رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وصيفة ياكاملة الأوصاف.. كيف رصدت الصحافة هزيمة يوسف شاهين على يد «بقلظ»؟

نجوى إبراهيم
نجوى إبراهيم

مع بداية الستينيات تحديدًا فى ٢١ يوليو ١٩٦٠، أُطلقت إشارة البث الأولى للتليفزيون المصرى بالتزامن مع الاحتفال بثورة يوليو، التى أكملت حينها سبع سنوات.. وبعد قليل ظهرت على الشاشات السحرية الصغيرة أول مذيعة مصرية لتقول «هنا القاهرة»، وتقدم أول نشرة أخبار تليفزيونية فى تاريخ هذا الصندوق السحرى الوليد، وهى «همت مصطفى».

فى لمح البصر صار مبنى التليفزيون الشاهق فى «ماسبيرو» منتهى أمل كثير من شباب الستينيات، الذى يبحث عن عمل جديد مفعم بالشغف.. وفى منتصف الستينيات أعلن التليفزيون عن حاجته لمذيعين ومذيعات جدد ليغطوا ساعات البث التى تتزايد.. ونُصبت لجنة اختيار المتقدمين الجدد، وعلى رأسها تلك المرأة التى قرأت أول نشرة أخبار منذ سنوات.

من بين المتقدمات فتاة صغيرة لم تبرح المراهقة بعد، وتنضح ملامحها بالبراءة والعذوبة، تقدمت للجنة مثل الباقيات ونفذت ما طُلب منها.. لكن عند الفرز النهائى نادت عليها همت مصطفى وسألتها عن اسمها. 

أجابت: نجوى إبراهيم.

قالت لها همت: «تعالى السنة الجاية».

هنا كانت الصدمة الكبيرة للفتاة المتحمسة ولأحلامها العريضة، لكن جينات نجوى لم تكن تسمح لها بالاستسلام من أول جولة، فاستخدمت أدوات الطفولة و«اللماضة» فى محاولة إثناء تلك المرأة القوية عن قرارها.. فقالت لها: «أنا أعرف فوت علينا بكرة.. لكن السنة الجاية دى جديدة»، ولما لم تستجب لدعابتها.. لم تستسلم نجوى، أيضًا، فطلبت من اللجنة أن تغنى قبل انصرافها، فاستجابت، فغنت بشكل كوميدى ساخر أغنية «خاف الله خاااف»، وهى تنظر إلى همت مصطفى راغبة فى استعطافها، فعندما لمحت طيف ابتسامة على وجهها الجاد وتفاعل باقى اللجنة معها بالضحك، أجهزت الفتاة المتفجرة بالموهبة بسلاحها الأخير فطلبت أن تحكى «حدوتة» أطفال.. قبل أن تنصرف.

هنا فى تلك اللحظة التاريخية، على ما يبدو، لمعت فى ذهن همت مصطفى الفكرة التى ستشكرها عليها أجيال متعاقبة ولدت فى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.. ورأت المذيعة المخضرمة مستقبل تلك العفريتة الصغيرة متمثلًا أمامها: أنت مذيعة أطفال.. ثم وجهتها إلى ماما سميحة.. المذيعة الأشهر فى الإذاعة والتليفزيون، التى كانت تقدم البرنامج الأول لأطفال مصر منذ بداية البث التليفزيونى، وهو برنامج «جنة الأطفال». يعرفه كل من عاصر الستينيات طفلًا.

فى البداية تململت نجوى، الفتاة اليافعة فتية الموهبة عظيمة القبول، من هذا المسار الجديد الذى لم تكن تحسب له حسابًا، لكنها كانت من الذكاء الذى جعلها لا ترفض الطريق الوحيد لدخولها ذلك المبنى السحرى.. وعندما تدخله «سيحلها الحلال» طبقًا لما ظنته حينها.

