رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤشرات فى مستقبل حرب غزة.. نحن والمجتمع الدولى

ثلاثة مؤشرات سياسية أمنية، بدأت تتضح مع دخول معركة طوفان الأقصى- فى الإعلام الفلسطينى والعربى، أو السيوف الحديدية- فى الإعلام الصهيونى الاسرائيلى، 48 ساعة شكلت صدمة وهزة خلخلت المنطقة، والعالم. 
المؤشرات تبلورت خلال ما شكله عنصر المباغتة وقرار حركة المقاومة حماس، والقوى الفلسطينية الوطنية التى تشارك فى معركة، قد تحدد مصير القضية الفلسطينية وجيوسياسية المنطقة والإقليم. 

* المؤشر الأول:
قرار حماس فى خوض المعركة، ذاتى، ربما تم التنسيق المسبق مع بعض القوى الإقليمية، برغم عدم وضوح أشكال التنسيق أو مدى أهميته فى الداخل الفلسطينى، برغم حالات من المؤازرة والتأييد من إيران وحزب الله اللبنانى، بدلالة والتأييد العميق، عدا عن التعاطف من الشعوب المقهورة من نتائج الاحتلال الإسرائيلى. 

* المؤشر الثانى:
توقع استمرار حالة الحرب من كل الأطراف، كشف عن مدى حاجة الدول العربية والإسلامية، بالذات دول الجوار الفلسطينى، والدول العربية الأخرى وشمال إفريقيا والمغرب والخليج العربى، إلى وجود تكتل سياسى عسكرى أمنى مؤثر عالميًا، أو على الأقل فى مستوى الإقليم والمنطقة، الأمر الذى جعل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، تسيطر فى ردود أفعالها لصالح المعركة مع إسرائيل دولة الاحتلال المتطرفة، وبرغم ذلك كانت ردود الأفعال تصبح نحو حماية إسرائيل الصهيونية، الدولة اليهودية التى تمارس عنصرية وعنجهية ضد الشعب الفلسطينى وضد المقدسات الدينية المسيحية والإسلامية فى القدس وجوار بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك. 
* المؤشر الثالث:
وجود خطر الموقف الأمريكى الصريح ضد خيارات الشعب الفلسطينى والحق المقدس المقاومة ودحر الاحتلال لشعب عانى من الوجود الصهيونى العنصرى المتطرف أكثر من 7 عقود، منها صراع سياسى أمنى اقتصادى، كان الخيار الأمريكى، وبالتالى الأوروبى، مع حدوث التصعيد العسكرى، والنتائج التى أفرزتها حركة حماس فى لحظة مقاومة تراها الولايات المتحدة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلى، وهى أى أمريكا، تعلم تداعيات سنوات من الصراع وضياع فرص تحقيق السلام وقيام الدولة الفلسطينية.
* العسكرتاريا الأمريكية.. وأزمة سلبية الحلول 
لنبدأ من تحليل المؤشر الثالث؛ إذ قال وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، فى تفسير لاستعراض القوة، إنه أمر المجموعة الهجومية لحاملة طائرات فورد بالإبحار إلى شرق البحر الأبيض المتوسط ​​لتكون مستعدة لمساعدة إسرائيل بعد الهجوم المفاجئ الذى شنته حماس والذى خلف أكثر من 1000 قتيل وآلاف الجرحى من الجانبين، حسب بيانات البنتاجون والادارة الأمريكية.
وفى التفاصيل: ترافق السفينة يو إس إس جيرالد ر. فورد، ما يقرب من 5000 بحار وطائرات حربية طرادات ومدمرات فى استعراض للقوة يهدف إلى الاستعداد للرد على أى شىء، ما يضع واقع «المعركة» وجود احتمالات نوايا إسرائيلية صهيونية، لإعادة احتلال و/أو دخول قطاع غزة بريًا، بدأ من حماية أو عسكرة مستوطنات غلاف غزة، والمعروف، أن قوات الاحتلال الإسرائيلية خرجت من قطاع غزة فى 12 سبتمبر عام 2005 وتم إخلاء المستوطنات وانتهى الوجود الاستيطانى الإسرائيلى فى قطاع غزة، وخلال السنوات الماضية حددت دولة الاحتلال نطاقها الأمنى والعسكرى بمجموعة من المستوطنات الصهيونية لتكون خطوطًا للدفاع، وهى مستوطنات أبرزها: «كيسوفيم وزيكيم ونحال عوز وكريات ملاخى وكريات غات ومدن ديمونا وعسقلان وأسدود وسديروت» التى تقع ضمن معركة طوفان الأقصى، فى دلالات العسكرتاريا الأمريكية، منع التصعيد فى الضفة الغربية أو استمرار حماس فى الحرب المباشرة مع المستوطنين، ومع احتمال وصول أسلحة من خارج غزة، واعتراضها أسلحة من الوصول إلى حماس وإجراء المراقبة، التى قد تكون طويلة الأمد، اعتبارات جيوسياسية أمنية. 
