رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أدباء شباب: هكذا سرد أحمد خالد توفيق المأساة الفلسطينية في روايته "قصاصات"

أحمد خالد توفيق
أحمد خالد توفيق

تناقل الكثير من “اليوتيوبرز” ومشاهير"الفيديوز" ما جاء في الرواية القصيرة "قصاصات" للكاتب الراحل أحمد خالد توفيق، ضمن سلسلة سفاري، وما ذكره فيها من أحداث ومذابح ورؤية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ وعد بلفور وقضية الاستيطان وحتى الآن.

الرواية تعتمد على تجربة نقل الذكريات من شخص إلى شخص وتنتقل الذكريات هنا من إبراهام ليفي الطبيب الإسرائيلي للطبيب الشاب علاء عبد العظيم، لنكشف الكثير من جوانب الصراع الفلسطيني/ العربي الإسرائيلي، ومنذ معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي والكثير من الصفحات وغيرها يذكر اسم العمل على ما ذكره من أوراق القضية الفلسطينية، وكيف كشف أحمد خالد توفيق بذور ذلك الصراع وناقش الأمر قبل سنوات من طوفان الأقصى.


شيرين هنائي:" رواية يجب أن تترجم لكل لغات العالم

بالطبع تناول الكثير من الادباء هذه الرواية بالذكر ومنهم الكاتبة شيرين هنائي والتي قالت:" هذا هو عنوان أحد فصول رواية قصاصات للدكتور أحمد خالد توفيق، وهذا هو ما أقوله دومًا لنفسي؛ لماذا لا نجرب؟ لماذا لا نجرب الألم؟ الخوف؟ الفقد؟ لماذا لا نقف في موضع الآخرين لنفهم أكثر، لنعرف أكثر؟ ربما هى لعنة، لتك التي تجعلني أنفصل أحيانًا عن ذاتي لأتقمص شخصية أخرى، وأعيش حياتها بكل متناقضاتها، وأعرف أننا بشر في النهاية. الصالحون والطالحون.. المجني عليهم والجناة. معرفتنا بهم كبشر تجعلنا نفهم ونواجه ونتوازن، وربما ننجو أيضًا.

لمَ لا نجرب؟ 

وتضيف:" جربنا جميعًا العيش كفلسطينيين تحت الأنقاض، يتخلخل عالم من تحت أرجلهم كل يوم فيُقلعون إلى السماء، ماذا خلف هذا الصمود؟ لم سلَّمنا أنهم صامدون فقط كجلاميد لا تشعر، فنحن فقدنا بشريتنا، خلف الصمود ألم وذعر وجوع وفقد وتساؤلات. خلفها هلع من اليأس والضعف والتخلي، وغضب كاسح يورَّث فلا يموت الشهيد بل يتناسخ في الأجيال التالية.


لكن.. لماذا يحدث كل هذا وتحت أي مبرر؟ هل للإسرائيليين مبرر؟ هل يؤمنون بما يفعلون؟ هل ضحوا في سبيل أفكارهم الشائهة؟ هل تألموا؟ كيف خدعوا أنفسهم وخدعوا العالم؟ من أين تولدت كل هذه المجازر ومن أي عقل؟ أهم حقًا بشر؟!


وتواصل:" تساؤلات حاول الأديب أحمد خالد توفيق الإجابة عليها ببساطة وحنكة في روايته قصاصات، التي تناقش فكرة مجنونة؛ ماذا لو بدلنا الذاكرة الجمعية لعربي مع أخرى لإسرائيلي؟ لماذا لا نجرب لنفهم، وننقل التجربة البشرية كاملة؟
لو أن هذه الرواية خارج سياق سلسلة "سافاري" لذاع صيتها أكثر وتُرجِمَت إلى لغات العالم، لكن قدرها أن تكون صغيرة، حادة كنصل مبضع، قد لا تُفهَم بالكامل لو لم يعرف القاريء سياق السلسلة قبلها، لكني أنصح بها أي ممن لم يقرأ السلسلة ولا يهتم بالسلاسل حتى، لكن يهتم بالفهم والمعرفة وبالتاريخ الحقيقي.


صديقي القارئ، قصاصات رواية لن تأخذ منك أكثر من ساعة قراءة، لكنك لن تعود بعدها كما كنت، فلمَ لا تُجرب؟

أحمد عبد المجيد:" قصاصات عدد مختلف ومتفرد

ليست شيرين هنائي فقط وإنما يصف أحمد عبد المجيد الكتاب بقوله:" سلسلة سفاري كانت ولازالت من أحب سلاسل أحمد خالد توفيق لقلبي، تابعنا فيها مغامرات الطبيب الشاب علاء عبد العظيم، الذي سافر ليعمل في وحدة سفاري في أفريقيا، وأخذ يتنقل من دولة أفريقية لأخرى، ويواجه العديد من المصاعب بسبب طبيعة شخصيته المشاغبة والفضولية. المغامرات التي واجهها كانت خليطًا من مؤامرات طبية تقوم بها شركات الأدوية أو علماء مجانين يحاولون القيام بتجارب غير قانونية، أو حتى مغامرات ذات طابع خيال علمي أو رعب أو بوليسي.