لكن الأقدار دائمًا تداعب الخيالات وتتلاعب بالأحلام سابقة التجهيز؛ لتخلق أحلامًا جديدة وآفاقًا أكثر رحابة مما تتسع لها نفوس البشر، وهذا بالضبط ما حدث لنجوى إبراهيم فتاة الثانوية العامة التى دخلت من باب التليفزيون بدافع طفولى لتجرب حظها.. فإذا بها تصبح أيقونة عابرة للأجيال فى نفس كل طفل مر على دفاتر مواليد هذا الوطن.. الكل عرفها والكل تأثر بها والكل اخترقت وجدانه بعرائسها الواعية المثقفة، خاصة «بقلظ»، الأراجوز السحرى الذى عرف الجميع من خلال قفشاته الصواب من الخطأ.

وظلت نجوى تطوى السنين عطاءً غير محدود، تشع أمانًا وطاقة إيجابية على من حولها؛ حتى جاء على آخر الزمان مجموعة أشخاص مختبئين خلف كيبورد وجلد سميك؛ ليطالبوها بإيقاف نهر عطائها بمبرر أحمق مثلهم «كفاية عليكى كده.. سيبى مكان للأجيال الجديدة»، بشكل أصاب جهازها المناعى ضد الطاقة السلبية بالعطب لأول مرة، حيث خرجت تعاتب، بنفس رقتها المعهودة، هؤلاء الأوغاد.

أما نحن فحرى بنا أن نشكرهم لا نعاتبهم؛ لأنهم نبهونا لكى نلحق أنفسنا ونقول لماما نجوى بعضًا مما تستحقه من شكر وعرفان مستحق من كل شخص فتح التليفزيون يومًا على وجهها الصبوح.

وعلى الرغم من هذا الارتباط الوثيق بين نجوى إبراهيم والتليفزيون، فإن حكايتها مع السينما تستحق التوقف أمامها طويلًا؛ على الرغم من قلة أعمالها بإرادتها وتلك قصة تستحق الحكى والتنقيب.

 

صاروخ سينما السبعينيات:  بنت العشرين.. رهان «جو» الذى نجح بدرجة مذهلة

«أول صورة لمذيعة التليفزيون نجوى إبراهيم فى السينما».. كان هذا عنوان انفراد صحفى، عبارة عن تقرير صغير يرافق صورة كبيرة لنجوى إبراهيم من كواليس فيلم «الأرض» نُشر فى مجلة «آخر ساعة» عدد ٩ أكتوبر ١٩٦٨.. والانفراد ببساطة هو تلك الصورة الأولى لنجوى، المذيعة المحبوبة، لتتأكد الأخبار التى كان يشكك فيها البعض من أن نجوى إبراهيم بطلة فيلم يوسف شاهين الجديد عن قصة عبدالرحمن الشرقاوى.. الذى حدث أن مصور «آخر ساعة» شريف ذوالفقار التقط الصورة خلسة من لوكيشن التصوير فى الفيوم لعدم رغبة نجوى فى التصوير حتى لا تضرها تلك الصور فى عملها الأساسى فى التليفزيون، الذى كان يشترط التفرغ التام، كما قال الخبر، حيث طلبت نجوى من «جو» ألا يسمح لأى صحفى أن يصورها لهذا السبب.

لكن كيف جاءت الفكرة فى أن تتحول المذيعة ذات الملامح البريئة إلى نجمة سينمائية فى أواخر الستينيات، وفى فيلم كبير من أهم أفلام السينما المصرية قاطبة وهو الأرض؟

من يفعلها غير يوسف شاهين الرجل الذى لم يعترف يومًا بالمعجزات الإنتاجية، فما يريده يفعله بغض النظر عن اتفاقك مع أفلامه أو عدم إعجابك بها.

الذى حدث تحكيه نجوى بنفسها، حيث فوجئت فى يوم من الأيام بيوسف شاهين يطرق باب البيت ليقابلها وهى لم تعرفه من قبل، بعد أن رآها على التليفزيون فى برنامج من برامجها الناجحة فصرخ قائلًا: «هى دى»، وبعد ساعات كان فى صالة بيت المذيعة الشابة ليعرض عليها العمل بالسينما، الأمر الذى قابلته نجوى باستغراب وعدم حماس، فما كان من شاهين إلا أن ذهب وحضر فى اليوم التالى رفقة ضيف آخر، وهو عبدالرحمن الشرقاوى بجلالة قدره صاحب رواية «الأرض»، الذى أمّن على كلام شاهين عندما رآها قائلًا: «أنا شايف وصيفة قدامى». هنا بدأت المذيعة الشابة تغير اتجاه نظرتها وأصبح خيار القبول متاحًا، وما هى إلا أيام ودخلت نجوى إبراهيم لوكيشن يوسف شاهين الذى يُشبه السجن الحربى، خاصة هذا الفيلم الذى تم تصويره فى ٩ أشهر كاملة فى الفيوم، التى تبعد عن القاهرة ما يقرب من ١٠٠ كيلومتر، ولم يُعرض إلا فى بداية السبعينيات، مع أن التصوير قد بدأ فى أكتوبر ١٩٦٨ كما تؤرخ له هذه الصورة تحديدًا.

