رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجامع الأزهر: الأعداء يتكالبون على أمتنا الإسلامية فى كل زمان ومكان

الجامع الأزهر
الجامع الأزهر

عقدَ الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، حلقة جديدة من ملتقى شبهات وردود، والتي جاءت بعنوان "آداب الحروب وأخلاقياتها في الإسلام".

وحاضر في الملتقى د. عبدالفتاح العواري، أستاذ التفسير وعلوم القرآن، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ود. محمود عبدالرحيم الصاوي، الوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام الديني بجامعة الأزهر، ود. نادي عبدالله محمد، أستاذ الحديث وعلومه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية لشئون الدراسات العليا.

وقال د. عبدالفتاح العواري، إن الشريعة الإسلامية تضمنت بنصوصها القطعية الدلالة أن القاعدة الأساسية الكلية عندها هي السلام؛ فالإسلام والسلام في أصل اشتقاقهما مادة واحدة، وأن الذي يستقرئ نصوص القرآن الكريم، وسنة النبي ﷺ يجد ذلك واضحًا غاية الوضوح، وأن الله سبحانه وتعالى من أسمائه "السلام"، وأن الجنة هي دار السلام، وتحية الملائكة لأهل الجنة السلام، ونبينا ﷺ يقول في حديثه:( يَا أيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيوفِ)، وقد جاء في كتاب الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ).

وتابع عضو مجمع البحوث الإسلامية: وبهذا يتبين لنا أن الحرب استثناء ولا تمثل القاعدة الكلية، وأن هذه هي نظرة الشريعة إلى تشريع الحرب التي ضيقت الشريعة الإسلامية من أمره  وجعلته استثناء يفرض وقت الضرورة، وأن الله سبحانه وتعالى قال: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ)، فالاستثناء هنا متى وجدت الضرورة وفرضت، وحري بالأمة المسلمة أن تدفعَ عن نفسها ويلات الحرب وشرور المعتدي، وأن الشهيدَ إذا قُتِل في سبيل الله فإنه لا يحس بالطعنة أو بالضربة، كأنها ليست بشيء، ما يحس إلا أن رُوحه تخرج من الدنيا إلى نعيم دائم أبدًا.

من جانبه، أكد د. محمود الصاوي، أننا وحدنا المسلمين أصحاب الحروب النظيفة والأخلاقية، فنحن نفاخر بذلك العالم كله، وأن مبادئنا التي جاءت بها النصوص المؤسسة للإسلام، وفي السيرة العطرة وفي ممارسات الخلفاء الراشدين رضوان الله تعالى عليهم، هذه المسيرة الطويلة التي تربو على ألف عام أو يزيد كنا فيها سادة هذه الدنيا، كما قال الشاعر:
ملكــنا هــذه الدنيــا قرونا     وأخضعــها جـــدود خالــدونا 
وما فتئ الزمان يدور حتى      مضــى بالمجـد قوم آخرونا 
وأصبح لا يرى في الركب قومي  وقــد عاشــوا أئمته سـنينا

وبيّن د. الصاوي، أن الجيل المعاصر ربما لم يقرأ عن قيادة المسلمين لهذه الدنيا، وأن رسولنا ﷺ هو المؤسس الأول لفكر التعايش السلمي بين المجتمعات، وأن الدولة الإسلامية احتوت عبر قرونها المتطاولة أهل الأديان والملل والنِحَل، وأن وثيقة المدينة خير شاهدٍ على أن سيدنا النبي ﷺ نص على حقوق اليهود في دستور المدينة، فلا يزايد أحد على الإسلام في قضية التعايش السلمي، وفي قضية الحروب أيضًا، فالمسلمون لا يتعطشون للدماء، ولا يحملون سلاحهم في وجه من سالمهم، فالمسلمون لا يقاتلون إلا حينما يُقاتَلون قال تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).

وأكد د.الصاوي، أن المسلمين يكرهون الحرب، وهذا جلي في كلمة النبي ﷺ النورانية التي قال فيها (أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومُرة)، وأن المسلمين يرون الحرب آخرَ خيارٍ، وأنهم يتسامحون مع عدوهم من غير خوف، ويعذرون خصومهم فإن رفضوا السلام فهي الحرب، وأن المسلمين ليسوا تجار حروب بل إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أصحابه أثناء الحرب إلى التفرقة بين المحاربين وغير المحاربين وبين الرجال والنساء والأطفال وكبار السن وأعطت لكل حكمه أثناء القتال.

وفي ذات السياق أوضح د. نادي عبدالله محمد: أنه يجب علينا أن ننظر إلى حالنا ولنتدبر السبب فيما وصلنا إليه، وأين نحن من القرآن الكريم وسنة نبينا ﷺ، فالأعداء يتكالبون على هذه الأمة في كل زمان ومكان، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل)، وبين أن الأمم تتحد في مواجهة الإسلام، لا تريد أن ترى إسلامًا، فلا بد أن ترجع الأمة إلى كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم وتتحد في مواجهة هذا الظلم والطغيان، وأن على الأمة ألا تنظر إلى الغرب وتقاليده وسلوكياته.

وبين أن الغرب يتحدث عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة والحريات وتجدهم هم أول من ينتهكون حقوق الإنسان وحقوق المرأة والحريات وحقوق الطفل، وبين أن آداب الحروب كثيرة منها تقوى الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمّر جيشًا أو سرية كان يقول للقائد عليك بتقوى الله.

من جانبه، أكد د. محمد عبدالمجيد، أن قواعد الحرب الأخلاقية ليست ذات معيار واحد عند الشعوب حتى يُنظر إلها نظرة واحدة، فهي تخضع إلى مجموعة من القيم والمفاهيم الخاصة لكل مجموعة بشرية أو شعب من الشعوب أو أمة من الأمم، فقد فرقت الشريعة الإسلامية أثناء الحرب بين المحاربين وغير المحاربين وبين الرجال والنساء والأطفال وكبار السن وأعطت لكل حكمه أثناء القتال، أما إذا نظرنا إلى الحروب عند غير المسلمين، فإنها لم تعرف مثل هذا التقسيم سوى التقسيم الذي قسّم البشر إلى قسمين يهود وغير يهود.

وبين أن أهداف الحرب في الإسلام قد تكون بسبب دفع الاعتداء، أو بسبب محاربة المرتدين وتأديب ناكثي العهد، أو بسبب نجدة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان المسلمين، وأن من آداب الحروب عند المسلمين عدم الإفساد في الأرض، وعدم قتل الأبرياء والآمنين العزل، وعدم قتل النساء والأطفال، ومنع التمثيل بالجثث، وعدم إلقاء السمّ في الماء والغذاء.

تأتي هذه الملتقيات برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وبمتابعة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وإشراف الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر، والدكتور هاني عودة، مدير الجامع الأزهر.