رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد عبدالعاطى: تصريحات الرئيس حول سد النهضة متسقة مع أفعاله فهو حريص على التنمية فى إفريقيا والحفاظ على حقوقنا

الدكتور محمد الباز
الدكتور محمد الباز ومحمد عبدالعاطى

- وزير الرى السابق أكد أن الدولة لا تعاند المواطنين فى ملف إزالة التعديات 

- أجرينا اتفاقًا فنيًا وقانونيًا حول السد وقبل التوقيع تهرب الإثيوبيون والدولة لديها حلول عديدة للأزمة لكنها تراعى «حسن الجوار»

- رفضت تولى الوزارة وقت حكم الإخوان لأن الوضع العام لم يكن مريحًا

- الرئيس قال لى فى أول لقاء بعد تولى الوزارة «قول كل اللى عندك»

- شريف إسماعيل عرض علىَّ المنصب فقلت له «لم آت لأكون وزيرًا» فرد: «البلد يحتاجك» واعتبرت الأمر فترة تجنيد ثانية

- الملف الأساسى لدىّ كان توفير المياه للشعب المصرى كمًا ونوعًا وتوقيتًا

- أول بنود اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة كان التعامل مع فترات الجفاف والفيضان ووضع آلية لفض المنازعات

قال الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والرى السابق، إن الدولة المصرية أصرت على انتهاج مبدأ التفاوض خلال التعامل مع أزمة سد النهضة، لأنها تؤمن بمبادئ حسن الجوار وتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، مشيرًا إلى أن الدولة وصلت إلى مراحل متقدمة فى تحقيق اتفاق ملزم، لكن الجانب الإثيوبى هو من يعرقل الخطوة.

وخلال حواره مع الكاتب الصحفى الدكتور محمد الباز، خلال برنامج «الشاهد» على قناة «إكسترا نيوز»، تحدث الدكتور محمد عبدالعاطى عن كواليس توليه حقيبة «الرى»، وكيف وضع أولوياته خلال فترة عمله فى الوزارة، كاشفًا عن الكثير من تفاصيل المشروعات القومية، التى تم تنفيذها.

إلى نص الحوار

■ ما كواليس تكليفك بتولى وزارة الرى والموارد المائية؟

- تم ترشيحى للحقيبة الوزارية فى عام ٢٠١٢ وقت حكم الإخوان، لكننى رفضت؛ لأن الوضع العام لم يكن مريحًا، ورُشحت للمرة الثانية فى ٢٠١٦، وكنت قد تلقيت مكالمة من المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء وقتها، وقابلته ٣ مرات وتحدثت معه، وسألنى عن علاقة عملى بالبنوك والرى، فأخبرته بأننى سافرت لإثيوبيا، وعملت بها كما عملت فى البنك الأهلى، وكذلك عملت استشاريًا فى البنك الدولى.

بعدها سألنى عن بعض المشكلات فى ملف المياه، وقال لى إنه تم اختيارى للوزارة، فرددت عليه بأننى لم آت لأكون وزيرًا، فقال لى «البلد تحتاجك»، وتركنى دقائق، ثم عاد إلىّ، وكنت قد فكرت فى كلمته، وقلت لنفسى «أعتبرها فترة تجنيد ثانية»، لأننى كنت ضابطًا احتياطيًا بالجيش، وأبلغت شريف إسماعيل بموافقتى، فدمعت عيناه واحتضننى.

■ ما تفاصيل أول لقاء جمعك بالرئيس السيسى؟

- فى أول لقاء لى مع الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد تولى الوزارة، طلب منى أن أتحدث وأقول كل ما لدىّ، واللقاء استمر ساعتين أو ثلاثًا، وكان الرئيس السيسى مستمعًا جيدًا، ويركز جدًا فى الأرقام، وسألنى: «إنت ناوى تعمل إيه وماذا تخطط وبم تحلم؟»، وبعد فترة طويلة استغرقها اللقاء، وضعت فيها نهج العمل، ثم تركنى لفترة أمارس عملى فى الوزارة.

