رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يرى مستشار الرئيس الأوكرانى العالم بعد الحرب؟

قد يكون الباحث فى المجلس الأطلسى «بيتر ديكنسون»، من أكثر الأسماء أهمية فى UkraineAlert؛ ذلك أنها خدمة إعلامية بحثية كاشفة أسرار وواقع الحرب الروسية الأوكرانية، تأتى من موقعها المراقب، عسكريًا وأمنيًا وجيوسياسيًا، بينما يراقب العالم، من حلف الأطلسى إلى الإقليم والمنطقة، بما فى ذلك الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج العربى، عدا عن اهتمامات التعاون الدولى والأممى على تطور الغزو الروسى لأوكرانيا، وفق رؤية وتحليل لخبراء المجلس الأطلسى بكل الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية.

«ديكنسون»، كان مع مستشار زيلينسكى، وهو فى ذات الوقت «مستشار الرئاسة الأوكرانى ميخايلو بودولياك»، الذى وضع العالم من جديد، ضمن نظرية سياسية أمنية تقر، بما يثير الجدل، أن «الهزيمة فى أوكرانيا ستؤدى إلى انهيار نظام بوتين».

* كيف سينتهى الغزو الروسى لأوكرانيا؟ 
السؤال ليس جديدًا، وفى التحليل الذى أفرج عن مقدمات، يرى الإجابة، تتوافق: «مع إحراز تقدم بطىء فى الهجوم المضاد الذى شنته أوكرانيا فى الصيف، يتساءل بعض المراقبين الدوليين عما إذا كان أى من الجانبين قادرًا على تحقيق اختراق عسكرى، ويجادلون بأن التوصل إلى حل وسط مع الكرملين أمر لا مفر منه». 
«ديكنسون»، يتتبع تصريح مستشار الرئاسة الأوكرانى ميخايلو بودولياك، يفصح بأنه: «لا يوافق على نتائج الأعمال الحربية اليومية، مثل الغالبية العظمى من الأوكرانيين»، «فهو مقتنع بأن الحرب لن تنتهى إلا بعد هزيمة روسيا». استنادًا إلى التطورات الأخيرة داخل روسيا، يعتقد بودولاك أيضًا أن النصر قد يكون أقرب مما يتخيله الكثيرون حاليًا. 
* من هو بودولياك؟ 
تتميز إشارات المجلس الأطلسى، بتوازن الأبحاث والاستشارات من خبراد المجلس، وهم بحسب «ديكنسون»، على توافق أن: ميخايلو بودولياك البالغ من العمر 51 عامًا، بات يتمتع بمكانة أعلى من المستشار السياسى العادى. كان صحفيًا سابقًا انضم إلى مكتب الرئيس الأوكرانى فى عام 2020، وكان واحدًا من أربع شخصيات رئيسية ظهرت إلى جانب الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى فى مقطع فيديو لصورة شخصية مميزة تم تسجيله فى وسط كييف فى اليوم الثانى من الغزو الروسى والذى أشار إلى نية أوكرانيا للوقوف. والقتال. لقد ظل مرئيًا بشكل كبير منذ ذلك الحين، حيث شارك بانتظام مع وسائل الإعلام الدولية وشارك بآرائه اليومية الصريحة فى كثير من الأحيان باللغتين الإنجليزية والأوكرانية مع أكثر من 1.4 مليون متابع على Twitter. حسب بعض الإحصائيات، فإن Podolyak هو ثانى أكثر مسئول، له حضور سياسى، دبلوماسى واعلامى فى ذات الوقت، وعنه تجرى الكثير من الاقتباسات والآراء فى أوكرانيا، وعن الوضع فى ظل الحرب التى تبدو لا نهاية لها. 
.. وفى التمهيد، ينظر «ديكنسون»، إلى هذه الشخصية بالقول: «عندما اجتمعنا فى وقت مبكر من بعد ظهر شهر يوليو فى الإدارة الرئاسية فى قلب المنطقة الحكومية المحصنة بكييف، لا يزال بودولاك يستوعب الآثار المترتبة على تمرد فاجنر الروسى، الذى تسبب لفترة وجيزة فى حبس العالم المتفرج أنفاسه الجماعية قبل أسابيع فقط».. بودولاك: فى الانقلاب دليل على:
* أولًا:
الضعف الداخلى لروسيا. 
* ثانيًا:
حتمية التغيير فى البلاد، أى فى روسيا الاتحادية. 
.. ويعلل ذلك بالقول:
* 1:
كشفت ثورة فاجنر عن أنه لا يوجد شىء وراء واجهة الدعاية للكرملين. لقد رأى الجميع الآن بأنفسهم أن بوتين هو وعاء فارغ. الإمبراطور دون ملابس. 
* 2:
بوتين، لا يتحكم فى الوضع داخل روسيا ولا يتمتع بشعبية على الإطلاق. لا يزال الروس العاديون يخشون القول إنهم ضد بوتين، ولكن بمجرد أن بدأ فاجنر فى الانتفاض، ابتهج الجمهور. 
* 3:
الانتفاضة المجهضة، كما أدارته فاغنر، شركة أمنية، تسببت فى إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بسمعة بوتين بين النخبة الروسية. لسنوات، إذ كان الكرملين يدعو إلى أن مستقبل روسيا يعتمد على بوتين. بعد انتفاضة فاجنر، لم يعد الكثيرون داخل مؤسسة الدولة مقتنعين. يقول بودولياك: «إنهم يدركون الآن أن بوتين غير قادر على أداء الوظائف الرئيسية المتوقعة من أى حاكم روسى». 
*4:
الرئيس الروسى، فقد سلطة التصرف كحكم نهائى فى النزاعات الداخلية، ولا يمكنه أن يكون ضامنًا للمصالح الدولية للنخبة.

