رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رفعت سيد أحمد: جماعة الإخوان كانت وسيلة لبناء شرق أوسط أمريكى إسرائيلى بـ«لحية».. والثورة المصرية هدمت المشروع «2»

رفعت سيد أحمد
رفعت سيد أحمد

قال الكاتب رفعت سيد أحمد إن ثورة ٣٠ يونيو مثلت انتصارًا للإسلام الحقيقى فى وجه إسلام التنظيمات والجماعات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان، ووصف عناصرها بأنهم ببغاوات فكر، وفقراء مثل عناصر باقى التنظيمات فى الفكر والمعرفة، وهو ما يسهل عليهم «تجريس» الآخر وإلقاء التهم دون وازع أخلاقى. 

وواصل الباحث، المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، تقديم شهادته عن عنف الجماعة وتطرف أفكارها، فى الجزء الثانى من حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز عبر فضائية «extra news»، راصدًا أخطاء المثقفين فى التعامل مع تلك الجماعة وأسباب ميلها للعنف، وعلاقتها بالتنظيمات المتطرفة والتكفيرية، مثل «الجهاد» و«التكفير والهجرة» و«داعش» و«جبهة النصرة»، وكيف أصبحت تلك الجماعات وسيلة لتنفيذ مخططات استخباراتية لبناء ما يسمى «الشرق الأوسط الجديد»، وهو ما هدمته ثورة الشعب المصرى ضد الجماعة فى ٣٠ يونيو.

■ سيد قطب له مقولة «فى حياتنا عرائس شمع لا توقد إلا بالدماء» وجماعة الإخوان هى الرحم الذى خرجت منه كل الجماعات الإرهابية وصولًا لـ«داعش».. فهل هناك مبالغة فى ذلك؟

- الحاسم والقاطع فى صحة قول سيد قطب هو التاريخ والحقائق التى درسناها ودرسها الإخوان أنفسهم، ومقولات التكفير التى أبدع فيها «قطب» فى كتابه «معالم فى الطريق»، وكتبه الأخرى، أسست للجماعات التالية، وعلى رأسها «التكفير والهجرة».

وعند إعدام سيد قطب فى عام ١٩٦٦ كان من ضمن الشباب الذين يجمعون التبرعات لجماعته شاب اسمه شكرى أحمد مصطفى، وألقى القبض عليه، وشكل داخل السجن تنظيم «التكفير والهجرة»، وكفّر الدولة ومأمور السجن، ودعا لتأسيس يثرب جديدة والهجرة إليها، بعد أن كفّر المجتمع وأخذ فكرة التكفير من «قطب»، هذه الجماعة هى مَن قتلت الشيخ الذهبى، وزير الأوقاف فى سنة ١٩٧٧.

■ ما العلاقة بين صالح سرية والإخوان؟

- صالح سرية بعد عودته من العراق وحصوله على الدكتوراه من جامعة عين شمس، ربطته علاقة بزينب الغزالى، التى كانت أهم كادر نسائى إخوانى خرج من سجون السادات.

وقيل إنها عرفته، لكنها لم توافق على تحركه السياسى السريع، وهذا مشكوك فيه، لأن من عيّن صالح سرية موظفًا فى جامعة الدول العربية هى زينب الغزالى، وشكرى مصطفى خرج من لواء جمعيات التبرعات وقتل الشيخ الذهبى، أما «سرية» فجاء وأسس، من خلال توظيفه بجامعة الدول العربية، تنظيم الفنية العسكرية، بهدف أن يستولى عليها، وأن يأخذ الطلاب ويقضى على السادات وهو يخطب فى مجلس الشعب. 

وعندما أخرج الرئيس السادات الإخوان من السجون، وأعاد لهم مناصبهم وأخرج مجلة «الدعوة»، التى كان لها دور كبير فى نشر الفكر الإخوانى بالجامعات، وتولى الإشراف عليها عمر التلمسانى، كان التنظيم وقتها قسمين، جماعة الإخوان، والإخوان الجهادية، وهى كلمة استُخدمت كثيرًا من هذه الجماعات، ومنها «داعش»، واستخدموا أسماء الصحابة جميعًا والكنية لإيهام الناس بأنهم يسيرون على طريق الصحابة.

وكان ذلك يمثل شهر عسل وزواج مصلحة بين النظام والإخوان، ومن داخلها خرجت تنظيمات الجماعة الإسلامية الإخوانية، التى تحالفت مع جماعة الصعيد وقتلت السادات. 

