رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مادة الحساب.. "البعبع" الذي أخاف زكي طليمات أثناء دراسته

زكي طليمات
زكي طليمات

يعد زكي طليمات، أحد أبرز رواد المسرح المصري، وهو مؤسس المسرح المدرسي، وأول مدير للمعهد العالي للتمثيل. لكن في حياته كواليس وأسرار فما الحكاية؟.

عقدة زكي طليمات من مادة الحساب

كنت في سني الطفولة ذكيا واعيا بشهادة "أونكل" فكري باشا أباظة، والدليل على ذلك أنني كنت من الأطفال النوابه، أنني سميت باسم "زكي"، ولا أذكر أنني في خلال سنوات دراستي العلمية كلها قد واجهت فشلا أو عثارا يسيء إلى سمعتي "الذكائية"، اللهم إلا في ذلك العلم البغيض إلى نفسي.. الحساب.

بهذه الكلمات يستهل الفنان الكبير زكي طليمات، رائد المسرح المصري، حديثه إلى مجلة “الكواكب” الفنية، والمنشور في عددها الــ 42 بتاريخ 20 مايو من العام 1952.

ويمضي “زكي طليمات” في حديثه موضحا الأسباب التي جعلته يكره علم الحساب ودراسته: كانت حصة الحساب هي "البعبع" الذي يخيفني دائما، وكنت اضطر اضطرارا إلي الاشتراك مع أترابي من التلاميذ في حل المسائل الحسابية لا لشئ، إلا أن الحساب مادة مقررة لا مفر من الاعتراف بها والخضوع لمقتضاياتها.

ويضيف “ زكي طليمات”: وكان مدرس الحساب أبغض الناس لدي، فكنت ــ رغم شهرتي بحسن الخلق وآداب السلوك في ذلك العهد ــ أجد من نفسي ميلا طبيعيا للاشتراك مع أشقياء الطلبة في معاكسته، ومناكفته بشتي الوسائل والأساليب، حتي ضاق الرجل ذرعا بغبائي الحسابي وشقاوتي الصبيانية، فكان يحرمني أكثر الأحيان من حضور الحصة.

وأذكر أن ذلك حدث في السنة الأولى بمدرسة "بنبا قادن" الثانوية "المدرسة الألهامية قديما" وكنت رغم تفوقي في تحصيل جميع الدروس، لا أفقه شيئا في منهج الحساب، الأمر الذي جعل أمي ــ رحمة الله عليها ــ تستأجر لي مدرسا خاصا لتلقيني دروسه حتى أكون على استعداد لخوض معركة الامتحان، الذي كان قد أوشك أن يحل موعده.

ويلفت زكي طليمات في حديثه لـ “الكواكب” عن مدي مقته لدروس الحساب مشيرا إلي: وظللت أتلقي دروس الحساب من مدرسي الخصوصي، كما لو كانوا يسقونني "شربة ملح إنجليزي"، حتي جاء موعد الامتحان، ولم يكن رأسي المستنير قد استوعب شيئا منه.

وعن الكارثة التي تعرض لها “ زكي طليمات” في امتحان الحساب يضيف: وجلست في لجنة الامتحان أمام أسئلة الحساب كالريفي الذي يهبط القاهرة لأول مرة، فماذا أصنع؟.

رحت أخبط الورق الذي أمامي خبط عشواء، وأنا واثق من السقوط، وفجأة بعثت إلي ملائكة الرحمة بزميل طيب، أشار لي أشارة خفيفة، بأن أسترق النظر إلي ورقة اجابته. وراحت عضلات وجهي تعبر لزميلي الشهم عن شكري وامتناني.

ويلفت “طليمات” إلى مفاجأة لم يتوقعها: وسرعان ما شطبت الحلول التي كنت قد انتهيت إليها في ورقتي، ونقلت نفس الحلول التي رأيتها في ورقة زميلي، بعد أن كتبت في أعلي ورقة الاجابة كلمة "تصحيح". وفركت كفي سرورا وأنا أجمع أوراقي لأسلمها إلي رئيس اللجنة، وخرجت والدنيا لا تكاد تسع فرحتي بالنجاح المرتقب، النجاح الذي لن يكون له ملحق.

وعلى الفور بدأت بيني وبين زميلي صداقة وطيدة، فكنت أدعوه لمشاركتي الطعام والنزهة، أليس هو صاحب الفضل في انقاذي من ورطتي؟ ولكن فجأة افتقدت صديقي، وكان اختفاؤه معاصرا ليوم ظهور النتيجة. وسرعان ما صفعني السبب الحقيقي، فقد اكتشفت رسوبي في امتحان الحساب.

ورحت أبحث عن صديقي لأصفي معه "الحساب"، خصوصا بعد أن قابلت أحد الأساتذة، وأخبرني بأنني كنت قاب قوسين من النجاح أو أدني، لولا أنني شطبت الأجوبة الصحيحة لمادة الحساب، وكتبت بدلا منها أجوبة خاطئة. ومنذ ذلك اليوم أقسمت ألا أعود إلي الغش، وأن أكتفي بما في رأسي حتي ولو كنت صفرا في الحساب.