رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن الغذائى العربى

لبحث «قضية الأمن الغذائى العربى.. والتمويل»، اجتمع وزراء الزراعة العرب وممثلو مؤسسات التمويل والاتحادات والقطاع الخاص، بمقر جامعة الدول العربية، فى القاهرة، أمس الأول، بناءً على دعوة، وبرئاسة أحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة، الذى ركز فى كلمته على أن عائق التمويل حال دون تنفيذ خطط عديدة، كان آخرها استراتيجية التنمية الزراعية العربية، التى اعتمدتها قمة الجزائر، فى نوفمبر الماضى.

التقرير الأحدث لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، «الفاو»، أشار إلى أن ٢٩.٦٪ من سكان العالم، أى حوالى ٢.٤ مليار نسمة، عانوا انعدام الأمن الغذائى، بشكل معتدل أو حاد، خلال سنة ٢٠٢٢، ارتفاعًا من ١.٧٥ مليار سنة ٢٠١٥. كما أكد التقرير أن العالم لم يشهد، منذ سنة ٢٠١٦، أى تحسن نحو هدف خفض هدر الغذاء إلى النصف، مشيرًا إلى أن «التحدى الجماعى الذى يواجهنا هو تعزيز الشراكات الطموحة ومتعددة القطاعات لمعالجة الجوع والفقر بشكل فعال، وخفض الحاجات الإنسانية على المدى الطويل».

عربيًا، ولكون دول المنطقة من أكثر الدول استيرادًا للغذاء، فى العالم، أظهر وباء كورونا، ثم الأزمة الأوكرانية، خطورة الاعتماد على سلاسل الإمداد العالمية، خاصة فى الحبوب، التى تمثل نصف فجوة الغذاء العربية. وعليه، شدّدت مصر، بلسان رئيسها، أمام الدورة السابقة للجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة السابعة والسبعين، على ضرورة التعامل مع أزمة الأمن الغذائى، وطرحت استراتيجية متكاملة تستهدف أسبابها الجذرية، تقوم على تطوير نظم الزراعة والغذاء المستدامة، وتلبية الاحتياجات العاجلة للدول النامية، وضمان مشاركة منتجاتها فى سلاسل الإمداد دون عوائق. واستنادًا إلى موقعها الجغرافى الفريد، أعلنت عن استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولى من أجل إنشاء مركز دولى لتخزين وتوريد وتجارة الحبوب، على أرضها.

فى هذا السياق، أو استمرارًا لهذا التوجّه، استعرض السيد القصير، وزير الزراعة، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع الثلاثاء، تجربة مصر فى زيادة رقعتها الزراعية، وتحسين إنتاجية المحاصيل الاستراتيجية عبر استنباط سلالات ذات إنتاجية عالية وتتحمل التغيرات المناخية. ثم أشار إلى أن «قطاع الزراعة فى المنطقة العربية ما زال يواجه الكثير من التحديات، منها ما هو متعلق بالشح المائى، والتصحر وتدهور الأراضى، ونقص العمالة المدربة، والتكنولوجيات الحديثة، إضافة إلى التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية». وشدد على «أهمية التكامل الزراعى العربى المشترك للتغلب على تلك المشكلات والقضاء عليها مع تعزيز التجارة البينية، وتوجيه الاستثمار، وتوفير التمويل المحفز والميسر للنهوض بالقطاع الزراعى».

الدولة المصرية، كما قال وزير الزراعة، وكما يؤكد الواقع، تسعى مع أشقائها العرب إلى تحقيق قدر كبير من التكامل ودعم البنية التحتية واللوجستيات، بهدف توفير الغذاء الآمن والصحى والمستدام مع تدعيم بناء أنظمة زراعية وغذائية أكثر صمودًا وأكثر استدامة. ومع تشديده على ضرورة التكامل الزراعى العربى وتعزيز التجارة البينية بين دولنا العربية وتوفير التمويل المحفز والميسر للنهوض بالقطاع الزراعى، أشار القصير، أيضًا، إلى أهمية تهيئة البنية التحتية وتطبيق التكنولوجيات الحديثة والممارسات الزراعية الجيدة لتقليل الهدر والفاقد فى المحاصيل مع رفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية المتمثلة فى الأرض والمياه. كما طالب بإنشاء مخازن استراتيجية لدعم احتياطى الأمن الغذائى العربى كإطار للعمل الإنسانى والتنموى.

أيضًا، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن «تقليص فجوة الغذاء العربية يتطلب حتمًا تفعيل آلية تمويل تضمن تدفق رءوس الأموال بشكل دائم، وتشجع الاستثمار فى المشروعات المستدامة، التى تهدف إلى رفع القدرات العربية فى مجالات الطاقة النظيفة والزراعة الذكية». وأشار إلى أهمية أن تستفيد الدول العربية من النقاش الحالى حول إصلاح النظام المالى العالمى، للمطالبة بإصلاحات تمكنها من الحصول على تسهيلات مالية ضرورية وقروض مُيسرة موجهة لرفع قدراتها فى مجال إنتاج السلع الغذائية الأساسية ومدخلاتها.

.. وتبقى الإشارة إلى أن ملف الأمن الغذائى سيظل مطروحًا على أجندة العمل العربى المشترك خلال الفترة المقبلة، وسيكون على رأس أولويات الدورة الخامسة من القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية، المقرر أن تستضيفها موريتانيا فى ٧ نوفمبر المقبل.