.. تمنح هذه النتائج، فرصة للنظر فى مستقبل حالة الحرب دوليًا، بالذات فى طريقة إدارة حلف ناتو والولايات المتحدة الأمريكية اليوميات الحرب التى تجاوزت المتوقع منها خلال 550 يومًا خلت، وما زالت. 
* تقييمات الاستخبارات الأوكرانية للمناخ السياسى الداخلى لروسيا.
.. وسط كاريزما «بودولياك»، الذى يقول إنه، وفق هذه الاكتشافات، عن الوضع الداخلى فى روسيا، لم تكن مفاجأة له شخصيًا، بل: «إنها تتوافق بشكل وثيق مع تقييمات الاستخبارات الأوكرانية للمناخ السياسى الداخلى لروسيا». 
يقر مصدر التحليلات بأن تمرد فاجنر قد قدم تأكيدًا مرحبًا به لضعف بوتين، ويدعى أنه قد يقدم أفضل مؤشر حتى الآن على الكيفية التى من المحتمل أن يتطور بها الغزو الروسى لأوكرانيا فى الأشهر المقبلة.
.. وربما الأخطر، فى تقيم «مستشار زيلينسكي»، إنه: «فى أعقاب انتفاضة فاجنر الفاشلة، بات من الواضح الآن بشكل مؤلم لبوتين أنه لا يستطيع اعتبار ولاء الجيش الروسى أمرًا مفروغًا منه، وقفت قواته جانبًا إلى حد كبير حيث استولت قوات فاجنر على روستوف أون دون وسارت نحو موسكو، حيث ورد أن القادة الأفراد اختاروا عدم معارضة التمرد وسط الشلل فى الكرملين».. كما: «تم فصل عدد من كبار الجنرالات الروس أو اختفوا عن الأنظار منذ ذلك الحين، مما أدى إلى تكهنات حول تعميق الانقسامات داخل المستويات العليا للجيش الروسى»؛ يصفة بـ«جيش بوتين»، فى ذات الوقت: «تعهد بوتين فى البداية بسحق التمرد، ظل زعيم فاجنر يفجينى بريجوزين وقادة التمرد الآخرون طليقى السراح وحتى تمت دعوتهم إلى الكرملين لعقد لقاء شخصى مع الديكتاتور الروسى المتضائل».

*رؤية أمنية تثير القلق الدولى.. كيف؟

.. فى نقل ما يعتقده «بودولاك»، من: «أنها مسألة وقت فقط قبل أن يتحدى أعضاء آخرون فى المؤسسة الروسية سلطة بوتين»... وهو هنا: «يتوقع الآن أن تكون الهزائم فى ساحة المعركة فى أوكرانيا بمثابة الحافز لصراع روسيا المحلى القادم على السلطة».
بودولياك يرسم الاستشراف العسكرى، سياسيًا بالقول، وفق ما جاء فى المجلس الأطلسى: «قد لا تحتاج أوكرانيا فى الواقع للقتال من أجل كل بوصة من الأراضى المحتلة»؛ إذا تعرضت روسيا لهزيمتين أو ثلاث هزائم عسكرية كبيرة فى أوكرانيا، فسيؤدى ذلك إلى إضعاف معنويات قوة غزو بوتين بشكل حاسم. وبعد ذلك سوف يفرون عائدين عبر الحدود حاملين أسلحة فى أيديهم، ويعيدون الحرب إلى الوطن لروسيا نفسها، مع اندلاع القتال الداخلى بين الجماعات المتنافسة فى روسيا، ستكون أوكرانيا قادرة على إعادة بسط سيطرتها الكاملة على حدود البلاد المعترف بها دوليًا. فى النهاية، سنشهد على الأرجح احتجاجات حاشدة فى موسكو وسقوط نظام بوتين.
.. أما كيف ذلك، الأمر بوضوح المصدر: «هذه الرؤية لانهيار روسى وشيك هى بالتأكيد مقنعة من منظور أوكرانى. ومع ذلك، هناك بالفعل قلق كبير فى الغرب بشأن احتمالية حدوث فوضى تجتاح الاتحاد الروسى، حيث يخشى الكثير مما قد تعنيه هزيمة روسيا الحاسمة فى أوكرانيا للأمن الدولى». 
.. فى نظرة أخرى يبدو «بودولياك»، عمليًا عندما أوضح: «بهذه المخاوف، يتحدث، عن الحاجة إلى حماية الترسانة النووية الضخمة لروسيا؛ فى الوقت نفسه، يحذر من الجهود المبذولة لإطالة أمد وجود نظام بوتين بشكل مصطنع»، والنتيجة: «لن تتوقف روسيا عن الوجود تمامًا، لكن يجب أن يكون واضحًا للجميع الآن أن روسيا لا يمكنها الاستمرار فى الوجود بشكلها الحالى». 
.. أما التوقع، الذى يراه الباحث مع مستشار الرئيس الأوكرانى، فهو يركز على قضايا تتزامن مع الحرب:
* أولًا:
تراكمت فى روسيا بوتين الكثير من الأخطاء الفادحة. بدلًا من محاولة دعم النظام الحالى الفاشل، يتعين على روسيا الدخول فى فترة تحول داخلى. 
* ثانيًا:
من الممكن تمامًا أن تسعى بعض مناطق الأقليات العرقية داخل الاتحاد الروسى إلى الانفصال، لكن هذا لن يكون حاسمًا لبقاء روسيا بشكل عام كدولة.

