رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشاهد ما بعد قمة نادرة بين موسكو و‎بيونج يانج

انشغل المجتمع الدولى والأمنى، مع حلف ناتو والولايات المتحدة الأمريكية، بما سيعقب القمة الخطيرة النادرة بين موسكو «بوتين» و‎بيونج يانج «كيم». 
تمت القمة بكل مشاهدها الدرامية، فى الوقت الذى علقت الخارجية الأميركية، بأنها، أى الولايات المتحدة، ستفرض عقوبات على ‎موسكو و‎بيونج يانج إذا أبرمتا صفقات أسلحة، وهو الحديث السرى بين بوتين وكيم، الذى ضرب العالم بنظرة معايرة سياسيًا عسكريًا واقتصاديًا، فى محاولة لخلخلة ميزان القوى الدولية، بالذات مع الوضع الروسى الذى يخوض حربًا سرشة فى عمق الأراضى الأوكرانية، الحرب التى تدخل شهرهاالـ19 وسط غياب لأى أفق أو حل سياسى أمنى. 
* ماذا تريد كوريا الشمالية من روسيا، اليوم؟
فى النظرة الواقعية، روسيا اليوم ليست لديها إلا مناورات وتجاذبات، لا أفق سياسى أو أمنى نتائجها، هى دخلت حربًا، تحاول إقناع العالم بأنها تدور بشكل خاص، ضمن عملية فى المدار الروسى، بينما يقول الزعيم كوريا الشمالية «كيم جونغ أون»، إنه يتعهد بتقديم الدعم الكامل لموسكو خلال القمة الخطيرة النادرة مع الرئيس بوتين فى روسيا، وهو، أى كيم، يدعم ويتعهد بأشكال من دعم بلاده لروسيا، وهى الإشارات التى فهمت بشكل واضح، بأنه مع ومؤيد الحرب فى أوكرانيا.
.. وحول ذلك، ومن سيول، كوريا الجنوبية كانت وكالة «أ. ف. ب»، تنشر حول العالم، ردود الأفعال حول تعهد الزعيم الكورى الشمالى بتقديم «الدعم الكامل وغير المشروط» للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى نهاية الزيارة/ القمة، ونوهت الوكالة: فى الوقت الذى عقد فيه الزعيمان المعزولان من قِبل الغرب قمة حذرت الولايات المتحدة من أنها قد تؤدى إلى اتفاق لتزويد الأسلحة النووية بالذخيرة.
الإعلام الدولى، الأوروبى والأمريكى، ألمح إلى أن القمة، وفق الرئيس الكورى الشمالى، كانت ناجحة، إذ: «سلط الاجتماع، الذى استمر أكثر من أربع ساعات فى ميناء الفضاء الروسى فى الشرق الأقصى، الضوء على مدى توافق مصالح البلدين: يُعتقد أن بوتين يسعى إلى الحصول على أحد الأشياء القليلة التى تمتلكها كوريا الشمالية الفقيرة بوفرة، مخزونات الذخيرة القديمة والأسلحة النووية. صواريخ لأسلحة الحقبة السوفيتية».

* قصة الأقمار الصناعية.. قدرات أو تجسس؟
فى تحليل الوكالة الفرنسية، ووكالة AP الأمريكية، قيل بكل وضوح إن الاجتماعات التى تمت فى قاعدة «فوستوشنى الفضائية»، التى تعد أهم مركز إطلاق الصواريخ، وتقع ضمن الأراضى الروسية، ذات المختبرات العلمية الفضائية، وهى فى خارج مدينة تسيولكوفسكى، على بعد حوالى 200 كيلومتر «125 ميلًا» من مدينة بلاغوفيشتشينسك فى منطقة أمور بأقصى شرق روسيا، الاجتماع، وما نتج عنه أن كوريا وزعيمها، يسعيان إلى: «الحصول على مساعدة روسية فى تطوير أقمار الاستطلاع العسكرية؛ وكان قد قال فى السابق إن هذا أمر بالغ الأهمية لتعزيز التهديد الذى تشكله صواريخه ذات القدرة النووية، وفشلت كوريا الشمالية مرارًا وتكرارًا فى وضع أول قمر صناعى للتجسس العسكرى فى مداره».