ومساحة التمويل والحركة السياسية التى حدثت فى السبعينيات كانت كبيرة جدًا، لأن تلك التيارات لا عقيدة ولا سقف لها، والوجود الثقافى العلنى انقلبت عليه فى أقل من ١٠ سنوات، ثم انقلبت على القوى السياسية الأخرى.

■ تنظيم «الجهاد» ومحمد عبدالسلام فرج وراء اغتيال الرئيس السادات طبقًا للقضية لكن لم يكن الإخوان بعيدين عن الصورة.. فما تعليقك؟

- مَن يدرس الحركات الإسلامية يعلم أن هناك وسائل للتداخل والتقارب والتقاطع السياسى والتنظيمى بين بعضها البعض، فالعنصر فى «الجهاد» له زميل أو قريب فى الإخوان، وتمتد أو تتطور العلاقة التنظيمية فى بعض الأحيان، وهى واردة مع اغتيال السادات، وإن لم تبرزها بشكل قاطع وثائق تلك الحادثة.

وطبيعة الأحداث التى كانت موجودة والعنف يؤكدان أن هناك علاقات تنظيمية وسياسية بين الإخوان والجماعة الجهادية المسلحة، ولكن لا يوجد دليل حاسم على وجود أشخاص بعينهم شاركوا فى اغتيال السادات، لكن الشواهد تقول إن الإخوان علموا باغتيال السادات، وحدث تقاطع كبير بينهم وبين قيادات ذلك التنظيم وصلت لحد تمويل بعضهم.

■ كيف ترى محمد عبدالسلام فرج وكتابه «الفريضة الغائبة»؟

- عن كتاب «الفريضة الغائبة» لمحمد عبدالسلام فرج أرى أن تقديم هذه الوثيقة خير من تجاهلها والتحذير منها، وأنا أول من نشر ٢٨ وثيقة فى كتابى «النبى المسلح» عن أفكار هؤلاء، مثل كتابات صالح سرية وشكرى مصطفى ومحمد عبدالسلام فرج، وهذه الوثائق عندما تقدمها أمام الباحثين وأمام صناع السياسة والفكر وتنتقدها نقدًا علميًا تكون الفائدة أفضل.

وكتاب «الفريضة الغائبة» استند لمقولات ابن تيمية وأسقطها على واقع مغاير، كما أن سيد قطب انقطع عن التاريخ، ونفس الأمر يُقال عن شكرى مصطفى و«التوسمات» وعبدالسلام فرج وغيرهم، فالموروث الإسلامى المتراكم عن مفهوم الجهاد أخذ «فرج» جزءًا منه وطبقه، واستند على بعض مقولات ابن تيمية فى قتال التتار، حتى إن بعض الباحثين قالوا إن الذى اغتال السادات هو ابن تيمية.

وكتاب «الفريضة الغائبة» هو تجميع مقولات وضعت فى غير سياقها، ولكن وجدت من ينفذها من الجهلة والملبين لتلك الدعوة، فالكتاب هو امتداد لكتابات أسست لعنف الداعشية وفكرة إقصاء الآخر المخالف جسديًا.

■ لماذا يظل لكتاب «الفريضة الغائبة» بريق بينما يخفت بريق كتاب «نقد الفريضة الغائبة» للشيخ جاد الحق على جاد الحق؟

- أرى أن ذلك بسبب قصور من قِبل المثقف والمؤسسة والدولة، وخوف أحيانًا من أن نقد الفكر قد يؤدى لمسار غير مرغوب، لأن هناك مدرسة ترى عدم إلقاء الضوء على هذا الفكر حتى بانتقاده، لكنى لست من هذه المدرسة، بل أنا مع تقديم الفكر ومحاججته بالتاريخ والاجتهادات وبنص القرآن، ومن قبل علماء وفقهاء مثل الشيخ جاد الحق وغيره، فالأمة لديها عقول قادرة على التفنيد الدينى والعلمى والسياسى لتلك الأفكار، التى ستموت إذا رأت شمس المعرفة الحقيقية، فهى تعيش فى الظلام مع حرفية تلك التنظيمات فى تصدير المظلومية والقدسية لصاحب ذلك الفكر.

■ هل تخاذل المثقفون المصريون والعرب أكثر مما ينبغى أمام الجماعات الإرهابية؟

- قطاعات منهم تخاذلوا، فالمثقفون انقسموا، وقطاع منهم آثر السلامة لأنه يعلم أن الثمن هو العنف ضده، كما حدث مع فرج فودة ونجيب محفوظ، وفريق آخر من المثقفين كان انتهازيًا يغازل تلك التيارات المتطرفة، وذلك الفريق ظهر خلال فترة صعود الإخوان، فرأينا صحفًا تؤجر لهم بشكل كامل، ومغازلة غير مهضومة من بعض المؤرخين.

