رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توابع قرار "موديز".. "النواب": جاء بعد رفض القيادة السياسية تحرير سعر الصرف على حساب المواطن

النائب مصطفى سالم
النائب مصطفى سالم

قال النائب مصطفى سالم، وكيل لجنة «الخطة والموازنة» بمجلس النواب، إن قرار وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى خفض تصنيف الاقتصاد المصرى درجة واحدة، مع «نظرة مستقبلية مستقرة»، لا يمكن تجاهله، لأن ما يصدر عن مؤسسات التصنيف المالية العالمية يتحكم فى إمكانية الحصول على التمويلات والقروض التى يحتاجها أى اقتصاد، خاصة فى الدول النامية.

وأضاف «سالم»: «غالبية مؤسسات التصنيف تابعة لجهات غربية، ومعاييرها كلها معتمدة على الفلسفة الرأسمالية لإدارة الدول والاقتصادات، ولا تعطى وزنًا لتطور العلاقات مع الاقتصادات الأخرى، مثل الصين وروسيا والهند، وغيرها».

وواصل: «تعتمد مؤسسات التصنيف بشكل كبير على توقعات مستقبلية للمحللين العاملين بها، الذين يغلب عليهم تعظيم التأثير السياسى الرأسمالى من وجهة نظرهم على الاقتصاد، مثل الدعم المتوقع من دول الخليج، ومستوى العلاقات مع الولايات المتحدة، والنفور من الميل فى اتجاه الصين وروسيا، وغيرها من الملفات التى بها كثير من الخلط بين حقائق الواقع والتنبؤات ووجهات النظر المستقبلية، التى قد تصدق وقد لا تصدق».

وأكمل: «منذ أكثر من عام وتلك المؤسسات تخفض تصنيف الاقتصاد المصرى، وتعطى نظرة سلبية عن سداد مصر التزاماتها الدولية والمحلية، وبالرغم من ذلك لم يصدق أى توقع منها، بل بالعكس نرى على أرض الواقع مؤشرات عكسية، مثل سداد مصر جميع أقساط القروض وفوائدها المستحقة فى مواعيدها، فهى لم تتخلف عن سداد أى التزام عليها، وهذا عكس التوقعات تمامًا».

وأشار إلى تزايد احتياطى مصر من النقد الأجنبى حتى تخطى ٣٤ مليار دولار، رغم التوقعات السلبية حول ذلك، بسبب قدرة الحكومة على اتخاذ إجراءات عديدة لتوفير حماية اجتماعية للطبقات الأكثر تضررًا من موجات التضخم المتتالية، رغم التكلفة الباهظة لتلك البرامج، وآخرها ما وجه به الرئيس عبدالفتاح السيسى، قبل أسابيع، من زيادات للأجور والمعاشات، فمن أين استطاعت الحكومة تدبير تلك التمويلات الكبيرة إذا كانت المالية المصرية متعثرة بشكل كبير كما تدعى تلك المؤسسات؟

وقال وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب: «لم يحدث أن اختفت السلع من الأسواق أو عجزت الدولة عن استيراد ما يلزم من احتياجات لـ١٠٥ ملايين مواطن، ومعهم أيضًا نحو ١٠ ملايين أجنبى يقيمون على أرضها، إضافة إلى استيراد معظم مستلزمات الإنتاج اللازمة للصناعة والزراعة وغيرها، فهل نستهين بتلك القدرات وندعى أنها ليست واقعًا نعيشه؟». وأضاف: «كل المؤسسات الدولية، بل الإقليمية، تضغط على مصر لتخفيض قيمة الجنيه مرات عديدة ومتتالية، وهى تعلم جيدًا أن هذا الإجراء كفيل بسحق السواد الأعظم من الشعب المصرى، وأن كل تخفيض للجنيه سيتبعه تخفيض آخر إلى ما لا نهاية، ومع كل تخفيض تزداد صعوبة الحياة للمصريين ويزداد عجز موازنتها».

وتساءل «سالم»: «هل نجحت التخفيضات السابقة فى كبح جماح التضخم أو زيادة تدفق الأموال والاستثمارات؟»، مضيفًا: «ربما كان الهدف من ذلك هو دفع مصر وشعبها إلى منزلق لا ينتهى من العجز الاقتصادى وغلاء الأسعار لبث روح الانهيار والفشل، ودفع الناس بشكل خبيث إلى تخريب ما أنجزوه، والتصارع فيمن بينهم على لقمة العيش، وهو ما رفضته القيادة السياسية رفضًا قاطعًا، لعلمها وحكمتها ووعيها بما يدبر ويحاك لهذا البلد وشعبه الطيب».