ويكشف انفراد «آخر ساعة» عن بداية المعضلة التى ستواجه نجوى إبراهيم فيما بعد، حيث ستجد نفسها فى مفترق طرق، إما أن تختار السينما أو التليفزيون، حيث يقول الخبر إن نجوى تقدمت إلى التليفزيون بطلب إجازة، لكن إدارة التليفزيون رفضتها، فاضطرت نجوى إلى التنسيق مع زميلاتها المذيعات لكى يعدلن مواعيد عملهن معها طبقًا لمواعيد تصويرها، خاصة أن «الأرض» لم يعد الفيلم الوحيد، بل وقعت أيضًا على فيلم آخر لا يقل ضخامة عن «الأرض»، وهو فيلم «فجر الإسلام»، الذى كان مخرجه حتى ميعاد نشر الخبر هو عاطف سالم، الذى صار بعد ذلك واحدًا من أهم أفلام رائد الواقعية صلاح أبوسيف، كما نعرف.

وعُرض الفيلمان فى بداية السبعينيات بشكل متتالٍ؛ لتفتح السينما ذراعيها للنجمة الجديدة التى تنافس السندريلا سعاد حسنى القابضة على تلابيب قمة هرم سينما السبعينيات، وأمطرت السماء عروضًا على نجوى المذيعة الأكثر لمعانًا فى مصر بعد عرض الفيلمين.. لكن هنا ظهرت شروط نجوى الأربعة التى وقفت حائلًا بينها وبين صاروخ القمة السريع.

 

التليفزيون ينتصر أخيرًا: عروسة «رحمى» و«حجاب».. عصا ماما نجوى السحرية للسيطرة على الأجيال

 

بقى التليفزيون ملاذها الآمن فى أزهى أوقات نجاحها السينمائى، بل الأكثر من ذلك، أنها كانت تستغل عطايا السينما فى اكتساب خبرات جديدة لعملها فى التليفزيون مثلما قالت فى حوار مع مجلة «الشبكة» اللبنانية فى عدد ٢٢ أبريل ١٩٧٤، إنها استغلت تجولها بفيلميها «الأرض» و«فجر الإسلام» على مهرجانات العالم فى أنها كان أول شىء تفعله عندما تطأ قدماها بلدًا معينًا أن تسأل عن مبنى التليفزيون فى ذلك البلد لتزوره، وترى مظاهر التطور فى تقديم المحتوى وتنقل ما تيسر منه إلى مكانها المفضل فى «ماسبيرو». وعلى الرغم من النجاح الساحق، الذى حققته نجوى إبراهيم فى أول ظهور سينمائى جعلها محط أنظار المخرجين والمنتجين، الذين كانوا متشوقين لاستايل جديد لنجمة سينمائية شابة تملأ الفراغ، الذى بدأ يظهر بعد أن تخطت أغلب نجمات سينما الخمسينيات سن الأربعين، وبدا أن الساحة خالية ومستعدة لاستقبال نجوى إبراهيم، لكن نجوى كان لديها تصور آخر لحياتها عبّرت عنه فى أغلب حواراتها الصحفية فى بداية السبعينيات، منها مثلًا ما قالته بالحرف الواحد فى حوار «الموعد» الذى كشفت فيه عما حدث مع يوسف شاهين فى فيلم «الاختيار»، حيث قالت بالنص فى سياق ردها على سؤال عن مستقبلها السينمائى فى ظل تلك الشروط الصعبة: «أنا مذيعة تليفزيون، وبالذات مقدمة برامج أطفال رغم أننى أقدم برنامجًا للكبار هو (كلاكيت)، فأنا مستعدة أن أدير ظهرى للسينما إذا شعرت بأن السينما جارت على عملى فى التليفزيون». هكذا بكل وضوح انحازت ماما نجوى إلى «بقلظ» وإخوانه، ولم تبهرها أضواء السينما الساطعة، وكانت على استعداد لأن تترك مجد السينما بكل ما يحتويه فى سبيل حلقة قصيرة تتبادل فيها الحديث مع «بقلظ»؛ لتعليم الأطفال أشياء جديدة وغرس قيم بطريقة مميزة وغير مألوفة فى ذلك الوقت، وهو الأمر الذى حدث بالفعل بعد سنوات مجد السبعينيات السينمائى، حيث تفرغت نجوى تمامًا لبرامجها التليفزيونية التى حُفرت فى وجدان كل من مر حتى لو كان مرور الكرام على فترتى الثمانينيات والتسعينيات على وجه الخصوص.

