رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الصحة العالمية" تصدر إرشادات جديدة بشأن فيروس العوز المناعى البشرى

الصحة العالمية
الصحة العالمية

أصدرت منظمة الصحة العالمية إرشادات علمية ومعيارية جديدة بشأن فيروس العوز المناعي البشري، في المؤتمر الدولي الثاني عشر للجمعية الدولية للإيدز بشأن علم فيروس العوز المناعي البشري.

وتَصِفُ الإرشادات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية، واستعراض مجلة "لانسيت" المنهجي المصاحب، اللذان صَدَرا اليوم، دور كبت فيروس العوز المناعي البشري ومستويات الفيروس التي لا يمكن الكشف عنها في تحسين صحة الفرد ووقف استمرار انتقال فيروس العوز المناعي البشري. وتصف الإرشادات عتبات الحمل الفيروسي الرئيسية لفيروس العوز المناعي البشري ونُهُج قياس مستويات الفيروس في ضوء هذه العتبات، فعلى سبيل المثال الأشخاص المتعايشون مع فيروس العوز المناعي البشري الذين يحققون مستوى فيروسي غير قابل للكشف من خلال الاستخدام المستمر للعلاج القائم على مضادات الفيروسات القهقرية لا ينقلون فيروس العوز المناعي البشري إلى شركائهم الجنسيين، وهم أقل عُرضة لنقل فيروس العوز المناعي البشري رأسيًا إلى أطفالهم. وتشير الأدلة أيضًا إلى أن خطر انتقال فيروس العوز المناعي البشري ضئيل، أو يكاد يكون صفرًا، عندما يكون قياس حِمل فيروس العوز المناعي البشري أقل من أو يساوي 1000 نسخة لكل مليلتر، ويُشار إليه أيضًا عادة بأنه حمل فيروسي مكبوت.

ولا يزال العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية يُحدث تحولًا في حياة الأشخاص المصابين بفيروس العوز المناعي البشري. ويمكن للأشخاص المصابين بهذا الفيروس ممن جرى تشخيصهم وعلاجهم في وقت مبكر، ويتناولون أدويتهم على النحو الموصوف لهم، أن يتوقعوا أن يكون لديهم نفس الصحة والعمر المتوقع لنظرائهم غير المصابين بالفيروس.

وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة: "اعتمدت البلدان في جميع أنحاء العالم لأكثر من 20 عامًا على المبادئ التوجيهية المسندة بالبيانات الصادرة عن المنظمة للوقاية من عدوى فيروس العوز المناعي البشري وإجراء اختبارات الكشف عنها وعلاجها.. ومن شأن المبادئ التوجيهية الجديدة التي ننشرها اليوم أن تساعد البلدان على استخدام أدوات قوية تتميز بالقدرة على تغيير حياة ملايين الأشخاص المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري أو المعرضين لخطر الإصابة به".

وفي نهاية عام 2022، كان 29.8 مليون شخص من أصل 39 مليون شخص متعايش مع فيروس العوز المناعي البشري يتلقون العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية (أي 76% من مجموع الأشخاص المتعايشين مع الفيروس)، وكان ما يقرب من ثلاثة أرباعهم (71%) متعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري المكبوت. ويعني ذلك أن صحة أولئك الذين انخفض لديهم الحمل الفيروسي (الفيروس المكبوت) محمية حماية جيدة، وأنهم غير معرضين لخطر نقل فيروس العوز المناعي البشري إلى الآخرين. وعلى الرغم من أن هذا التقدم إيجابي للغاية بالنسبة للبالغين المصابين بفيروس العوز المناعي البشري، فإن كبت الحمل الفيروسي لدى الأطفال المصابين بالفيروس لا يتجاوز 46%- وهو واقع يحتاج إلى اهتمام عاجل.