■ حدثنا عن الملف الأساسى والتحدى الأول لك فى الوزارة؟

- الملف الأساسى فى وزارتى هو توفير المياه للشعب المصرى كمًا ونوعًا وتوقيتًا، لأن المياه هى المدخل الأساسى للمزارع ومواده الخام هى المياه والأرض والبذور والكيماوى، وكنت المسئول عن كيفية إيصال المياه للفلاح وإيصالها لمحطات تحلية المياه حتى تصل للبيوت، وهذا هو الأمن المائى.

ولتحقيق الأمن المائى كان لا بد من العمل على عدة تحديات، منها التغيرات المناخية من الجفاف الشديد والفيضانات التى لا نستطيع تحملها، مثل التى حدثت فى عدة سنوات آخرها فى طابا عام ٢٠١٦، وخسرنا بسببها عدة فنادق بسبب السيول، فكان لا بد من دراسة كيفية الاستفادة من الفائض.

وكان يجب معرفة كيفية تجاوز الصدمات والتعامل مع الفيضانات، وكيفية حماية منظومة السد العالى، وكذلك كيفية التصرف حال انهيار سد النهضة، وحالة المنشآت المائية والترع والمصارف.

■ مصر تسعى للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم فيما يتعلق بقواعد الملء والتشغيل.. ما بنود هذا الاتفاق؟ وما وجه الاعتراض الإثيوبى عليه؟

- أول بنود اتفاق الملء والتشغيل، هى التعامل مع فترات الجفاف وفترات الفيضان والمعدلات المتوسطة، وضرورة وجود آلية لفض المنازعات، لأنه إذا حدث نزاع على المياه أو غيرها من الأسباب؛ فيجب أن تكون هناك آلية سريعة لفض النزاعات، وهذه الآلية يتوقف عليها بعض العوامل، مثل أعضاء الفرقة المخصصة لفض النزاع، والوقت المخصص لفض النزاع، ومدى جدية التنفيذ فى القرارات.

هذه البنود اتفقت عليها الدول، بما فيها مصر فى واشنطن، وكان هذا الاتفاق كاملًا شاملًا، ويجب التأكيد على أن جدول الملء مشروط، بحيث لا تتعرض دول المصب لخطر الموت، وهناك مقولة شهيرة لى متمثلة فى «كثرة المياه دمار وقلتها موت».

الجانب الإثيوبى يرفض اتفاقية الملء والتشغيل لأسباب مجهولة لا يعلمها أحد، ويمكن القول إن وراء هذا الاتفاق كان يتم التخطيط للكثير من الأشياء، منها ممر تنمية، وأن تكون هناك خطوط سكك حديدية وتحويل النيل لممر ملاحى.

وهذا الاتفاق، الذى عُقد فى واشطن، كان سيساعد فى تحقيق الاستقرار بصورة كبيرة فى المنطقة، لذا خوف الجانب الإثيوبى من الاتفاق يعنى أنه لا توجد لديه نوايا حسنة، ولكن مصر كانت مصرة على التفاوض منذ عام ٢٠١١ حتى اليوم.

كنا نصارح الرأى العام بشأن هذه القضية، وأحد الأصدقاء سألنى فى أحد اللقاءات عما إذا كنت مطمئنًا للوضع أم لا، وكانت إجابتى بلا، وذلك لأن الاطمئنان يعنى التراخى فى العمل على هذه الأزمة، لذا لا يجب الاطمئنان إلا إذا تم حل هذه الأزمة بالكامل.

منذ ٢٠١١ حتى اليوم ازداد التعداد السكانى بأكثر من ٢٥ مليون مواطن، وهذا التعداد بحاجة إلى نصف مليار متر من المياه زيادة عن المعدل السابق، علاوة عن احتياجات مصر الزراعية والتنموية التى تخطط لها الدولة، ويمكن القول إن مصر لديها معدلات ثابتة من المياه، وبالرغم من ذلك تهدف إلى تحقيق أعلى المعدلات فى التنمية الشاملة، وبالتالى سد النهضة كان عائقًا كبيرًا.

