رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شيخ الأزهر في 3 يوليو.. غلق الطريق أمام مزاعم الإخوان بأن مصر تحارب الإسلام

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

لم يتخاذل الأزهر الشريف يوما عن الوقوف بجانب الدولة المصرية فى كل الأوقات وأحلك الظروف، وهذا شاهد عليه التاريخ منذ أكثر من ألف عام، إذ وقف الإمام الأكبر إمام المسلمين ليلقي بيانا تاريخيا، وأعلن تأييده وتأيد الأزهر الشريف انضمام صوته إلى صوت الشعب المصري حيث قال: "أيدت الرأى الذى انتهى إليه المجتمعون وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، يحتكم فيها الشعب إلى صندق انتخاب يضمن نزاهة كل من قضاء مصر العظيم ورجال القوات المسلحة الأبطال وقوات الشرطة البواسل".

بيان للتاريخ ألقاه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف يوم 3 يوليو لعام 2013.

كلمات فضيلة إمام المسلمين بالعالم الإسلامي جاءت لتعبر موقف الأزهر الذي انحاز لشعب مصر، وحاول بضراوة الحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، محدثا بنهج الأزهر وتاريخه، ومؤكدًا أن مصر تستحق من الجميع موقفًا وطنيًّا صادقًا.

الإرادة الشعبية

لم يكن الأزهر الشريف بعيدا عن آمال الأمة وتطلعاتها فانحاز إلى الإرادة الشعبية، و دعم ثورة الثلاثين من يونيو، وكذلك جهود المؤسسة بعلمائه وهيئاتها الشرعية فى دعم ثورة 30 يونيو. 

كان لظهور الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بجوار رموز وقيادات الدولة، فى خطاب 3 يوليو الشهير، بحضور الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، آنذاك، خلال إعلان بيان عزل محمد مرسى، بمثابة غلق الطريق أمام مزاعم جماعة الإخوان التى روجت لها فى الداخل والخارج، عقب تصديرها للمشهد بأنه حرب على الإسلام.

وقبل خطاب 3 يوليو الشهير بيوم، حث بيت العائلة المصرية، جموع المصريين على لم الشمل، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطنى، وإعلاء القيم العليا للإسلام والمسيحية، ومعها قيمة المواطنة المصرية، وعدم الزج بالدين فى الصراع السياسى، والتحلى بالسلمية فى كل المواقف وفى كل الظروف والأحوال ووضع الوطن فى المكانة العليا فى القلوب والعقول وإعلاء مصلحته والبعد عن التشرذم والانقسام، وصيانة الدماء المصرية حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان.

وطالب شيخ الأزهر، فى بيان له فى 2 يوليو 2013، الجميع بتحمل مسئولياته أمام الله والوطن والتاريخ فى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من هذه الأزمة، تقديراً لصوت الشعب الذى فاجأ العالم بإلهام حضارى جديد من خلال تعبيره الراقى عن مطالبه، وحقناً للدماء، وصوناً للأعراض والأموال، وحفاظاً على الأمن القومى من التعرض للمخاطر المحدقة به داخلياً وخارجياً.  

وحذر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من فتنة تجر البلاد إلى هاوية خطيرة ومستنقع كريه يشوه وجه مصر العظيم، قائلاً: «أحذركم من فتنة مهلكة، تذهب بوحدتكم، فتنة تصرف قواتنا المسلحة الباسلة عن مهمتها الوطنية الأصلية، وأن الدين والوطنية براء من أى دم يسفك وبراء من كل من يشارك فى كل قطرة دم تسفك». 

وفي ذلك الوقت، خاض الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف حرباً ضروسا مع جماعة الإخوان طوال سنوات عديدة، تعود إلى بداية توليه رئاسة جامعة الأزهر وامتدت بعد ثورة يناير وسيطرتهم على البلاد والأغلبية داخل البرلمان، بسبب محاولتهم اختطاف مصر بكل مؤسساتها وعدائهم الشخصى له منذ كان رئيسا لجامعة الأزهر، فقد شهدت فترة رئاسته للجامعة محاولة طلاب الجماعة إقامة عرض عسكرى داخل الجامعة. 

واستمر عداء الجماعة للشيخ بعد توليه منصب شيخ الأزهر، فكانت تدفع شبابها كثيرا للتظاهر ضده وهو ما وصل إلى حد محاولة اقتحام المشيخة، وذلك بسبب موقف الإمام الأكبر الرافض والمتصدى بقوة لمحاولات الجماعة المستمرة للسيطرة على الأزهر الشريف ومؤسساته، فكان الإخوان يريدون سحب البساط من تحت الأزهر وتحجيمه لتصبح مراكز الثقل للشيوخ والدعاة من غير الأزهريين وتكون حكرا للمنتمين للجماعة وأنصارها.