* مشاهد لها دلالات
* المشهد الأول:
التقى «بوتين»، بسيارة ليموزين، «كيم»، التى تم إحضارها من بيونج يانج فى القطار المدرع للزعيم الكورى الشمالى، فى منشأة الإطلاق، واستقبل ضيفه بمصافحة استمرت حوالى 40 ثانية. وتحدث بوتين عن دعم الاتحاد السوفيتى لكوريا الشمالية فى زمن الحرب، وقال إن المحادثات ستغطى التعاون الاقتصادى والقضايا الإنسانية و«الوضع فى المنطقة».

* المشهد الثانى:
تعهد «كيم» بدوره بمواصلة الدعم لموسكو، فى إشارة واضحة إلى الحرب فى أوكرانيا.
وأضاف، حسب المصادر الإعلامية لوكالة الأنباء الفرنسية؛ أن «روسيا تخوض حاليًا معركة عادلة ضد القوى المهيمنة للدفاع عن حقوقها السيادية وأمنها ومصالحها». و«لقد أعربت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية دائمًا عن دعمها الكامل وغير المشروط لجميع الإجراءات التى اتخذتها الحكومة الروسية، وأغتنم هذه الفرصة لأؤكد من جديد أننا سنقف دائمًا إلى جانب روسيا فى الجبهة المناهضة للإمبريالية وجبهة الاستقلال»

* المشهد الثالث:
كوريا الشمالية، غالبًا، تمتلك عشرات الملايين من قذائف المدفعية والصواريخ القديمة المبنية على تصميمات سوفيتية والتى يمكن أن تدعم القوات الروسية فى أوكرانيا.

* المشهد الرابع:
اتهمت واشنطن كوريا الشمالية بتزويد روسيا بالأسلحة، بما فى ذلك بيع قذائف مدفعية لمجموعة فاجنر المرتزقة الروسية. وينفى المسئولون الروس والكوريون الشماليون مثل هذه الادعاءات.
.. عمليًا: شراء الأسلحة من كوريا الشمالية أو توفير تكنولوجيا الصواريخ لها من شأنه أن ينتهك العقوبات الدولية التى دعمتها روسيا فى السابق، إبان خمسينيات القرن الماضى فى الحرب بين الكوريتين الشمالية والجنوبية.

* المشهد الخامس:
الرئيس بوتين أكد أن كيم سيزور مدينتين أخريين فى الشرق الأقصى بمفرده بعد القمة، ويتوجه إلى كومسومولسك أون أمور، حيث سيزور مصنعًا للطائرات، ثم يتوجه بعد ذلك إلى فلاديفوستوك لمشاهدة الأسطول الروسى فى المحيط الهادئ. وجامعة ومرافق أخرى.

وقال بوتين إن روسيا وكوريا الشمالية لديهما «الكثير من المشاريع المثيرة للاهتمام» فى مجالات مثل النقل والزراعة. وأضاف أن موسكو تقدم لجارتها مساعدات إنسانية، ولكن هناك أيضًا فرصًا «للعمل على قدم المساواة».
.. الواضح فى هذا المشهد أن بوتين يخادع الحقيقة، فقد حلل الإعلام الغربى أنه: تهرب من مسألة التعاون العسكرى، مكتفيًا بالقول إن روسيا تلتزم بالعقوبات التى تحظر شراء الأسلحة من بيونج يانج، «هناك قيود معينة، وروسيا تتبعها جميعها. هناك أشياء يمكننا التحدث عنها، نحن نناقشها، ونفكر فيها».

* أحداث ما قبل الزيارة.. السعى لقمة نادرة وخطيرة.
* الحدث الأول:
الرئاسة الروسية: الرئيس الكورى الشمالى كيم جونج أون يقوم بزيارة رسمية إلى ‎روسيا فى الأيام المقبلة بدعوة من الرئيس فلاديمير ‎بوتين
روسيا ستواصل تعزيز صداقتها وعلاقتها مع ‎كوريا الشمالية فى شتى المجالات. 
* الحدث الثانى:
متحدث الخارجية الأمريكية: سنراقب عن كثب الاجتماع بين ‎بوتين وزعيم ‎كوريا الشمالية. 
* الحدث الثالث:
نشرت وكالة الأنباء المركزية الكورية، الزعيم الكورى الشمالى ‎كيم جونغ أون وهو يلوح من قطاره للمشاركين فى وداعه أثناء مغادرته الأحد الماضى إلى ‎روسيا للقاء الرئيس ‎بوتين.
.. فى ذات المشهد وذات اليوم قال الرئيس الروسى بوتين، إن العلاقات بين روسيا والصين وصلت إلى مستوى تاريخى لا مثيل له، وستتم مواصلة العمل المشترك بين البلدين.
وخلال لقائه نائب رئيس مجلس الدولة الصينى، لى تشيانج، على هامش المنتدى الاقتصادى الشرقى، الذى تستضيفه مدينة «فلاديفوستوك» الروسية، أشار بوتين إلى أن زيارة الرئيس الصينى، شى جين بينج، إلى روسيا فى مارس، بعد إعادة انتخابه تعكس مستوى العلاقات التاريخى الذى وصلت إليه البلدين، وهى إشارة إلى إمكانية تلميح روسيا لكوريا الشمالية بوجود مساحات لتعاون ثلاثى بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، رغم استحالة ذلك دوليًا وأمنيًا.

