رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تأمين الغذاء.. كيف تحمى الدولة المخزون الاستراتيجى من السلع؟

السلع
السلع

أشاد عدد من الخبراء بجهود الدولة لتوفير مخزون مناسب من كل السلع الاستراتيجية، مؤكدين أن مصر استطاعت أن تحتوى الأزمة العالمية بذكاء، عبر استنباط بذور قادرة على تحمل التغيرات المناخية، وزيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل المهمة.

وقال الخبراء، لـ«الدستور»، إن مصر تمتلك الآن مخزونًا آمنًا من القمح والأرز والبصل والأعلاف، ونجحت فى تقليل استيراد بعض الأصناف، وتجتهد لتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

 

توافر القمح بفضل التوسع فى زراعته وتطوير طرق تخزينه

قال مجدى الوليلى، عضو غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، إن مخزون القمح فى مصر آمن، بفضل التوسع فى زراعته وتطوير طرق تخزينه.

وأوضح «الوليلى»: «جرى تغيير نمط التخزين، وأصبحت الشون الترابية لا تستخدم، لأنها تهدر ٣٠٪ من إنتاج مصر من القمح، نتيجة التعرية والرطوبة والحرارة، والآن يجرى استخدام الشون المعدنية»، مؤكدًا أن تطوير آليات التخزين قلل من الفاقد.

وتابع: «مصر تحرص على تقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وتقليل الاستيراد، من خلال التغلب على الصعوبات المناخية، إذ تبنت الدولة مشروع تدوير مياه الصرف الزراعى، وتصبح المياه نظيفة وصالحة للاستخدام، كما حدث فى الإسكندرية»، مشيرًا إلى أن الدولة عملت على تبطين المصارف والترع، وذلك لتقليل امتصاص التربة المياه.

وأضاف: «المشروع الذى جرى تنفيذه فى الإسكندرية يسمح بتدوير ٧ ملايين متر مكعب يوميًا من مياه الصرف الزراعى؛ وذلك لتغذية مشروع «مستقبل مصر» فى العلمين، لزراعة ما يقرب من ٢.٢ مليون فدان.. كل تلك المساحات مخصصة لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، من خلال نظام الزراعات التعاقدية، التى تتم بين الدولة والشركات أو المزارعين».

وواصل: «جهود الدولة تزيد من الإنتاج وتقلل الاستيراد وترفع كفاءة الأراضى الزراعية»، لافتًا إلى أنه فى حال استمرار مصر فى ذلك النهج سنقترب من سد الفجوة بحلول ٢٠٣٠.

وذكر عضو غرفة الحبوب باتحاد الصناعات، أن الحكومة تستخدم تقاوى قمح تساعد فى رفع إنتاجية الفدان، مختتمًا: «الفدان كان يثمر ١٤ إردبًا، والآن وصل ٢٤ إردبًا، وهذا يؤكد أن الدولة تعمل على الاستفادة من الأراضى الزراعية بكل السبل».

الذرة الصفراء تكفى 4 أشهر مقبلة

أكد عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية، أن الشعوب تشهد حربًا غذائية شرسة، نتيجة التغيرات المناخية التى تسببت فى الجفاف والفيضانات فى عدد من الدول، إضافة إلى تأثير النزاع الروسى الأوكرانى، حيث إن روسيا وأوكرانيا من أكبر الدول المصدرة للحبوب فى العالم.

وقال إن الأزمة أثرت على سوق الدواجن بشكل واضح، لافتًا إلى أن مصر وجدت دولًا بديلة يمكن أن تستورد منها الحبوب والأعلاف، مثل الذرة وفول الصويا. وأضاف: «مصر تستورد ما يقرب من ٩٠٪ من خامات الأعلاف، من ذرة صفراء وفول صويا، لكن الحكومة تسعى جاهدة لتوفير خامات الأعلاف»، مشيرًا إلى أن الأزمة العالمية وزيادة أسعار الدولار جعلت هناك فجوة كبيرة فى السوق.

وذكر أن مصر الآن لديها مخزون من الذرة الصفراء يكفى حتى ٤ أشهر مقبلة، فى الموسم الحالى ٢٠٢٣، إذ إن عددًا كبيرًا من المزارعين زاد الرقعة الزراعية نتيجة وضع أسعار استرشادية.