■ هل منهج المصارحة الذى اتبعته كان بتوجيه رئاسى؟

- نعم، فالمصارحة فى الحديث مبدأ الرئيس عبدالفتاح السيسى، والدليل على ذلك المصارحة التى حدثت فى أزمة الكهرباء والمياه وغيرهما، حيث كان يهمنا بشكل قطعى حصول المواطنين على المعلومات من الداخل المصرى وليس من الخارج، لذا كانت الدولة تحرص على قول الحقيقة بالكامل علانية، ونتيجة هذه الصراحة المطلقة، المواطنون استجابوا لدعوات الترشيد فى استهلاك المياه.

■ البعض يقول إن اتفاق المبادئ كانت به بنود سرية.. ما تعليقك؟

- اتفاق المبادئ، سياسى قانونى ويضع إطارًا عامًا للتفاوض لمدة محددة؛ للوصول لاتفاق ملء وتشغيل السد، هذا الاتفاق معلن، وتم وضعه على صفحة الهيئة العامة للاستعلامات، كما نشرته وزارة الخارحية فى الأمم المتحدة، لذا هذا الاتفاق ليس سريًا على الإطلاق.

الدولة المصرية أمامها الكثير من الحلول الخاصة بسد النهضة، لكنها ملتزمة ببعض العوامل والمبادئ، منها اتباع مصر أسلوب حسن الجوار، وحرص مصر على التنمية الداخلية والتنمية فى كل الدول الإفريقية بحوض النيل، ومصر دولة سلام وتعاون ومحبة، ولا تريد الخروج من هذا الإطار، ولهذا قطع صلة التفاوض لن يجلب الخير على الجميع.

■ ما أعرفه أن ما يقوله الرئيس فى الجلسات العلنية مع المواطنين بشأن سد النهضة هو نفسه ما يقوله فى الجلسات مع الحكومة.. هل تقر بذلك؟

- فى أسبوع القاهرة للمياه الذى بدأ فى ٢٠١٧، أتى مجموعة من الوزراء من مختلف أنحاء العالم، وكان الرئيس حريصًا على أن يلتقى بهم، وكان هذا اللقاء بحضور رئيس المجلس العالمى للمياه، وقيل لى من الحضور إنهم لم يروا رئيسًا من قبل متعمقًا فى ملف المياه مثل الرئيس السيسى، وبالتالى الرئيس كان مدركًا كل التفاصيل، وكان يعلن أن هذه القضية متعلقة بالأمن القومى المصرى.

وكانت أقوال الرئيس السيسى المتعلقة بحسن الجوار متسقة مع أفعاله على أرض الواقع، حيث زار الكثير من الدول الإفريقية للتشجيع على التنمية، وتدشين مشروعات فى دول حوض النيل مثل إقامة السدود الصغيرة، وحفر الآبار، لذا نقول إن مصر بالفعل دولة سلام وتنمية.

وشاركت مصر فى تدشين سد «أوين» بمليون جنيه إسترلينى فى الخمسينيات، كما أن سد جبل أولياء فى السودان كان فى الأساس مبنيًا لصالح مصر قبل السد العالى، لتوصيل المياه لمصر وبعد بناء السد العالى تحولت فوائده إلى دولة السودان، لذا مصر تحرص على تنمية دول حوض النيل بكل قوتها وإمكاناتها.

ودائمًا ما يكون هناك بعد إنسانى فى التفاوض، ويكون هناك الكثير من الخلافات والشد والجذب داخل غرف التفاوض، وفى نهاية التفاوض يلقى كل الفرق التحية على بعضها البعض وتتناول وجبة العشاء على نفقة الدولة المستضيفة، لذا التفاوض من أهم بنوده أن تكون هناك صلة إنسانية، ومصر مدركة هذه الصلة بصورة كبيرة.