* الحدث الرابع:
صورة الحدث وصلت الرئيس الكورى كيم وهو فى القطار، إذ قال الرئيس الروسى بوتين عن أن بلاده تعمل على تصنيع سلاح بخواص «فيزيائية متميزة» وباستطاعته ضمان الأمن فى أى بلد. 
* الحدث الخامس:
وسائل إعلام روسية: القطار المدرع الذى يقل زعيم ‎كوريا الشمالية «كيم جونغ أون» فى زيارة إلى ‎روسيا عبر جسر السكك الحديدية فوق نهر رازدولنا فى إقليم بريمورسك الروسى وتوجه شمالًا، وفيه تمت المشاهد الأولى من استبقال رئيس ‎كوريا الشمالية كيم جونج أون فى ‎الأراضى الروسية. 
* الحدث السادس:
الرئيس الروسى بوتين يعقد جلسة محادثات مع زعيم ‎كوريا الشمالية فى قاعدة «فوستوشنى» الفضائية فى أقصى الشرق الروسى والأخير يؤكد أن «العلاقات مع ‎روسيا أولوية قصوى لنا وسنبقى معًا فى الحرب ضد الإمبريالية»، وهو الحدث المتوقع سياسيًا من دولة تواجه الغرب منذ الخمسينيات من القرن الماضى، الحدث تلاه بدء اجتماع ثنائى بين ‎بوتين ونظيره الكورى الشمالى كيم وجهًا لوجه بعد انتهاء الاجتماع الموسع بينهما، كيم أكد خلال محادثات مع بوتين، أن العلاقات مع روسيا تمثل «الأولوية الأولى» بالنسبة لبلاده، وهى مسألة ينظر لها المجتمع الدولى والأمم المتحدة، بارتياب عميق؛ ذلك أن الزعيم كيم لفت إلى أن بلاده تريد مواصلة تطوير العلاقات مع روسيا وتؤيد قراراتها، لافتًا إلى أن روسيا ارتقت إلى مستوى النضال المقدس للدفاع عن سيادتها، وهى إشارة إلى خطورة الحدث.

* الحدث المتوقع. 
فى مخاطر دولية، سياسية وأمنية واقتصادية، ما يتوقع من القمة أن توافق كوريا الشمالية على تزويد روسيا بالذخيرة والأسلحة اللازمة لحربها فى أوكرانيا. وفى المقابل، قد توافق موسكو على نقل التكنولوجيا المتعلقة بالأسلحة إلى بيونج يانج، مثل تلك التى تشمل أقمار التجسس الصناعية والغواصات التى تعمل بالطاقة النووية، وهنا مكمن الخلاف مع الغرب وبالذات حلف ناتو والولايات المتحدة. 
.. وخارج التوقع، مراوغة بوتين، الذى اعتبر نتائج مباحثاته مع الزعيم الكورى الشمالى، تضمنت تبادلًا «صريحًا» لوجهات النظر بشأن الوضع فى المنطقة، كما تطرقت إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، والمشاريع المهمة فى مجالات النقل والسكك الحديدية والموانئ. 
.. وضمن رؤية الغرب، يرى البيت الأبيض، فى تعليق أن: الولايات المتحدة لديها مخاوف بشأن أى علاقات عسكرية مزدهرة بين ‎روسيا و‎كوريا الشمالية. 
.. فى واقع أزمات العالم من كوارث طبيعية، أعاصير مدمرة وزلازل، وحروب وهجرات ونقص الموارد والأزمة الاقتصادية العالمية، نعود إلى مربع المكوكيات العالمية التى تدور من بلد إلى آخر، ومن تجمع دولى إلى مجموعات اقتصادية وأمنية، لا تكاد تخرج من أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وهى التى يرى فيها الرئيس الأمريكى بايدن، أنها تسمعنا قرقعة أصوات الحرب العالمية الثالثة.. لنا أن نترقب الآتى.