وكشف رئيس شعبة الدواجن عن أن حجم استهلاك مصر من الذرة الصفراء يصل إلى مليون طن شهريًا، و٦ ملايين طن شهريًا من فول الصويا، وذلك قبل الأزمة، ولكن الآن أصبح الاستهلاك الشهرى من الذرة الصفراء يصل إلى ٦٠٠ ألف طن، بينما تراجع استهلاك فول الصويا ليصل إلى ٣٦٠ ألف طن فى الشهر، بسبب خروج بعض صغار المنتجين من السوق.

وأكد أن مصر كانت تنتج مليونًا ونصف المليون طائر فى السنة، والآن أصبحت تنتج ٩ ملايين طائر، أما عن إنتاج بيض المائدة، فكانت مصر تنتج ١٤ مليار بيضة فى السنة، والآن تنتج ٩ مليارات ونصف المليار بيضة، نتيجة تراجع القوة الشرائية للمواطن، مشيرًا إلى أن الأمن الغذائى فى مصر متحقق، ولكن هناك ارتفاع فى الأسعار.

استنباط شتلات وبذور ذات إنتاجية ومقاومة أعلى لتأثير التغيرات المناخية 

شدد مصطفى النجارى، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، على أن العالم يشهد تغيرات مناخية تهدد الأمن الغذائى، مشيرًا إلى أن مصر تتميز بالاستقرار المناخى على عكس دول كثيرة، ما جعلها تنجح فى التصدى للأزمات. وأوضح «النجارى» أن التغيرات المناخية تسببت فى حدوث فيضانات وجفاف فى دول كثيرة، فضلًا عن الحرب الروسية الأوكرانية، فاتجهت الأنظار لمصر، وزادت الصادرات إلى ٥.١ مليون طن مع نهاية يوليو ٢٠٢٣. وأضاف أن التغيرات المناخية والحروب أضرت بدول منتجة للحبوب، ما تسبب فى ارتفاع الأسعار عالميًا، لافتًا إلى أن ما يحدث فى مصر من ارتفاع للأسعار أمر طبيعى، نتيجة التضخم العالمى. وأشار إلى أن وزارة الزراعة تعمل، حاليًا، مع مراكز البحوث لاستنباط شتلات وبذور ذات إنتاجية ومقاومة أعلى لتأثير التغيرات المناخية، لافتًا إلى أنه فى حال نجاح التجارب سيكون لمصر دور أساسى فى إحداث توازن ملحوظ بين العرض والطلب العالمى، خصوصًا فى ظل وجود المشروع القومى للزراعات المحمية. وواصل: «حدثت طفرة فى زراعة الأرز فى مصر، بعد استنباط أنواع جديدة تعطى إنتاجية عالية وتستهلك القليل من المياه، ما جعل لدينا مخزونًا آمنًا من الأرز». وتابع: «مساحة الأرض المزروعة ١.٢٥ مليون فدان، وإنتاجية المساحة المزروعة بواقع متوسط ٣.٨ طن أرز شعير خام للفدان، أى تعادل المساحة المزروعة ٤.٧٥ مليون طن أرز شعير، والذى يعطى بعد الضرب لإنتاج أرز أبيض حوالى ٣ ملايين طن أرز أبيض».

تراجع أسعار الدواجن مع وجود فائض بالمعروض

رأى ثروت الزينى، نائب رئيس اتحاد منتجى الدواجن، أن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها تأثير كبير على صناعة الدواجن، حيث تضاعف سعر العلف بشكل ملحوظ، خاصة أن الدولتين من أكثر الدول المصدرة للأعلاف، وعلى رأسها الذرة الصفراء وفول الصويا. وأوضح «الزينى» أن هناك تراجع ملحوظ فى القوة الشرائية وصل إلى ٦٠٪ ، لذا فإن هناك فائضًا كبيرًا فى الأسواق، وكل ذلك تسبب فى تراجع أسعار الدواجن، فهى الأقل فيما يخص الأسعار مقارنة بالسلع الأخرى، ومصر بدأت التوسع فى زراعة الكثير من المحاصيل، على رأسها الذرة الصفراء ولدينا مساحات مزروعة بالمحصول تكفى احتياجات البلاد لما يقرب من ٤ أشهر تقريبًا وأعتقد أن هذه الخطوة فى صالح صناعة الدواجن.

