رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

* بلينكن فى «جونز هوبكنز»: «قوة الدبلوماسية الأمريكية وهدفها فى العصر الجديد»

وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن أمام كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة «SAIS»، يعيد النظر فى الشئون المختلفة التى يعمل عليها، من داخل الإدارة الأمريكية بشكل يومى، كأنه «عراب المرحلة الأخطر فى التاريخ الأمريكى»، يلعب فى المفاهيم والمصطلحات، يرنو إلى جمهوره الواسع، يقول بهدوء ما قبل العواصف والأزمات، وهو، أيضًا، الذى كان قبل أيام فى أوكرانيا، التى دخلت مأساة الحرب التى تديرها روسيا بوتين منذ 19 شهرًا، وهى الآن حرب العالم، نتائجها على المجتمع الدولى الأممى، أزمات اقتصادية وأمنية مؤشرات عجز فى سلاسل الإمداد والأمن الغذائى وصولًا إلى جيوسياسة دولية تتخلخل، فى التجاذبات تثرى التصعيد وتحريف الحرب نحو الدول الفقيرة ودول الأزمات والحروب الداخلية، دول تدمرها آلة الحرب العمياء، مثلما دمرتها الزلازل والأعاصير واختلاف المناخ الحاد بأشكال التطرف المناخى المدمر، هى الحرب الروسية الأوكرانية، عمليًا تجاوزت بداياتها، لتصل فى أسوأ التوقعات نحو التصعيد الأكبر، المد النووى النائم. 
.. بيلكين، يقف على مسافة من الفلسفة السياسية المعاصرة، يقول: نتصارع مع السؤال الأساسى المتعلق بالاستراتيجية، كما عرّفها «نيتز»: «كيف ننتقل من حيث نحن إلى حيث نريد أن نكون، من دون أن تضربنا كارثة على طول الطريق؟». 
.. و«بول نيتز»، موظف حكومى عمل فى عديد الإدارات الأمريكية، جمهورية وديمقراطية، طوال 25 سنة، كان عضوًا بارزًا فى الوفد الأمريكى المشارِك بمحادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية مع السوفيات، تحت إشراف «جيرارد سميث»، الرئيس الجديد لوكالة الحد من التسلح ونزع السلاح فى إدارة نيكسون، رئيس الوفد المشارك فى محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية فى جنيف.

* كيف تظهر «قوة الدبلوماسية الأمريكية وهدفها فى العصر الجديد»، حسب عراب الإدارة الأمريكية وزير الخارجية أنتونى بلينكن؟!
.. واليوم، قال العراب بلينكين: «ما أريد القيام به هو عرض إجابة إدارة بايدن على هذا السؤال العميق الحيوى» استنادًا إلى الحقائق الآتية:
* الحقيقة الأولى:
إن المشهد الدولى، الذى تدرسونه جميعًا، يختلف اختلافًا عميقًا عن ذلك الذى واجهته عندما بدأت العمل فى الحكومة قبل 30 عامًا.
* الحقيقة الثانية: 
جلبت نهاية الحرب الباردة معها الوعد بمسيرة لا هوادة فيها نحو قدر أكبر من السلام والاستقرار، والتعاون الدولى، والاعتماد الاقتصادى المتبادل، والتحرر السياسى، وحقوق الإنسان، والواقع أن عصر ما بعد الحرب الباردة شهد تقدمًا ملحوظًا. انتشال أكثر من مليار شخص من الفقر. أدنى مستوياتها التاريخية فى الصراعات بين الدول. وتضاءلت الأمراض الفتاكة، بل تم استئصالها.
* الحقيقة الثالثة:
الآن، لم يستفد الجميع بالتساوى من المكاسب غير العادية لهذه الفترة؛ وكانت هناك تحديات خطيرة للنظام الحروب فى يوغوسلافيا السابقة؛ الإبادة الجماعية فى رواندا؛ 11 سبتمبر وحرب العراق؛ والأزمة المالية العالمية عام 2008؛ سوريا؛ جائحة كوفيد، على سبيل المثال لا الحصر، ما نشهده الآن هو أكثر من مجرد اختبار لنظام ما بعد الحرب الباردة. إنها نهاية الأمر.
* الحقيقة الرابعة:
هذا لم يحدث بين عشية وضحاها. وما أوصلنا إلى هذه اللحظة سيكون موضع دراسة ونقاش لعقود قادمة.
ولكن هناك اعترافًا متزايدًا بأن العديد من الافتراضات الأساسية التى شكلت نهجنا فى التعامل مع حقبة ما بعد الحرب الباردة لم تعد قائمة.
* الحقيقة الخامسة:
لقد أفسحت عقود من الاستقرار الجيوسياسى النسبى المجال أمام منافسة متزايدة مع القوى الاستبدادية والقوى الرجعية. إن الحرب العدوانية التى تشنها روسيا فى أوكرانيا تشكل التهديد الأكثر إلحاحًا والأكثر خطورة للنظام الدولى المنصوص عليه فى ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه الأساسية المتمثلة فى السيادة والسلامة الإقليمية واستقلال الدول، وحقوق الإنسان العالمية غير القابلة للتجزئة للأفراد.
* الحقيقة السادسة:
تشكل جمهورية الصين الشعبية التحدى الأكثر أهمية على المدى الطويل، لأنها لا تطمح إلى إعادة تشكيل النظام الدولى فحسب، بل إنها تتمتع على نحو متزايد بالقوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للقيام بذلك.
وتعمل بكين وموسكو معًا لجعل العالم آمنًا للاستبداد من خلال «الشراكة بلا حدود».
