رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سر إعجاب "فنسنت فان جوخ" بـ "إميل زولا" ونفوره من "شارل بودلير"

فان جوخ
فان جوخ

مما يعرف عن الفنان الهولندي فنسنت فان جوخ، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1890، واقعة قطعه لأذنه ليهديها إلى حبيبته، إلا أن الفيلم الذي أنتجته عنه هولييود في العام 2017 بعنوان At Eternity's Gate  أو “على باب الأبدية”، يلمح إلى وجود علاقة مثلية بين جوخ وصديقه الفنان الفرنسي بول جوجان.

 

ويعد “فان جوخ” واحد من أهم أعلام الفن التشكيلي الحديث.. مات منتحرا وهو في السابعة والثلاثين من عمره، بعدما أطلق الرصاص على نفسه.

 

وفي مقدمة النسخة العربية لكتاب “المخلص دوما فنسنت”، يذكر مترجمه ياسر عبد اللطيف،  أن “فان جوخ” خلال حياته الفنية التي شغلت السنوات العشر الأخيرة فقط من عمره القصير، صنع عددا هائلا من الأعمال الفنية يفوق ألفي قطعة بين لوحة زيتية ورسم، أنجز معظمها خلال عاميه الأخيرين اللذين قضاهما في فرنسا. كما خلف تراثا أدبيا رفيعا متمثلا في رسائله التي كان يكتبها بشكل شبه يومي كسجل حقيقي لسيرته.

 

ــ فان جوخ أديبا 

ويمضي "عبد اللطيف" مشيرا إلى أن: الشاعر الهولندي البارز "توماس مولمان" في حوار له ذكر أن قيمة فنسنت الأدبية، كما تتجلى في رسائله قد تفوق قيمته الفنية كمصور وفنان. 

 

تبدو العلاقة الاستثنائية لـ فان جوخ بالأدب ومبدعيه واضحة في الرسائل، إذ يظهر الأدب ولعا موازيا إلى جانب ولعه الأساسي بفنون التصوير والرسم  والحفر.. وعلى العكس من معظم أبناء صنعته، كان متابعا جيدا للإنتاج الأدبي في كل اللغات التي أجاد القراءة بها، أي الهولندية والإنجليزية والفرنسية. 

 

وأكثر كتاب القرن التاسع عشر تأثيرا عليه هم: تشارلز ديكنز وبلزاك وإميل زولا، فضلا عن الكتاب الدينيين والرومانسيين الذين تأثر بهم في شباب المبكر.. ونحن نستوعب جيدا إعجاب بـ “زولا”، الذي حاول محاكاة التصوير البصري لعمل الانطباعيين في فقرات وصفية طويلة يلعب فيها بالأضواء والظلال ضمنها بين ثنايا سرده الطويل، ولا سيما في رواية “بطن باريس” التي يستشهد بها فان جوخ كثيرا.

 

ويتابع “عبد اللطيف”: كان التصوير الانطباعي في تلك اللحظة إذن مرجعا بصريا للروائيين ــ زولا على الأقل ــ علي النحو الذي صارت عليه السينما بعد اختراعها وشيوعها في القرن العشرين، وبالتأكيد كان ذلك جذابا لـ فان جوخ الذي وجد ضالته الفنية في هذه المدرسة وانتسب إليها، إضافة إلي تبنيه نظرية “زولا” عن النزعة الطبيعية. 

 

ــ لهذه الأسباب لم يعجب فان جوخ بـ “بودلير”

ويمضي “عبد اللطيف”، في حديثه عن الأدباء الذين تأثر بهم الفنان الهولندي الأشهر فنسنت فان جوخ مضيفا: لم يبد فنسنت إعجابا كبيرا بالشاعر الفرنسي “شارل بودلير” شاعرعصره، وقد يرجع فتوره حيال صاحب “أزهار الشر” ــ بودلير ــ لكونه شاعرا باريسيا حتي النخاع،  فـ “بودلير” هو منشد المدينة الحديثة ذات العمائر العالية وجمالونات حديد الزهر والجموع التي تملأ الأرصفة تحت البواكي. فيما يحن فنسنت دائما لريف آبائه والطبيعة البكر، ويفر من ضجيج المتروبول وناسها كلما استطاع إلى ذلك سبيلا.