* الهزيمة الروسية الحاسمة فى أوكرانيا

.. فى المجلس الأطلسى، كما أوضح «ديكنسون»، يجادل بودولاك بأنه فى حين أن الهزيمة الروسية الحاسمة فى أوكرانيا ستخلق مجموعة من المشاكل الجيوسياسية، فإن البديل أسوأ بشكل لا نهائى؛ إنه ينتقد بشكل خاص كل أولئك الذين يدعون إلى تسوية تفاوضية، مشيرًا إلى أن الجهود المبذولة لفرض سلام سابق لأوانه ستُنظر إليها فى موسكو على أنها دعوة لمزيد من الحرب.
.. وأن أى محاولة للتوصل إلى نوع من التسوية مع بوتين يعنى نهاية الدولة الأوكرانية، هذا واضح تمامًا لنا. ولن يكون الأوكرانيون وحدهم الضحايا، ما لم تُهزم روسيا، فسيتم تبرير غزو بوتين وسيتم إحياء نظامه بالكامل، ستكون العواقب على الأمن الدولى وخيمة. لماذا جعل العالم طواعية مكانًا أكثر خطورة وعدم استقرار؟.
.. ووفق الباحث، فالأمر بالنسبة لبودولياك، يعكس الحديث عن اتفاقيات السلام والتسويات المحتملة فشل المجتمع الدولى الأساسى فى فهم الطبيعة الإمبريالية لروسيا الحديثة.
العالم، كما فى أسرار طاولة حلف ناتو، يتوقع أن تكون الحرب الحالية لحظة فاصلة بالنسبة للبشرية، وللقوى الدولية، مما يؤدى إلى «تحولات تكتونية، هو يلجأ إلى ربط السياسة والحرب بالجولوجيا كمؤثر طبيعى الى» فى الطريقة التى يُنظر بها إلى دول العالم السوفيتى السابق، والحديث عن واقع معاش فى ظلال الحرب: «إن الأوكرانيين يظهرون حاليًا وكالتنا ويؤكدون سيادتنا فى ساحة المعركة»، يمكننا بالفعل أن نرى كيف تتغير التصورات الخارجية لأوكرانيا. عندما تُهزم روسيا، سنشهد أخيرًا تغييرًا تاريخيًا فى المواقف الدولية تجاه المنطقة بأسرها».
.. وكنتيجة، بالطبع غير واضحة المعالم، بعد أهوال الأشهر الثمانية عشر الماضية، يجادل بودولاك بأنه لم تعد هناك أى أعذار للفشل فى الاعتراف بالهوية الإمبريالية لروسيا أو بأجندة الكرملين التوسعية. بدلًا من ذلك، حان الوقت لإعادة التفكير جذريًا فى تصورات روسيا وأوكرانيا ودور كلا البلدين فى التاريخ الأوروبى. يقول: «إننا نشهد الآن تتويجًا للعمليات التى بدأت فى عام 1991». «اعتاد الجميع على الاعتقاد بأن الاتحاد السوفيتى تفكك سلميًا نوعًا ما. لكن فى الواقع، العملية لم تنته بعد. حرب اليوم هى الفصل الأخير فى انهيار الاتحاد السوفيتى والإمبراطورية الروسية».
.. لا يمكن تعزيز، أو نفى أهمية ما تشير اليه مؤشرات ما بأن من موقف الرئاسة الأوكرانية، أو جدل الماكينة السياسية والأمنية الإعلامية التى وضعت مثل هذه الرؤية المستقبلية لما سيكون عليه العالم، خلال وبعد الحرب الروسية الأوكرانية، وفى المؤشرات أيضا أننا فى المنطقة نتلقى أهوال الحرب، نتائجها فى الأثر الاقتصادى والأزمات التى وضعت عالمنا فى خانة الانتظار.. إلى متى؟!