وشدد على أن الاقتصاد المصرى استطاع، بالرغم من تحذيرات تلك المؤسسات المتشائمة، أن يستمر فى النمو بنسبة تصل إلى ٥٪، وخلق مزيد من فرص العمل، والاستثمار فى مشروعات ضخمة تسهل على المواطن انتقالاته واتصالاته وتعليمه وصحته، وذلك بعكس توقعات تلك المؤسسات التى كانت تتوقع أن أجهزة الدولة ستعجز عن توفير القوت الضرورى، وستوقف عجلة الإنتاج وتجمد مشروعاتها، ولكن ذلك لم يحدث، فهل صدقت تلك الموسسات فى توقعاتها على مدار عام كامل مضى؟

وقال «سالم»: «العجيب أن تلك المؤسسات تعلم جيدًا الأثر المدمر لقرارات الفيدرالى الأمريكى بالرفع المتتالى للفائدة لديهم على الاقتصادات الناشئة فى العالم ومنها مصر، وكذلك التأثير المدمر أيضًا لاستمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا بقرار أمريكى صريح، ولكن لا تجرؤ تلك المؤسسات على إلقاء اللوم على الفاعل الحقيقى، بدلًا من ابتزاز دول العالم النامية التى تكافح لتحمى أوطانها من الانهيار وشعوبها من الفقر والعوز.

واختتم: «لا يخفى على أحد توقيت خلق تلك المشكلات والعمل نحو زيادة التحديات أمام مصر من البوابة الأضعف، وهى بوابة الاقتصاد الذى يحاول التعافى، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، ربما أملًا منهم فى فرض واقع مختلف ومسار يتم رسمه بدقة لخدمة أهداف لا علاقة لها بالاقتصاد أو الاستثمار، ولكن ما جرى بدول وشعوب المنطقة يجعلنا ننظر ونفكر ولا ننساق وراءهم ليفعلوا بنا ما فعلوه بغيرنا».

من جهته، قال الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة «الخطة والموازنة» بمجلس النواب، إن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر من بعض وكالات التصنيف الدولية أمر تعرض له العديد من الدول التى تعانى تداعيات الأزمة العالمية، مشيرًا إلى أن «مصر تعد واحدة من ٤٥ اقتصادًا ناشئًا، يعانى الضبابية وعدم اليقين بسبب هيمنة الدولار».

وأضاف: «موديز حددت النظرة المستقبلية لمصر عند مستقرة؛ بسبب انضمامها إلى تكتل دول (بريكس)، وتفاوض دول التكتل فى الوقت الحالى للتداول فيما بينها بالعملات المحلية».

وواصل: «سبق أن تم تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر منذ ما يقرب من ٣ أشهر، وهو أمر يوضح أن هناك مخاطر تحيط بالاقتصاد المصرى فى الوقت الراهن، ويترتب عليها تحسب المستثمر وعزوفه عن ضخ استثمارات جديدة، ولكن رغم ذلك الأمور مستقرة، وهو ما تعكسه (النظرة المستقبلية) التى وضعتها (موديز)».

وأتم بقوله: «الدولة المصرية تبذل مجهودًا جبارًا لتخفيف الضغط عن الجنيه، عبر تقليل الطلب على الدولار، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات مع شركاء التنمية الإقليميين والدوليين، إلى جانب اتفاق تمويل مع البنك الدولى لمدة ٥ سنوات بقيمة ٧ مليارات دولار للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى عضوية (بريكس)». ورأى عمرو القطامى، أمين سر لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن خفض التصنيف الائتمانى لمصر من قبل بعض المؤسسات الدولية محاولة لوضع الدولة المصرية فى مأزق، وتشويه الصورة التى تسعى القيادة دائمًا للوصول إليها، خاصة بعد الإعلان عن عدم التزامها بتوصيات تخفيض سعر الصرف، بسبب التبعات السلبية لهذا القرار على المواطن.

وقال «القطامى»: «القيادة السياسية ضحت بتجميل الشكل الاقتصادى، وقررت عدم تحرير سعر الصرف مجددًا، لأن كل ما يشغلها هو المصريون البسطاء، وكان عليها الاختيار بين التصنيف ومصلحة المواطن».

وأضاف: «مصر تواجه حربًا غير مبررة فى الفترة الحالية، رغم أنها تعانى مما يعانى منه جميع دول العالم، بما فيها الدول الكبرى، ومع ذلك، مصر ما زالت حريصة على تطبيق وتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية، التى تزداد مع الوقت حتى تشمل جميع الفئات الأولى بالرعاية والاهتمام».

وشدد «القطامى» على أن «اقتصاد مصر فى تطور وتقدم، رغم الأزمات، خاصة أن الدولة حريصة على تطوره وتقدمه»، مشيرًا إلى أن «تخفيض التصنيف الائتمانى قد تكون له آثاره السلبية، لأنه سيرفع من قيمة فوائد القروض التى حصلت عليها مصر، أو التى قد تحصل عليها مستقبلًا».

وأكمل: «أملنا كمصريين الوصول لاقتصاد قوى يواجه تلك التحديات، والشكر للقيادة السياسية والدولة المصرية التى قررت الحفاظ على مصالح البسطاء».