■ ماذا أنجزت الدولة فى ملف ترشيد استهلاك المياه ومعالجة الصرف الصحى؟ 

- من أجل إدارة ملف المياه، علينا معرفة ما نمتلكه وما نحتاجه، ودائمًا ما تكون الاحتياجات أكبر مما نمتلك، ولكى نحقق التوازن بين الاحتياجات وبين المتاح، لا بد من ترشيد استهلاك المياه، من خلال تبنى الاستراتيجية القائمة على ٤ محاور رئيسية، والتى تهدف أولًا لتحسين نوعية المياه، لأن نظامنا يعمل على تحسين نظام المياه ثلاث مرات.

وعندما تكون المياه عادمة كان يتم التخلص منها وإلقاؤها فى البحر، وقد كان تلوث مياهًا البحر وتؤثر على الثروة السمكية، وقد حولناها من مشكلة إلى فرصة، حيث تم تنفيذ أول مشروع فى هذا السياق يتمثل فى مشروع المحسنة، الذى يهدف إلى معالجة مليون متر مكعب، وتتم إعادة استخدامها فى الزراعة، ومن ثم مشروع بحر البقر بـ٥ و٦ ملايين متر مكعب فى اليوم، تتم معالجتها من خلال أكبر محطة معالجة وقتها فى العالم، وتتم الزراعة بها أيضًا، إضافة إلى مشروع غرب الدلتا بـ٧.٥ مليون متر مكعب فى اليوم، كان جميعها مياهًا عادمة تتم معالجتها وإعادة استخدامها، وهى جميعًا مشاريع أساسية تهدف إلى دعم كفاءة ونوعية المياه.

ومشروعات معالجة مياه الصرف الصحى منتشرة فى كل مصر، وتنفق عليها الدولة عشرات المليارات من أجل تغطية كل أنحاء الجمهورية، وذلك لهدفين، الصحة العامة الخاصة بالناس، وتحسين جودة نوعية المياه، بحيث يتم استخدام كل نقطة مياه فى مكانها.

■ كيف يمكن أن تصبح مصر الدولة الأولى فى إعادة استخدام المياه العادمة؟ 

- قبل تقدير كمية المياه الآتية لنا، تتم متابعتها بصورة «سحابة كل ربع ساعة» من خلال القمر الصناعى، الذى نرى من خلاله الأمطار وكميتها الساقطة فى حوض النيل، وما ستشربه الأرض منها، وكمية ما سيتم استهلاكه، وكمية المياه الآتية للسد العالى منها، وكذلك قياس منسوب السد العالى فى وقتها وفى آخر الموسم، وقياس الأمان الخاص بالسد العالى، ليتم التعامل مع كل هذه الأمور. 

وبناءً على كمية المياه الآتية ومناسيب السد العالى، يتم البدء فى إخراج الحصة الخاصة بنا، والتى تتمثل فى ٥٥.٥ مليار متر، إضافة إلى إعادة استخدام ٢٠ مليارًا أخرى، بعد تنفيذ مشروعات بحر البقر والحمام والمحسنة، وبذلك تكون مصر الدولة الأولى فى إعادة الاستخدام، وتم تحويل المشكلة إلى فرصة، وتم الاستثمار فيها بشكل كبير جدًا، بهدف عدم تلويث البحر المتوسط أولًا، وإيجاد فرص تنمية وفرص إنتاج وفرص عمل للناس، وتحقيق أمن غذائى لتزويد القدرة فى تحمل الصدمات العالمية، ففى حالة زيادة السعر العالمى للقمح تكون لدينا أرض ومياه نستطيع من خلالها زراعة القمح، وفى حالة زيادة سعر أى محصول آخر تكون لدينا أدواتنا التى من خلالها نستطيع تحقيق التوازن. 