وفيما يلي لمحة عامة عن التحديثات العلمية والمعيارية الرئيسية الأخرى التي ستصدرها المنظمة في مؤتمر الجمعية الدولية للإيدز لعام 2023:

فيروس العوز المناعى البشرى وإمبوكس «جدرى القردة»

أظهر تحليلٌ لبيانات الترصُّد العالمي أُبلِغت به المنظمة أثناء فاشية إمبوكس (جدري القردة) المندلعة في بلدان متعددة، أن حوالي 000 32 حالة من بين أكثر من 000 82 حالة كان لديها معلومات عن حالة فيروس العوز المناعي البشري. ومن بين هؤلاء، كان 52% متعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري، ومعظمهم من الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال (اللواطيون)؛ وأبلَغَ أكثر من 80% عن أن ممارسة الجنس هي الطريق الأكثر احتمالًا للإصابة بإمبوكس (جدري القردة).

ومن بين 16000 شخص شُخِّصوا بجدري القِرَدة ومتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري، أصيب نحو ربع هؤلاء (25%) بمرحلة متقدمة من مرض فيروس العوز المناعي البشري أو بكبت المناعة، مما أدى إلى زيادة خطر دخول المستشفى والوفاة. كما أن الأشخاص المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري الذين يتلقون العلاج من الفيروس ويتمتعون بمناعة جيدة كان لهم نفس النتائج المتعلقة بالإدخال إلى المستشفى أو الوفاة كالأشخاص غير المصابين بالفيروس.

وفي ضوء هذه النتائج، توصي المنظمة البلدان بإدماج الكشف عن جدري القردة والوقاية منه ورعاية المصابين به في البرامج القائمة والمبتكرة للوقاية من فيروس العوز المناعي البشري والعدوى المنقولة جنسيًا ومكافحتها.

ولفهم كيفية التأهب والاستجابة بشكل أفضل للزيادات المستقبلية في انتقال جدري القردة، قادت المنظمة مسحًا إلكترونيًا سريعًا [RNS1] في مايو 2023 لتقييم التجارب المجتمعية لفاشية جدري القردة 2022-2023 في أوروبا والأمريكتين.
وشارك أكثر من 000 24 شخص في ذلك المسح الذي رَكّز على الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، ومغايري الهوية الجنسانية والمتنوعين جنسانيًا، وأكمل 875 16 فردًا مؤهلًا ذلك المسح. وأجرى ما يقرب من 51% منهم تغييرًا لسلوكهم الجنسي (مثل خفض عدد الشركاء الجنسيين)، وحافظ 35% منهم على هذه التغييرات بعد عام واحد. وتقدم نتائج هذا المسح رؤى قيِّمة لتجارب المجتمعات المتضررة واحتياجاتها، وتؤكد أهمية زيادة إتاحة التطعيم ضد إمبوكس ووسائل التشخيص على الصعيد العالمي.

فيروس العوز المناعى البشرى وكوفيد- 19

كشف تحليل مُحدَّث أُجري من المنصة السريرية العالمية لمنظمة الصحة العالمية لكوفيد-19 حتى مايو 2023 عن استمرار ارتفاع خطر الوفاة بين الأشخاص المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري الذين أُدخلوا المستشفى بسبب عدوى كوفيد-19 في موجات ما قبل متحور دلتا ومتحور دلتا ومتحور أوميكرون، وتراوح معدل إجمالي الوفيات داخل المستشفيات بين 20% و24%. وبالنسبة للأشخاص غير المصابين بفيروس العوز المناعي البشري، انخفض خطر الوفاة خلال موجة متحور أوميكرون بنسبة تتراوح بين 53% و55% مقارنةً بموجات ما قبل متحور دلتا ومتحور دلتا؛ ولكن بالنسبة للأشخاص المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري، كانت النسبة المئوية لانخفاض الوفيات خلال فترة موجة أوميكرون مقارنةً بالموجات الأخرى متواضعة (16%-19%). وقد أدى هذا الفرق إلى زيادة خطر الوفاة بنسبة 142 مرة بين الأشخاص المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري مقارنةً مع الأشخاص غير المصابين بفيروس العوز المناعي البشري خلال فترة موجة أوميكرون. 


وكانت عوامل خطر الوفاة داخل المستشفى التي كانت شائعة في جميع موجات متحورات الجائحة هي انخفاض تعداد خلايا عنقود التمايز 4 (CD4) (أقل من 200 خلية لكل م3)، ومرض كوفيد-19 الوخيم أو الحرِج عند دخول المستشفى.


