رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المستشار معتز خفاجى: الثورة ضد «الإخوان» قلبت الترابيزة على مخطط تقسيم مصر.. وربنا يكون فى عون السيسى

المستشار معتز خفاجى
المستشار معتز خفاجى والدكتور محمد الباز

أكد المستشار معتز خفاجى، رئيس محكمة أمن الدولة العليا رئيس دائرة الإرهاب فى محكمة الجنايات السابق، أن ثورة ٣٠ يونيو أنقذت مصر من مخطط التقسيم الذى كان موضوعًا لها مثل غيرها من دول المنطقة، مشددًا على أن كل القضايا التى نظرها بعد الثورة ضد جماعة الإخوان الإرهابية لم تشهد تدخلًا من أى جهة، وأنه ينام مطمئنًا ومرتاح الضمير تجاه كل ما أصدره من أحكام.

وأوضح «خفاجى»، خلال الجزء الثانى من حواره مع برنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز على فضائية «extra news»، والذى تنشره «الدستور» فى السطور التالية- أن عمليات اغتيال القضاة لم تزده إلا تصميمًا على مواجهة الإرهاب، مواصلًا رواية شهادته على عنف الجماعات الإسلامية من واقع القضايا التى نظرها وأصدر أحكامًا فيها طيلة السنوات الماضية، وعلى رأسها قضايا «مذبحة رفح الثانية» و«أحداث رمسيس» و«خلية الصواريخ» وغيرها.

■ قضية مذبحة رفح الثانية هزت وجدان المصريين حيث قُتل الجنود ببشاعة وكان المتهم الرئيسى هو عادل حبارة.. فما شهادتك على هذه القضية؟

- المستشار الفاضل محمد شيرين فهمى هو مَن تولى قضية «مذبحة رفح الثانية»، التى كان متهمًا فيها الإرهابى عادل حبارة، وتوليت أنا القضية بعد أن أعادتها محكمة النقض.

والمستشار شيرين فهمى بذل جهدًا جبارًا، وكتب كتابات عظيمة لم يترك فيها ثغرة، لكن محكمة النقض نقضت الحكم لأسباب شكلية وليست موضوعية، فقضية حبارة كانت من أسرع القضايا التى فصلت فيها، لأن أسباب المستشار شيرين فهمى ليست فيها ثغرة.

وخلال الجلسة، قال عادل حبارة لرئيس أمن الدولة: «هاخرج وأدبحك»، ودفاعه ما صدق إن القضية راجعة من النقض فأراد أن يمطها رغم أنه ليست فيها ثغرة واحدة، فقال: «عايز شهادة رئيس الجمهورية ورئيس الأركان ووزير الدفاع ووزير الداخلية وتحقيقات النيابة العسكرية»، وهى طلبات لا معنى لها.

المهم، قلت لكاتب الجلسة: «اثبت الطلبات»، وبعد المداولة قلت لهم: «القضية جاهزة وهاحكم فيها دلوقتى لأن الأسباب ليست فيها ثغرة، وما يقوله الدفاع تهريج لإطالة أمد القضية»، ودخلت القاعة وأعلنت إحالة المتهم لفضيلة المفتى، وحددت جلسة للنطق بالحكم، والدفاع انهار. 

وعرفنا بعد ذلك أن محامى المتهمين فى قضايا الإرهاب يحصلون على ٣ آلاف جنيه عن كل جلسة يحضرونها، لذا كانوا يحاولون إطالة أمد القضايا فى المحاكم لأنه من مصلحتهم زيادة الإيراد.

■ القاضى يُحيل القضية للمفتى.. فماذا لو قرر المفتى عدم تأييد الحكم؟

- عندما نُحيل أوراق المتهم إلى فضيلة المفتى فإن رأيه يكون استشاريًا، وفى كل الحالات لا تُحال قضية إلى المفتى إلا بعد موافقة جميع أعضاء المحكمة، لذا وحتى إن لم يوافق المفتى على حكم الإعدام فقد تحكم الدائرة بالإعدام، لأن هذا هو القانون. 

