رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العميد والصهيونية.. دفاعات طه حسين المنسيّة عن القضية الفلسطينية: إسرائيل لا تريد السلام

طه حسين
طه حسين

وسط اتهامات متكررة عززتها كتابات تشيع فى الأوساط الإسرائيلية وكتابات أخرى عربية، ظلت تهمة «الصهيونية» تُلاحق عميد الأدب العربى طه حسين فى حياته وعقب وفاته، استند مطلقوها إلى عدد من الوقائع التى عاينوا سطحها دون نفاذ إلى عمقها. من هنا جاء كتاب «طه حسين والصهيونية»، الذى أصدره حلمى النمنم قبل ١٣ عامًا، مفندًا فيه كل الادعاءات وساعيًا لدحضها وإثبات ما يجافيها.

جعلت الاتهامات الموجهة للعميد أطرافًا شتى من القوميين والإسلاميين والليبراليين الجدد على قلب رجل واحد، فكيلت الاتهامات لحسين بأنه لم يكتب كلمة واحدة طوال حياته عن فلسطين، وفسّروا ذلك بأنه كان معاديًا للعروبة ومواليًا للغرب، كما ألصقوا التهمة به لإشرافه على رسالة دكتوراه لباحث يهودى، غير أن «النمنم» يمسك بأطراف كل حجة ليدحضها بإيراد ما يثبت عكسها. 

الاتهام الأول الذى وُجّه ضد طه حسين، أنه لم يكتب عن القضية الفلسطينية يثبت «النمنم» تهافته بإيراد مقالات للعميد يعبّر فيها عن رأيه بالقضية الفلسطينية، فقد نشر فى عام ١٩٣٣ مقالًا حمل عنوان «فلسطين»، وفى ١٩٣٤ نشر مقالًا آخر بعنوان «غريب»، والمقالان يتحدث فيهما عن التعنت الإنجليزى فى فلسطين، وما يربط بين المصريين والفلسطينيين من اشتراك فى اللغة والدين وصلة الجوار، كما عبّر عن عواطفه تجاه الفلسطينيين وندد بالهجرات اليهودية، وسعى الدول الأوروبية لحل مشكلة اليهود على حساب الفلسطينيين. 

فى مقالين بجريدة «البلاغ»، تعرض «حسين» مرة أخرى إلى مشكلة فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية، فقال إن القضية الفلسطينية اخترعها الغرب وهو المسئول عنها، ومن اقترحوا المشكلة يجب عليهم أن يحلوها ويريحوا العالم، فقد كانت فلسطين عربية وما زالت عربية ويجب أن تبقى كذلك، وأن تدبر أمرها كما تريد لا كما يريد هذا البلد أو ذاك.

رأى طه حسين أن فلسطين صارت مسرحًا لصراع هائل بين باطل الصهيونية وحق العرب، وبين تسلط الاستعمار والطموح إلى الاستقلال، ما جعله يُصرّح: مشكلة اليهود مشكلة أوروبية يجب أن تحلها أوروبا على حسابها لا على حساب غيرها من الناس.. لأوروبا مستعمرات واسعة وإمبراطوريات هائلة تسع الملايين والملايين من اليهود، فلتعتمد عليها فى حل مشكلة اليهود، فهى التى ظلمتهم واضطرتهم للهجرة، وهى التى امتحنت العالم بهذه المشكلة المعقدة التى اخترعتها اختراعًا، وأن المشكلات بين العالمين الشرقى والغربى سببها ما جرى وما يجرى فى فلسطين من تهديد وقضاء على هويتها بفعل الاحتلال الإسرائيلى. 

يورد الكتاب، أيضًا، بعض الحوارات التى أُجريت مع العميد، والتى عبّر فيها عن رأيه بخصوص القضية الفلسطينية، منها الحوار الذى جاء على صفحات مجلة «الإذاعة والتليفزيون» فى العام ١٩٦٤، الذى قال فيه: لا توجد حضارة لإسرائيل حتى نواجهها، وإنما يوجد استخدام واستغلال من جماعة اليهود الوافدين من الغرب المستغلين حضارته، وعلينا بالإسراع فى خطانا التى بدأناها- من قبل أن توجد إسرائيل أو حتى الغرب- نحو النهضة. 

اعتبر العميد، أيضًا، أن المواجهة والصراع بين العرب وإسرائيل ليست مواجهة بين أمتين أو مواكبة بين حضارتين، ولكنها مواجهة بين الأمة العربية وحركة الصهيونية العالمية، وأن دوافع الصراع بين العرب وإسرائيل، هو أن إسرائيل تريد أن تتوسع فى الأرض على حساب العرب، وكان من رأيه أن إسرائيل لا تريد السلام ولا تريد حدودًا آمنة ولا تستطيع قبول السلام؛ لأن معنى قبولها السلام انتهاء الحلم الصهيونى والحركة الصهيونية.