غلاء البصل ينتهى بعد 3 أشهر مع طرح «العروات الجديدة» فى السوق

ذكر المهندس صلاح حجازى، عضو المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، أن موجة ارتفاع أسعار البصل فى مصر ستنتهى بعد ٣ أشهر من الآن.

وأوضح «حجازى»: «هناك عروات جديدة من البصل سيجرى طرحها فى الأسواق، وأؤكد أن مصر لا توجد بها أزمة فى البصل، وتعتبر من أكبر الدول المنتجة للبصل، ويحتل البصل المركز الرابع بين الصادرات المصرية».

وتابع: «مصر تأتى ضمن أكبر ١٠ دول منتجة ومصدرة للبصل حول العالم، وتعتبر الدول الأوروبية والعربية من أكبر الدول التى تستقبل البصل المصرى»، لافتًا إلى أن البصل من أهم المحاصيل الغذائية التى لها فوائد صحية، إضافة إلى دخوله فى عدد كبير من الصناعات الطبية.

وأضاف أن هناك أزمة عالمية فى محصول البصل فى جميع أنحاء العالم، نتيجة للتغيرات المناخية، لكن فى مصر لا توجد أزمة، والبصل المصرى يتمتع بمواصفات عالية، من ناحية الجودة وقابلية التخزين.

الحرب فى السودان لم تؤثر على استيراد اللحوم 

قال الدكتور محمد عثمان، الخبير فى الثروة الحيوانية، إن الاشتباكات فى السودان لم تؤثر على استيراد مصر من اللحوم المبردة والحية، مؤكدًا أن الحكومة لديها تعاقدات مع دول أخرى، كما أنها تستورد ١٠٪ فقط من احتياجاتها من اللحوم من الخرطوم. وأشار إلى أن حجم استهلاك مصر من اللحوم يصل إلى ١.٤ مليون طن سنويًا، منها ٥٣٪ إنتاجًا محليًا و٤٧٪ استيرادًا من الخارج، لافتًا إلى أن الحكومة تعمل جاهدة على توفير اللحوم فى الأسواق، مؤكدًا أن الأسعار مرتبطة بأسعار الأعلاف، والتى ترتبط بدورها بـ«بورصة شيكاغو» وحسب العرض والطلب. وأضاف أن مصر تستورد كميات كبيرة من الأعلاف من الخارج، وفى الآونة الأخيرة تراجعت الأسعار بشكل ملحوظ، سواءً الذرة الصفراء أو الفول الصويا، كما حدثت زيادة فى الإفراجات الجمركية للأعلاف المستوردة.

ولفت إلى أن أسعار الأعلاف تراجعت بشكل ملحوظ، حيث سجل سعر طن فول الصويا ٢٧ ألف جنيه، بينما سجلت أسعار الذرة الصفراء ١٢ ألف جنيه للطن.

20% زيادة متوقعة فى صادرات مصر الزراعية خلال الموسم المقبل

أكد هشام النجار، نائب رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، أن العالم يشهد حالة من عدم الاستقرار فى الأحوال المناخية، التى تؤثر بالسلب على مخزون السلع الغذائية والزراعة والصادرات، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن تستفيد مصر من تلك التغيرات المناخية من خلال زيادة صادراتها من الحاصلات الزراعية، حيث إنه متوقع زيادة ٢٠٪ فى الصادرات المصرية خلال الموسم المقبل. وأوضح «النجار» أن بعض الدول العربية تأتى فى المركز الأول فى استقبال صادرات مصر من الحاصلات الزراعية، ما بين الطازج والمجمد، وتأتى دول الاتحاد الأوروبى فى المركز الثانى وروسيا فى الثالث، مشيرًا إلى أن التغيرات المناخية لم تؤثر على استيراد مصر من أى منتجات من الخارج، خاصة أن مصر تنتج العديد من المنتجات الزراعية. وأشار إلى أن مصر من الدول المستقرة فى مناخها؛ لذا فإنه يجب استغلال هذا الأمر فى زراعة المزيد من المحاصيل التى تحتاجها وتستغنى عن استيرادها، مضيفًا: «لم نتأثر بالأزمة الروسية الأوكرانية كثيرًا، ولدينا زيادة ملحوظة فى إنتاج البطاطس، ورغم ما تمر به موسكو، حاليًا، فهى من أكثر الدول الملتزمة بالدفع للمصدرين المصريين».