رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البابا شنودة.. رمز وطنى مصرى أصيل

نحتفل هذه الأيام بمئوية الراحل البابا شنودة الذى أتذكر له مواقفه الوطنية العظيمة التى أصبحت تمثل جزءًا من تاريخنا.

الموقف الأول: المقالات التى كتبها ليعلن عن موقفه بشكل مباشر من رفض فكرة "شعب الله المختار"، وعدم موافقته على ذهاب المسيحيين إلى القدس. وهو القرار الذى عارضه الكثير من المسيحيين أنفسهم ممن تمنوا الذهاب للقدس مهد ميلاد السيد المسيح عليه السلام. وإن كنت أرى أنه قرار سليم تمامًا حينها، لأنه اتسق مع الموقف الوطنى المصرى.  

الموقف الثانى: رفضه التام لأخطر فكرة، كادت تتسبب فى تقسيم المجتمع المصرى.  وهى فكرة "الحماية الدينية" على المسيحيين ومحاولة التدخل الأجنبى في الشئون المصرية. وأعلن أكثر من مرة عن رفضه ورفض الكنيسة التدخل الخارجى الأمريكى أو الأوروبى فى الشئون المصرية باستغلال مشاكل المسيحيين. واللجوء للدولة لحل أى مشكلة.

الموقف الثالث: تحويله للكنيسة من مجرد كنيسة محلية داخل مصر إلى كنيسة لها مكانتها عالميًا بعد تأسيس كنائس كثيرة فى دول العالم لتكون بمثابة سفارات مصرية. كما جعل للكنيسة مكانة عالمية ضمن الكنائس التاريخية الكبيرة، وضمن المؤسسات الدولية الكبيرة مثل مجلس الكنائس العالمى ومجلس كنائس الشرق الأوسط.

الموقف الرابع: حرصه على المشاركة فى العديد من اللقاءات الإسلامية داخل مصر وخارجها. وهو ما لاحظناه جميعًا فى علاقات الود والاحترام والتقدير بين الكنيسة والأزهر والأوقاف ودار الإفتاء. كما تعاونوا معًا فى مجال التوعية لمكافحة التدخين ومكافحة الإدمان.

وبخلاف كل هذا، اتسمت شخصية البابا شنودة بالعديد من المميزات كشاعر متميز، ومثقف موسوعى، وكاتب متنوع، ومفكر وطنى حقيقى.

أعتقد أن كل من تابع تصريحات ومواقف البابا شنودة، لا يمكن أن يخفى إعجابه بشخصيته ليس فقط لثقافته الموسوعية، ولكن لكونه محل اتفاق وتقدير من غالبية المصريين الذين رأوا فيه مثالًا للوطنية والقيم الدينية السامية. وهو ما جعل له كاريزما متميزة جعلته مركز اهتمام الإعلام مصريًا وعالميًا.

أرى أنه ربما تكون الكاريزما التى تميزت بها شخصية البابا شنودة، والتى لا يختلف عليها أحد، كان لها التأثير المباشر فى تقوية الكنيسة التى يرأسها. ولذا ليس من الطبيعى كل تلك المقارنات بينه وبين البابا تواضروس الحالى، فهى مقارنات غير دقيقة، فلا يمكن أن نتجاهل تأثير الصورة والمكانة التى رسخها البابا شنودة مصريًا وعربيًا ودوليًا بسبب شعبيته لأكثر من 40 سنة في العمل الوطنى العام.

نقطة ومن أول الصبر..

يقول طه حسين "عميد الأدب العربى" فى كتابه الهام "مستقبل الثقافة فى مصر" الذى صدر سنة 1938 إن الكنيسة مجد مصرى قديم. وأصف البابا شنودة بأنه رمز وطنى مصرى أصيل.