رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى وفاته.. حكاية مقال أعاد أنيس منصور كتابته 29 مرة

الأديب أنيس منصور
الأديب أنيس منصور

تحل اليوم ذكرى وفاة الكاتب الكبير أنيس منصور، الذي توفي في مثل هذا اليوم 21 أكتوبر 2011 عن عمر ناهز 87 عاما،  وهو مولود في 18 أغسطس عام 1924.

وتناول الأديب أنيس منصور (١٨ أغسطس ١٩٢٤ - ٢١ أكتوبر ٢٠١١) بقلمه أشكالا عديدة منها المقال والتراجم والمسرحيات وأدب الرحلات، إذ يجد نفسه في كل ما له علاقة بالإنسان سواء نفسيا أو اجتماعيا أو فلسفيا يجذب انتباهه ويحقق له متعة، لذلك يجد نفسه في الكتب التي تعد تراجم ذاتية لشخص.

العلاقة بين الأدب والفلسفة 
وعن العلاقة بين الأدب والفلسفة وما يتميز به الكاتب الدارس للفلسفة عن غيره من الكتاب قال أنيس منصور في حوار له بجريدة "الأهرام" عام ١٩٨٩، إن طالب الفلسفة يدرس علم النفس والاجتماع والتفسير النفسي للأدب والتفسير الاجتماعي للتاريخ وعلم الأخلاق وغيرها، بمعنى أن يدرس تاريخ الإنسانية وتجاربها للتخلص من الجوع والخوف والجهل.. كل هذه العلوم مع دراسة منهج التفكير السليم تساعد على فهم طبيعة العلاقات الإنسانية والتغلغل فيها، وهذا بالضبط ما يحتاجه الكاتب للتعبير عن الإنسان.

وتابع: أما بالنسبة لكتب الفلسفة نفسها فسأقص عليك تجربة مررت بها في أول عهدي بالصحافة، ففي عام ١٩٤٨ كتبت مقالا عن معنى الفن عند تولستوي، فأبدى عباس العقاد إعجابه به مما أزعجني، فقد كنت أعرف أن أسلوب العقاد صعب، ترتب على تلك الواقعة أنني على مدى ثلاثة أشهر امتنعت عن كتابة أو نشر أي شيء، وعكفت على إعادة كتابة المقال ٢٩ مرة حتى خلصته تماما من التراكيب النفسية والفلسفية الصعبة.

وأكد أن أسلوبه السهل كان حصيلة معاناة، موضحا: لقد عانيت في التخلص من المصطلحات الصعبة وما زالت حتى الآن عندما أشعر بصعوبة توصيل المعنى للقارئ ألجأ للتشبيه.. كأنه.. لأجعل المعنى ملموسا للقارئ وإذا كان لي أن أصف أسلوبي بعد ٤٣ عاما في الصحافة فهو أسلوب "ممزق" يعبر عن المعنى بالضبط.

"حول العالم في ٢٠٠ يوم" وكواليس كتابته مرتين

وعن كتابه "حول العالم في ٢٠٠ يوم" الذي حصل به على جائزة الدولة التشجيعية عام ٦٣؛ أشار إلى أنه أعد كتابته مرتين، فبعد فوزه بالجائزة تصفح الكتاب ولأنه كاتب "موسوس" على حد تعبيره، قرر كتابته كله ولمدة ٢١ يوما تفرغت لإعادة كتابة ٨٠٠ صفحة كاملة ليظهر الكتاب بشكله الحالي، واكتشف أنه لو قرأ كل كتبه سيفعل نفس الشيء، ومنذ ذلك اليوم لا يقرأ كتبه، فالكتاب الذي صدر فينتهي تجربته معه وينساه تماما ويتطلع لما سيكتبه لاحقا.