* الحقيقة السابعة:
يقوم العديد من الدول بالتحوط فى رهاناتها. إن نفوذ الجهات الفاعلة غير الحكومية آخذ فى النمو من الشركات التى تنافس مواردها موارد الحكومات الوطنية؛ وللمنظمات غير الحكومية التى تقدم الخدمات لمئات الملايين من الأشخاص؛ للإرهابيين الذين لديهم القدرة على إلحاق أضرار كارثية؛ للمنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية التى تتاجر بالمخدرات غير المشروعة والأسلحة والبشر.
* الحقيقة الثامنة:
لقد أصبحت إقامة التعاون الدولى أكثر تعقيدًا. ليس فقط بسبب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، ولكن أيضًا بسبب الحجم الهائل للمشاكل العالمية مثل أزمة المناخ، وانعدام الأمن الغذائى، والهجرة الجماعية والنزوح.

* مفاهيم فقدان الثقة 
يلجأ وزير خارجية أمريكا إلى تبيان كيف بدأ «البلدان، المواطنون» يفقدون الثقة فى النظام الاقتصادى الدولى، وبالتالى اهتزت ثقتهم بسبب العيوب النظامية، وهو يضعها فى جعبة نخب سياسية إدارية عسكرية، بالتأكيد تدرس جيوسياسية الخرائط الجديدة للعالم، وهم فى كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة «SAIS»، وقد حددها بهدوء عراب يتسابق مع الصراع الدولى مع قادة العالم، وفقما قال:
* العيب الأول:
حفنة من الحكومات التى استخدمت إعانات الدعم التى حطمت القواعد، والملكية الفكرية المسروقة، وغير ذلك من الممارسات المشوهة للسوق للحصول على ميزة غير عادلة فى القطاعات الرئيسية.
* العيب الثانى:
التكنولوجيا والعولمة التى أدت إلى تفريغ وتشريد صناعات بأكملها، والسياسات التى فشلت فى القيام بما يكفى لمساعدة العمال والمجتمعات التى تخلفوا عن الركب.
* العيب الثالث:
عدم المساواة الذى ارتفع بشكل كبير. بين عامى 1980 و2020، جمع أغنى 0.1 فى المائة نفس الثروة التى جمعها أفقر 50 فى المائة.

* نقطة انعطاف..! 
.. ينتبه بلينكين، إلى إشارات مهمة: نجد أنفسنا عند ما يسميه الرئيس بايدن نقطة انعطاف. لقد انتهى عصر، وبدأ عصر جديد، والقرارات التى نتخذها الآن سوف تشكل المستقبل لعقود قادمة.
.. مستندًا إلى أن: الولايات المتحدة تقود هذه الفترة المحورية من موقع قوة. القوة ترتكز على تواضعنا وثقتنا.
.. ويفسر «التواضع على الطريقة الأمريكية»: لأننا نواجه تحديات لا يستطيع أى بلد أن يواجهها بمفرده. لأننا نعلم أننا سوف نضطر إلى كسب ثقة عدد من البلدان والمواطنين الذين فشل النظام القديم بالنسبة لهم فى الوفاء بالعديد من وعودهم. لأننا ندرك أن القيادة تبدأ بالاستماع وفهم المشكلات المشتركة من وجهة نظر الآخرين، حتى نتمكن من إيجاد أرضية مشتركة. ولأننا نواجه تحديات عميقة فى الداخل، والتى يجب علينا التغلب عليها إذا أردنا القيادة فى الخارج، ولكن الثقة، الثقة، لأننا أثبتنا مرارًا وتكرارًا أنه عندما تتحد أمريكا نستطيع أن نفعل أى شىء. لأنه لا توجد دولة على وجه الأرض لديها قدرة أكبر على حشد الآخرين من أجل قضية مشتركة، لأن سعينا المستمر لتشكيل اتحاد أكثر كمالًا يسمح لنا بإصلاح عيوبنا وتجديد ديمقراطيتنا من الداخل. ولأن رؤيتنا للمستقبل عالم منفتح وحر ومزدهر وآمن فإن هذه الرؤية ليست رؤية أمريكا وحدها، بل هى التطلع الدائم للناس فى كل دولة وفى كل قارة.

*.. ولكن ما هو شكل هذا العالم؟
* هو: عالم يتمتع فيه الأفراد بالحرية فى حياتهم اليومية، ويمكنهم تشكيل مستقبلهم ومجتمعاتهم وبلدانهم.
*.. وهو: أيضًا، عالم حيث يمكن لكل دولة أن تختار طريقها الخاص وشركائها.
* وهو الحرية: عالم حيث يمكن للسلع والأفكار والأفراد أن يتدفقوا بحرية وبشكل قانونى عبر الأرض والبحر والسماء والفضاء الإلكترونى، حيث تُستخدم التكنولوجيا لتمكين الناس، وليس لتقسيمهم ومراقبتهم وقمعهم.
* وهو الحدود: عالم يتحدد فيه الاقتصاد العالمى بالمنافسة العادلة والانفتاح والشفافية، وحيث لا يقاس الازدهار فقط بمدى نمو اقتصادات البلدان، بل بعدد الأشخاص الذين يشاركون فى هذا النمو.
* وهو السباق: عالم يولد سباقًا نحو القمة فى معايير العمل والمعايير البيئية، وفى الصحة والتعليم والبنية التحتية والتكنولوجيا والأمن والفرص.
* وهو القانون: عالم يتم فيه احترام القانون الدولى والمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، وتحترم فيه حقوق الإنسان العالمية.