كما يوجد فريق ثالث يعانى من قصور، فهو لا يقرأ ولا يتابع، سواء كانوا سياسيين أو مثقفين، بل تشغلهم فقط اللحظة الراهنة، لكنهم لا يقرأون التاريخ ولا يتعمقون فى وقائعه أو يستحضرونها عند كل احتكاك أو صدام.

من هنا، تأتى أهمية حلقات برنامج «الشاهد»، لأنها تقدم صورة بانورامية حقيقية، من المهم أن نعلمها، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع تلك الشهادات، لأن الحلقات ربطت ما جرى فى ثورة ٣٠ يونيو بالماضى، فالشعب خرج ضد تاريخ الإخوان من ١٩٢٨، وضد تاريخ الإقصاء والتكفير والتجهيل، فـ«٣٠ يونيو» كانت انتصارًا للإسلام الحقيقى، والفكر الحقيقى، والحرية الحقيقية، والإخوان يستغلون حاليًا الأزمة الاقتصادية لتقديم المظلومية مرة أخرى، وهو جهل وتشويه للحقيقة، ويجب أن نفصل الأمور عن بعضها. 

■ العنف بعد ٣٠ يونيو هو استكمال لمسيرة عنف الجماعة.. فكيف رأيت ذلك؟ 

- من خرج فى ٣٠ يونيو ضد الإخوان هم الشعب، وليس الجيش ولا القضاة، بل ملايين خرجوا بشكل فطرى، وكان ذلك صدمة للإخوان لأنهم جهلة، وربنا لا يحبهم، فهذه الجماعة جاءت على رأس السلطة فى بداية حكم الثورة فظهرت عورات الجماعة ومحمد مرسى أمام الناس، وكانت الأنهار تجرى تحت أقدامه والسلطة معه، والدنيا حاضرة، لكن القصر الجمهورى تحوّل لفرع من فروع مكتب الإرشاد.

وكانت هناك صورة شهيرة لجريدة «الشرق الأوسط» سُربت للمرشد وهو جالس فى القصر الجمهورى، و«مرسى» على الطرف، وكل ذلك أصابهم بالغرور، ثم جاءت ثورة ٣٠ يونيو وأصابتهم بالصدمة.

وبعد ثورة ٣٠ يونيو، أنتج الجهاز الخاص للإخوان ٤ تنظيمات معروفة، لها قضايا وتورطت فى أحداث عنف ووقائع على الأرض، وتمت محاكمة أعضائها، هذه التنظيمات هى: «حسم»، و«أجناد مصر»، و«لواء الثورة»، بالإضافة إلى «كتائب حلوان».

كما كانت هناك جماعات متقاطعة وظيفيًا مع الإخوان، مثل «داعش بولاية سيناء»، التى ثبتت علاقتها العضوية بهم عن طريق محمد البلتاجى، الذى أعطى شهادة باقية للتاريخ من حيث لا يقصد، أو يقصد، عندما قال إنه إذا عادت الجماعة إلى حكم مصر فإن العنف فى سيناء سيتوقف، وكان محمد مرسى هو مَن أفرج عن شقيق أيمن الظواهرى، وكرد للجميل، خرج شقيق «الظواهرى» من السجن إلى سيناء وأنشأ تلك الجماعات.

كما أن مرشد الإخوان فى سوريا كان هو الخيمة التى نشأ فى ظلالها تنظيما «جبهة النصرة» و«داعش»، وهى حالة إقليمية وليست مصرية، لكن مصر كانت عمود الخيمة لبناء شرق أوسط أمريكى إسرائيلى جديد لكن بـ«لحية»، وكانت الوسيلة هى الإخوان بفروعها الإقليمية، فى سوريا والعراق وليبيا وتونس وكل بلاد المغرب العربى.

ولولا ٣٠ يونيو لكان من الصعب القضاء على هذا المشروع، الذى كان سيشهد «صهينة المجتمعات العربية» بشكل أقوى وأشرس، ولن تستطيع أن ترد عليهم لأنهم يكفرون المختلف مع الجماعة، الذى كان يُنقل إلى خانة الحلال والحرام وليس لخانة الصواب والخطأ فى السياسة.