■ الجماعة الإرهابية استباحت المساجد ورأينا قضية مسجد الفتح فى رمسيس.. فما شهادتك عليها؟

- قضية أحداث رمسيس أو «مسجد الفتح» كانت راجعة من النقض وعُرضت علىّ، وكانت قضية كبيرة وسخيفة، فيها ضرب نار وقتلى وجرحى وتكسير، وناس اختبأت داخل المسجد وأغلقوه وضربوا الناس بالخارج، واستغرقت وقتًا وجهدًا.

والمتهمون قالوا: دخلنا لنختبئ من الضرب، وكلامهم طبعًا كذب، لأن الطبيعة البشرية هى أنه لو وجدت ضربًا ستبتعد عن الحدث لا أن تدخل فى قلب الحدث.

والقضاء الجنائى عقل ومنطق وتقدير، لذا عندما أسأل واحدًا: «إنت ساكن فين؟» ويرد يقول لى: «الهرم».. «يبقى إيه جابه رمسيس؟»، أى أن أسباب وجودهم داخل الجامع لم تكن مقنعة، فهذا ليس وقت صلاة، والناس بتضرب!، لذا صدرت الأحكام ضدهم فنحن لا نظلم أحدًا.

■ القضية المعروفة إعلاميًا بـ«فتنة الشيعة» عندما تم سحل وقتل الشيخ حسن شحاتة و٣ من أبنائه وأتباعه.. ماذا حدث فيها؟

- حسن شحاتة كان شيعيًا يعيش وسط الناس، ولم يؤذِ أحدًا ولم يتعرض لأحد بمكروه، وذات مرة كان هناك حفل أو فرح والناس اعترضت عليه، وسحلوه بخطاطيف اللحوم، وكان أمرًا بشعًا، وانتهت القضية بالحكم بالإعدام على القاتل، والشركاء حصلوا على أحكام بالمؤبد.

■ ما الذى توصلت إليه فى قضية حرق فيلا الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل؟

- لم أجد أى دافع لدى المتهمين إلا السرقة، فهو لم يكن حادثًا إرهابيًا أو ما شابه ذلك، والدنيا كانت فوضى فدخلوا ليسرقوا، وحرقوا الفيلا للتغطية على السرقة، وتم ضبط عدد من المتهمين وأُدين بعضهم وحصل آخرون على براءة، بعدما لم تثبت صلتهم بالموضوع.

■ ما تفاصيل قضية «العائدون من الكويت»؟ 

- المتهمون كانوا يعودون من الكويت إلى مصر لعمل خلية وتدبير أمر ما، وهو ما رصدته التحريات التى كشفت عن رقم الطائرة وكل مخططاتهم، ومَن ساعدهم فى المطار على الهروب.

وهؤلاء الإرهابيون كانوا يحصلون على تبرعات لمنحها للجماعات فى مصر، وكانت من القضايا الرائعة التى بها تفاصيل كثيرة، وتم الحكم فيها على عدد كبير من المتهمين.

■ ماذا عن خلية الصواريخ الإرهابية؟

- قضية خلية الصواريخ الإرهابية للأسف كانت تضم مهندسين، وكانت تجهز صواريخ لإطلاقها على السفن التى تمر بقناة السويس، والتحريات أثبتت وجودهم بالقرب من القناة للتجهيز لضرب السفن وإغراقها، لإغلاق القناة وإحداث حالة إرباك للعالم.

وكان المتهمون بالقضية عندما أسألهم عن التهم المنسوبة إليهم ينكرون، ولكن الأدلة كلها كانت ضدهم، فماذا سأقدم لهم؟، وتم الحكم عليهم.

■ قضية «الدواعش الثلاثة» بمصر.. هل كانوا على علاقة ببعضهم؟

- قضية «الدواعش الثلاثة»، أو «داعش الصعيد» و«عين شمس» و«الجيزة»، كلهم كانوا يحملون نفس تفكير «داعش» وبايعوا «البغدادى» على السمع والطاعة، ولا يوجد اختلاف بينهم، فهم يريدون الخلافة وتدمير البلد، وكانوا يقومون بعمليات إرهابية، ومنهم مَن تم ضبطه قبل قيامه بالعمليات، وكانت معهم كتب مبايعة البغدادى.