ما أراد أن يعززه، الوزير الدبلوماسى، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية فى زمن حرب بوتين: نعمل على تعزيز هذه الرؤية مسترشدين بحس المصلحة الذاتية المستنيرة الذى حرك القيادة الأمريكية فى أفضل حالاتها فترة طويلة. لقد ساعدنا فى بناء النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية واستثمرنا فى تقدم الدول والشعوب الأخرى، لأننا أدركنا أن ذلك من شأنه أن يخدم مصلحة البشرية، ولكنه يخدم مصالحنا أيضًا. لقد أدركنا أنه، حتى باعتبارنا أقوى دولة على وجه الأرض، فإن صياغة قواعد عالمية مشتركة وقبول بعض القيود ودعم نجاح الآخرين، من شأنها فى نهاية المطاف أن تجعل الشعب الأمريكى أكثر ازدهارًا، وأكثر سلمًا، وأكثر أمنًا.
.. ولفت: والحقيقة أن مصلحة أمريكا الذاتية المستنيرة فى الحفاظ على هذا النظام وتعزيزه لم تكن أعظم من أى وقت مضى.
والآن أصبحت لدى منافسينا رؤية مختلفة تمامًا. إنهم يرون عالمًا تحدده ضرورة واحدة: الحفاظ على النظام وإثرائه. عالم يتمتع فيه المستبدون بالحرية فى السيطرة على شعوبهم وجيرانهم وإكراههم وسحقهم وأى شخص آخر يقف فى طريق هذا الهدف المستهلك.
يدعى منافسونا أن النظام الحالى هو فرض غربى، فى حين أن المعايير والقيم التى ترتكز عليه هى فى الواقع طموحات عالمية، ومكرسة فى القانون الدولى الذى وقعوا عليه. ويزعمون أن ما تفعله الحكومات داخل حدودها هو شأن خاص بها وحدها، وأن حقوق الإنسان هى قيم ذاتية تختلف من مجتمع إلى آخر. وهم يعتقدون أن الدول الكبرى لها الحق فى مناطق النفوذ، وأن القوة والقرب يمنحها الحق فى إملاء خياراتها على الآخرين.
.. وأن: التناقض، حسب نص الوزير الذى كشفته الحكومة الأمريكية، بين هاتين الرؤيتين لا يمكن أن يكون أكثر وضوحًا. إن المخاطر التى تفرضها المنافسة التى نواجهها لا يمكن أن تكون أكبر من ذلك بكثير، بالنسبة للعالم، وللشعب الأمريكى.

* استراتيجية الرئيس بايدن
«عندما طلب منى الرئيس بايدن أن أتولى منصب وزير الخارجية، يقول بلينكين، أوضح، يقصد جو بايدن، أن وظيفتى هى تقديم الخدمات للشعب الأمريكى أولًا وقبل كل شىء. وأصر على أن نجيب عن سؤالين أساسيين: كيف يمكن لانخراط أمريكا فى الخارج أن يجعلنا أقوى هنا فى الداخل؟ وكيف يمكننا الاستفادة من تجديد أمريكا فى الداخل لجعلنا أقوى فى العالم؟»
.. وكشف: كانت إجاباتنا عن هذه الأسئلة هى التى وجهت استراتيجية الرئيس بايدن منذ اليوم الأول.
* 1:
لقد بدأنا بالاستثمار فى أنفسنا فى الداخل، وبالتالى فإن الولايات المتحدة فى أقوى وضع يسمح لها بالمنافسة وقيادة العالم. وكما يذكرنا جورج كينان: «يعتمد الكثير على صحة مجتمعنا ونشاطه». وقد قام الرئيس بايدن والكونجرس بأكبر الاستثمارات الأمريكية، معذرةً، على مدار أجيال فى دعم صحتنا وحيويتنا. نحن نعمل على ترقية البنية التحتية، وتعزيز الأبحاث، ودعم الصناعات والتقنيات الرئيسية فى القرن الحادى والعشرين، وإعادة شحن قاعدتنا الصناعية، وقيادة التحول العالمى للطاقة.
* 2:
أكثر من أى وقت مضى فى حياتى المهنية، وفى حياتى، أصبحت سياستنا الداخلية والخارجية متكاملة تمامًا، ويرجع الفضل فى ذلك إلى حد كبير إلى مستشار الأمن القومى جيك سوليفان، الذى لعب دورًا رائدًا فى صياغة استراتيجيتنا الصناعية والابتكارية الحديثة والمواءمة. ذلك مع سياستنا الخارجية.
* 3:
إن تجديدنا الداخلى يعزز، ويتعزز، من خلال القيادة الأمريكية فى العالم. وهنا تأتى قوة الدبلوماسية الأمريكية وهدفها. وفى جوهر استراتيجيتنا يكمن إعادة الانخراط والتنشيط وإعادة تصور أعظم أصولنا الاستراتيجية: تحالفات أمريكا وشراكاتها.
* 4:
نحن نعمل بهدف وإلحاح لتعميق وتوسيع ومواءمة أصدقائنا بطرق جديدة حتى نتمكن من تلبية الاختبارات الثلاثة المحددة لهذا العصر الناشئ: منافسة استراتيجية شرسة ودائمة؛ والتحديات العالمية التى تشكل تهديدات وجودية للحياة وسبل العيش فى كل مكان؛ والحاجة الملحة إلى إعادة التوازن بين مستقبلنا التكنولوجى ومستقبلنا الاقتصادى، بحيث يصبح اعتمادنا المتبادل مصدرًا للقوة، وليس الضعف.
* 5:
نحن نفعل هذا من خلال ما أحب أن أسميه الهندسة الدبلوماسية المتغيرة. نبدأ بالمشكلة التى نحتاج إلى حلها ثم نعود للعمل من هناك، بتجميع مجموعة الشركاء بالحجم المناسب والشكل المناسب لمعالجتها. نحن عازمون على تحديد المجموعة المناسبة للغرض حقًا.
* 6:
هذه الائتلافات لا توجد فى الفراغ. إن إنشاء وتعزيز أى مجموعة منفردة يجلب القدرات التى يمكن استخدامها عبر شبكة أمريكا الواسعة من الشركاء. وكلما زاد عدد التحالفات التى نبنيها، تمكنا من إيجاد أوجه تآزر جديدة بينها وبين هذه التحالفات بما فى ذلك بطرق ربما لم نتوقعها بالكامل. ومعًا يصبح الكل أكبر بكثير من مجموع الأجزاء.
