رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى مئوية ميلاده .. رأى "الأستاذ" محمد حسنين هيكل فى المثقف ودوره

هيكل
هيكل

"الأستاذ" واحد من الألقاب الكثيرة التي أطلقت على الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل، ويتزامن تاريخ اليوم مع ذكرى ميلاده المئوية.

محمد حسنين هيكل، الجورنالجي، سيد الأرشيف، وأشهر كاتب صحفي مصري خلال القرن العشرين. عُرف بعلاقاته وصلاته الواسعة والعديدة مع رموز السياسة والفكر والفن والثقافة في مصر والعالم العربي والعالم كله.

محمد حسنين هيكل، الشخصية الملغزة، المحيرة، والمثيرة للكثير من الجدل، خاصة فيما يتعلق بعلاقته بالزعيم جمال عبدالناصر، ما زال يقدم ويكتب عنها الكثير حتى يومنا هذا.

ــ هكذا عرف محمد حسنين هيكل المثقف

في كتابه "محمد حسنين هيكل يتذكر.. عبدالناصر والمثقفون والثقافة"، يورد فيه كاتبه الروائي يوسف القعيد الملابسات التي جمعته بالأستاذ هيكل، وكيف أهداه القعيد كتابه "يحدث في مصر الآن"، بعدما أبلغه الكاتب الصحفي محمد سيد أحمد بأن "هيكل" يبلغه تحياته وسلامه، وأن أولى نسخ روايته "الحرب في بر مصر"، كانت نسختها الأولى عقب طبعها في طبعتها الأولى خارج مصر من نصيب الأستاذ الجورنالجي هيكل.

ويلفت "القعيد" إلى أن كتابه "هيكل يتذكر" حوارية طويلة دارت بينه وبين محمد حسنين هيكل، والتي استهلها بسؤال الأخير عن تعريفه المثقف، فقال هيكل: لا بد أن نتفق أولًا على أن من هو المثقف؟، مردفًا: "هناك أولًا المثقف المعطي، وهناك ثانيًا المثقف المتلقي، وهناك ثالثًا المثقف الذي يمكن القول- تقريبًا- إنه متفرغ تمامًا لأن يكون مثقفًا".

ويضيف "هيكل": "المثقف هو الإنسان الذي يستطيع أن يكون لنفسه رؤية وموقفًا من الإنسان بالدرجة الأولي، ومن المجتمع بالدرجة الثانية، ومن الطبيعة والكون بالدرجة الثالثة. وإنه يستطيع أن يعبر عن هذه الرؤية وهذا الموقف برموز الكلمات والألوان والأصوات. إذن المثقف إنسان يستطيع أن يعطي هذه الرموز التي تتضمن رؤيته وموقفه الذي يعبر عن هذه الرؤية".

ويستدرك "هيكل": "لكن هناك مثقفًا آخر وهو الإنسان القادر على تلقي هذه الرموز وفهمها ويستطيع أن يجيد استقبالها". 

ــ هيكل يقدم النشأة التاريخية للفظة "المثقف"

وعن نشأة تعبير المثقف تاريخيًا، يقول محمد حسنين هيكل: "لا بد من الإدراك أن وصف أو تعبير المثقف ليس من التعبيرات أو الأوصاف القديمة المعمرة جدًا، وقد نشأ هذا التعبير تحديدًا مع ظروف الثورة الفرنسية، وليس قبلها. أي أننا نتكلم عن ظروف عصر التنوير، حيث كان هناك من يتكلمون سواء في مجالات الدين أو السياسة أو الفن أو الطبيعة أو الرسم.

يتحدثون عن تعبيرات وطرق فنية ورؤي فكرية. هذا كله لم يظهر- تقريبًا- إلا في ظل عصور التنوير، ولم يتجل سوى في أزمنة النهضة، ولم يظهر الإنسان المتفرغ بوصفه مثقفًا إلا في ظل ظروف ما قبل الثورة الفرنسية، وهم الناس الذين كانوا يتكلمون عن تغيير المجتمع تحديدًا.

لقد ارتبطت فكرة المثقف- بشكل أو بآخر- بعملية تغيير المجتمع، لأن هناك إنسانًا عنده رؤية وتصور، وهناك مجتمع عنده الاستعداد لتلقي هذه الرؤية وذلك التصور.

أتكلم الآن- بصفة عامة- عن المثقف باعتباره صاحب دور فاعل في المجتمع، وهذا الدور متميز عما عداه، وهذا الدور يعود إلى ما قبل ظهور تعبير المثقف، حتى عندما نتكلم عن الأنبياء في العصور التي ظهروا فيها، نكتشف أنهم لعبوا دور المثقف في العصور الحديثة.

ذلك أن الأنبياء- مع ما لهم من قداسة- قد لعبوا في مجتمعاتهم دور المثقف، وذلك من حيث إن عندهم رسالة ورؤية، رسالة يحاولون توصيلها للناس، ورؤية يحاولون تحقيقها.

 

ــ عبدالناصر ودور المثقف في العصر الحديث

وحول مدى انطباق هذا التوصيف للمثقف ودوره في تغيير المجتمع على جمال عبدالناصر، يضيف محمد حسنين هيكل: فعلًا، وإن عدنا إلى الوراء سنجد أن فلاسفة الحضارة الإغريقية قد قاموا بدور المثقف الذي تحقق بعد ذلك، ودور الإنسان الذي لا عمل له سوى أن يرى صورًا معينة، ويرى رؤية محددة، ويدعو إلى تغيير الإنسان والمجتمع والكون في عصره وفي زمانه.

هذا الدور- بالتحديد- أصبح وظيفة مهمة بعد الوصول إلى عصر التنوير، وقيام العلاقة الجدلية بين الإنسان والطبيعة والكون، وتحدد هذا أكثر مع الثورة الفرنسية وارتبط بمثقفي هذه الثورة.