فى أغلب التحليلات ما يسلط الأضواء على الانتشار الأمريكى الكبير، الذى يشمل ترسانة من السفن والطائرات الحربية، والقلق السياسى عند الإدارة الأمريكية، الذى تشعر به، من استمرار التصعيد وخروجه عن السيطرة وهذا متوقع عمليًا.  
* أزمة الواقع العربى والإسلامى 
ظهرت علامات المؤشر الثانى، مع صدمة المباغته الفلسطينية، قرار معركة حماس المتوقع منذ أشهر، نتيجة وعنجهية وتطرف الحكومة الإسرائيلية المتطرفة على كل المستويات، ومع الظروف الحالية، وفى وقع اليوم الاسود فى تاريخ دولة الاحتلال، أعلنت حكومة نتنياهو العنصرية الحرب رسميًا، وأعطت الضوء الأخضر لاتخاذ «خطوات عسكرية كبيرة» للانتقام من حماس ومن قوى المقاومة الفلسطينية الوطنية.
.. وتأكد ذلك مع تزامن الدعم الأمريكى، وفق شبكة «إن بى سى» التى أشارت إلى أن الجيش الأمريكى أكد أنه يخطط لنشر سفن حربية وحاملة طائرات على مقربة من إسرائيل.
وردًا على ذلك، يقول التقرير إن حركة المقاومة الإسلامية حماس، قالت، من موقع الأحداث، إن تحريك حاملة الطائرات الأمريكية لا يخيفها، وإنه على الإدارة الأمريكية أن تدرك عواقب هذه الخطوة.
.. أزمة المنطقة فى تصعيد، لا يقل أساسًا عن التصعيد بين حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلى، وبرغم الدبلوماسية العربية المتسارع، قال بلينكن فى مقابلة أجرتها معه شبكة «سى إن إن» الأمريكية: «ننظر فى الطلبات المحددة الجديدة للإسرائيليين. أعتقد أنكم ستعلمون اليوم على الأرجح بمزيد عن هذا الموضوع». وأضاف: «الولايات المتحدة لديها علم بتقارير عن مقتل أمريكيين فى إسرائيل، وتعمل على التحقق منها»، لافتًا إلى أن «الهجوم على إسرائيل هو هجوم إرهابى». وتابع: «لا أرى دليلًا على وقوف إيران وراء أحدث هجوم فى إسرائيل، رغم وجود علاقات قديمة بين (حماس) وطهران».
.. المساعى العربية والإسلامية ومن دول باتت لها علاقات اتفاقيات وتعاون مختلف الجوانب، أظهر حاجة المنطقة إلى قوة فى الحوار القانونى والأمنى، مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، عدا عن الأردن ومصر وقطر والإمارات والسعودية، الصراع ينحاز لصاع دولة الاحتلال، التى قد تكون حربها «السيوف الحديدية»، حالة من الصراع الدامى، وتأطير أزمة فى فلسطين المحتلة تشمل الدمار والعنصرية والتجويد وربما المذابح، التى تأكل الأخضر واليابس، وهذا ضمن واقع ان الدبلوماسية العربية وجهود المجتمع الدولى، تذهب مهب الرياح الساخنة المقبلة على المنطقة والإقليم. 