* 7:
لقد كانت الديمقراطيات الشقيقة دائمًا أول ميناء ندعوه للتعاون. سيكونون كذلك دائمًا. ولهذا السبب، عقد الرئيس بايدن قمتين من أجل الديمقراطية لجمع قادة الديمقراطيات الكبيرة والصغيرة، الناشئة والراسخة، لمعالجة التحديات المشتركة التى نواجهها.
* 8:
نحن عازمون على العمل مع أى دولة بما فى ذلك تلك البلدان التى نختلف معها حول القضايا المهمة ما دامت ترغب فى تلبية احتياجات مواطنيها، والمساهمة فى حل التحديات المشتركة، ودعم المعايير الدولية التى بنيناها معًا. وينطوى هذا على أكثر من مجرد الشراكة مع الحكومات الوطنية، بل أيضًا الحكومات المحلية والمجتمع المدنى والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية والمواطنين، خاصة القادة الشباب.
.. يصل بلينكين إلى: جوهر استراتيجيتنا للانتقال من حيث نحن إلى حيث يجب أن نكون. ونحن نسعى لتحقيق ذلك بأربع طرق رئيسية.
* أولًا: التجديد 
نقوم بتجديد وتعميق تحالفاتنا وشراكاتنا، وإقامة تحالفات وشراكات جديدة.
وبالعودة إلى بضع سنوات فقط، فقد كان البعض موضع تساؤل علنى حول قدرات منظمة حلف شمال الأطلسى وأهميتها والتزام أمريكا تجاهه. واليوم، أصبح التحالف أكبر وأقوى وأكثر اتحادًا من أى وقت مضى. لقد أضفنا عضوًا جديدًا يتمتع بقدرات لا تصدق وهو فنلندا، وسوف تنضم السويد قريبًا، وستظل أبواب ناتو مفتوحة. لقد قمنا بتعزيز الردع والدفاع لدينا، بما فى ذلك إضافة أربع كتائب جديدة متعددة الجنسيات إلى الجناح الشرقى لحلف شمال الأطلسى، وزيادة الاستثمارات الدفاعية لمواجهة التحديات الناشئة من الهجمات السيبرانية إلى تغير المناخ.
إننا نعمل على تحويل مجموعة السبع إلى لجنة توجيهية لأكثر الديمقراطيات تقدمًا فى العالم، والجمع بين عضلاتنا السياسية والاقتصادية ليس فقط لمعالجة القضايا التى تؤثر على شعوبنا، ولكن أيضًا لتزويد البلدان خارج مجموعة السبع بسبل أفضل لتحقيق احتياجات شعوبها.
لقد رفعنا مستوى الطموح فى علاقتنا مع الاتحاد الأوروبى. ونحن نمثل معًا 40% من الاقتصاد العالمى. نحن نستخدم هذه القوة لتشكيل مستقبلنا التكنولوجى والاقتصادى بما يعكس قيمنا الديمقراطية المشتركة.
إننا نرتقى بالعلاقات الثنائية المهمة إلى مستوى جديد.
إن تحالفنا مع اليابان الذى دام عقودًا من الزمن أصبح أقوى وأكثر أهمية من أى وقت مضى، حيث وصل إلى حدود جديدة من الفضاء إلى الحوسبة الكمومية.
لقد وقعنا على إعلان واشنطن مع جمهورية كوريا، ما عزز تعاوننا لردع التهديدات الصادرة عن كوريا الشمالية؛ وإعلان القدس مع إسرائيل، الذى يؤكد من جديد التزامنا بأمن إسرائيل واستخدام كل عناصر القوة الأمريكية لضمان عدم حصول إيران على السلاح النووى أبدًا.
اتفقنا على ترتيبات جديدة للقواعد والوضعية مع حلفائنا.. أستراليا والفلبين.
لم تكن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند أكثر ديناميكية من أى وقت مضى، حيث أننا نتعاون فى كل شىء بدءًا من أشباه الموصلات المتقدمة إلى التعاون الدفاعى.
وقبل بضعة أيام فقط فى هانوى، عزز الرئيس بايدن شراكة استراتيجية شاملة جديدة مع فيتنام.
لقد حفزنا التكامل الإقليمى. وفى الشرق الأوسط، قمنا بتعميق العلاقات الحديثة وتلك القائمة منذ عقود بين إسرائيل والدول العربية، ونعمل على تعزيز علاقات جديدة، بما فى ذلك مع المملكة العربية السعودية.
وفى نصف الكرة الأرضية الذى نعيش فيه، والذى يشهد أكبر هجرة جماعية ونزوح فى تاريخه، قمنا بحشد 20 دولة ونعمل على استراتيجية إقليمية لضمان الهجرة الآمنة والمنظمة والإنسانية، مع معالجة الأسباب الجذرية التى تدفع الناس أيضًا. من منازلهم فى المقام الأول.
وقد استضاف الرئيس بايدن مؤتمرات قمة مع قادة من الأمريكتين وجنوب شرق آسيا وإفريقيا ودول جزر المحيط الهادئ، لدفع الشراكات التحويلية.
* ثانيًا: قضايا وقرارات
نعمل على نسج تحالفاتنا وشراكاتنا بطرق مبتكرة يعزز بعضها بعضًا، عبر القضايا وعبر القارات.
ما عليك سوى أن تفكر للحظة فى كل الطرق التى استخدمناها فى حشد مجموعات مختلفة من الحلفاء والشركاء لدعم أوكرانيا فى مواجهة العدوان الروسى واسع النطاق.