هذه الرؤية تمثل أمنًا قوميًا لمصر، وقد تم البدء فيها من خلال تنفيذ مشروع المليون ونصف فدان.

■ ما تفاصيل مشروع الخزان الجوفى المشترك؟

- تم إجراء دراسة لمشروع الخزان الجوفى المشترك بين أربع دول، المتمثلة فى مصر والسودان وليبيا وتشاد، وتم إجراء دراسة لتحديد كمية المياه وموقعها ومقدار السحب منها، ليكون الهدف هو الاستدامة لأن هذا الخزان غير متجدد. 

وقد تم العمل فى هذه الدراسة على حصر كل الآبار الموجودة، وأصبحت لكل بئر بطاقة تعريف وتحديد لمكانها، وتتم متابعتها بالقمر الصناعى، ومن الممكن الوصول فى بعض الآبار إلى حالة السيطرة عليها إلكترونيًا وفتحها وغلقها من مبنى الوزارة، كما تم تنفيذ آبار بالطاقة الشمسية ليتم توفير الطاقة، كما تم إجراء مقننات لسحب المياه من هذه الآبار.

وقد كانت كل القرى الموجودة فى الساحل الشمالى تسحب المياه دون علم من الدولة، حيث لم تكن مرخصة، والآن أصبحت كل الآبار الموجودة فى هذه القرى مرخصة، وقد أصبح لدينا الآن تقنين وهناك دراسات يتم إجراؤها، متمثلة فى قياس كمية المياه والمساحة المزروعة التى تستطيع أن تسقيها هذه المياه، كما يمكن للمواطن أن يأخذ قطعة أرض كبيرة تبلغ ألف فدان، لكن لا تتم زراعة إلا ٢٥٠ فدانًا، لتتم زراعة الـ٢٥٠ الأخرى فى السنة التالية، وهكذا، بحيث لا يتسبب سحب المياه فى انهيار الخزان الجوفى، والحرص على أن مخزون المياه الجوفية فى الأرض لا يقل، بحيث يتم تنفيذ عملية تنظيم كاملة.

■ برأيك.. لماذا تتخذ الدولة إجراءات حازمة وعقوبات شديدة فى حالة التعدى على الأراضى الزراعية؟

- بالطبع السبب له علاقة بالمياه، لأنه فى حالة حدوث مشاكل كبيرة، متمثلة فى الجفاف فى الدلتا والوادى، سيضطر الفلاح للسحب من الخزان الجوفى، وبالتالى من الضرورى جدًا الحفاظ على هذا الخزان، وهذا الخزان متجدد، حيث يتم شحنه من مياه النيل، وتحويل الأرض الزراعية إلى مبانٍ يؤدى إلى التصحر، وبالتالى فى هذه الحالة تكون قد فقدت ميزة من الممكن أن تحمى البلد وقت حدوث جفاف طويل، وهذه القضية تعتبر قضية أمن قومى لحماية البلد فى حالة تعرضه لأزمة جفاف؛ لذلك تحرص الدولة على أن يكون لديها مصدر يتم الاعتماد عليه حتى يأتى بالحد الأدنى من الإنتاج فى الغذاء. 

ولا بد للمواطنين أن يعلموا لماذا تفعل الدولة ذلك، الدولة لا تعاند المواطنين، إنما تسعى لتأمينهم وتأمين مستقبل الأجيال القادمة، وهذه الإجراءات يتم اتخاذها نتيجة دراسات.

■ ماذا عن تحسين كفاءة المياه؟ 

- كنا نعانى من مشكلة وصول المياه لنهاية الترع، وبدلًا من ضخ ألف متر مكعب من المياه، صار يتم ضخ ألفى متر مكعب من المياه حتى تصل إلى نهاية الترع، وكذلك حتى تصل إلى الفلاحين خلال ساعتين أو ثلاث بدلًا مما كان يحدث لها من هدر خلال وصولها فى ثلاثة أو أربعة أيام، وبالتالى فإن تحسين كفاءة مستوى المياه يتم من خلال توصيل المياه لأراضى الفلاحين بطريقة سهلة، ومن هنا تم تنفيذ مشروع متكامل مكون من ٣ طبقات، بحيث يتم تبطين الترع، وهى الترع التى لا يزيد عرض قاعها على ٦ أمتار، لأن أى ترعة يزيد عرض قاعها على ٦ أمتار لا يتم تبطينها.

