رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أحمد زكي".. خامة نادرة من الأحجار الكريمة كالياقوت والعقيق

أحمد زكي
أحمد زكي

أحمد زكي، صاحب الألف وجه، فهو البيه البواب، والنمر الأسمر، هو رجل مهم، وهو الفتى الأسمر البسيط أحمد سبع الليل، هو الزعيم عبد الناصر والسادات، هو متولي الظالم والمظلوم في آن، وهو معالي الوزير والبطل، وهو أيضا مستر كاراتيه ومنتصر صائد الصقور.

 

أحمد زكي الذي غير مواصفات النجومية

 

قيبل ظهور أحمد زكي، على شاشة السينما المصرية، كانت الأخيرة أسيرة لمواصفات البطل/ النجم السينمائي أو الجان والنجم الأول، والتي تتمثل في الوسامة الشديدة والمرتبطة بدورها بالبشرة البيضاء والشعر الأشقر، لكن بظهور أحمد زكي، تغيرت هذه الصورة الذهنية وصار النجم والفتى الأول هو من يشبه ملامحنا وملامح الأغلبية العظمى من المصريين.

 

وهو ما التقطه روائي المهمشين خيري شلبي، في الدراسة التي شارك بها في الكتاب الجماعي “أحمد زكي.. قراءة في إبداعاته السينمائية” ــ والذي حرره الناقد الفني دكتور وليد سيف ــ ووصفه بأنه كالأحجار الكريمة كالياقوت والزمرد والعقيق.

 

ويضيف شلبي: موهبة التمثيل عند أحمد زكي، كانت مفطورة إلى حد الوعي بذاتها حتى من قبل الدراسة في معهد التمثيل، وكانت إلى ذلك منفصلة عن شخصه، فأنت تراه لأول وهلة فيخيل إليك أنه لا علاقة له بالفن من قريب ولا بعيد، ولعله كان يجد لذة في أن ينفي عن نفسه لقب الممثل، في ألا يكون منتميا لأهل الفن. حتى وإذا سمعته يتكلم عن الفن نفاجأ بأن حديثه لا يكاد يتميز عن حديث أي شخص آخر من عامة الناس، بل ربما كان أي واحد من عامة الناس يجيد التحدث عن الفن أفضل منه أو أكثر إلماما بشئونه وقضاياه وأخباره. 

 

 

 

أما الكاتب أحمد عبد العال، وفي نفس الكتاب “أحمد زكي.. قراءة في إبداعاته السينمائية”، فيذهب إلى أن أحمد زكي، باختياراته الفنية، وتحولات الممثل لديه، يمثل حالة نموذجية ومثالية لمفهوم الممثل/ النجم من جهة وللموقف الاجتماعي والسياسي من جهة ثانية وتوظيف الممثل واستخداماته من جهة ثالثة، وهو فوق ذلك كله أكثر الصياغات التعبيرية حدة ووضوحا لمرحلته التاريخية وعصره وجيله على التوالي.

 

ويلفت “عبد العال” إلى أن أحمد زكي، قد ارتبطت اختياراته الفنية وقيدت بدرجة 90% من مجمل أعماله بتضاريس الواقع وتحولاته السياسية والاجتماعية، فالممثل/ الحالة أحمد زكي لم يكن إلا  انعكاسا  لوضعية سياسية اجتماعية في سياق تاريخي محدد. 

 

ويشدد “عبد العال” على أن: حركية أحمد زكي الممثل في اختياراته الفنية كما تعكسها مسيرته، ليست حركة الملزم وجوبيا، أو القائم بالاختيار بنص العقد، لم يكن كافيا لتقييد اختياراته أو إلزامه بالسير في اتجاه بعينه لا يخالفه، الأمر كله كان مرده مرحلته التاريخية التي قضت باختياره عكسيا لمواصفات النجم التي سبقت جيله (حسين فهمي ــ نور الشريف ــ محمود ياسين ــ محمود عبد العزيز) واعتبار خلوه من وسامة التميز اجتماعيا أو طبقيا دليل مرحلته، مرحلة الفرد المواطن.. أو المواطن الفرد، وليست الطبقة أو الشريحة أو النقابة أو الحزب أو حتي المجتمع.

 

ويستطرد “عبد العال”، في حديثه عن الفنان أحمد زكي، والذي ولد في مثل هذا اليوم من العام 1946: وحتى في الفيلم التلفزيوني “أنا لا أكذب ولا أتجمل”، تتأكد اختيارات الممثل وإدراكه لطبيعة الشخصية التي يؤديها وحرج موقفها، اجتماعيا، وطبقيا، بصرف النظر عن هذه الشخصية سواء كانت مهمشة أو متمردة أو ذات نزعة حقوقية أو تميل إلى المقاومة منها إلى الاستسلام والرضوخ.

 

 

لقد كانت اعتبارات الممثل في عالم أحمد زكي تعلو اعتبارات النجم فيه، وتتجاوزها، وعلى هذا فإن الأمر لم يكن صراع بين الممثل والنجم، أو لمن تكون له الأسبقية، ولكنه النزوع الفطري المكتسب للدور الذي أعد الممثل نفسه له، ووقع اختياره عليه وفيه تجسدت وتشكلت كل علامات ورموز أطروحته الإبداعية والإنسانية.