وبقيادة وزير الدفاع أوستن، تتعاون أكثر من 50 دولة لدعم الدفاع عن أوكرانيا وبناء جيش أوكرانى قوى بما يكفى لردع وصد الهجمات المستقبلية.
لقد قمنا بمواءمة عشرات الدول فى فرض مجموعة غير مسبوقة من العقوبات، وضوابط التصدير، وغيرها من التكاليف الاقتصادية على روسيا.
وفى مناسبات متعددة، قمنا بتنظيم 140 دولة فى الأمم المتحدة، أكثر من ثلثى جميع الدول الأعضاء، للتأكيد على سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها وإدانة العدوان الروسى والفظائع التى ترتكبها.
لقد قمنا بحشد الجهات المانحة والمؤسسات الخيرية والمجموعات الإنسانية للحصول على المساعدة المنقذة للحياة لملايين النازحين الأوكرانيين.
لقد قمنا بالتنسيق مع مجموعة السبع والاتحاد الأوروبى وعشرات الدول الأخرى لدعم اقتصاد أوكرانيا، وإعادة بناء شبكة الطاقة لديها، ولتى دمرت روسيا أكثر من نصفها.
هذا ما تبدو عليه الهندسة المتغيرة: لكل مشكلة، نقوم بتجميع تحالف مناسب للغرض.
ونظرًا لشجاعة الشعب الأوكرانى وقدرته على الصمود ودعمنا له، فإن حرب بوتن تظل تشكل فشلًا استراتيجيًا بالنسبة لروسيا. ويتلخص هدفنا فى ضمان ليس بقاء أوكرانيا فحسب، بل ازدهارها باعتبارها ديمقراطية نابضة بالحياة ومزدهرة، حتى يتمكن الأوكرانيون من كتابة مستقبلهم والوقوف بمفردهم.
ذات يوم، رأى البعض أن التهديدات التى يتعرض لها النظام الدولى تقتصر على منطقة أو أخرى. ليس بعد الآن. لقد أوضح الغزو الروسى أن أى هجوم على النظام الدولى فى أى مكان سيؤذى الناس فى كل مكان. لقد اغتنمنا هذا الاعتراف للتقريب بين حلفائنا عبر الأطلسى ومنطقتى المحيطين الهادئ والهندى فى الدفاع عن أمننا المشترك وازدهارنا وحريتنا.
فعندما قطعت روسيا إمدادات النفط والغاز عن أوروبا فى الشتاء فى محاولة لتجميد البلاد عن دعم أوكرانيا، انضمت اليابان وكوريا إلى كبار منتجى الغاز الطبيعى المسال فى أمريكا لضمان حصول الدول الأوروبية على الطاقة اللازمة للحفاظ على احتياجاتها. منازل دافئة طوال فصل الشتاء. أصبحت اليابان وكوريا وأستراليا ونيوزيلندا الآن مشاركة منتظمة ونشطة فى اجتماعات ناتو.
ومن ناحية أخرى، انضمت الدول الأوروبية وكندا وغيرها إلى حلفائنا وشركائنا فى آسيا فى شحذ أدواتها للتصدى للإكراه الاقتصادى الذى تمارسه جمهورية الصين الشعبية. ويعمل حلفاء الولايات المتحدة وشركاؤها فى كل منطقة بشكل عاجل لبناء سلاسل توريد مرنة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيات الرئيسية والمواد الحيوية اللازمة لتصنيعها.
لقد أنشأنا شراكة أمنية جديدة AUKUS مع أستراليا والمملكة المتحدة لبناء غواصات حديثة تعمل بالطاقة النووية، وتعزيز عملنا المشترك فى مجال الذكاء الاصطناعى، والحوسبة الكمومية، وغير ذلك من التكنولوجيات المتطورة.
وبعد انعقاد أول قمة ثلاثية على الإطلاق لزعماء الدول الثلاث فى كامب ديفيد الشهر الماضى بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا، فإننا نأخذ كل جانب من جوانب علاقتنا إلى المستوى التالى، من زيادة التدريبات العسكرية المشتركة وتبادل المعلومات الاستخبارية إلى مواءمة علاقتنا. الاستثمارات العالمية فى البنية التحتية.
لقد رفعنا مستوى الشراكة الرباعية مع الهند واليابان وأستراليا لتقديم الخدمات لبلداننا والعالم فى كل شىء، بدءًا من تصنيع اللقاحات إلى تعزيز الأمن البحرى إلى مواجهة التحديات المناخية.
عندما حددت استراتيجية الإدارة الأمريكية المتمثلة فى «الاستثمار والمواءمة والتنافس» فى التعامل مع الصين فى العام الماضى، تعهدنا بالعمل مع شبكتنا من حلفائنا وشركائنا لتحقيق هدف مشترك. وبأى مقياس موضوعى، أصبحنا الآن أكثر اتساقًا، ونعمل بطرق أكثر تنسيقًا، من أى وقت مضى.
وهذا يسمح لنا بإدارة منافستنا مع الصين من موقع قوة، فى حين نستفيد من قنوات الاتصال المفتوحة للتحدث بوضوح ومصداقية ومع جوقة من الأصدقاء حول مخاوفنا؛ وإظهار التزامنا بالتعاون فى القضايا التى تهمنا أكثر فى العالم؛ والتقليل من مخاطر سوء التقدير الذى قد يؤدى إلى الصراع.
* ثالثًا: بناء التحالفات
نقوم ببناء تحالفات جديدة لمعالجة أصعب التحديات المشتركة فى عصرنا.
مثل سد فجوة البنية التحتية العالمية.
والآن، فى كل مكان أذهب إليه تقريبًا، أسمع من البلدان عن مشاريع مدمرة للبيئة وسيئة البناء، تستورد العمال أو تسىء معاملتهم، وتشجع الفساد وتثقل كاهلهم بديون لا يمكن تحملها.
