رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جاوز الظالم "نتن ياهو" المدى

"أَخَـــيْ جَــاوَزَ الظَّــالِـمُـوْنَ الــمَـدَى.. فـحَــقَّ الـــجِـهَـادُ وَحَــــقَّ الــفِـدَا..أَنَتْرُكُهُمْ يَغْصِبُوْنَ العُرُوْبَةَ..مَجْدِ الأُبُــــــوَّةِ وَالسُّؤْددا" كلمات الشاعر "علي محمود طه"، ولحن وغناء الموسيقار "محمد عبدالوهاب".. قصيدة فلسطين التي تحمل كل معاني الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطينى منذ أن حرر زعماء الصهاينة عام 1917 "والتر روتشيلد وآرثر بلفور وليو آميري واللورد ألفريد ميلنر" وثيقة أو وعد "بلفور"، وبعد مرور 31 عاما، وتحديدا 1948، تحقق وعدهم بالسماح للكيان الإسرائيلي باغتصاب ما يقرب من 40% من أرض فلسطين.. وتستمر عمليات اغتصاب الأرض الفلسطينة إلى يومنا هذا، مشروع إسرائيل أرض بلا شعب حتى يتسنى لها إقامة دولة إسرائيلية ذات حدود جغرافية لا يشاركها أحد، وتعنت الصهاينة ورفضهم القاطع لحل الدولتين، وإن يرى العقلاء أن الحل هو الحل.
منذ ذلك الحين يمارس الكيان الإسرائيلي كل فنون التعذيب المختلفة التي تعرفها البشرية والتي لم تعرفها من قبل ضد شعب أعزل.. تجويع.. تهجير.. اعتقالات.. تعذيب بالسجون.. قهر.. ظلم، لم ينجُ أحد من آلة التعذيب الصهيونية.. إنه سجل نازي جديد وحرب إبادة وتهجير قسري، إنها الآلة العسكرية الإسرائيلية الباطشة التي لا ترحم أحدًا عن قصد وعن عمد توجّه مدفعيتها تقصف الشعب الفلسطيني في غزة دون هوادة على مدار 43 مضت حتى يومنا هذا.

إسرائيل لا ترحم حتى المرضى، تستهدف المستشفيات والأطباء والماء والدواء.. إن عمل إسرائيل الوحشي داخل قطاع غزة تجاوز كل حدود الإنسانية.. منذ أيام استهدفت العسكرية الإسرائيلية مستشفى الشفاء، حطمت جدران المبنى بحجة البحث عن أسلحة تمتلكها حماس، بخرت الغرف بغازات سامة حتى يهرب المرضى قبل الأصحاء، ثم أجبرت الجميع على مغاردة المستفى، لقد طردتهم إسرائيل بعد أن أصابتهم بالرصاص الغاشم وأمرت الجميع بإخلاء المستفى، أما الحالات الحرجة فعليها أن تبقى دون أدوية، دون كهرباء، عليهم أن يلقوا مصيرهم، أن يموتوا بالبطىء، أن تتعفن أجسادهم ويأكلها الدود دون علاج.. ومات الأطفال المبتسرون داخل مستفى الشفاء، لا أحد قادر على إنقاذهم، فلا كهرباء ولا دواء.. بعد أن توقفت الأجهزة الطبية ارتقي كل الأطفال.. وسرق الجيش الإسرائيلي الجثامين من مجمع الشفاء الطبي بلا سبب معلن.

الأمر العسكري الإسرائيلي الظالم يصدر قرارا جديدا، يأمر مرضى مجمع الشفاء مَن يقوى منهم على المشي بالنزوح سيرا على الأقدام إلى جنوب القطاع حيث مدينة "خان يونس" ومستشفى مجمع ناصر الطبي ليلقوا مصيرا آخر من العذاب والتعذيب، حالهم يوصف بـ"المستجير من الرمضاء بالنار"، فهم في انتظار هجوم آخر على جنوب القطاع، كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي عن أن الجنوب سيتلقى ضربة جديدة في تصعيد مستمر ضد قطاع غزة.

يشق هذه الصورة الظلامية العبثية قرار يشعل الأمل في قلب الجريح الفلسطيني، حين أطلق الطفل الغزاوي "عبدالله كحيل" مناشدته عبر فيديو يستغيث قائلا: "احكوا مع المصريين يطيبولي (يعالجوا) رجلي، اصنعوا لي عظمة. خلوني (اجعلوني) أمشي".. على الفور استجاب الرئيس عبدالفتاح السيسي بعلاج الطفل في أكبر المستشفيات المصرية كما يباشر حالته الصحية.
هذه الاستجابة من القيادة المصرية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، مصر هي السند الأول للشعب الفلسطيني والمحامي المدافع عن القضية منذ بدايتها مرورا بمراحلها المختلفة ووصولا إلى حرب 7 أكتوبر الماضي، كما تعهد الرئيسي السيسي بفتح المعبر وإدخال المساعدات، وبالأمس بدأت شاحنات الوقود في العبور إلى داخل القطاع، كما أن المساعدات الغذائية والطبية لم تتوقف على مدار الأيام الماضية.. هذا، وعلى الصعيد الدبلوماسي، يواصل المفاوض المصري عقد صفقة جديدة لتبادل الأسرى مقابل التهدئة ووقف إطلاق النار. 
ترسل القيادة المصرية برسائل تطمئن الشعب الفلسطيني بأن مصر جاهزة وعلى أهبة الاستعداد لعلاج الجرحى في داخل غزة، وفي العريش ورفح حيث يتواجد مستشفى ميداني على أعلى مستوى من الأجهزة الطبية والأدوية وطاقم الأطباء والتمريض.
رسالتنا لشعب غزة نحن على الحدود، على مرمي البصر من القطاع: نقف بجانبكم، ونقولها مرارا وتكرارا، ونشعر ونتألم لمصابكم الجلل، ونتابع الحرب لحظة بلحظة، وندعم المقاومة بالدعاء والتأييد، كما ننتظر خروج "أبوعبيدة"، المتحدث باسم كتائب القسام، يبعث الأمل فينا، وأن بقاء المقاومة هو السبيل الوحيد لإحياء القضية الفلسطينة، وإن كانت الخسائر في أرواح الشهداء تؤلمنا، لكن هذا قدر الأوطان ترتوي بدماء الأبرار لهذه الأرض. 

من مصر نقدم التحية للمرأة الفلسطينية التي خرجت لكل وسائل الإعلام قائلة: "المرأة الفلسطينية إمراة ولادة، أرض خصبة، يموت شهيد تلد لنا ألف فلسطيني جديد".
علينا أن نسجل هذه الجرائم في كل حين، نكتب وننشر حتى لا تنسى الأجيال القادمة الجرائم والمجازر التي يرتكبها حكام إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وإن كنت أرى أن حالة التعاطف الإنساني من شعوب العالم هي صحوة الضمير العالمي، بل إنها أحد أهم انتصارات حرب 7 أكتوبر التي قامت بها المقاومة الفلسطينية.. إن الرهان الحقيقي على حياة الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته، أرى أنه مرهون بالأجيال الجديدة في العالم التي تؤمن بالإنسانية والحق والعدل، أظن أن جيلا جديدا سيخرج من داخل إسرائيل سينبذ الأيديولوجية الصهيونية كما ينبذ العنف والدمار، هذا الجيل سينضم إلى الأجيال التي خرجت تدافع عن الحق الفلسطيني، رسالتهم السلام والأمن والأمان لكل شعوب العالم.