رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمريكا تكره أمريكا وتحب إسرائيل

الرئيس الأمريكى تعهد بالوقوف إلى جوار إسرائيل فى هذه الأيام المظلمة، وأشار إلى أن الجانب الثانى هو من أطلق الصاروخ على مستشفى المعمدانى، ويقصد أن الشعب الفلسطينى قصف نفسه، ورئيس الوزراء الإسرائيلى شكر فخامته وبدا ممتنًا لهذه الكلمات الكاذبة، والمتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلى، اعتبر كلمات الرئيس الأمريكى هامش الأمان للشعب اليهودى، الرئيس الأمريكى الذى زار تل أبيب فى مخاطرة كان من الممكن أن تكون غير محسوبة العواقب حين ذهب تحت القصف وصفارات الإنذار ليزور الحليف الأهم الذى يتعرض للخطر، فقلب أمريكا الرقيق لم يتحمل أن تشعر حليفته الأكثر رقة بالخطر، لذلك تحركت على الفور قطعة بحرية تحمل ما يقرب من ٥٠٠٠ جندى، بالإضافة إلى ما تحمله من معدات حربية بحرية وجوية لأن إسرائيل تشعر بالخطر، الرئيس الأمريكى حزن على ضحايا السابع من أكتوبر فى غلاف غزة على يد حركة المقاومة الإسلامية حماس ومعها الجهاد الإسلامى، وقال فى التو واللحظة إنه سيقف إلى جانب إسرئيل ويفتح خزائن أمريكا وما تملكه من أجل أمان الحليفة الأبدية، وظل يندد بالمقاومة الفلسطينية وينوح ويبكى على ضحايا إسرائيل، الرئيس الأمريكى بينما كان متأثرًا طيلة الأيام السابقة وحزينًا على حليفته، ألم يتأثر لحظة بمقتل ٧٠٠ طفل فى غزة، وما يقرب من ٣٥٠٠ قتيل من الشباب وكبار السن والنساء والعجائز، ألم يتأثر بـ٧٥٠٠٠٠ مواطن يعيشون فى العراء «الأعداد قابلة للزيادة كل لحظة» وبمدينة بكاملها تعيش تحت القصف ليل نهار، بل قُل تموت ليل نهار، وهى تعانى بالإضافة إلى القصف الهمجى الإسرائيلى من نقص المياه والدواء والكهرباء والطعام وربما الهواء الذى بات ملوثًا برائحة الدم والبارود، مدينة تعيش دون حياة!، ألم يتأثر الرئيس الأمريكى والعالم المتحضر بمئات الجثث الملقاة تحت الأنقاض وفى العراء تبحث عن مقبرة؟!.. أم أن العجوز جو بايدن الذى جر خطواته المتثاقلة وهرع إلى تل أبيب بدأ يفقد الذاكرة، حين تحولت غزة إلى مدينة أشباح؟!، بدأ الرئيس الأمريكى فقد الذاكرة ولم تشاهد عيناه الضيقتان سوى ضحايا إسرائيل، أما الفلسطينيون فلا يراهم، وبينما كان يجلس إلى جوار نتنياهو، متأثرًا ومتعاطفًا يفيض بالود والامتنان، هل جاء يجر خطواته من واشنطن إلى تل أبيب ليقدم مشاعره الفياضة إلى إسرائيل؟، أى رسالة تحملها خطوات الرئيس الأمريكى بعد أن سبقته ترسانة بحرية وجودها فى المتوسط إلى جوار الحليف الأبدى لا يخلو من دلالة وأيضًا من رسالة للجميع أننا هنا لحماية إسرائيل؟!. 

أفكر كثيرًا فى أسباب هذه المحبة التى تمنحها أمريكا لإسرائيل منذ ظهورها وبغير حدود، محبة لا تنتهى، فحين خرج بعض الأمريكيين للاحتجاج فى الأيام الماضية على حرب الإبادة التى تمارسها الدولة العبرية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، ونددوا بالجرائم التى يرتكبها جيش الاحتلال، اعتقلت الشرطة الأمريكية المئات من المتظاهرين، فهل تكره أمريكا أمريكا وتحب إسرائيل؟ جُل ما أخشاه فى اللقاء الأخير بينهما أن يكون الرئيس الأمريكى همس فى أذن نتنياهو بأن «حنّان وقيّافا»، الكاهنين عضوى السنهدريم، وهما من قدما المسيح للمحاكمة تمهيدًا لصلبه ووضعا عريضة الاتهام وصرخا أمام بيلاطس، الحاكم الرومانى، اصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا. كلاهما لم يكن من طائفة الفريسيين بل أحدهما من حركة الجهاد الإسلامى والآخر من حركة المقاومة حماس، أما اليهود أبرياء، وأن المخابرات الأمريكية لديها وثائق وصور تثبت انتماء هذين الرجلين للفلسطينيين، أما اسما «حنّان وقيّافا» فهما دون شك مستعاران، والاسمان الحقيقيان هما «حماس وقسام». 

ناقد مسرحى