وبطبيعة الحال، تفضل البلدان الاستثمارات الشفافة والعالية الجودة والسليمة بيئيًا. ليس لديهم دائمًا خيار. نحن نعمل مع شركائنا فى مجموعة السبع لمنحها الاختيار.
لقد التزمنا معًا بتقديم 600 مليار دولار من الاستثمارات الجديدة بحلول عام 2027 من خلال شراكة البنية التحتية العالمية والاستثمار، أو PGI. ونحن نركز دعمنا الحكومى على المجالات التى يؤدى فيها الحد من المخاطر إلى تحرير مئات المليارات الإضافية من استثمارات القطاع الخاص.
لذلك اسمحوا لى أن أقدم لكم بعض الأمثلة السريعة حول كيفية قيامنا بذلك. إننا نقوم بسلسلة من الاستثمارات التحويلية فى ممر لوبيتو، وهو شريط تنمية يربط إفريقيا، من ميناء لوبيتو فى أنجولا، عبر جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلى زامبيا، بميناء جديد، وخطوط سكك حديدية وطرق جديدة، ومشاريع جديدة للطاقة الخضراء، إنترنت عالى السرعة جديد.
سيوفر المشروع 500 ميجاوات من الطاقة، وهو ما يكفى لتوفير الكهرباء لأكثر من مليونى شخص، وخفض حوالى 900 ألف طن من انبعاثات الكربون كل عام، وخلق الآلاف من فرص العمل للأفارقة، وآلاف أخرى للأمريكيين، وجلب المعادن الحيوية مثل النحاس والكوبالت. إلى الأسواق العالمية. وفى الأسبوع الماضى فقط، أعلن الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الهندى مودى، فى قمة مجموعة العشرين، عن ممر طموح آخر للنقل والطاقة والتكنولوجيا من شأنه أن يربط موانئ آسيا والشرق الأوسط وأوروبا. ستتعاون المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبى مع الولايات المتحدة والهند لتعزيز إنتاج الطاقة النظيفة والاتصال الرقمى وتعزيز سلاسل التوريد الحيوية فى جميع أنحاء المنطقة.
إن هذه الجهود وغيرها لبناء البنية التحتية فى البلدان النامية هى فى نهاية المطاف استثمارات فى مستقبلنا خلق شركاء أكثر استقرارًا وازدهارًا للولايات المتحدة؛ والمزيد من الأسواق للعمال والشركات والمستثمرين الأمريكيين؛ وكوكب أكثر استدامة لأطفالنا.
إن تقديم عرض أقوى لشركائنا يعد بمثابة صفقة جيدة لأمريكا أيضًا.
وينطبق الشىء نفسه على قيادتنا لمعالجة أزمة الغذاء العالمية.
ويواجه أكثر من 700 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم انعدام الأمن الغذائى الذى يغذيه فيروس كورونا، والمناخ، والصراع الذى تفاقم الآن بسبب قيام روسيا بمنع تدفق الحبوب من أوكرانيا، سلة غذاء العالم.
والآن، أتيحت لى الفرصة للاستماع إلى القادة فى البلدان الأكثر تضررًا من هذه الأزمة. وما يوضحونه لى هو: نعم، إنهم بحاجة إلى مساعدات طارئة؛ ولكن ما يريدونه حقًا هو الاستثمار فى القدرة الزراعية على الصمود، وفى الابتكار، وفى الاكتفاء الذاتى، حتى لا يجدوا أنفسهم فى أزمة كهذه مرة أخرى. ونحن نتشارك معهم لتحقيق ذلك، جنبًا إلى جنب مع أكثر من 100 دولة وقعت على خريطة طريق عالمية للعمل.
إن الولايات المتحدة هى أكبر جهة مانحة فى العالم لبرنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة، فنحن نقدم حوالى 50 بالمائة من ميزانيته السنوية. روسيا والصين؟ أقل من 1 بالمائة لكل منهما.
ومنذ عام 2021، قدمت الولايات المتحدة أيضًا أكثر من 17.5 مليار دولار لمعالجة انعدام الأمن الغذائى وأسبابه الجذرية. ويتضمن ذلك أكثر من مليار دولار سنويًا لصالح برنامج «الغذاء للمستقبل»، البرنامج الرئيسى للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وشراكتنا مع 40 دولة لتعزيز النظم الغذائية. ويتضمن ذلك دعمنا لما يسمى VACS وهو برنامج جديد أطلقناه مع الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة لتحديد المحاصيل الإفريقية الأكثر تغذية، وتربية أصنافها الأكثر قدرة على الصمود فى مواجهة المناخ، وتحسين التربة التى تنمو فيها.
كلما زاد عدد البلدان التى تستطيع إطعام شعوبها، كلما أصبحت شريكة أكثر ازدهارًا واستقرارًا؛ وكلما قل احتمال وقوعهم ضحايا للدول الراغبة فى قطع الغذاء والأسمدة؛ كلما قل الدعم الذى سيحتاجونه من الجهات المانحة الدولية؛ وكلما زادت وفرة الإمدادات الغذائية العالمية، انخفضت الأسعار فى الأسواق فى كل مكان، بما فى ذلك الولايات المتحدة.
نحن نقدم نهجًا مماثلًا للتكنولوجيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعى.
فى يوليو، أعلن الرئيس بايدن عن مجموعة جديدة من الالتزامات الطوعية من سبع شركات رائدة فى مجال الذكاء الاصطناعى لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعى آمنة وجديرة بالثقة. وبالأمس فقط، وقعت ثمانى شركات رائدة أخرى.
هذه الالتزامات هى الأساس لمشاركتنا مع مجموعة واسعة من الشركاء لصياغة إجماع دولى حول كيفية تقليل المخاطر وتعظيم إمكانات التقدم السريع فى الذكاء الاصطناعى.