وهؤلاء الأشخاص تم عمل غسيل مخ لهم، ومنهم مصريون عائدون من سوريا، وعندما تسألهم يقولون إنهم يجاهدون ضد بشار الأسد، فلماذا تجاهدون ضد بشار؟ إنتم مالكم؟ 

■ ما تفاصيل قضية محمود شعبان؟

- محمود شعبان سافر لسوريا لدعم الفكر الجهادى، وقال إنه سافر لسوريا لكى يخطب فى الناس الذين يجاهدون هناك ويثبت عقيدتهم، وجريمته الأساسية هى فكر «داعش»، وعندما كنت تسأله فإنك لا تستطيع إيقافه ويخرج عن الموضوع، وليست لى علاقة بأفكاره، ولكن الفكر الذى يعتقده هو فكر مُجرّم بمصر، وهذا هو الفيصل بينى وبينه. 

■ قضية الاختفاء القسرى وحكاية «أم زبيدة» التى نشرت قصة أن ابنتها اختفت.. هل كانت معك؟

- الاختفاء القسرى من تأليف الإخوان، وأى شخص لو ذهب للأمن الوطنى سيعرف ماذا فعل ابنه، وكل القضايا التى تخص أمن الدولة تذهب لأمن الدولة، والقضايا العادية تذهب للنيابة، ولكن قضية «أم زبيدة» جاءت لى كتجديد حبس فقط، ولكن لم تأتنى قضيتها.

■ ما تفاصيل محاكمة محمد مرسى ووفاته بالقفص؟

- القاضى محمد بشر كان قاضى محاكمة محمد مرسى، وهو قاضٍ محترم، ويحب التدقيق فى كل شىء، وعندما واجه «مرسى» بالأدلة أنكر، فواجهه بالصوت واتصالاته مع «حماس» فى قضية «التخابر»، وهو لم يكن يتوقع ذلك فأُصيب بأزمة قلبية وسقط ميتًا، وهذا قضاء ربنا، فهو فزع من سماع صوته وعلم أنه صوته بالدليل القاطع.

■ كيف رأيت أحداث العنف فى مصر؟

- أحداث العنف التى تمت فى ميدان لبنان والدقى وعين شمس وقت الإخوان كانت كلها لإثارة الفتن، وكانوا يريدون تفتيت الدولة وتقسيمها إلى مسلمين ومسيحيين، وكان يوجد مخطط مخابراتى من دول مختلفة قامت بتفكيك دول مثل: اليمن وليبيا والعراق وسوريا، وكان هناك مخطط لتقسيم مصر لولايات من زمان.

وثورة ٣٠ يونيو قلبت الترابيزة عليهم، وكان لا بد أن يقدموا شيئًا بعد المليارات التى صُرفت، فكان لا بد من أعمال عنف، وجاءت قوات من «داعش» واقتحمت السجون.

■ كيف استقبلت خبر اغتيال المستشار هشام بركات؟

- اغتيال المستشار هشام بركات كان بمثابة صدمة كبيرة جدًا لى ولغيرى من القضاة، وكنت على صلة دائمة به، وكان يتمتع بدم خفيف وابن بلد ومرحًا، ولا تشعر بأنه يرتدى روب النائب العام، ولكنه كان يتحدث مع الجميع.

وكان هناك توقع للحادثة، وطلبوا منه عدم السير من هذا الطريق، ولكنه رفض تغيير مساره، وقال: «الحارس هو الله».

■ بماذا تعلق على اغتيال قضاة شمال سيناء؟

- حادث مقتل قضاة شمال سيناء كان حادثًا بشعًا، وتوفى فيه شقيق وزير العدل وقتها، وتساءلت: «لماذا يقتلون شبابًا فى حدود ٣٠ عامًا، فهم قضاة والورق الذى يأتيهم يحكمون به؟».

■ هل فكرت فى بيتك وعائلتك بعد حوادث اغتيالات القضاة؟

- عمليات اغتيال القضاة كانت تزيدنى تصميمًا، بدليل أنهم وضعوا القنابل عند بيتى وفجّروا سيارتى وسيارة والدتى، ودمروا منزلى، وكنت أريد النزول للجلسة فى نفس اليوم لأننى لا أخاف.