ونتيجة التعديات السابقة، قل زمام الترع، وكان الحد الأدنى لتخفيض قطاع الترعة يبلغ ٢٥٪، ولم يكن يمكن تنفيذ ذلك إلا من خلال أعمال التأهيل، مثل المشروع القومى لتأهيل وتبطين الترع، ومن هنا فإن هذا المشروع ساهم فى مساعدة الفلاحين.

■ ما تعليقك على محاولات تشويه مشروع تأهيل وتبطين الترع؟ 

- كانت وجهات نظر وتُحترم، كما أن لكل وجهة نظر اتجاهها، والمشروع القومى لتأهيل وتبطين الترع لم يخرج من فراغ، حيث كانت البداية عبر دراسة أجرتها دار الهندسة بمنحة من الكويت تقدر بـ٤٠٠ ألف دينار، لترعتى نجع حمادى الشرقية والغربية، وتوصيات هذه الدراسة تم تعميمها على كل الترع المماثلة، ومن ثم تم البدء فى التطوير والتأهيل.

بالنسبة لى، فإن نجاح هذا المشروع يتمثل فى رد فعل مستخدم هذه الترع، وما إن كان رد فعله إيجابيًا أو سلبيًا، وقد كان أغلب طلبات أعضاء مجلس النواب يتمثل فى تبطين الترع وتأهيلها، وبالتالى فإن هذا المشروع كان استجابة لطلبات المواطنين على الأرض وسط خطة شاملة معتمدة على دراسات، ومنها دراسة البنك الدولى الخاصة بمشروعات تطوير الرى.

وكانت مشروعات تطوير الرى عبارة عن تأهيل الترع الصغيرة وتطويرها وإزالة التعديات عنها، وإذا كانت بها بوابات يتم تأهيلها وتجديدها، ورفع كفاءة البرابخ، ومن ثم يأتى دور المساقى الموجودة داخل أرض الفلاح.

وبالتالى فقد سهل المشروع دخول المياه إلى الأراضى، لكن كان لا بد أن يتم إنشاء هذه المساقى داخل الأرض، وهو ما تمثله المرحلة الثانية، أما المرحلة الثالثة فكانت عبارة عن إدخال نظم رى حديثة، كالرى بالتنقيط والرش والرى تحت السطحى لتوفير المياه.

وقد تم تنفيذ مسابقة للفلاحين فى أسبوع القاهرة للمياه، حيث كان الفلاح الذى يؤدى أفضل ممارسات من توفير المياه وترشيدها وإدخال نظم رى حديثة وتعليم الفلاحين من حوله، ينال جائزة قيمة، حيث يتم إيصال نظام رى ذكى إلى أرضه لنشر هذه الآلية.

أما مياه الشرب، فقد بدأنا العمل مع وزارة الإسكان عبر تنفيذ خطة لتقليل الاستهلاك إلى النصف على الأقل، ومن ثم بدأنا بالتوعية من الجوامع التابعة لوزارة الأوقاف، واخترنا مجموعة جوامع من بينها مسجد السيدة نفيسة وتم استطلاع رأى المواطنين فيما يتعلق بالمياه، وكان من ضمن إجراءات شركة المياه الخاصة بعدادات المياه، تركيب قطعة موفرة للمياه كجزء من التعاقد، وبالتالى التوفير فى مياه الشرب.

