رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد رمزى يروى للكواكب حكاية قلمه "الباركر" وكيف عثر وزير المواصلات عليه

أحمد رمزي
أحمد رمزي

أحمد رمزي، والذي غادر عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 2012، يعد واحدًا من أبرز نجوم السينما المصرية في النصف الثاني من القرن العشرين. 

 

تميز بخفة الظل والوسامة، وقدم عددًا كبيرًا من الأفلام السينمائية، من أبرزها: أيامنا الحلوة، لا تطفئ الشمس، القلب له أحكام، إحنا التلامذة، بنات اليوم، ثرثرة فوق النيل، الحب تحت المطر، البحث عن فضيحة، حكاية العمر كله وغيرها الكثير.

 

   - كلية فيكتوريا وأيام تلمذة أحمد رمزي

وفي عددها الــ275، والصادر بتاريخ 1956، نشرت مجلة "الكواكب" الفنية، قصة طريفة بقلم الفنان أحمد رمزي، عن قلمه "الباركر"، وكيف كان يحلم بالحصول على واحد، وبالفعل حصل عليه هدية من والدته على تفوقه الدراسي.

 

يقول "رمزي": أذكر قصة طريفة حدثت لي وأنا في سن العاشرة، فقد كنت في القسم الداخلي من كلية فيكتوريا، شأني شأن كل الغرباء عن الإسكندرية، وكانت إدارة الكلية تقدر صغر سننا وتسير على سياسة مرسومة لكي لا تحرمنا من رؤية ذوينا، ولكي ترينا معالم القاهرة في رحلات لا تنقطع، وقد كنت على اتفاق مع أمي، وهو أن أحصل على هدية منها كلما مرت بي فترة مدرسية كان ترتيبي فيها الأول.

 

 وأعترف أنني كنت أحصل على هذا الترتيب بالسهر الطويل، وتجاوز ساعات الاستذكار المحددة، من أجل الهدية وليس من أجل المجد ذاته.

 

-قلم "باركر" هدية تفوق أحمد رمزي

ويمضي الفنان أحمد رمزي في حديثه عن السر وراء تفوقه الدراسي: كانت الشهادة قد وصلت لأمي ذات مرة، فأرسلت تقول لي إنها سرت بها، وأنها تعد لي مفاجأة عظيمة في أول مرة أذهب فيها إلى القاهرة. 

 

وكانت كلية فيكتوريا تحجز لنا عربة خاصة في السكة الحديدية نذهب فيها إلي القاهرة ونعود. وعمري ما اشتقت لرؤية القاهرة مثلما اشتقت إليها وأنا أعلم أن الجائزة تنتظرني. وكانت المفاجأة عظيمة حقًا، كانت قلم باركر.

 

ويستطرد "رمزي": كانت الأقلام الباركر الثمينة وقفًا على أولاد الوزراء والأمراء من زملاء المدرسة، أما أنا ابن الطبيب فما كنت أتطاول إلى أن أتساوي بهم في ميدان الباركر، ولهذا سررت سرورًا عظيمًا، ورحت أرسم في رأسي كيف سأدعو لقلمي، وكيف سأجعل المدرسة كلها تعرف قيمته وتعرف جيدًا أن "مفيش حد أحسن من حد".

 

- يا فرحة ما تمت 

وودعتني أمي على المحطة، وازدادت قبلاتي لها في هذه المرة بعد عملية "التقييم" التي صنعتها بهذا الباركر التحفة. ونفذت الخطة في القطار فأخرجت كراسة لأكتب فيها، ولم يكن قصدي الكتابة وإنما كان قصدي أن يري التلاميذ قلمي، وقد كان ورأوه وأحدث ضجة، ولم تبق إلا الضجة التي أريدها له بين تلاميذ الإسكندرية. ولكن حدث عند مدينة طنطا ما بدد فرحتي.

 

- قلم أحمد رمزي الباركر يسقط على القضبان

كان هناك عدد كبير من القرويين يسيرون في قافلة وهم يركبون ظهور البقر والجاموس، وكنت أنا ابن الذوات إلى ذلك الحين لم أشاهد هذا المنظر بأصالته وروعته، فجعلت أتأمله في شغف وقد أخرجت نصف جسدي تمامًا من شباك القطار، وفجأة سقط القلم من جيبي، سقط والقطار يسير بأقصى سرعته، وخُيل إلي أنني فقدت كل شىء. صرخت في المشرف أن يوقف القطار، فقال لي إن هذا محال، وسارعت فسجلت رقم الكيلو في ورقة وقلت للمشرف: والله لازم أجيبه، أنا حارجع من أول محطة وأجيب القلم وأحصلكم.

 

- هل عثر وزير المواصلات على قلم أحمد رمزي الباركر؟

ويمضي الفنان أحمد رمزي في قص حكاية قلمه الباركر: ما كدت أصل إلى الإسكندرية حتى كتبت خطابًا إلى أمي، قلت لها فيه إنني فقدت الباركر وحددت لها الكيلو الذي فقدت الباركر عنده، وطلبت منها أن تتصل بوزير المواصلات وتطلب منه أن يوقف أول قطار يصل الإسكندرية على هذا الكيلو ويبحث السائق عن قلمي ويسلمه لي.

 

وقد كنت أعرف أن وزير المواصلات أحد أقرباء أبي، ولهذا عولت على أن أستنجد به، وكنت أعرف أن أمي لن تتواني في تنفيذ مطلبي. وكنت كلما سألني أحد زملائي عن القلم قلت له في عجرفة وكبرياء: "وزير المواصلات حايدور عليه". وسرت حكاية وزير المواصلات الذي سيبحث لي عن قلمي، وصدقها البعض من أولاد الذوات، أما الآخرون فقد كانوا يأخذونها مأخذ السخرية. ثم حدث ما لم يكن في حسباني، كنت أتوقع أن يتأخر القلم أسبوعًا أو أسبوعين، أو يصلني خطاب تقول فيه أمي إن وزير المواصلات بحث عن القلم ولم يجده، ولكني تلقيت ذات يوم طردًا صغيرًا فتحته فإذا فيه قلم باركر، وقد قالت أمي في خطاب وضعته في الطرد الصغير إن وزير المواصلات قد وفق في البحث عن القلم.

 

وانتشرت القصة في الكلية بسرعة البرق، وحملت الباركر في جيب السترة الخارجي في كبرياء وعنطزة بعد أن وجده لي الوزير، الوزير شخصيًا حسب آخر تطور للقصة. بعد ثلاثة أعوام كبر مني العقل وصار لي منطق أناقش به وأقنع وأقتنع. بعد ثلاثة أعوام قالت لي أمي إنها اشترت قلمًا بدل الذي فقد، لأنه من غير المعقول أن يبحث وزير المواصلات عن قلم، حتى لو كان هذا القلم باركر بجلالة قدره.