.. هنا لنتامل ما يخطط له الصهيونى المتطرف نتنياهو، الذى يسعى للانتقام فى ظل هزيمة لفرض سياسة الحصار والتجويع على غزة. وتحدثت وسائل إعلام اسرائيلية عن أن الوزيرين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، طالبا بتدمير حكم «حماس» بالكامل. ولكن نتنياهو رفض ذلك متسائلًا: «هل تقترحون أن نحكم نحن فى غزة أو نقدم هذا الحكم هدية لأبومازن؟ وما هو الأفضل، أليس جعلهم يحكمون ويجوعون؟ يحكمون شعبًا لا يرى نور الكهرباء، ولا يجد الوقود لإعداد الطعام، هذا إن وجد مصدرًا للحصول على الغذاء»، حسبما تناقلته وكالات الأنباء الدولية. 
* قرار المقاومة.. حماس داخل اللعبة من جديد 
فى تحليل المؤشر الأول، ومنذ ان اندلعت الاشتباكات العنيفة، مع صباح السبت الماضى، بين المقاومة الفلسطينية، تحديدًا حركة حماس، وقوات الإحتلال الإسرائيلى من نقطة صفر شمال قطاع غزة، حيث تمكّن المقاومون من السيطرة على 3 مستعمرات للاحتلال الصهيونى ضمن مستوطنات غلاف غزة.
.. دخول حماس، مبرمج منذ فترة، تحذيرات وجولات مكوكية لقادة حماس شملت سوريا وإيران وتركيا وروسيا ولبنان.. ومع التوقيت، الصدمة، أو اليوم الأسود، حقق الدمار على جيش الاحتلال، فى يوم السبت، وتمكنت عناصر من المقاومة الفلسطينية من الدخول إلى مستوطنات الاحتلال فى غلاف غزة، حيث وقعت اشتباكات من نقطة صفر، وبدء عملية «طوفان الأقصى» ضد الاحتلال الإسرائيلى، وأعلنت المقاومة من طرفها أنه: «بدءًا من اليوم ينتهى التنسيق الأمنى»، مخاطبة أهالى القدس المحتلة طالبة منهم «طرد المحتلين وهدم الجدران».
.. فى دلالات المؤشر، أن التاريخ فى هذا الصراع خرج عن يد القوى الدولية والأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها، فقد كانت دولة الاحتلال الإسرائيلى المتطرفة، تقف، بشكل متعمد، على حصارها الدامى على غزة منذ أن سيطرت حركة حماس، على غزة منذ عام 2007، وبعد انسحاب الاحتلال.. وفى رؤية الأحداث المتتالية، خاض العدوان اللدودان «حماس وإسرائيل المحتلة» أربع حروب مشهود طويلة، عدا عن الحروب الصغيرة، وفى مشهد، شارك فيه المجتمع الدولى بالصمت والمهادنة الانحياز لدولة الاحتلال، أدى حصار غزة، الذى يقيد حركة الأشخاص والبضائع من وإلى غزة، إلى تدمير اقتصاد القطاع الفقير، المدمر نتيجة مآسى الحروب، ذلك أن الاحتلال الإسرائيلى، يضع المجتمع الدولى والولايات المتحدة وأوروبا فى مغالطات سياسية قانونية عنصرية، وإن الحصار ضرورى لمنع الجماعات المسلحة من بناء ترساناتها، فيما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى ما يقول الفلسطينيون إن الإغلاق يرقى إلى مستوى العقاب الجماعى، بما فى ذلك محاولات توقيف دعم واستمرار وكالة أونروا. 
*.. الذراع الدامى الجريح. 
فى الأثر، ما جاد به الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش:
سقطت ذراعك فالتقطها
واضرب عدوك لا مفر
وسقطت قربك فالتقطنى
واضرب عدوك بى
فأنت الآن حرُ 
وحرُ وحرُ
قتلاك أو جرحاك فيك ذخيرة 
.. فاضرب عدوك لا مفر
أشلاؤنا أسماؤنا
حاصر حصارك بالجنون
وبالجنون وبالجنون
ذهب الذين تحبهم، 
ذهبوا 
فإما أن تكون..
أو لا تكون. 
.. لعل علينا، فى هذه المعركة أن ننظر حولنا، القادم، ضمن مؤشرات المرحلة تتعاظم، فى واقع عالمى ودولى يرزخ تحت أزمة ماحقة تغطى ذل العالم عبر حرب روسيا وأوكرانيا، وسلاسل الوقائع والنتائج التى تغلف مستقبل البشرية، قضيتنا موقف وعمل مشترك.