وعندما يتم توفير استهلاك متر مكعب مياه شرب توفر الدولة ٨ جنيهات، وهذا المتر المكعب ينزل٧٠٪ منه كمياه صرف صحى لتتم معالجتها أيضًا بـ٨ جنيهات، أى أن توفير كل متر مكعب من المياه يوفر للدولة ١٦ جنيهًا، وهو ما يسهم فى بناء مشروعات أخرى، كإنشاء مدارس أو مستشفيات على سبيل المثال.

وكل ترشيد للمياه من شأنه أن يساعد فى تقليل عدد ساعات عمل «ترومبة المياه» على سبيل المثال، وبالتالى يسهم ذلك فى توفير السولار المستخدم لتشغيلها، الذى بدوره يدخل فى مشروعات أخرى. 

أما تحسين كفاءة استخدام المياه، فيتم من خلال استخدام الرى الحديث، وإعادة الاستخدام.

أما عن تكلفة تبطين وتأهيل الترع، فقد كانت الخطة الأساسية هى تنفيذ ٢٠٠٠ كيلو فى السنة الواحدة على مدار عشر سنوات، فقال الرئيس إن المدة طويلة، وإننا نهدف إلى توفير أكبر كمية مياه من خلال ترشيد استهلاك المياه، بمعنى أن هذه المياه التى تم توفيرها سنوصلها لنهايات الترع، فالأراضى التى لم تكن تزرع وتبور، أصبحت تزرع وتنتج، ومن هنا تم تزويد طاقة إنتاجية، وهذا المشروع شهد إنجاز ٧ آلاف كيلو بتكلفة ٢٠ مليار جنيه حتى اليوم، وكان عائده هو وصول المياه للأراضى، وزيادة إنتاج الفلاح، وتقليل استخدام السولار المسئول عن رفع المياه فى النهايات، كما أنه كانت تتم أعمال تطهير بشكل اعتيادى ويتم إلقاء ناتج هذه التطهيرات على الجسور، والتى تؤدى إلى مشكلات مع المحليات والمحافظات، لكن من نتائج المشروع تنظيف الترع، وبالتالى كانت نتيجته تنقسم إلى جزء بيئى وجزء فنى متعلق بترشيد استخدام المياه وترشيد استهلاك السولار، وزيادة الإنتاج، ومؤشر نجاح كل هذا هو الرأى العام ورد فعل المواطنين الإيجابى.

■ كيف خططت للتعامل مع سد النهضة؟

- فى البداية شكلت اللجنة الدولية حول السد وخرجت بتقريرها، وتم إعلانه فى مؤتمر صحفى، وذكرت أنه لا بد من وجود استشارى دولى لاستكمال الدراسات الناقصة للسد.

اتفاق المبادئ تم فى ٢٠١٥، وكان استكمال الدراسات جزءًا من اتفاق المبادئ، ومصر اختارت شركة هولندية، وإثيوبيا اختارت شركة أخرى، وتم اختيار شركة فرنسية لأن إثيوبيا رفضت الشركة الهولندية، وبعد فترة تقدمت الشركة بطرح، وإثيوبيا رفضته وحدثت اجتماعات مع وزير الخارجية، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة خبراء للملء والتشغيل، ولكن الإثيوبيين قالوا لن نكمل، وبعدها دخلت واشنطن كوسيط، وتم إجراء اجتماعات متناوبة فى ٣ دول.

وبعد سلسلة الاجتماعات التى استمرت ٣ أشهر، وكانت تحت رعاية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وصلنا لاتفاق الملء والتشغيل بالتنسيق بين الدول.

كان لا بد من اتفاق فنى وقت الجفاف، أى كيف نتصرف وقت الجفاف والفيضان ومع كمية المياه التى تصلنا وقت الجفاف؟ وأجرينا اتفاقًا فنيًا وقانونيًا، وفى آخر الجولة وقبل توقيع الاتفاق لم يأت الإثيوبيون وذهبت مصر والسودان، وفشل الاتفاق وتدخل الاتحاد الإفريقى ولم يحدث تقارب، والآن الحوار مباشر بين ٣ دول، والعملية مستمرة.