصندوق الواحد وازدحامهم وجعل البحث عن اسم الناخب فيه صعوبة كبيرة علي  الناخبين، مما أدي لحدوث العديد من المشكلات خلال قيام المواطنين بالدلء بأصواتهم  وبالتالي حرمان أعداد كبيرة من المواطنين من المشاركة في اختيار رئيس الجمهورية،  في أول تجربة لجراء انتخابات رئاسية.

3- عدد كبير من المواطنين لم يكونوا على دراية كاملة بإجراءات الانتخابات، لعدة أسباب أبرزها أنه تم الاعلان أن الوافد يستطيع الدلء بصوته بالبطاقة الشخصية، دون توضيح  أهمية وجود بطاقة الانتخاب، مما أدي لحرمان عدد كبير من الادلاء بصوته وممارسة  حقه في المشاركة في النتخابات.

4- عدد كبير من المواطنين لم يجدوا أسمائهم موجودة بقوائم اللجنة الانتخابية التي  اعتادوا التصويت بها، بالتالي لم يستطيعوا الدلء بأصواتهم لصعوبة واستحالة معرفة  المقر النتخابي لهم.

5- عدم وجود مندوبين للمرشحين في العديد من المقار الانتخابية سوي مندوب "مرشح  الحزب الوطني الرئيس الراحل حسني مبارك"، وعدم وجود الكشوف الانتخابية إلا بحوزة  مندوبين الحزب الوطني.

6- بعض ممن بلغ سن 18 عًاما وقت إجراء الانتخابات ووفق للقانون والدستور يحق له  التصويت في الانتخابات الرئاسية، لدراجه بشكل تلقائي في القوائم الانتخابية، لم يجدوا أسمائهم مسجلة وبالتالي لم يتمكنوا من ممارسة حقهم.

7- بعض اللجان لم يكن بها ستائر ليصوت الناخبين خلفها " لضمان حق التصويت السري" لذا طالبت القوي السياسية والعديد من تقارير مؤسسات المجتمع المدني بعد هذه  الانتخابات بتنقية الكشوف النتخابية، وإعادة جدولتها وإعدادها بطريقة صحيحة، وجعل  الانتخاب بالبطاقة الشخصية منًعا لحرمان المواطنين من حقهم في المشاركة، وذلك بجعل الكشوف والجداول الانتخابية من اختصاص اللجنة المشرفة علي الانتخابات سواء رئاسية أو  برلمانية، هذا إلي جانب المطالبة بالفصل بين مؤسسات الدولة، والحزب الحاكم، وذلك لمنع  استغلال إمكانات ومؤسسات والهيئات الحكومية ووسائل العلم المختلفة التابعة للدولة  أثناء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لصالح الحزب الحاكم ومرشحيه، وبشكل عام يعد عقد  هذه الانتخابات الرئاسية التعددية خطوة على طريق تحقيق الديمقراطية في مصر رغم  وقوع الكثير من المخالفات، وأشادت العديد من الجهات الدولية بهذه الانتخابات باعتبارها  خطوة في اتجاه إثراء الحوار السياسي في مصر.

وبعد أحداث ثورة 25 يناير عام 2011، تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحكم  إثر تخلي الرئيس الراحل حسني مبارك عن منصبه.

واتسمت هذه الفترة بتقلبات سياسية عدة، وشهدت أحداث عنف، وقام المجلس  العسكري بطرح إعلًانا دستورًيا تضمن تعديلات دستورية للاستفتاء العام في مارس 2011 كما نص علي تولي لجنة قضائية "لجنة النتخابات الرئاسية" الإشراف على الانتخابات وتكون قراراتها نهائية غير قابلة للطعن، مما فتح المجال لانتخابات تشريعية  تلتها انتخابات رئاسية بما يسمح بتسليم الجيش للسلطة لحكومة مدنية، وتم تقليص  مدة ولاية رئيس الجمهورية إلى 4 سنوات، وتخفيف الشروط الواجب توافرها للترشح  لمنصب الرئاسة، ووضع الانتخابات تحت اشراف قضائي كامل.