رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تزامنًا مع ذكراه.. أبرز المعلومات عن القديس برناردس رائد الرهبنة السيسترسية

القديس برناردس من
القديس برناردس من كليرفو رئيس الدير ومعلم الكنيسة رائد الرهب

تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في مصر بذكرى رحيل القديس برناردس من كليرفو، رئيس الدير ومعلم الكنيسة رائد الرهبنة السيسترسية.

- من هو القديس برناردس رائد الرهبنة السيسترسية؟
 

اسمه "برنارد" وهو اسم مكون من مقطعين ويعني "الشجاع الجسور"، وُلِدَ عام 1090، بفونتين لي ديچون - شرق فرنسا، لأبٍ هو "تسكلان لي رو" لورد مدينة فونتين لي ديچون، وأمٍ هي "أليت دي مونبار"، وكلاهما ينحدران لعائلتين نبيلتين من إقليم برجُندي الفرنسي، كان ترتيبه الثالث من أصل سبعة أطفال (ست بنين وابنة واحدة).

 في الطفولة المبكرة تأثر برنار بتقوىَ والدته الذي أثَّر عليه طوال حياته، وبعمر التاسعة أُرسِل برناردس إلى مدرسة شاتيلون- سور – سين، يُديرها كهنة إيبارشية سان ڤورل، تميَّز جداً في دراسة الآداب المختلفة وبشكل خاص الشِعر الذي كان يستهويه كثيراً فيجلس لقرائته وتذوقه لفترات حتى بعد انتهاء يومه الدراسي. كما كان تفوقه الدراسي يثير إعجاب أساتذته. 

وقد أراد أن يُمكنه تفوقه الأدبي من دراسة الكتاب المقدس، و كان شديد التعلُّق بشخصية مريم العذراء، لدرجة كتابته الكثير من التأملات عن حياتها وكان يدعوها دائماً "الملكة، كما كان له خطوات توسعية فاقت معاصره "أنسيلم من كانتربري" على طريق تحديث عملية نقل الطقوس المتعلقة بأسرار الكنيسة من العصور الأولى للمسيحية نحو العصور الأحدث. كما كان نهجه اللاهوتي هو التأمل أكثر من استخدام المنطق الفكري الذي تبنته بعض المدارس اللاهوتية، وذلك من أجل الإنطلاق مع الروح القدس نحو فهم اللاهوتيات بدلاً من بُطئ العقل البشري وتقيده بالحدود الفكرية.


بعمر التاسعة عشر فقد برناردس والدته، وكان تأثره وحزنه الشديد لوفاتها، فرصة لمحاربات كثيرة كادت تُبعده عن طريق تكريس حياته لله بعد أن كان قد استقر على دعوته، لكن الصراع انتهىَ لصالح دعوة التكريس الرهباني.

- إحياء الروحانية البنديكتية

بعمر الثانية والعشرين، قرَّر برناردس الإلتحاق برهبنة السيسترسية، وهي رهبنة أسسها الأباتي "روبير دي موليم" عام 1098، بهدف إحياء الروحانية البنديكتية والإلتزام بالقانون البنديكتي بكل تفاصيله. وقد أسس أول دير له في إيبارشية سيتو التابعة لمسقط رأس برنار، فإلتحق به ولتقواه كان قد تأثر أكثر من 30 شاب من نبلاء برجُندي منهم أشقاء وأقارب له بدعوته وأكتشفوا أنهم أيضاً يُريدون الحياة النسكية الديرية.


نمت الجماعة الرهبانية الصغيرة التي أحيت القانون الرهباني البنديكتي، وصار لها تأثير كبير على إصلاح وتجديد الحياة الديرية الغربية. وتطلَّب إزدياد عدد الرهبان بعد ثلاث سنوات إلى إرسال الأخ برناردس مع إثني عشر راهباً آخر لإفتتاح دير آخر في ڤاليه دابستانت التابعة لإيبارشية لُنج، وأسماه دير كليرڤو، وتم افتتاحه 25 يونية 1115.

خلال غياب أسقف لُنج، تم تنصيب برناردس رئيساً لدير كليرڤو، عن يد "جيوم دي شومپو" أسقف شالون- سير- مارن، ومنذ ذلك الوقت نشات بينهما صداقة قوية، وقد كان الأسقف جيوم دي شومپو أستاذاً لعلم اللاهوت بجامعة نوتردام – پاري.