وقالت الدكتورة ميغ دوهرتي، مديرة البرامج العالمية بمنظمة الصحة العالمية المعنية بمكافحة فيروس العوز المناعي البشري والتهاب الكبد وعدوى الأمراض المنقولة جنسيًا: "لا يزال فيروس العوز المناعي البشري غير الخاضع للسيطرة أحد عوامل خطر الحصائل السيئة والوفاة بسبب فاشية جدري القردة وجائحة كوفيد-19". "ويجب أن نضمن إدماج اعتبارات فيروس العوز المناعي البشري في التأهب للجوائح والاستجابة لها. وتُعدُّ حماية الأشخاص المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري من الجوائح في المستقبل أمرًا حيويًا ويعزز الحاجة إلى ضمان إتاحة اختبارات الكشف عن فيروس العوز المناعي البشري وعلاجه واللقاحات الوقائية لجدري القردة وكوفيد-19 لإنقاذ الأرواح؛ وستكون الاستجابات المجتمعية الناجعة لفيروس العوز المناعي البشري مفيدة أيضًا في معالجة الجوائح في المستقبل".


توخي الاستفادة المثلى من خدمات اختبار فيروس العوز المناعي البشري من خلال خيارات الاختبار الموسَّعة وتقديم الخدمات المبسطة، مع التوصيات الجديدة بشأن اختبار فيروس العوز المناعي البشري، تدعو منظمة الصحة العالمية البلدان إلى توسيع نطاق استخدام الاختبار الذاتي لفيروس العوز المناعي البشري وتعزيز الاختبار من خلال الشبكات الجنسية والاجتماعية لزيادة التغطية بالاختبار وتعزيز الإقبال على خدمات الوقاية من فيروس العوز المناعي البشري وعلاجه في الأماكن ذات العبء الثقيل وفي الأقاليم التي تعاني من أكبر الثغرات في التغطية بالاختبار.

وتأتي التوصية في وقت محوري يتزايد فيه الاعتراف بالرعاية الذاتية والاختبار الذاتي كسُبُل لزيادة إتاحة الرعاية الصحية وكفاءتها وفعاليتها ومقبوليتها في العديد من مجالات الأمراض المختلفة، بما فيها فيروس العوز المناعي البشري.


الرعاية الصحية الأولية وفيروس العوز المناعي البشري

ثمة إطار سياسات جديد للرعاية الصحية الأولية وفيروس العوز المناعي البشري سيساعد متخذي القرارات على تحسين العمل والتعاون الجاري للنهوض بالرعاية الصحية الأولية والاستجابات الخاصة بأمراض محددة، بما في ذلك فيروس العوز المناعي البشري. وفي السنة الثانية من التنفيذ، تدعو الاستراتيجيات العالمية لقطاع الصحة بشأن فيروس العوز المناعي البشري والتهاب الكبد الفيروسي والعدوى المنقولة جنسيًا للفترة 2022-2030 بنشاط إلى التآزر في إطار التغطية الصحية الشاملة والرعاية الصحية الأولية.

وقال الدكتور جيروم سالومون، المدير العام المساعد لمنظمة الصحة العالمية المعني بالتغطية الصحية الشاملة والأمراض السارية وغير السارية: "إن القضاء على الإيدز أمرٌ مستحيلٌ دون الاستفادة المثلى من الفرص على نطاق النُظُم الصحية وداخلها، بما في ذلك مشاركة المجتمعات المحلية وفي سياق الرعاية الصحية الأولية".

وتُقدَّم هذه البحوث والإرشادات الأخيرة في وقت تأخر فيه التقدم نحو القضاء على وباء الإيدز العالمي، بعد جائحة كوفيد-19؛ ولكن الاستجابة تلحق بالرَكب بسرعة، حيث ترسم بعض البلدان الآن مسارًا للقضاء على الإيدز، بما في ذلك أستراليا، وبوتسوانا، وإسواتيني، ورواندا، وجمهورية تنزانيا المتحدة، وزمبابوي، و16 بلدًا آخرَ أوشكت على بلوغ الغايات العالمية 95-95-95 التي تهدف إلى معرفة 95% من المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري بحالتهم، وتلقي 95% من الذين شُخِّصت حالتهم للعلاج بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، وتمكّن 95% من الذين يتلقون العلاج من كبت الأحمال الفيروسية.