لقد بدأنا مع أقرب شركائنا، مثل مجموعة السبع، حيث نقوم بتصميم مدونة سلوك دولية للجهات الفاعلة من القطاع الخاص والحكومات التى تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعى المتقدم ، والمبادئ التنظيمية المشتركة، والشركاء مثل المملكة المتحدة، التى تعقد قمة عالمية. بشأن سلامة الذكاء الاصطناعى لتحديد المخاطر طويلة المدى والتخفيف منها بشكل أفضل.
إن تشكيل استخدام الذكاء الاصطناعى أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الميزة التنافسية لأمريكا فى هذه التكنولوجيا وأيضًا تعزيز ابتكار الذكاء الاصطناعى الذى يفيد الناس فى كل مكان، مثل المساعدة فى التنبؤ بمخاطر إصابة الأفراد بالأمراض الفتاكة أو التنبؤ بتأثير العواصف الأكثر شدة والأكثر تواترًا. هذه هى الفكرة وراء الاجتماع الذى سأستضيفه فى الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل لتركيز الحكومات وشركات التكنولوجيا والمجتمع المدنى على استخدام الذكاء الاصطناعى لتعزيز أهداف التنمية المستدامة.
اسمحوا لى أن أقدم لكم مثالًا أخيرًا عن كيفية بناء تحالف جديد لمعالجة مشكلة ربما لم يفكر فيها الكثير من الناس كقضية تتعلق بالسياسة الخارجية: المخدرات الاصطناعية.
فى العام الماضى وحده، توفى ما يقرب من 110 ألف أمريكى بسبب جرعة زائدة من المخدرات. وكان ثلثا هذه الوفيات يتعلق بالمواد الأفيونية الاصطناعية، ما يجعل المواد الأفيونية الاصطناعية القاتل الأول للأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا. وقد كلفت الأزمة الولايات المتحدة ما يقرب من 1.5 تريليون دولار فى عام 2020 وحده، ناهيك عن المعاناة التى تسببها للأسر والمجتمعات فى جميع أنحاء العالم. 
نحن لسنا وحدنا فى هذا. تشهد كل منطقة ارتفاعًا مثيرًا للقلق فى المخدرات الاصطناعية، ولا يستطيع أى بلد أن يحل هذه المشكلة.
ولهذا السبب أنشأنا تحالفًا عالميًا جديدًا لمنع التصنيع والاتجار غير المشروعين بالمخدرات الاصطناعية، واكتشاف التهديدات الناشئة وأنماط الاستخدام، لتعزيز استجابات الصحة العامة. وقد انضمت أكثر من 100 حكومة وعشرات المنظمات الدولية إلى هذا التحالف. نعمل معًا على مواءمة الأولويات المشتركة، وتحديد السياسات الفعالة، ودمج مقدمى الرعاية الصحية، وشركات تصنيع المواد الكيميائية، ومنصات وسائل التواصل الاجتماعى، وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين فى جهودنا. وسنجتمع الأسبوع المقبل فى نيويورك لتوسيع نطاق هذا العمل.
وبطبيعة الحال، هذه ليست المجالات الوحيدة التى نبنى فيها التحالفات أو نحافظ عليها. ونحن نستخدمها أيضًا لمعالجة التهديدات الأمنية، بدءًا من فرقة العمل المتعددة الجنسيات التى أنشأناها لحماية السفن التى تعبر مضيق هرمز إلى تحالف الدول الطويل الأمد الذى أنشأناه لهزيمة داعش.
نواصل الشراكة مع الحكومات والمنظمات الإقليمية والمواطنين للضغط من أجل إيجاد حلول دبلوماسية للصراعات الجديدة والقديمة، من إثيوبيا وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلى أرمينيا وأذربيجان، إلى اليمن حيث ساعدنا فى صياغة هدنة حساسة والحفاظ عليها.
كلما جمعنا الحلفاء والشركاء معًا لتحقيق تقدم حقيقى فى القضايا الحاسمة مثل البنية التحتية، مثل الأمن الغذائى، مثل الذكاء الاصطناعى، مثل المخدرات الاصطناعية، مثل الصراعات الجديدة والقديمة، كلما أظهرنا قوة عرضنا.
خذ على سبيل المثال أى تحدٍ حديث، حيث تتطلع الدول فى جميع أنحاء العالم إلى دول قوية لتقودها. وفى أفضل الأحوال، جلس منافسونا على الهامش، وأغلقوا دفاتر شيكاتهم. وفى أسوأ الأحوال فقد تسببوا فى جعل المشاكل السيئة أسوأ واستفادوا من معاناة الآخرين من خلال انتزاع تنازلات سياسية من أجل بيع اللقاحات للدول؛ ونشر المرتزقة الذين يجعلون الأماكن غير المستقرة أقل أمانًا، وينهبون الموارد المحلية، ويرتكبون الفظائع؛ وتحويل احتياجات الناس الأساسية من الحرارة والغاز والغذاء والتكنولوجيا إلى هراوة لتهديدهم وإكراههم.
عند نقطة المنعطف الحرجة هذه، فإننا نظهر للبلدان من نحن. وكذلك منافسينا.

* رابعًا: تعزيز المؤسسات الدولية
نعمل على جمع تحالفاتنا القديمة والجديدة معا لتعزيز المؤسسات الدولية التى تشكل أهمية بالغة فى التصدى للتحديات العالمية.
يبدأ ذلك بالظهور. عندما يكون للولايات المتحدة مقعد على الطاولة، يمكننا تشكيل المؤسسات الدولية والمعايير التى تنتجها لتعكس مصالح وقيم الشعب الأمريكى وتعزيز رؤيتنا للمستقبل.
