رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تساؤلات حول أحداث غزة

هناك أحداث تحدث وتمر مرور الكرام. وهناك أحداث أخرى تترك آثارها التى تُحدث تغيرات مفصلية، ليس فى منطقة الحدث الجغرافية فقط، ولكن تتخطى الحيز الجغرافى لتكتب تاريخا آخر. وأحداث ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ التى تمثلت فى تلك الضربة المفاجئة لإسرائيل، وهى عملية ليست مثل كل العمليات الأخرى التى توجهها المقاومة الفلسطينية بكل مسمياتها. ولكنها كانت هزيمة تاريخية بكل المقاييس، حيث إن العملية لم تكن مواجهة بين دولة ودولة أو بين جيش وجيش، ولكنها كانت بين فصائل وبين جيش دولة من أقوى جيوش المنطقة. ودليل الهزيمة هذه هى تلك النفرة والخضة التى أصابت أمريكا والغرب كله؛ حتى إننا شاهدنا تلك القيادات السيادية لأكبر دول العالم تأتى إلى إسرائيل ليس كمساعدة، ولكن مشاركة وبكل الإمكانات غير المسبوقة. وهذا يؤكد ما هو مؤكد بأن إسرائيل هى تلك الدولة التى تؤدى دورا وظيفيا استعماريا فى المنطقة مع كل الدول الاستعمارية مع تغير الاسماء ولكن المهمة واحدة. ولذا فهزيمة إسرائيل وتشويه صورتها هى هزيمة مباشرة لتلك الدول الاستعمارية. ولذلك كان وسيكون حدث السابع من أكتوبر حدثا تاريخيا بعده لن يكون مثلما قبله. كما أن تلك الهزيمة قد شاهدنا نتائجها فى تلك المذابح البشرية، وذلك التطهير العرقى الذى يحدث للشعب الفلسطينى دون تفرقة بين فصائل مقاومة بين شعب أعزل لا يملك من أسباب الحياة شيئا!! ليس من جانب إسرائيل ولكن بالمشاركة المباشرة مع أمريكا ودول الغرب. وأقول الغرب، وذلك لأن السكوت عن تلك المجازر الإنسانية التى أسقطت كل القيم والأخلاق والقوانين الدولية هو نوع مباشر من أنواع المشاركة. وهنا نتساءل هل يمكن لتلك الدول بعد ذلك أن تتحدث عما يسمى ديمقراطية وحقوق إنسان؟ وهل تلك الدول التى تأخذ موقع المحاسب لدول العالم عن تطبيق هذه الديمقراطية، وتلك الحقوق يمكن أن تدعى كذبا بأنها تتعامل مع الحوادث والدول بمعيار واحد وليس معايير بلا حدود وموقفها من الحرب الأوكرانية الروسية خير دليل؟ هنا إذا كان الوضع كذلك فأين دور العالم العربى الذى يمثل الموقع الاستراتيجى والمصالح الاستراتيجية لتلك الدول؟ 
هل ما زالت المواجهة العربية لتلك القضية ولهذه الدول الاستعمارية تتمثل فى مؤتمرات لا تشبع ولا تغنى عن جوع وكفى الشجب والتهديد والاستجداء؟ فى الوقت الذى أثارت تلك المذابح الجوانب الإنسانية المتخطية لكل الحدود الدينية والعرقية والطائفية؛ بما فى ذلك من يؤمنون باليهودية؟ فإذا كانت مصالح البعض تتعارض مع موقف يتخذ ضد تلك الهمجية أليس هناك أى جوانب إنسانية؟ نرى الجميع بلا استثناء يتحدث عن حل الدولتين حسب القرارات الدولية. أولا فهذا ليس حلا جديدا، ولكنه حل لم ير أى بصيص من التطبيق فى كل الأوقات غير أنه أصبح ورقة تخرج للتداول عند اللزوم فى الوقت الذى يؤمنون أنه لا لزوم له!!!! وذلك لأن الجميع يعلم كل العلم وحسب تصريحات كل الفصائل السياسية الإسرائلية بأن إسرائيل لن توافق على حل الدولتين. وذلك لأن إسرائيل ومن وراءها يريدون صناعة دولة شكل بلا أى مضمون لأن السيادة ستظل لإسرائيل طوال الوقت، وذلك لاعتماد إسرائيل على مبدأ القوة التى لا تراها فى الجانب الآخر. 
كما أنه وهذا هو الأهم تعتمد إسرائيل على ذلك الصراع الذى أسهمت فى وجوده بين حماس وفتح، فتقول مع من التفاوض على تلك الدولة الفلسطينية؟ هنا لا نريد نشر حالة من الإحباط على الإطلاق ولكن نحاول مناقشة الأمور على أرض الواقع بعيدا عن الشعارات المرفوعة التى تؤخر الحل ولا تحدثه؟ كما أنه لا توجد قضية تحرر فى التاريخ لم تحقق التحرر طالما كانت هناك إرادة شعبية وتفعيل لكل الإمكانات المتاحة وغير المتاحة، فالأرض تعمل مع صاحبها. ولذا وجب أن نقول بداية يجب أن تعود اللحمة الوطنية الفلسطينية لشعب واحد تناضل من أجل تحرير الأرض بعيدا عن المصالح الحزبية والطائفية والدينية والشخصية. يجب أن يدرك الجميع أن المستهدف ليس فلسطين فحسب، ولكن المستهدف الحقيقى هو كل المنطقة للاستفادة والسيطرة على كل مقوماتها الاقتصادية والجغرافية. ولذا وجب النظرة المستقبلية والشاملة بعيدا عن المكاسب الانية، حيث لا ينفع الندم. كما أن المصالح الاستعمارية فى المنطقة ليس من السهل المغامرة بها هذا اذا كانت هناك إرادة حقيقية لتهديد تلك المصالح مع العلم بأن هذا حق طبيعي للدول العربية، فالطبيعى أن تدافع الدول عن مصالحها!!!. وفى هذا السياق وليس من باب المعايرة ألا ننسى الدور المصرى طوال تاريخ هذه القضية. فمصر تدرك أن أمنها القومى مرتبط بالقضية وتدرك أيضا أنها المستهدف الأساسى سواء للموقع أو الدور أو الاستناد إلى تلك الأساطير التوراتية. ولذلك ستظل مصر رافضة التهجير إلى سيناء تمسكا بعدم تمويت القضية والدفاع عن مصر الوطن مهما كلفنا هذا من ثمن. فهل يعى البعض تلك الحقائق بعيدا عن تلك الصراعات العربية العربية التى لا تفيد أحدا، بل تضعف الجميع لصالح الدولة الصهيونية ومن معها؟ حمى الله مصر وشعبها وكل الشعوب العربية.