رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعم وعلاقات دبلوماسية.. ماذا قدمت مصر للقضية الفلسطينية منذ 1948؟

مصر وفلسطين
مصر وفلسطين

منذ أكثر من سبعة عقود، تقف مصر إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إذ أظهرت مصر تضامنها مع الفلسطينيين في كل المحافل الدولية والإقليمية، وساندت كل المبادرات السلمية التي تهدف إلى إنهاء الاحتلال والاستيطان والعنف، كما قامت مصر بالعديد من الجهود الإنسانية والمالية والعسكرية لمساعدة الفلسطينيين في تخطي أزماتهم وبناء مؤسساتهم وتحقيق المصالحة بين فصائلهم.

ففي عام 1948، شاركت مصر في حرب فلسطين ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكان جيشها في مقدمة الجيوش العربية التي دافعت عن الأرض والشعب، وفي عام 1956، تصدت مصر للعدوان الثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على قناة السويس، وأجبرتهم على الانسحاب، وفي عام 1967، خاضت مصر حرب الأيام الستة ضد إسرائيل، التي احتلت فيها سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان، وفي عام 1973، شنت مصر حرب أكتوبر المجيدة ضد إسرائيل، وأعادت كسر المعادلة العسكرية وفتحت باب المفاوضات لاستعادة سيناء.

وفي سبيل تحقيق السلام، قامت مصر بخطوات جريئة لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بشرط أن تكون هذه العلاقات مبنية على احترام حقوق الشعب الفلسطيني، ففي عام 1977، زار الرئيس أنور السادات إسرائيل، وألقى خطابًا تاريخيًا في الكنيست، دعا فيه إلى حل عادل للقضية، وفي عام 1978، توصل إلى اتفاقية كامب ديفيد مع رئيس الوزراء مناحم بيجن، التي نصت على إخلاء سيناء من قبضة إسرائيل، وإعطاء فلسطين حكمًا ذاتيًا، وفي عام 1979، أبرم معه معاهدة سلام، التزم فيها بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

 

جهود مستمرة

ولم تكتفِ مصر بذلك، بل استمرت في دعم القضية الفلسطينية في كل المناسبات والمحافل، ففي عام 1982، أدانت مصر مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبتها الميليشيات اللبنانية بمساعدة إسرائيل. وفي عام 1987، أيدت مصر انتفاضة الحجارة التي انطلقت من قطاع غزة ضد الاحتلال. 

وفي عام 1993، شاركت مصر في التوقيع على اتفاق أوسلو الذي توصل إليه الجانب الفلسطيني وإسرائيل وأيدت المبادئ، حيث جاء بالاتفاق "أن هدف المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية هو تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية منتخبة لمرحلة انتقالية لا تتعدي خمس سنوات تؤدي إلى تسوية نهائية على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي" ². وفي عام 2000، رفضت مصر خطة كامب ديفيد الثانية، التي طرحها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، لأنها لم تحقق المطالب الفلسطينية في القدس واللاجئين.

وفي عام 2002، اعتمدت مصر خطة خريطة الطريق، التي تبنتها اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)، والتي تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة بحلول عام 2005.

وعلى صعيد آخر، قامت مصر بالعديد من المبادرات لإحلال الهدوء والوقف الشامل لإطلاق النار بين الفلسطينيين وإسرائيل، خاصة في قطاع غزة.

ففي عام 2005، نجحت مصر في التوسط بين حماس وإسرائيل لإخراج إسرائيل من قطاع غزة. وفي عام 2008، ساهمت مصر في التوصل إلى هدنة بين حماس وإسرائيل لستة أشهر. وفي عام 2014، أوقفت مصر حرب إسرائيل على غزة التي استمرت 51 يومًا. 

وفي عام 2021، أوقفت مصر حرب إسرائيل على غزة التي استمرت 11 يومًا، كما قامت مصر بإعادة إعمار غزة بعد كل حرب، وإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية للشعب الفلسطيني.

دعت مصر إلى عقد اجتماع طارئ لكافة الفصائل الفلسطينية في القاهرة، لبحث سبل توحيد الموقف الفلسطيني، وإنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، كما دعت مصر إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين الجانب الفلسطيني وإسرائيل، برعاية دولية، للوصول إلى حل سلمي يضمن إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس.

مصر تؤمن بأن حقوق الشعب الفلسطيني هي حقوق غير قابلة للتصرف أو التفاوض أو التجزئة. كما تؤمن بأن السلام هو خيار استراتيجي لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة، وتؤمن بأن المصالحة هي ضرورة لإظهار صورة موحدة للشعب الفلسطيني، وتعزيز قدرته على مواجهة التحديات، وتؤمن بأن الحوار هو السبيل الوحيد لتحقيق الحل العادل والشامل للصراع. وتؤمن بأن الدعم الإنساني والمالي والعسكري هو واجب على مصر تجاه إخوانها الفلسطينيين. وتؤمن بأن القدس هي عاصمة فلسطين، وأنها لا تقبل أي تغيير في وضعها التاريخي أو الديني أو القانوني.

 

طوفان الأقصى

في الأزمة الحالية التي تشهدها غزة بعد اندلاع طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، تلعب مصر دورًا فعالًا ومحوريًا في التهدئة والوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل، فقد أرسلت مصر وفودًا أمنية وسياسية على أعلى مستوى إلى تل أبيب ورام الله وغزة، للتواصل مع كل الأطراف المعنية، والضغط عليهم لوقف التصعيد والتزام وقف إطلاق النار.

كما قامت مصر بفتح معبر رفح البري مع غزة، لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية للشعب الفلسطيني، وإخراج الجرحى والمصابين لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية. 

وأعلنت عن تخصيص 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، وإرسال فرق هندسية وفنية لتقديم الخبرات والمساعدة في إزالة الأنقاض وإصلاح البنية التحتية.

وبالإضافة إلى ذلك، تسعى مصر إلى تحقيق المصالحة الوطنية بين حركتي فتح وحماس، التي انقطعت علاقاتهما منذ عام 2007، عندما سيطرت حماس على قطاع غزة بعد اشتباكات دامية مع فتح.