كانت بداية رئاسة برناردس للدير شاقة ومؤلمة، إذ كان برناردس شديد التقشف لدرجة أضعفت صحته، ولم يتمكن أحد من إقناعه بتخفيف هذا التقشف مراعاةً لصحته سوى الأسقف جيوم دي شومپو الذي استخدم سُلطته حتى يلتزم برنار بطاعته، لكن سماع الكثيرين عن سُمعة الدير الطيبة جعلتهم ينضمون إلى تلك الواحة الروحية التي حفظت مبدأ ألا تكون من العالم، وكان قد انضم حوالي 130 راهب وناسك جديد كان من بينهم والد برناردس نفسه وأشقائه الخمسة الرجال، بينما ظلت شقيقته "أمبلين" في الحياة العلمانية، لكنها بعد حين وبموافقة زوجها تكرَّست للرهبنة البنديكتية في دير واقع بـ چولي لي نونا. كما أصبح شقيقه السابق له في الترتيب "چيرار دي كليرڤو" هو مُدبر دير الرهبنة بـ سيتو، مع إزدياد عدد طالبي الرهبنة، أصبحت الحاجة ماسة لإيجاد ديار أخرى للرهبنة، وفي عام 1118، تم إنشاء دير تروا فونتِن، وفي العام التالي تم تأسيس دير فونتونيه، و عام 1121م، تم تأسيس دير فوني.


أصبح لبرناردس تأثيراً إقليمياً خارج فرنسا، ودافع بشجاعة عن الكنيسة ضد تجاوزات الملوك والأمراء، دون الإنتباه لأي إعتبارات كوضعه وهو الراهب الفقير الذي بلا سُلطة زمنية ولا تأييد كبير من الإكليروس في مواجهة ملوك وأمراء قادرين على سحقه.

بعد وفاة البابا أونوريوس الثاني عام 1130، حدث الإنشقاق بعد انتخاب البابا الفعلي "إنوسنت الثاني" وضدّه (البابا الغير منتخب) "أناكليتوس الثاني"، وقد نفى الأخير البابا إنوسنت خارج روما فلجأ إلى فرنسا.

في تلك الأحداث، دعى الملك لوي السادس لانعقاد مجلس وطني للأساقفة الفرنسيين بمدينة إيتومب، ودَعى الأباتي برناردس للحضور، وذلك لاستبيان الأحق من الباباوين لقيادة الكنيسة، فاختار برنار صف البابا الذي تم اختياره من قِبَل مجمع الكرادلة واتبع الإجراءات السليمة وهو البابا إنوسنت الثاني.

كان لبرناردس جهد كبير في دعم البابا إنوسنت، حيث سعى لدعمه لدى ملوك أوروبا، وكذلك قام بإقناع نبلاء إيطاليا لدعم نظام الكنيسة في إختيار البابا وعدم التعاون مع الضدّ المتجاوِز.

كما استطاع إبعاد "جوليام العاشر" دوق أكيتين عن دعم الضدّ أناكليتوس الثاني، إلى أن انقضىَ الصراع بوفاة الأخير عام 1138، عام 1139 شارك برناردس في أعمال المجمع اللاتيراني الثاني، الذي تم فيه إدانة كل من أيَّد ضدّ البابا، وسعى إلى الإنشقاق في وحدة الرأي.

 كانت له رؤيا رائعة لمريم العذراء تحمل طفلها يسوع وقد ألهمته الرؤيا بالصلاة الشهيرة، “اذكري يا مريم العذراء الحنون، أنّه لم يُسمع قط أنّ أحداً التجأ إلى حمايتك وطلب معونتكِ ورُدّ خائباً. فأنا بمثل هذه الثقة، ألتجىء إليك أيتها الأم عذراء العذارى، وآتي إليك، وأجثو أمامك، أنا الخاطىء المسكين مُتنهّداً، فلا ترذلي تضرّعاتي يا أمّ الكلمة، بل استمعي لي بحنو واستجيبيني، آمين”

رقد القديس برناردس من كليرڤو بعطر القداسة بعد تدهور صحته بسبب التقشُّف، في 20 أغسطس 1153 بعمر الثالثة والستين، تم إعلان قداسته عن يد البابا "ألكسندر الثالث" عام 1174،  ودعاه البابا "پيوس الثامن" مُعلِّماً للكنيسة الجامعة عام 1830.