لذلك، فثورة ٣٠ يونيو هدمت هذا المشروع، ونتيجة انهياره والصدمة من الثورة عادوا لاستخدام العنف، لأن الجماعة لم تختلف فى السياسة أبدًا، بل كان العنف دائمًا هو طريقها فى حال الاختلاف.

■ جماعة الإخوان دُعيت فى ٣ يوليو ٢٠١٣ إلى أن تكون جزءًا من المشهد، لكنها اختارت العنف.. فما تفسيرك لذلك؟ 

- اعتصاما «رابعة» و«النهضة» كانا محاولة لقول «لا» بطريقة عنيفة، وتعطيل مصالح خلق الله وأمن البلد، على عكس ما ينص عليه الفقه الإسلامى، وأثناء الاعتصام عُرضت حلول سياسية كثيرة عليهم، وقُوبلت كلها بتكبر ورفض وغرور ووهم القوة.

وأثناء الاعتصام، بدأت كتائب التنظيم الخاص تظهر على السطح، مرة أخرى، وتظهر الوجه الحقيقى والتاريخى لهذه الجماعة، مما يلغى أى مقولات لها عن تقبل الاختلاف وتبنى الديمقراطية، لأن الذى يلجأ إلى هذه الأساليب غير ديمقراطى من جيناته ومنبعه، فهذه الجماعة لو كانت سياسية بشكل حقيقى ومرنة لقبلت بما حدث حتى لو كانت مظلومة، وسعت لتغيير الظلم بأساليب ديمقراطية.

فالإخوان اختاروا العنف، لأن الله سبحانه وتعالى لم يمنحهم نعمة الذكاء السياسى، ولم يتلقوا رسالة ٣٠ يونيو بشكل صحيح ولم يستجيبوا لها، بل سفهوا كل المصريين الذين نزلوا فى الشوارع فى الثورة، ولو قلنا إن بعض من خرجوا كانوا مسيسين وبعضهم له أهداف، ومنهم جيش وشرطة كما قالوا، فإن هناك ملايين أخرى خرجت للشوارع ولا يمكن تسفيههم بهذا الشكل.

■ لديك قناعة بأن جماعة الإخوان كان من الطبيعى أن تنتهى على يد شخصية مثل خيرت الشاطر.. فما سبب تلك القناعة؟

- كان من الطبيعى أن تنتهى الجماعة على يد خيرت الشاطر؛ لأنه شخص عنيف بطبعه وشكله، فلم يمنحه الله بسطة فى العقل كما منحه بسطة فى الجسم، ولم يتمتع بنعمة الحوار والنقاش، وكان صداميًا، ولديه أنانية سياسية، وإمبراطورية البيزنس التى بناها جعلته نفعيًا فى طريقة الدعوة وتشكيل التنظيم واختيار المعارك.

كل هذه العوامل التى شكلت شخصية لا يمكن أن تقود حزبًا أو تنظيمًا إلا للهلاك، فقد تقدم بالجماعة ولكن على طريق مغلق، وجزء كبير من القضايا التى اتُهم فيها وحُبس كان من الممكن أن يتجاوزها، أو يلتف عليها بأساليب كثيرة، فقد منحه نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ومنح غيره، مساحة حرية، حتى إن الجماعة كان لها ٨٨ عضوًا فى مجلس الشعب.

وكان من الممكن لخيرت الشاطر أن يستفيد من ذلك المناخ، ليتمتع بالمرونة السياسية وتقوية التنظيم والحزب، لكن هذا لم يتم، بل أخذته العزة بالإثم فى عام ٢٠١١، وزادها أنه كان يريد ترشيح نفسه للرئاسة، ولم يُشاهد مبتسمًا، بل ظل وجهه غليظًا، وفى النهاية وصل إلى مسار مغلق ضد المجتمع.

■ الإرهاب الفكرى صفة أصيلة للجماعة.. فما أسباب ذلك؟

- الإرهاب الفكرى والمعنوى واستخدام الإشاعة دون تقوى يعتبران سمة متأصلة وأساسية فى أغلب تشكيلات الإخوان والتنظيمات المتفرعة والمتقاطعة معها، ومن المفترض أن يمتلك السياسى أو المثقف بشكل عام احترامًا للآخر وخصوصياته، فما بالك بالمثقف السياسى الإسلامى، الذى يفترض أن يكون لديه وازع أشد.

وأغلب عناصر التنظيمات الإخوانية أو المتسلفة التى تقاطعت مع الإخوان عندما كانوا يعملون فى السياسة ثم بعد ذلك اشتغلوا فى العنف وفى السياسة معًا، كانت تجمعهم سمة أساسية، تمثلت فى أنهم يغتالون الآخر المختلف معهم معنويًا قبل أن يُجهزوا عليه جسديًا. 