وبقى «بقلظ»، بصوت سيد عزمى الخالد، علامة مميزة لزمن جميل ولّى وصار استرجاعه هو وسيلة دفاعية لكل تلك الأجيال للهروب من قبح الواقع ورداءة منتجاته. فى النهاية نستطيع أن نقول إن نجوى إبراهيم راهنت على «بقلظ» وإخوانه، رأت فى رسائلها التربوية كمذيعة أطفال أهم بكثير من رسالتها التى يمكن أن تؤديها من خلال شاشة السينما.. وكأنها، دون أن تقصد، قد انتصرت لـ«بقلظ» على يوسف شاهين الذى رأى فيها أهم نجمة سينمائية فى السبعينيات وما بعدها، وظلت مكانة «بقلظ» راسخة فى قلبها كما رسخت فى وجدان أجيال وراء أجيال تعلقوا بتلك «العروسة» التى ابتكرها شاعر عظيم بقيمة شوقى حجاب، ورسم تفاصيلها صانع العرائس العبقرى رحمى، وصارت مع ماما نجوى رمزًا لا يمكن أن يُستبدل أو يُنسى فى عقل مواليد العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين.

والدليل ما تواجهه ماما نجوى حتى الآن فى الشارع من هجوم المعجبين من أولادها الصغار بعد أن صاروا آباءً كبارًا قد تخطوا الأربعين أو حتى الخمسين، وما زال هذا الطفل الذى يحب «بقلظ» حيًا بداخله. ذلك ببساطة كان رهان نجوى إبراهيم، أو ماما نجوى الذى كسبته بجدارة.

نجمة الغلاف: اشروط نجوى الأربعة التى دشنتها فى مجلة «الموعد» وأغضبت شاهين

يبدو أن يوسف شاهين بعد النجاح الأسطورى لفيلم «الأرض» رأى فى نجوى إبراهيم بغيته، وتوقع أن تكون بطلة أفلامه المقبلة، لكنه لم يكن يعرف أو يتوقع أن نجوى ما زالت تتعامل مع نفسها على أنها «ماما نجوى»، مذيعة الأطفال التى يحبها الصغار ويحبون عرائسها ولن يرضوا بأن تدخل رفيقة طفولتهم إلى مطحنة السينما، التى لا تعترف بأى معايير ولن تسمح بأن يراها أحد صغارها فى مشهد لا يحبه؛ لذلك كان لا بد من صدام بين شاهين، المخرج الذى ينحنى أمامه كل نجوم مصر والوطن العربى، وتلك المذيعة صغيرة السن عظيمة الموهبة نجوى إبراهيم.. والسبب أن يوسف بعد نجاح «الأرض» بدأ يفكر فى نجوى كبطلة فيلمه الجديد «الاختيار»، لكنه اصطدم بشروط نجوى الأربعة.

ما حكاية تلك الشروط؟

الحكاية رصدتها مجلة «الموعد» اللبنانية بشكل واضح لا يقبل اللبس كما أرادت نجوى تمامًا، كما رصدت تفاصيل الصدام القوى الذى وقع بين نجوى ومكتشفها سينمائيًا يوسف شاهين بسبب «الاختيار»، وذلك عبر حوار صحفى طويل مع نجوى أفردت له المجلة ٦ صفحات كاملة، وكان بعنوان كبير «قبل كل فيلم.. نجوى إبراهيم تضع ٤ شروط: لا قبلات.. لا مايوهات.. لا عناق ساخنًا.. لا مشاهد اعتداء».