ويكمل:" السلسلة كانت متنوعة بشكل كبير وجذاب، لكن يظل العدد 30 "قصاصات" مختلفًا ومتفردًا، في هذا العدد نجد بروفيسور هولندي يريد إجراء تجربة علمية ويلجأ لوحدة سفاري طالبًا متطوعين، التجربة تعتمد على الخضوع لجهاز يتوغل في أعماق لا وعينا الجمعي وينقل - لن أقول ذكرياتنا - بل ذكريات الشعب الذي ننتمي إليه. التجربة يجب إجراؤها على شخصين، بحيث تنتقل الذكريات الجمعية لأحدهما إلى الآخر، فيتعرف كلاهما على بعضهما، وفي نفس الوقت ينقلانها إلى العلماء المشرفين على التجربة. وبالطبع يكون أحد طرفي التجربة هو بطلنا علاء عبد العظيم، وبعد دقائق من بدء التجربة يكتشف أن الطرف الثاني هو عدوه اللدود إبراهام ليفي!

ويضيف:" إبراهام ليفي من الشخصيات المعروفة في السلسلة، وحدة سفاري فيها أطباء من جميع أنحاء العالم، وقد فوجئ علاء بوجود ليفي في سفاري، ومنذ اللحظة الأولى صارا عدوين، وجرت بينهما معارك خفية ومعلنة ظهرت في أكثر من عدد.


ومع انتقال ذكريات ليفي الجمعية إلى علاء، نتابع ما يراه بطلنا، لنجد أنفسنا - ببساطة - أمام تاريخ طويل من المذابح والمجازر. محطات عديدة نتنقل بينها في شكل مشاهد متتالية: دير ياسين، بحر البقر، قانا، صابرا وشاتيلا، وغيرها.  
نتابع تاريخ ما جرى من وجهة النظر الأخرى، كيف يروننا، كيف فعلوا ما فعلوه بروح باردة. 


كتيب صغير عدد صفحاته 140 صفحة، يمكنه أن يكون خطوة البداية لتلقي نظرة سريعة على أهم المحطات المؤلمة التي مررنا بها.


نهى داود:" حبكة مدهشة ومبتكرة


وتقول الكاتبة نهى داود المتخصصة في الكتابة عن الجريمة والرواية البوليسية:" "قصاصات" رواية ثقيلة برغم قصرها وهي من سلسلة سافاري. تناولت الرواية الصراع العربي الإسرائيلي من خلال حبكة مدهشة ومبتكرة عبر مشاهد سريعة وقصاصات أليمة من الذاكرة.


قرأتها في الوقت الذي تتعرض فيه غزة لإبادة جماعية مما ضاعف من ثقلها على النفس، وأكد أن الصراع ميؤوس منه والعالم مغرق في الازدواجية والنفاق.


نهاية الرواية حملت بعض العزاء لنا حتى بالخيال لعلنا نستطيع يوما ما أن نأخذ بثأرنا منهم وجها لوجه.
رواية مهمة لتأريخ وتوثيق الصراع الأزلي بيننا وبينهم في قالب أدبي وقصصي سلس وسهل ومناسب لليافعين والشباب عبر مشاهد متتالية تسجل أهم محطات الصراع بيننا وبينهم.

لينا النابلسي:" أجندة يومية للشعب العربي
فيما تقول الكاتبة لينا النابلسي:" قصاصات/ سافاري للدكتور أحمد خالد توفيق، كانت أشبه بأجندة يوميات صغيرة للشعب العربي، سطر فيها النماذج الأولى لجرائم عصابات الصهيونية في حق الوطن العربي الكبير عامة، وفلسطين خاصة، والتي لن تمحى اطلاقا من ذاكرة خلايا الذين أنجبتهم هذه الأرض، فهي تنتقل بالميراث وتتدفق مشاعرها من جيل إلى جيل، بالحبل السري والدم، من كل أم لطفلها، على مر الأزمان.


وتضيف:" كل أحداث التاريخ البغيضة إلى قلبي، التي أعيد سردها في سافاري، وما وقع طوال الأيام الماضية في غزة، أصابتني بالإعياء، هي أحداث مكررة، باختلاف الأيام والمواقع وأسماء الشخصيات من هنا وهناك، هى نفس الشرور والآثام والظلم والكراهية ورغبات الانتقام المحمومة، هي لحظات الصمت الطويلة بعينها للعالم الأعور، والرد الخجول المتواضع العاجز عن الردع للأمة العربية.

وتكمل:" هي بقع الدم نفسها، ونفس الرؤوس التي تطير كل مرة، هي المعتقلات التي تمتلئ عن آخرها بالأنفس الحرة، والأمهات الثكالى اللاتي ينتظرن عودة من لا يعود أبدا، والمشردين خارج الأرض المقدسة، في كل مكان، الذين يحملون وطنهم في قلوبهم ولا يستطيعون مغادرته.

وتواصل:" الوعي بالقضية وعدم ضياع مفرداتها، هو أشد ما أ راده أحمد خالد توفيق أولا، من كتابة ونشر قصاصاته هذه، الوعي هو ميراث الفلسطينيين الوحيد، الوعي هو الذي يحافظ على جمرة المقاومة مشتعلة، لا تهدأ، فالهدوء معناه الموت والضياع والشتات، لكل ما هو فلسطيني وعربي.

وتختتم:" وثانيا عدم نسيان الجرائم المتكررة عبر سنوات الاحتلال، لأنه يعرف أن آفة حارتنا الصغيرة وعالمنا الكبير النسيان، وأن كل الجرائم التي سيرتكبها الاحتلال، لها تبرير يلاقي دعما دائما من الكبار، الذين يغضون الطرف عن فوضى الكيان الصهيوني المدلل.