■ من الأربعينيات.. هناك حالة عداء واضحة من الإخوان للقضاة.. بماذا تفسر ذلك؟

- سبب العداوة والكراهية من الإخوان للقضاة هو أنهم كان يحلمون بأن يحكموا البلد، وأن يكون القضاة تبعهم، لكن القضاة كانوا حجر عثرة أمام تنفيذ مخططاتهم، فالقاضى لن يحكم إلا بالعدل، ولن يحكم بأهواء أو نظرة دينية مطلقة، وينبغى على الإخوان أن يعرفوا بأن القاضى المصرى مستقل، وليست له علاقة بما يتردد من حوله، وإنما يحكم بناء على ما يراه فى الأوراق.

وكل القضايا التى نظرتها بعد ٣٠ يونيو لم يكن فيها أى تدخل من صغير أو كبير من أى جهة، والناس فاهمة غلط، وتتصور أن هناك من يحدثنا ويملى علينا الأحكام، لكن هذه مسألة غير صحيحة تمامًا، فالقضاة ناس محترمون جدًا، ولا يسمعون ولا يرون إلا ما يتواجد أمامهم فى الأوراق فقط.

■ هل يوجد أى حكم أصدرته فى تلك القضايا وشعرت بعد تنفيذه بأنه لم يكن دقيقًا؟ 

- لا يوجد أى حكم أصدرته فى قضايا ما بعد ٣٠ يونيو وشعرت بعد تنفيذه بأنه لم يكن دقيقًا، فكل الأحكام التى أصدرتها كانت دقيقة جدًا، فأنا لى عينان، لكن هيئة المحكمة لها ٦ عيون، ونحن أعضاء الهيئة زملاء وأصدقاء أيضًا، ولا يوجد بيننا مَن يخجل من الآخر، وكنت دائمًا أقول لهم: «يا جماعة لا تعتبرونى الرئيس.. فأنا مثلكم.. بل اعتبرونى أقل واحد فيكم.. ولا توجد فى المداولة مجاملة لى.. وإذا أخطأت قولوا لى إنى أخطأت»، وكنا نصل إلى قراراتنا بهذا الشكل.

وبعد المناقشات بين أعضاء هيئة المحكمة تتحول بعض القضايا من الإدانة إلى البراءة، وكنا نستشعر قول الله تعالى «إن الحكم إلا لله»، لأننا فى بعض الأحيان كنا نتجه إلى الإدانة لكن يظهر شىء ينير لنا الطريق فتتحول القضية من الإدانة إلى البراءة.

■ هناك دائمًا جملة تتكرر فى الشارع المصرى وهى «البلد دى شافت كتير أوى».. فهل تعتقد أن القضاة هم أكثر فئة على يقين من ذلك؟

- فعلًا، «البلد دى يا عينى شافت كتير أوى»، وأنا أقول «يا عينى» لأنى أشعر بالشفقة والرحمة عليها، كما لو كانت ولدًا من أولادى، فـ«البلد كل ما تشم نفسها تلاقى خبطة جاية لها»، والله يكون فى عون الرئيس السيسى منذ بداية الثورة وحتى الآن، لأن كل ما حدث للبلد من فوضى وإرهاب كان استنزافًا لها ولمقدراتها.

ورغم ذلك، نحن نشهد حالة نهضة، من مشروعات قومية وإنشاء للطرق والكبارى والمدن الجديدة، لأن الرئيس السيسى ينظر إلى المستقبل، وهناك كلام من بعض المحرضين ممن يقولون: «إحنا ملناش دعوة بالمشروعات ولا التنمية.. والأهم الأكل والشرب»، وكل هذا الكلام يؤثر بالتأكيد فى نفس الرئيس، و«أنا لو منه وسمعت الكلام ده بعد الغُلب اللى أنا شايفه هيكون عيب.. يا جماعة شوفوا اللى اتعمل إيه واللى لسه هيتعمل إيه»، وارتفاع الأسعار لا يسرى على مصر وحدها لكن على بلاد كثيرة.

■ هل المستشار معتز خفاجى، رئيس محكمة أمن الدولة العليا ورئيس دائرة الإرهاب السابق ينام مرتاح الضمير لكل ما أصدره من أحكام؟ 

- أنام وأنا مرتاح الضمير جدًا جدًا جدًا لكل ما أصدرته من أحكام.