رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيناء فى فكر الرئيس

من الأهمية أن يضع الرئيس السيسى موضوع تنمية سيناء بمقدمة اهتماماته، وفى أولويات الخطط المصرية للخروج من الوادى القديم، الذى بدأ يضيق بزحام سكانه، سيناء الواسعة والجرداء مؤهلة للتخفيف من شدة هذا الزحام، ومؤهلة لفتح الكثير من المجالات أمام شعب مصر لإقامة مجتمعات عمرانية وزراعية وتعدينية وصناعية وسياحية وتجارية.
قرب سيناء وتداخلها مع إقليم قناة السويس التى تعتبر شريانًا حيويًا من شرايين الاقتصاد والتجارة الدولية، يفرض علينا هذا الموقع أن نجعل منها الأمل المنشود الذى يجتاز من خلاله الشعب المصرى الطريق إلى الأمن والرخاء.
فى أغسطس 2012، فى أعقاب الحادث الذى قتل فيه ستة عشر جنديًا مصريًا فى رفح، زار وزير الدفاع الجديد، آنذاك، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، منطقة سيناء، والتقى هناك ممثلين عن القبائل، ودعاهم إلى دعم الجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع. وعندما عاد لمكتبه طالب الحكومة بتخصيص ميزانيات لتنشيط التنمية، كإحدى الوسائل الضرورية لمكافحة ظواهر التطرف والإرهاب.
كان المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع آنذاك، يعلم أن هناك إجماعًا شعبيًا فى مصر على ضرورة تنمية سيناء، واقتحام سيناء بالمشروعات الحيوية الإنتاجية. فكان يرى أن حكم الإخوان المسلمون كان يرسخ نظامًا جديدًا للتعامل مع سيناء، فى الوقت الذى كانت القاهرة تستعد الآن لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
وفى عام 2013 انتهى حكم الإخوان، وجاء حكم وطنى برئاسة المشير عبدالفتاح السيسى، الذى قام باستطلاع رأى الخبراء والمختصين حول مشكلات التنمية فى سيناء، وكيفية مواجهتها، وأنسب المحاصيل الزراعية التى يمكن أن تقوم عليها التنمية، وإجراءات توطين السكان لإيجاد نوع من الاستقرار.
حدد فكر الرئيس فى أهمية تنمية سيناء باعتبارها تمثل أهمية سياسية كبيرة، فسيناء هى بوابة مصر الشرقية، وخط الدفاع الأول وملجأ الأنبياء وأرض التواصل بين قارتى إفريقيا وآسيا.
وترجم الرئيس هذا الفكر إلى مشروع قومى يشبه مشروع العبور العظيم، باعتباره الدعامة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة لشبة جزيرة سيناء، انطلاقًا من التنمية الشاملة فى مصر، وانطلاقة كبرى نحو إعادة توزيع السكان على صحراء مصر الشاسعة الغنية بخبراتها.
حدد الرئيس استراتيجية التنمية للأنشطة الاقتصادية وإمكانياتها فى القطاعات التالية: قطاع الزراعة والثروة السمكية. قطاع الصناعات والتعدين. قطاع المدن الصناعية والمناطق الحرة الجديدة. قطاع السياحة. قطاع الخدمات.
والقطاع الأخير يهدف إلى توفير الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية والثقافية.
وخطة التنمية فى كل قطاع من تلك القطاعات، يحتاج لمجلد وليس لمجرد عدة مقالات. 
حاول الرئيس السيسى جمع الأهداف الاستراتيجية للمشروع القومى لتنمية سيناء وقناة السويس فيما يلى:
- إعادة تشكيل الخريطة السكانية لمصر لتحقيق التوازن السكانى بين الدلتا والشريط الضيق لوادى النيل من ناحية والمناطق الصحراوية غير المأهولة من ناحية أخرى.
- توسيع الرقعة الزراعية لمصر بزراعة المناطق الصحراوية وتوصيل المياه إليها.
- توفير مناطق جديدة للجذب، تقوم على ركائز اقتصادية متنوعة تسهم فى زيادة الدخل القومى.
- المحافظة على الانتماء القومى للفرد، من خلال توطينه واستقراره، وتحسين ظروفه المعيشية، برفع مستوى السكن والخدمات، وزيادة الدخل القومى.
- تطبيق المفاهيم الاستراتيجية، وإنشاء تجمعات جديدة ببعض المناطق والمحاور المهمة.
وعلى الفور بدأت مشروعات ربط سيناء بوادى النيل والعمل على تحويل سيناء إلى منطقة استراتيجية متكاملة تمثل درع مصر الشرقية، وتمت إعادة تقسيم سيناء إداريًا إلى محافظتين. محافظة شمال سيناء ومحافظة جنوب سيناء‏، فيما انضمت شريحة من سيناء شرق قناة السويس بعرض‏20‏ کيلومترًا إلى محافظات القناة الثلاث، بورسعيد والإسماعيلية والسويس،‏ وتأكيدًا لارتباط سيناء بوادى النيل‏ حيث لم تعد القناة تمثل حاجزًا إداريًا يعزل شبه جزيرة سيناء عن وادى النيل.‏
كان السيسى يرى أن التنمية الزراعية بمثابة سلة غذاء لمصر، بل أصبحت ضرورة حتمية، ما يترتب عليه من تأثير مباشر وغير مباشر فى تقدم الوطن وتنميته، بما توفره الزراعية من حاجات ومتطلبات أساسية ورفع مستوى المعيشة.
وقد بلغت المساحة المزروعة فى سيناء حوالى 256 ألف فدان، 95% من تلك المساحة فى شمال سيناء معظمها يعتمد على مياه المطار والآبار. كانت هناك خطة لاستصلاح 727 ألف فدان بسيناء تروى معظمها بمياه ترعة السلام وترعة الشيخ زويد والمياه الجوفية.
الحقيقة أن اهتمام الرئيس السيسى بسيناء، لم يأت من فراغ أو كان تفكيرًا فجائيًا، ولكن ما أثير من مشروع الشرق الأوسط الجديد، ومحاولات إسرائيل تصوير منطقة بأنها لا تتبع مصر.
ففى مؤتمر عُقد فى مدينة الحسنة بسيناء عام 1968 بحضور وكالات الأنباء العالمية بترتيب من الإعلام الإسرائيلى، وأرادت إيهام العالم بأن أبناء سيناء يرفضون تبعيتهم لمصر، ومن ثم إعلان ذلك على لسان مشايخ سيناء الذين سايروا العدو حتى تم عقد المؤتمر، وقدموا مفاجأة كبرى لإسرائيل بإعلانهم رفض مشروع تدويل سيناء وعزلها عن مصر، مؤكدين أن سيناء كانت وستظل جزءًا غاليًا من مصر، ما أدى إلى قيام السلطات الإسرائيلية بإجراءات عنيفة ضد السكان واعتقال أكثر من 120 من المشايخ والمواطنين والفدائيين المصريين من أبناء سيناء، وترحيل العشرات منهم.