رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ألف خطاب لن يحل الأمر

رجل العواصف لا يزال هنا، بصحبته العواصف ليست موسمية، ولا تتعلق ببدء فصل الخريف، إنها دائمة فى كل فصول السنة، ولا أحد يعرف متى ستهب أو كيف ستنتهى.
نجح رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى إثارة عاصفة قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة، عندما اتهم المتظاهرين ضده بأنهم «أصدقاء لمنظمة التحرير الفلسطينية وإيران».
نتنياهو ذهب إلى أبعد من ذلك، وقال عن الاحتجاجات المتوقعة ضده فى الولايات المتحدة: «لا شىء يفاجئنى، مَن ينظم هذه الوقفة الاحتجاجية يملك أموالًا طائلة. وهذه مظاهرات برعاية وتنظيم وتذهب إلى كل الحدود. لذلك، عندما يذهبون ويفترون على إسرائيل أمام الأمم المتحدة، يبدو ذلك أيضًا عاديًا لهم. هذا ليس طبيعيًا بالنسبة لى، عندما كنت رئيسًا للمعارضة لم أفعل ذلك أبدًا». 
والحقيقة أننى وفى إسرائيل نتذكر أنه عندما كان نتنياهو رئيسًا للمعارضة، اتهمه رؤساء الائتلاف وقت توزيع مقاطع فيديو بالإنجليزية ضد إسرائيل وقالوا إنه يتصرف كـ«أعدائنا».
تصريحات نتنياهو سببت عاصفة كبيرة فى إسرائيل، واحتلت العناوين الرئيسية للصحف الإسرائيلية، وأصبحت عاصفة نتنياهو هى البطل فى رحلته إلى نيويورك.
قال زعيم المعارضة يائير لابيد إنه «لا يوجد شخص دمر صورتنا فى العالم أكثر من نتنياهو فى الأشهر الأخيرة. ولا يوجد شىء يساعد الإيرانيين أكثر من انقلاب حكومته»، كما أشار رئيس معسكر الدولة بينى جانتس إلى تصريح رئيس الوزراء الإشكالى وقال إن «هجوم نتنياهو خطير ويستحق كل الإدانة».
كما رد شانى جرانوت لوفتون، أحد قادة الاحتجاج ضد الثورة القانونية فى نيويورك، على هجوم نتنياهو قائلًا: «هجوم حاد ومثير للاشمئزاز ضد اليهود الأمريكيين، هكذا تتزايد معاداة السامية. إن نتنياهو لا يسفك دماء نصف الإسرائيليين فحسب، بل دماء الجاليات اليهودية الأكثر أهمية فى العالم أيضًا. والمقارنة مع إيران والعناصر الإرهابية خاطئة وقبيحة، حب إسرائيل هو معارضة نتنياهو، آلاف الإسرائيليين واليهود سيظهرون له مدى حبهم لإسرائيل».
لا أعرف لماذا لم يلتفت أحد أن تصريحات المعارضة أيضًا كانت شديدة اللهجة مثل تصريح نتنياهو!
نتنياهو فهم الخطأ الذى وقع فيه، وبعد العاصفة التى أحدثتها كلماته، نشر توضيحًا قال فيه: «عندما استخدم رئيس الوزراء كلمة (المنضمون)، كان يشير إلى حقيقة أنه فى حين أن رئيس وزراء إسرائيل يمثل إسرائيل على مسرح الأمم المتحدة، فالإسرائيليون سيتظاهرون ضده فى نفس الوقت الذى يتظاهر فيه أنصار منظمة التحرير الفلسطينية ومقاطعة إسرائيل، وهو أمر لم يحدث من قبل.
فى إسرائيل لم يهتموا بالتوضيح، واستمروا فى معركة التصريحات، وقالوا إن «ألف خطاب فى الأمم المتحدة» لن يحل الأمر.
بينما العالم ينقلب، والحروب على وشك البدء، والأزمات الاقتصادية تضرب الجميع، إلا أن الإعلام الإسرائيلى لا يزال يضع نتنياهو وتصريحاته فى مركز اهتمامه، يلتقطون له الأخطاء ويضخمونها، وهى مواقف ليست جديدة، لكنها اليوم أكثر وضوحًا مما مضى.
تجاهلوا خطابه أمام منصة الأمم المتحدة، وتجاهلوا لقاءه بقادة وزعماء العالم، لقاءه الأول ببايدن بعد 9 أشهر من تشكيل الحكومة الإسرائيلية، واللقاء مع أردوغان بعد سنوات الهجوم، ولقاء الملياردير الأمريكى «إيلون ماسك»، نسوا كل شىء ولا يزالون يتحدثون عن تصريحه حول المتظاهرين. 
ليس سهلًا تكون نتنياهو فى إسرائيل.. وليس سهلًا أيضًا تكون صحفيًا فى إسرائيل.