رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إن عاش اقتصاد أوكرانيا!

 

اللقاء الذى جمع الرئيسين الأمريكى جو بايدن والأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، ومستشاريهما، الخميس الماضى، فى البيت الأبيض، لم يركز فقط على الحزمة الجديدة من المساعدات العسكرية، التى تشمل أنظمة دفاع جوى، بل تناول، أيضًا، «الجهود المبذولة لزيادة قدرة أوكرانيا على توليد الطاقة ونقلها»، والتقى خلاله زيلينسكى، للمرة الأولى، الممثلة الأمريكية الخاصة لإنعاش الاقتصاد الأوكرانى!.

كان الرئيس الأمريكى قد أعلن، منتصف الشهر الجارى، عن تعيين بينى بريتزكر «ممثلة خاصة لإنعاش الاقتصاد فى أوكرانيا»، وقال إن مهمتها ستكون حشد الاستثمارات العامة والخاصة، من الولايات المتحدة والدول الشريكة، وتحديد أولويات المانحين، وفتح أسواق التصدير والشركات التى اضطرت للإغلاق، والعمل مع الحكومة الأوكرانية على إجراء الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى!.

تبلغ ثروة «بريتزكر»، Penny Pritzker، حسب مجلة «فوربس»، ٣.٣ مليار دولار، وتحتل المركز رقم ٨٩٩ بين أغنى أغنياء العالم. وكانت أبرز جامعى التبرعات لحملتى بايدن والرئيس الأسبق باراك أوباما، وشغلت فى ولاية الأخير الثانية، تحديدًا بين عامى ٢٠١٣ و٢٠١٧، منصب وزيرة التجارة. وبالمصادفة، وجدنا أنها كانت قد أشادت، فى مثل هذا اليوم، منذ سبع سنوات، أى فى ٢٤ سبتمبر ٢٠١٦، بـ«تصاعد نسق الإصلاحات الاقتصادية الكبرى» فى تونس، وأكدت حرصها على تعزيز العلاقات الثنائية والمبادلات التجارية بين البلدين، وشددت على دعم الإدارة الأمريكية للحكومة التونسية، التى كانت وقتها تحت سيطرة الإخوان.

تحتاج أوكرانيا، بتقديرات البنك الدولى، إلى أكثر من ٤٠٠ مليار دولار للتعافى وإعادة الإعمار. وبرغم عشرات المليارات المتدفقة من الغرب على كييف، منذ بداية الأزمة وقبلها، وقرار صندوق النقد الدولى بمنحها ١٥.٦ مليار دولار، فى إطار حزمة دولية قيمتها ١١٥ مليار دولار، فإن الدين العام ارتفع بصورة ملحوظة، وزاد العجز المالى بسبب ضخامة الإنفاق الدفاعى والأمنى الإضافى. وفى تقرير نشرته، مؤخرًا، قالت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إن الخطوة الأولى لإعادة بناء الاقتصاد الأوكرانى هى مكافحة الفساد. كما كان لافتًا أن يركز البيان الصادر عن البيت الأبيض، عقب لقاء الرئيسين، على قيام زيلينسكى باستعراض خططه لمعالجة الفساد فى بلاده، وتشديد بايدن على ضرورة وجود مؤسسات أوكرانية قوية ومستقلة لمكافحة الفساد!.

جاء فى بيان البيت الأبيض، أيضًا، أن الرئيس بايدن أعاد التأكيد على أن الولايات المتحدة ستواصل دعم دفاع أوكرانيا عن نفسها فى وجه الاعتداء الروسى، مهما استغرق الأمر. وأن الولايات المتحدة تلتزم بتعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية على المدى الطويل، من خلال الشراكات مع القاعدة الصناعية الدفاعية فى أوكرانيا. ولتحقيق هذه الغاية، تستضيف الحكومة الأمريكية مؤتمرًا هذا الخريف يجمع بين صناعة الدفاع الأمريكية وقادة الأعمال الأوكرانيين ومسئولين من الحكومتين لاستكشاف خيارات المشاريع المشتركة والإنتاج المشترك.

كان لافتًا، كذلك، أن الإدارة الأمريكية لم تدرج الصواريخ طويلة المدى، المعروفة باسم «أنظمة الصواريخ التكتيكية» أو «ATACMS»، التى طلبتها أوكرانيا، منذ أشهر، فى حزمة المساعدات الجديدة. وهى صواريخ قادرة على ضرب أهداف داخل الأراضى الروسية. غير أن القرار «ما زال مطروحًا على الطاولة فى المستقبل»، طبقًا لتصريحات جيك سوليفان، مستشار الأمن القومى الأمريكى، الذى قال إن الرئيس بايدن يتناقش باستمرار مع قادة البنتاجون ونظرائه الأوروبيين بشأن ما تحتاجه ساحة المعركة فى كل مرحلة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الأوكرانى غادر الولايات المتحدة متوجهًا إلى كندا، التى وصل إلى عاصمتها أوتاوا فى وقت متأخر من مساء الخميس، وكان فى استقباله جاستين ترودو، رئيس الوزراء الكندى، الذى قال، فى بيان، إن «الشعب الأوكرانى رأس الحربة الذى يحدّد، فى هذه اللحظة، مستقبل القرن الحادى والعشرين»، وأكد أن بلاده ستواصل تقديم «دعم لا يتزعزع للشعب الأوكرانى الذى يناضل من أجل سيادته وديمقراطيته»، و... و... وربما تكون الإشارة، مهمة أيضًا، إلى أن كندا كانت قد تعهدت بتقديم نحو ٩ مليارات دولار لدعم أوكرانيا، من بينها دعم مالى مباشر قيمته ٤.٩٥ مليار دولار!.