رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دمية «الإخوان» الجديدة

باب التقدم بطلبات الترشح فى الانتخابات الرئاسية المقبلة جرى إغلاقه فى الثانية ظهر أمس، السبت، وغدًا تعلن الهيئة الوطنية للانتخابات عن القائمة المبدئية للمرشحين، الذين لن يكون من بينهم دمية «الإخوان» الجديدة، التى فشلت الجماعة فى جمع عدد التأييدات اللازمة لترشحها، أو فعلت ذلك متعمدةً، توفيرًا للجهد والمال، مكتفية باستعمال تلك الدمية فى تشويه المشهد الانتخابى وتوصيل الرسائل، أو التهديدات.

ربما نكون، أيضًا، أمام «دمية تجارب تصادمية»، Crash test Dummy، وهى دمية فى حجم إنسان، طوله ١٧٨ سنتيمترًا ووزنة ٧٨ كيلوجرامًا، يتم استخدامها فى اختبار قدرات السيارات على تحمل الصدمات وحماية سائقيها. ولعلك تعرف أن الإخوان كانوا قد أسندوا دور الرئيس إلى محمد مرسى، مضطرّين، وأنه كان المرشح البديل، أو «الاستبن» لخيرت الشاطر، رجل الجماعة الأقوى. لكن ما قد لا تعرفه هو أن دور «دمية التجارب التصادمية» فى مسرحية عرائس الإخوان، التى شاهدناها سنة ٢٠١٢، كاد أن يلعبه كثيرون، من بينهم، مثلًا، منصور حسن، وزير الثقافة والإعلام وشئون رئاسة الجمهورية، فى عهد السادات، الذى انتبه إلى الفخ، وقال بالنص: «الإخوان تلاعبوا بى.. وأرفض أن أكون طرطورًا بوظيفة رئيس جمهورية».

تأسيسًا على ذلك، كان المصريون على حق، ولم يكونوا مبالغين، حين خرجوا يهتفون: «يسقط.. يسقط حكم المرشد»، دون أن يلتفتوا إلى الدمية، أو «الاستبن»، بالضبط كما تجاهلوا، وسيتجاهلون، الدمية الجديدة. غير أن الجماعة لن تتوقف عن محاولة صناعة نسخة جديدة، ومنقحة، من محمد مرسى، الذى لم يكن فاعلًا أو جزءًا من تركيبة الحكم، والذى حاولت قواتنا المسلحة، بشتى الطرق، تقويمه أو استعادته من مستعمليه أو مختطفيه، حين جلس على كرسى الحكم. وفى إحدى تلك المحاولات، نصحه قائدها العام، وزير الدفاع، وقتها، بالتصالح مع كل القوى الوطنية، وتكوين لجنة لمعالجة التحديات والحفاظ على مؤسسات الدولة وعدم السماح بالتدخل فى شئونها، خاصة من مكتب الإرشاد، ولا نعتقد أنه فوجئ، أو أنك ستفاجأ، بذلك الرد: «انت متخيل إنى لو انفردت بالحكم وهمّشت الجماعة حايسيبونى.. أو حايسيبوا ولادى؟ دى دونها الرقاب».

الثابت، أو ما بات فى حكم المؤكد، هو أن الإخوان، أو مستعمليهم، تمكنوا من استمالة، أو تجنيد، عدد كبير من المنتمين إلى اليسار العربى، والغربى، وقاموا بتحويلهم إلى دمى، جمع دمية. والثابت أيضًا هو أنهم، لفترة طالت قليلًا، ظنوا أن بإمكانهم السيطرة على مؤسسات الدولة المصرية، وضبط توجهاتها ومواقفها وقراراتها على بوصلة التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية. وقطعًا، لو لم يخرج الملايين فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ولو لم تقم قواتنا المسلحة، درعنا وسيفنا، بدورها التاريخى فى استعادة الدولة من بين براثن أو أنياب الجماعة، لقضينا باقى عمرنا تحت الاحتلال، أو فوق طاولة قمار، يتفاوض أو يلعب على مقدراتنا مقامرون، كهؤلاء الذين يلعبون، الآن، على مقدرات دول عربية شقيقة، ويتفاوضون على اقتسام ثرواتها.

اللعبة نفسها كررها الإخوان فى تونس، قبل أن يدرك التونسيون، قبل فوات الأوان بقليل، أن «حركة النهضة» تعمل لصالح أجندة التنظيم الدولى للإخوان، وليس وفق أجندة وطنية، وعرفوا أن مفهوم الدولة غائب عن أدبياتها، وأنها لا يمكن أن تكون شريكًا فى العملية السياسية، لكونها جماعة إرهابية، تمتلئ صحيفة سوابقها بآلاف جرائم القتل والتدمير والتفجير والتجسس والتحريض على إشعال الفتن الطائفية.

.. وأخيرًا، قيل إنهم حين سألوا محمد مرسى عن أصعب سنة مرت عليه، ظل يفكر ويفكر.. ويفكر ويفكر، ثم قال: «سنة أولى إعدادى». وتلك طبعًا نكتة، أما ما حدث بالفعل وما أكدته «مصادر» عديدة، أنه فى الدقيقة الثالثة من بيان «٣ يوليو» طلب من الحرس الجمهورى «ملابس داخلية». ونعتقد أن دمية الإخوان الجديدة، أو دمية تجاربها التصادمية، ستستمر فى أداء الدور المرسوم لها، لأسابيع، أو شهور مقبلة، لكنها، فى النهاية، لن تجد ما تستر بها عورتها، حين تنتهى الجماعة، أو من يحركونها، من استعمالها.