رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المناخ.. شرم الشيخ.. ودبى

بمدينة «إكسبو دبى»، أقيمت، أمس الجمعة، فعاليات الشق الرئاسى للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر «الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ»، كوب ٢٨، بمشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى جدَّد تأكيد التزام مصر بمواجهة تحديات التغيرات المناخية، ووجّه نداءً عالميًا لجميع الأطراف، بتقديم الدعم الكامل والمخلص لدولة الإمارات، لضمان خروج مؤتمر دبى بنتائج تاريخية، تؤكد لجميع شعوب العالم «أننا عازمون، بل قادرون بإذن الله» على إنقاذ وحماية كوكب الأرض.

استكمالًا لدورها الريادى فى الحفاظ على البيئة والتكيف مع التغيرات المناخية، حرصت مصر، خلال رئاستها الدورة الماضية، كوب ٢٧، التى استضافتها شرم الشيخ، فى نوفمبر ٢٠٢٢، على إطلاق العديد من المسارات وبرامج العمل، مهدت الطريق أمام التوصل إلى هدف عالمى للتكيف مع التغيرات المناخية. وبعد سنوات طويلة من الصراع والتفاوض، تمكنت من انتزاع موافقة الدول الأطراف على إنشاء «صندوق الخسائر والأضرار»، الذى يستهدف توفير الدعم اللازم للدول النامية، الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية والأقل إسهامًا فيها، والذى أسعدنا أن تعلن رئاسة الدورة الحالية، عن قرار تفعيله، فى أول أيامها. 

لقادة دول العالم ورؤساء حكوماتها ووفودها وممثلى المنظمات الدولية، قال الرئيس السيسى، فى كلمته، أمس، إن المؤتمر ينعقد، وعلى غرار مؤتمر شرم الشيخ، وسط تحديات سياسية ودولية خطيرة، لا تقل أهمية عن تداعيات التغيرات المناخية. موضحًا أن ذلك يتطلب من «القيادات السياسية المسئولة أمام شعوبها»، أن تعمل بإخلاص على تنفيذ تعهدات المؤتمرات السابقة، سواء ما يتعلق بالتجاوب مع التوصيات العلمية، أو الالتزام بالمسئوليات، وفقًا لقدرات كل دولة وحجم مسئولياتها التاريخية والحالية. 

إلى الآن، لم يتم تنفيذ الحلول، التى تم طرحها للتعامل مع التغيرات المناخية. بل على العكس، جرى التوسع فى التنقيب وإنتاج الوقود الأحفورى، خاصة الفحم، فى دول سبق أن التزمت بالخفض التدريجى أو التخلص من استخدامه، وهناك نزعة نحو اللجوء إلى إجراءات أحادية، تعرقل المنافسة العادلة، وتهدد المكاسب التى نجحت الدول النامية فى تحقيقها، إضافة إلى انخفاض التمويل المناخى، من الدول المتقدمة، مقارنة بالاحتياجات المتزايدة للدول النامية. وفى مواجهة ذلك، دعا الرئيس السيسى المجتمع الدولى إلى اتخاذ خطوات أكثر طموحًا، وتفادى الأفعال الأحادية، التى لا تراعى سوى المصالح الضيقة.

فى ضوء رئاستها الدورة الماضية، كوب ٢٧، وانطلاقًا من تأثرها المباشر بالتغيرات المناخية، تدرك مصر أهمية وضرورة تعزيز العمل الجماعى، والعاجل، لضمان التنمية المتوافقة مع البيئة، التى تحفظ كوكب الأرض للأجيال المقبلة، وتتعامل مع ما تشهده الأجيال الحالية من آثار، أو كوارث مناخية، تتجاوز قدرات الدول، خاصة النامية منها، على التكيف معها، أو احتواء آثارها على مختلف قطاعات التنمية. وعليه، شدّد الرئيس السيسى على أهمية تأكيد مبادئ الإنصاف والانتقال العادل، والمسئوليات المشتركة، متباينة الأعباء، باعتبارها مبادئ أساسية فى الإطار متعدد الأطراف.

الجهود المصرية، السابقة والحالية، تستهدف ترجمة الطموحات والتعهدات إلى واقع ملموس، يدعم التحول العادل من أجل النمو الأخضر ويحقق أهداف التنمية المستدامة، وفقًا للأولويات الوطنية لكل دولة. غير أن نجاح هذه الجهود، كما أوضح الرئيس فى كلمته، أمس، يرتكن إلى توافر التمويل المناسب، سواء من حيث أدواته وآلياته، أو مصادره وحجمه وتيسير النفاذ إليه، ما يقودنا إلى ضرورة صياغة رؤية مشتركة، تتضمن توصيات متفقًا عليها، لتطوير مؤسسات وسياسات التمويل، والتقييم، والقطاع الخاص.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى عقد، على هامش مشاركته فى المؤتمر، عددًا من اللقاءات الجانبية، مع رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية، تبادل خلالها الرؤى بشأن الملفات والقضايا الدولية والإقليمية، ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز العلاقات، إلى جانب تطورات العمل المناخى، ومستجدات الأوضاع الراهنة فى قطاع غزة، ورؤية مصر بشأن ضرورة وقف إطلاق النار، والتوسع فى إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، وإيجاد حلول عاجلة للأزمة الجارية، والبدء فى عملية سياسية شاملة للتوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.