رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرئيس.. وحرائق الجيران

بدا التأثر الواضح على الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو يتحدث عن الوضع المشتعل بين إسرائيل ومنظمة حماس في غزة، عندما قال: إن تطورات الوضع في غزة، يصاحبها ترديد مجموعة من الشائعات من المغرضين. 
جاء ذلك ضمن فعاليات حفل تخرج دفعات جديدة من طلبة الأكاديمية والكليات العسكرية لعام 2023، مساء اليوم الخميس. 
وأضاف: الرئيس: نحن مستعدون إننا نتكلف في إطار قدراتنا وإمكاناتنا، نحن لم نسبب مشكلة لأحد، نتكلم الآن، ولدينا 9 ملايين ضيف من دول كثيرة، أتوا إلى مصر للأمن والأمان والسلم والسلام. 
كان الرئيس يتحدث بأسى واضح وتأثر، عن 9 ملايين لاجئ أجنبي في مصر، جاءوا معظمهم من دول الجوار، تعرضت دولهم لمشكلات أمنية، لكن الأمر في غزة مختلف، فلسطين قضية القضايا وقضية العرب كلهم، ومهم أن يظل شعبها صامدًا ومتواجدًا على أرضه.
قدر مصر أنها طلبت تأمين أرضها، أولًا تأمين كل ما حولها في الشرق مع غزة.. وفى الغرب مع ليبيا، وفى الجنوب مع السودان.
ولذلك تمد مصر يدها لكل مَن حولها.. رغم وجود جراحٍ عديدة من هؤلاء الجيران.. انطلاقًا من مبدأ يقول: حتى تؤمن أرضك في الداخل لابد أن تؤمنها من الخارج، وقبل أن تصل إليك المخاطر.
ولعل ما نراه من إجبار أهالي غزة على النزوح من بلادهم بقوة نيران إسرائيل الكثيفة والغاشمة، أمر لا يقبله أحد، مصر مع الفلسطينيين يجب أن يكون لها وقفة.
فقد بدأت نوايا العدو الإسرائيلي تتضح منذ أن نشر شيمون بيريز، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، ورفيق ياسر عرفات في اتفاق أوسلو الذي تبني حل الدولتين، والذي بموجبه تواجدت منظمة حماس في غزة. 
كتاب شيمون بيريز “الشرق الأوسط الجديد" في عام 1996، تنبع أهمية وخطورة هذا الكتاب من التطبيق العملي لما جاء في بنوده فيما بعد، وهو ما بدا من خلال سلوك العدو ومفاوضاته مع الفلسطينيين بمساعدة أمريكا. والذي يبدو أنه ليس مجرد كتاب يحمل قضايا نظرية على الورق.، وإنما خطة عمل يتم تطبيقها على مراحل.
وليس هنا مجال لعرض الكتاب، وإنما رصد لتطبيق أفكاره بشكل عملي، بهدف توقع الخطوات المقبلة في الإقليم والتحسب لها. 
وكثير من الدراسات التي تناولت كتاب بيريز، ركزت على التشكيك في نواياه، ونحن بالطبع نتفق مع ذلك، ولكننا نرى أن الكتاب ليس للتمويه ولا التضليل، بل هو مقترح واقعي صهيوني له وجاهته لدى الكيان الإسرائيلي، بل وله خطواته التنفيذية التي بدأت بالفعل في التحقق! 
خطورة كتاب بيريز تكمن فيما جاء في فصله العاشر من الكتاب حول منطقة البحر الأحمر وما يفصله بيريز حول البحر الأحمر وقيمته الاستراتيجية والمركزية، حيث يرى بيريز أن البحر الأحمر يعتبر مفتاح التنمية والرخاء، يمكنه أن يصبح خليجًا للسلام الحقيقي الشامل. ويمكن لإسرائيل اتخاذ إجراءات تعاونية من شأنها أن تبني الثقة، مثل إنشاء شبكات إنذار مبكر متبادلة مع جيرانها حول التحركات العسكرية...أو تنفيذ مشاريع مشتركة لإنقاذ صيادي الأسماك...ويمكن للبحر الأحمر أن يسهم في السياحة ومنها صيد الأسماك وقضاء الإجازات وكذلك في أعمال نقل النفط، والبضائع. ويمكننا بناء طريق طويل على طول شواطئه، وحفر أنفاق لجر المياه وتمديد خطوط أنابيب للنفط والغاز، وربط شبكات للكهرباء والمواصلات، كما يمكننا أن نجعل من البحر الأحمر منطقة مزدهرة للتجارة؛ فالبحر الأحمر عبارة عن خليج طويل ضيق ونظرًا لضيقه يمكننا أن نجسره بالسلام". 
لم يتوقف الأمر عند كتاب بيريز، ولكن جاءت حكومات الولايات المتحدة، فنحن اليوم نرى تحولات في المنطقة، تحت إصرار إسرائيلي وضغط أمريكي يسعى لحل الصراع في المنطقة بأي ثمن، وبأي تصور، ولو على حساب دول الجوار، ومن بينها مصر. وهو المشروع الذي لوحوا به للإخوان المسلمين عندما حكموا مصر، ضمن خطة أمريكا في دعم وجود الإخوان في الحكم، وهو ما بدا خلال قيام حاكم قطر السابق من زيارة سيناء ورفح ونويبع، وعرض شراء مساحات كبيرة من الأراضي على الحدود مع غزة، بأسماء مصريين حصلوا على الجنسية من خلال بطاقات مسروقة، بعد أن تم سرقة ماكينات إصدار البطاقات المصرية التابعة للأحوال المدنية في رفح، لولا يقظة أجهزة الأمن المصرية والقوات المسلحة، التي منعت بيع أي أراضي الحدود.
المتتبع لممارسات الإدارات الأمريكية السابقة، فيما يعرف بالشرق الأوسط الكبير، خلال السنوات القليلة الماضية، يدرك تمامًا أن الإدارة الأمريكية السابقة، قد بدأت فعلًا برسم ملامح هذا الشرق وفق خطة واضحة تقوم على قلب النظام العربي وتقويض أركانه ليتجاوز النظام الجغرافي ومرحلة القوميات والأيديولوجيات إلى مرحلة جديدة تسود فيها التكتلات والتجمعات الاقتصادية والمالية.