لاءات نجوى الأربع أربكت يوسف شاهين، الرجل الذى لم يسمع كلمة «لا» على لسان أعتى الممثلين الذين عملوا معه.. وتحكى نجوى لصحفى «الموعد» الذى أتى للحوار معها فى مكان تصوير دورها الأيقونى الآخر «ليلى بنت ربيعة» فى فيلم «فجر الإسلام»، حيث قالت إن شاهين عندما طلبها للفيلم الجديد طلبت منه بتهذيب شديد أن تقرأ السيناريو، فقرأته، ثم كلمته فى التليفون قائلة إن السيناريو رائع لكن لأى فنانة أخرى لأنها ترفض بعض المشاهد الجريئة فيه.. هنا جن جنون شاهين، وقال لها بعنف: «أعطينى زوجك»، وعندما أعطت السماعة لزوجها مروان كنفانى قال له: مروان أنا جاى لك دلوقتى.. وعندما وصل «جو» كانت نجوى ومروان ينتظران هبته، فدخل «جو» وفى يده نسخة أخرى من فيلم «الاختيار» وأخذ يشرح مزايا الدور وأهمية تلك المشاهد التى تعترض عليها نجوى، وهذا ضد طبيعته تمامًا، لكن إيمانه بأحقيته فى جنى ثمار موهبة نجوى التى اكتشفها ونماها عبر ٩ أشهر تصويرًا لفيلم «الأرض» جعله إنسانًا آخر.. وكان جو يتوقع أن يؤتى هذا التصرف غير المعتاد منه ثماره وتقتنع نجوى، لكنه فوجئ بحائط صد قوى بينه وبينها، وهو على ما يبدو صورة «ماما نجوى»، مذيعة الأطفال المحبوبة، فكيف يرونها فى مشهد يعتدى عليها شخص ويمزق ثيابها كما هو مكتوب فى سيناريو «الاختيار».

ووصل الأمر لـ«شاهين» فى تلك الجلسة العاصفة أن يعرض تخليه عن بعض المشاهد، وهو أمر مستحيل فى العرف الشاهينى، حيث قال لها فى نهاية المطاف: «قبلة واحدة تكفى.. ألا توافقين؟». 

قالت بحزم: «أرفض بشدة»، وهنا نظر شاهين لزوجها قائلًا: «هل أحصل على موافقة زوجك؟.. إنه صديق عاقل». لكن نجوى حسمت الأمر قبل أن يفتح زوجها مروان فمه، قائلة: «لو وافق هو فسوف أرفض أنا»، فقال شاهين وهو حائر: «ما حجتك؟ ما وجهة نظرك؟»، قالت: «القبلات مرفوضة تمامًا»، ثم أنهت كلامها بحسم غريب لم يجرؤ عليه أحد أمام يوسف شاهين، قائلة بنص ما كتب فى حوار «الموعد»: «أعتذر عن تمثيل الدور.. ابحث عن نجمة أخرى، أما أنا فلا أصلح.. آسفة إنى خيبت ظنك بى، ولكن أرجوك أن تحترم رفضى حتى لو كنت لا توافقنى». هنا نظر لها شاهين مهزومًا على غير عادته، وقال كلمة واحدة ثم مضى: «يا خسارة». وعلى الرغم من رفضها فيلم شاهين واعتكافها عن العمل السينمائى لمدة سنتين بعد فيلميها «الأرض» و«فجر الإسلام»، فإن نجوى إبراهيم ظلت بالنسبة للصحافة الفنية منجم أخبار وحكايات ونجمة غلاف محتملة طول الوقت، خاصة بعد نجاح أفلام البطولة المطلقة التى عادت بها فى عام ٧٤ بفيلم «العذاب فوق شفاه تبتسم»، ثم بعده مباشرة بفيلمها الآخر «الرصاصة لا تزال فى جيبى»، والفيلمان مع نجم المرحلة محمود ياسين؛ لتخرج مجلة «الشبكة» بغلاف «نجوى إبراهيم نجمة ٧٤».