هذه السمة تعود فى أحد أسبابها إلى أن الإخوان فقراء ثقافيًا، فالإخوان جماعة بلا خيال وبلا فكر حقيقى أصيل، بل هم ببغاوات فكر، ومن الممكن أن يكرروا مقولات دون أن يكون بها أى عمق، وليست مصادفة على سبيل المثال ألا تجد فيهم أديبًا واحدًا مثل نجيب محفوظ.

هذا الفقر الثقافى والمعرفى لدى جماعة الإخوان والتنظيمات سهّل عليهم إلقاء التهم وتجريس الآخر المختلف عنهم ثقافيًا أو سياسيًا، ويعود ذلك بالأساس إلى سوء التربية الذاتية والوطنية والأخلاقية، وبالتالى كان إلقاء التهم وسيلة الإخوان وسمتهم الأساسية الثابتة فى قمع الآخر المختلف عنهم.

■ ما مظاهر الاغتيال المعنوى الذى تنتهجه تلك التنظيمات؟

- جماعة الإخوان مثلًا كانت تعمل على تشويه الأديب الراحل نجيب محفوظ؛ لأنها ليس لديها مثله، ثم حاولت قتله، ومَن حاول قتله لم يقرأ أى شىء له، لكنه برر محاولة القتل بأنه قد تم إخباره بأن الأديب الراحل كان علمانيًا، فاستل السكين وحاول قتله. 

والإخوان يتخذون العنف اللفظى والجسدى وسيلة لقمع المعارضين لهم من شرائح المثقفين والمفكرين والإعلاميين، كما يحدث الآن، ومثلما حدث فى حصار مدينة الإنتاج الإعلامى قبل ثورة ٣٠ يونيو، التى كانت محاولة جديدة لاغتيال نجيب محفوظ، ولكن بجاهلية وبدائية، حتى أنهم ذبحوا القرابين على أبواب المدينة.

والجماعة أعدت قائمة بالإعلاميين المعارضين لها، رغم مساحة الحرية التى كانت متاحة لهم، وكان يمكن للإعلاميين أن يردوا عليهم، لكن لم يكن عليها أن تقيم مراحيض وحصارًا حول المدينة، وبالتالى فإن هذه الرسالة كانت تعنى أن الجماعة ومن تحالف معها، مثل حازم صلاح أبوإسماعيل، مفلسون. 

الجزءان اللذان تم إنتاجهما وعرضهما من مسلسل «الجماعة»، للسيناريست الراحل وحيد حامد، هما عملان رائعان ومبدعان وفيهما جهد، لأن محاولة رصد تاريخ ومعارك وتفاصيل هذه الجماعة ليست مسألة سهلة أبدًا، ومعالجتها دراميًا شىء أكثر صعوبة. 

■ فى رأيك.. كيف يمكن مواجهة هذا النوع من الإرهاب؟

- هذا الشكل من الإرهاب وغيره يحتاج إلى المواجهة بالمعرفة وكشف الحقيقة بجلاء، حتى لا يتم تصيد المظالم كما يحدث الآن، وتجاهل التحولات، التى يعتبر جزء منها عالميًا لا يد لنا فيه، من قِبل تلك التنظيمات التى توجه الأمور وتأخذ من الحقيقة ١٠٪ وتشيع الأكاذيب بعد ذلك، كما درسنا وتعلمنا فى فن الشائعة.

كما أن لدينا الأزهر الشريف فى مصر، وهو كنز علّم الدنيا الإسلام، ولم يُستفد منه بشكل تام بعد، وبالتالى، فإن استحضاره كمؤسسة دعوية تاريخية لها ثقل ومصداقية فى فكر الإسلام الوسطى الحقيقى، وتحديث وسائل التعبير منها وعنها، هو أمر نحتاجه فى هذه الاستراتيجية الكبيرة لمواجهة الأفكار المتطرفة، فما زالت هناك مصداقية كبيرة للأزهر، وعندما تُذكر مصر يُذكر الأزهر. 

واستحضار الأزهر فى معاركنا الكبيرة مع هذه التيارات يُصغّرها ويقلل من شأنها وحججها، لأن هؤلاء يريدون تفكيك الأوطان من أجل بنائها على هوى أجهزة ودول ومخططات أخرى أعداء لمصر، وليس للإصلاح أو إحداث تغييرات اجتماعية وسياسية.