رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توابع قرار "موديز".. خبراء اقتصاديون: إجراء روتينى معتاد.. وستعاود رفعه خلال الفترة المقبلة

موديز
موديز

قال محمد عبدالعال، الخبير المصرفى، إنه نادرًا ما تُخفض وكالة تصنيف دولية التصنيف الائتمانى لدولة ما مرتين فى أقل من عام، لكن هذا ما فعلته «موديز»، التى تعد وكالة التصنيف الائتمانى الدولية الأشهر.

وأضاف «عبدالعال» أن ما فعلته «موديز» أصابه بالدهشة لسببين، أولهما أن «موديز» ذاتها كانت عادلة حينما أرسلت رسائل الطمأنة والتفاؤل، واختارت النظرة المستقبلية لمصر عند «مستقرة».

وواصل: «ثانى هذه الأسباب أن معظم دول العالم خاصة الناشئة، تعرضت أو تتعرض لمثل هذا الإجراء الروتينى بين الحين والآخر، وليس هذا انحيازًا لمصر، فمعظم الدول، المتقدمة أو النامية معرضة لذات درجات التخفيض فى جدارتها الائتمانية، نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التى لم تكن متوقعة، ويتعاظم تأثيرها السلبى يوميًا، ولا يخفى على أحد تحسن الأوضاع الاقتصادية فى مصر ودول العالم، وهو أمر مرهون بوقف هذه الحرب».

وأكمل: «حين نعود إلى تقرير (موديز)، نجد أن الوكالة ارتأت تخفيض درجة التصنيف السيادى المصرى للعملات الأجنبية والمحلية طويلة الأجل بمقدار درجة واحدة من B٣ إلى CAA١، مع نظرة مستقبلية مستقرة».

وتابع: «وبالطبع تكون الأسباب التى دعتها لهذا التخفيض هى ذات الأسباب المتكررة والمعروفة وتتداولها الوكالة وباقى مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية، وتنحصر فى انخفاض حجم الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية، وارتفاع فجوة السيولة بالنقد الأجنبى، وبالتالى انخفاض قدرة الدولة على امتصاص الصدمات الخارجية، وزيادة صافى مراكز الالتزامات بالنقد الأجنبى، وعدم مرونة سعر الصرف، وتولد مخاوف عن عدم قدرة الدولة على خدمة الدين الخارجى».

وشرح الخبير المصرفى: «حقيقة الأمر أن كل تلك الدوافع معروفة ومعلنة، وهى أمور طبيعية ومتوقع حدوثها فى جميع الدول التى عانت وتعانى صدمتى جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية».

وأضاف: «رغم التوقيت المفاجئ لإعلان وكالة (موديز) عن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر، يتعين علينا أن نشير إلى أن هناك عوامل مطمئنة ومتفائلة تذكرها الوكالة دائمًا فى طيات تقاريرها، من أهمها أن الحكومة تسير قدمًا فى برنامج الإصلاح الهيكلى، وتحوله إلى نموذج مستدام لتوليد تدفقات رأسمالية مستدامة من العملات الأجنبية غير مرتبطة بالديون، كما أنه من المتوقع أن يساعد برنامج الطروحات فى مواجهة متطلبات خدمة الدين الخارجى».

واختتم بقوله: «فى النهاية يمكن القول إن وكالة (موديز) أحسنت حينما أقرت النظرة المستقبلية المستقرة وليست السلبية، الأمر الذى يُوازن من مخاوف التخفيض درجة واحدة على سلم درجات التصنيف، حيث يكون الأثر السلبى محدودًا على الأنشطة الاقتصادية المختلفة خاصة على القطاع المصرفى، ولكونها أيضًا كانت متوقعة وجرى امتصاص تأثيرها من قبل، وأثق أن (موديز) ستعاود رفع التصنيف الائتمانى لمصر فى أقرب وقت ممكن».

ورأى الدكتور أحمد السيد، الخبير الاقتصادى، أن التخفيض كان متوقعًا، لأن مؤسسات التقييم ربطت تقييمها بإجراء مراجعة صندوق النقد الدولى، والتى تأخرت بسبب رفض مصر بشكل قاطع إحداث خفض جديد فى سعر الصرف، نظرًا لتقدير الدولة لعدم جدوى الخفض الجديد دون وجود حصيلة دولارية.

وقال «السيد»: «الرفض المصرى تخفيض قيمة الجنيه مبنى على رؤية واضحة، لأن المؤسسات والجهات الدولية قبل التخفيض الأول فى ٢٠١٦ منحت مصر السيولة الدولارية اللازمة للسيطرة على السوق السوداء، لذلك اختفت السوق السوداء خلال أيام معدودة، لكن هذه المرة تضغط لإجراء تخفيض دون وجود سيولة، وهو أمر يتنافى مع أى منطق، حيث جرى إجراء ٣ تخفيضات بالفعل ولم تأتِ بنتيجة لتوحيد سعر الصرف، وبالتالى ليس من المنطقى المطالبة بإجراء تخفيض جديد».

وأضاف الخبير الاقتصادى: «رغم عدم حدوث أى اختلاف فى أداء الاقتصاد المصرى منذ إصدار التصنيف الائتمانى الأخير، جاء هذا التخفيض، وهو أمر يثير الشكوك حول منهجية التقييم التى تتبعها تلك المؤسسات، لأن الأصل أن يكون التقييم مرتبطًا بأداء الاقتصاد، وليس الالتزام بمراجعة صندوق النقد من عدمه».

وأفاد بأن هذه ليست المرة الأولى التى يتراجع فيها التصنيف الائتمانى لمصر، بل وصل إلى مستوى أقل من ذلك بكثير وهو «CCC+» فى مايو ٢٠١٣، ثم عاود بعد نوفمبر ٢٠١٣ الصعود إلى «B»، ولذلك لا يجب القلق من خفض التصنيف، لأنه سيتغير فى القريب العاجل مرة أخرى بمجرد استقرار سعر الصرف.

وواصل: «كما أن النظرة المستقبلية المستقرة تعنى أن مراجعة التقييم المقبلة لا يمكن أن تشهد تخفيضًا جديدًا، ما يعطينا مساحة حتى أغسطس المقبل، قبل إجراء أى تخفيض جديد».

وشدد على أن تأثيرات الخفض محدودة بشكل كبير، لأن أهم ما يؤثر عليه التصنيف قدرة الدولة على الاقتراض من الخارج، وهذا الأمر متوقف بالفعل لغالبية الدول النامية منذ فترة، نظرًا للارتفاع القياسى لأسعار الفائدة العالمية، وبالتالى لا تنوى مصر الاقتراض خلال الفترة القليلة المقبلة، وقد يؤدى ذلك إلى انخفاض فى أسعار السندات المصرية فى الخارج، لكن هذا الأمر غير مؤثر على الاقتصاد أو الموازنة العامة للدولة، ولكن تأثيره يقع على المستثمرين بشكل أكبر.