رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القاهرة.. الصوت الواضح فى حرب غزة

وبدأت قوافل المساعدات الطبية والغذائية وغيرهما في الدخول إلى غزة من معبر رفح المصري، وصار اسم مطار العريش معروفا لدى كافة الدول الراغبة في إرسال مساعدات إلى الشعب الفلسطيني في غزة، المتطوعون المصريون من الشباب حراس الحدود نصبوا خيامهم بجوار الجدار، والدبلوماسية المصرية النشطة تعمل على مدار الساعة، الرئيس عبدالفتاح السيسي يقود العمل على كافة المحاور في تناغم مع رجال الدولة المصرية سواء في وزارة الخارجية أو وزارة الدفاع.
هذه الحالة التي وجدنا مصر عليها منذ السابع من أكتوبر الماضي تلخص الموقف الثابت لمصر في دعم القضية الفلسطينية وبذل الغالي والنفيس من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، الحرب في غزة كاشفة للمواقف الجوهرية لكافة الأطراف الإقليمية والدولية، كما يمكن اعتبارها اختبار حقيقي للضمير الإنساني على مستوى العالم.
الموقف المصري ومنذ بداية التصعيد العسكري بين إسرائيل والفلسطينيين يتحرك صاعدا يوما بعد يوم، ومنذ اللحظة الأولى للصدام تواصلت القاهرة مع طرفي الصراع مطالبة بضرورة  وقف إطلاق النار، واستخدمت العبارة المفضلة في تلك الحالات وهي "دعوة للجميع لضبط النفس".
ولما ذهبت تلك الاتصالات وتلك الدعوى إلى طريق مغلق، كان لابد للموقف المصري أن يتقدم للأمام خطوتين، الخطوة الأولى التجهيز اللوجستي لدعم شعب غزة المحاصر بالتنظيم الدقيق لقوافل المساعدات سواء المصرية أو تلك المساعدات القادمة من الدول التي تتفق مع رؤيتنا للصراع ليس هذا فقط ولكن إعلان حالة الطوارئ بكل مستشفيات شمال سيناء لتكون جاهزة عند الضرورة يكشف للمتابع اتساع الرؤية المصرية وتحسبها لكل صغيرة وكبيرة.
هذه الخطوة الأولى التي تمت بنجاح جعلت من رفح المصرية ومن مطار العريش الدولى شركاء في الانتصار لفلسطين، أما الخطوة التصعيدية الأكثر بلاغة جاءت عندما أبلغت السفارات الأجنبية رعاياها ومزدوجي الجنسية بالتحرك نحو معبر رفح حتى تتم عملية الاجلاء لهم وعدم تعرضهم لخطر القصف الإسرائيلي المتواصل، كان الإسرائيلي في هذه اللحظة يرفض بشكل واضح دخول المساعدات إلى غزة بل وقام بقصف المعبر من الجانب الفلسطيني لكي يؤكد على إحكام حصار غزة.
فكيف تصرفت القاهرة في هذه اللحظة الفارقة؟ بهدوء وضعت مصر شروطها ونجحت في تحقيق هدفها وهو أن لايفتح المعبر من اتجاه واحد لخروج مزدوجي الجنسية فقط ولكن أن يتم فتح المعبر من الاتجاهين خروج من تريدون ودخول الشاحنات التي تعتبر قشة الإنقاذ لشعب غزة الغارق تحت نيران القصف.
وقد كان للقاهرة ما أرادت وشاهدنا على الشاشات المعدات المصرية وهب تعيد إصلاح معبر رفح من الجانب الفلسطيني.
سيادة مصر لا تحتاج إلى تأكيد، وبمجرد أن أعلن أحد المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي عن تهجير شمال غزة إلى جنوبها، ومن ثم يتم دفعهم نحو سيناء هنا كان صوت مصر عاليا حتى إن الخطاب الرسمي أشار إلى أن سيناء خط أحمر، ويعرف المتخصصون في الشؤون العسكرية معنى ودلالة مصطلح الخط الأحمر، ومنذ تلك اللحظة التي حسمت فيها مصر موقفها من لعبة التهجير ساد الصمت في الأوساط الإسرائيلية بعد فشل مخططهم الذي أرادوا تنفيذه على حسابنا.
وبالرغم من كل الاستعدادات لأى متغيرات على الأرض واصلت مصر دورها الدبلوماسي بتنظيم المؤتمر الدولي والإقليمي لبحث الأوضاع في غزة، صحيح لم يصدر بيان ختام لهذا المؤتمر ولكن الرسالة الواضحة قد وصلت إلى الجميع بأن مصر بتاريخها هي محور إقليمي أصيل وأن أمنها القومي على رأس أولوياتها، وأن استقرار المنطقة ووقف العدوان والوصول لحل دولتين لشعبين لابد وأن يتم مهما طال الوقت ومهما كانت التضحيات.