عند توليه منصبه، تحرك الرئيس بايدن بسرعة للانضمام مرة أخرى إلى اتفاقيات باريس للمناخ، ومنظمة الصحة العالمية. لقد حصلنا على مقعد فى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. لقد انضممنا مؤخرًا إلى «اليونسكو»، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، التى ستلعب دورًا فى تشكيل المعايير التى تحدد الذكاء الاصطناعى.
لقد تنافسنا بشدة لانتخاب القادة الأكثر تأهيلًا لرئاسة الوكالات الدولية المعنية بوضع المعايير، مثل الاتحاد الدولى للاتصالات السلكية واللاسلكية التابع للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة. ولم تكن الأمريكيتان اللتان فازتا بهذه السباقات أفضل المرشحين لهذا المنصب فحسب، بل إن كلًا منهما أيضًا أول امرأة تقود مؤسستها.
والآن، مهما كانت هذه المؤسسات منقوصة، فليس هناك بديل للشرعية والقدرات التى توفرها للتأثير على القضايا التى تهم شعوبنا. لذا فنحن لدينا مصلحة ذاتية ثابتة فى العمل من خلال هذه المبادئ وجعلها تعمل على نحو أفضل وليس من أجل الولايات المتحدة فحسب، بل من أجل الجميع.
كلما زاد عدد الأشخاص والدول فى جميع أنحاء العالم الذين يرون أن الأمم المتحدة والمنظمات المشابهة لها تمثل مصالحهم وقيمهم وآمالهم، زادت فعالية هذه المؤسسات وزادت قدرتنا على الاعتماد عليها.
ولهذا السبب طرحنا رؤية إيجابية لتوسيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحيث يضم وجهات نظر أكثر تنوعًا جغرافيًا بما فى ذلك الأعضاء الجدد الدائمون وغير الدائمين من إفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبى.
بقيادة الوزيرة يلين، نقوم بدفعة كبيرة لتنشيط وإصلاح بنوك التنمية المتعددة الأطراف حتى تتمكن من تلبية الاحتياجات الملحة للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل التى تواجه عاصفة كاملة من التحديات: التأثير المتزايد للبنك الدولى. أزمة المناخ، والتداعيات الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، والتضخم، والديون الساحقة.
ويعمل الرئيس بايدن مع الكونجرس لإطلاق قدرات إقراض جديدة للبنك الدولى وصندوق النقد الدولى لتوفير المزيد من التمويل، بأسعار فائدة أرخص، للاستثمار فى التخفيف من آثار تغير المناخ، وفى الصحة العامة، وغير ذلك من القضايا الحاسمة فى هذه البلدان.
ومن شأن هذه المبادرات التى تقودها الولايات المتحدة مجتمعة أن تولد ما يقرب من 50 مليار دولار من القروض للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ومن خلال جهودنا القوية، سيعمل البنك الدولى قريبًا على تمكين البلدان من تأجيل مدفوعات الديون بعد الصدمات المناخية والكوارث الطبيعية.
عندما نعمل على تعزيز المؤسسات الدولية، وعندما تفى بوعودها الأساسية لضمان الأمن، وتوسيع الفرص، وحماية الحقوق، فإننا نبنى تحالفا أوسع من المواطنين والبلدان الذين يرون النظام الدولى كشىء يحسن حياتهم بطرق حقيقية يستحق التأييد والدفاع عنه.
لذا، فعندما تحاول أمثال بكين وموسكو فى العالم إعادة كتابة أو هدم ركائز النظام المتعدد الأطراف؛ عندما يزعمون كذبًا أن النظام موجود فقط لتعزيز مصالح الغرب على حساب بقية العالم فإن جوقة عالمية متزايدة من الدول والشعوب سوف تقول، وتقف لتقول: لا، إن النظام الذى تحاولون تغييره هو نظامنا؛ إنه يخدم مصالحنا.
وفى هذا الوقت المحورى، لا تشكل الزعامة الأمريكية العالمية عبئًا. إنها ضرورة لحماية حريتنا وديمقراطيتنا وأمننا. ولخلق الفرص للعمال والشركات الأمريكية؛ لتحسين حياة المواطنين الأمريكيين.
.. وحسب النص: يجب علينا أن نضع أيدينا على دفة التاريخ ونرسم الطريق إلى الأمام، مسترشدين بالأشياء المؤكدة حتى فى الأوقات المضطربة، مبادئنا، وشركاؤنا، ورؤيتنا للمكان الذى نريد أن نذهب إليه، حتى أنه عندما ينقشع الضباب إن العالم الناشئ يميل نحو الحرية، ونحو السلام، ونحو مجتمع دولى قادر على الارتقاء إلى مستوى تحديات عصره.
ولا أحد يفهم هذا أفضل من الرئيس بايدن. وأمريكا فى وضع أقوى بكثير فى العالم مما كانت عليه قبل عامين ونصف بسبب الإجراءات التى اتخذها.
أنا مقتنع أنه بعد عقود من الآن، عندما تتم كتابة تاريخ هذه الفترة, ربما من قِبل البعض منكم، فسوف يظهر أن الطريقة التى تصرفنا بها، بشكل حاسم واستراتيجى، مع التواضع والثقة لإعادة تصور قوة الولايات المتحدة وهدفها الدبلوماسية، لقد أمنّا مستقبل أمريكا، وحققنا إنجازات لشعبنا، ووضعنا الأساس لعصر أكثر حرية، وأكثر انفتاحًا، وأكثر ازدهارًا، للشعب الأمريكى وللشعوب فى جميع أنحاء العالم.
.. هى ليست مجرد حكاية عن أمريكا، بل محاول لتفسير كيف، يمكن أن تصنع حدثها الخاص، نحو استراتيجية، قد تجعلها تعيد تفكيك الأقطاب التى بدأت تسلل نحو الحدود الأمريكية، لكن لا تعرف متى تتوقف.