وكان الأزهر العائق الأكبر أمام طريقهم لنشر فكرهم ورؤيتهم السياسية المختلطة بشعارات دينية، فكان من الطبيعى أن يسعى من أرادوا تطويع الدين لخدمة أهدافهم لتكون أكبر مؤسسة إسلامية فى العالم تحت سيطرتهم لخدمة مصالحهم الخاصة، وهو ما وقف الأزهر ضده بقوة وحافظ على استقلاليته رغم كل الضغوط.  

هجمات شرسة

هجمات شرسة  تعرض الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف لهجمات شرسة من قبل جماعة الإخوان المسلمين قبيل وعقب ثورة 30 يونيو بعد إعلانه مساندة ودعم الفريق عبدالفتاح السيسى، ولكن الإمام الأكبر ضرب بتلك الهجمات عرض الحائط وقرر الانضمام إلى صفوف الجماهير التى خرجت إلى الميادين غاضبة، معلنة رفضها لمحمد مرسى، وأعضاء جماعته فى 30 يونيو عام 2013. 

وعقد بيت العائلة المصرية المنوط به لم شمل المصريين وقتها، عدة اجتماعات أصدر خلالها بياناً قال فيه: إن بيت العائلة المصرية وهو يقوم بدوره فى جمع شمل مصر، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطنى، وإعلاء القيم العليا للإسلام والمسيحية، ومعها قيمة المواطنة المصرية، وعدم الزج بالدين فى الصراع السياسى، وتميز مصر الحضارى عبر تاريخها الطويل فى السلم والتعايش فى الوسطية والاعتدال، فإننا نناشد المصريين جمعياً السلمية فى كل المواقف وفى كل الظروف والأحوال، ووضع الوطن فى المكانة العليا فى القلوب والعقول، وإعلاء مصلحته فوق كل مصلحة والبعد عن التشرذم والانقسام، وصيانة الدماء المصرية حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان وتبقى مصر حصن الأمن للجميع.  

إنهاء الانقسام  لم يتوقف دور الأزهر الشريف خلال 30 يونيو التى وصفتها بعض وسائل الإعلام الأجنبية، بأنها أكبر ثورة بشرية فى التاريخ، بل دعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، المصريين إلى إنهاء حالة الانقسام التى تشهدها البلاد، وقد تجرها إلى كارثة محققة، مشدداً على أن وحدتهم فوق كل اعتبار. 

خطوات جادة 

وطالب شيخ الأزهر، الجميع بتحمل مسئولياته أمام الله والوطن والتاريخ فى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من هذه الأزمة، تقديراً لصوت الشعب الذى فاجأ العالم بإلهام حضارى جديد من خلال تعبيره الراقى عن مطالبه، وحقناً للدماء، وصوناً للأعراض والأموال، وحفاظاً على الأمن القومى من التعرض للمخاطر المحدقة به داخلياً وخارجياً.

وعزل محمد مرسي تم بمباركة الأزهر الشريف، حيث دعا الفريق عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لعقد اجتماع فى الثالث من يونيو، مع عدد من الشخصيات، بحضور البابا تواضروس وممثلين عن حزب النور وحركة تمرد، لإعلان بيان عزل محمد مرسى.

وأصدر الإمام الأكبر بياناً عقب إلقاء السيسى بيان 3 يوليو، وضع الإمام الطيب أُسس بنى عليها موقف الأزهر من ثورة 30 يونيو فى خطابه الشهير، كانت بمثابة السند الشرعى للمؤسسات الوطنية للخروج على حكم الإخوان الفاشى، أولهما أن قرار الدعم للثورة كان منعا لصدام المصريين بسبب تصارع القوى السياسية وتعنت جماعة الإخوان، الأساس الثانى: الوقوف حائلا ضد أى محاولة طائفية لمنع سيلان الدم المصرى.

أكد الإمام الأكبر، أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار، وأن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، لافتاً إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائماً، ومصر تستحق من الجميع موقفاً وطنياً صادقاً.  

وأكد شيخ الأزهر الشريف، أنه ماحدث فى 30 يونيو إرادة شعبية، وأن مواقف الأزهر تتحدد دائما طوعا لإرادة للشعب المصرى وما يمر به من أزمات سياسية، وهذا هو موقف الأزهر الثابت فى كل الثورات عبر التاريخ.  

وفى ظل محاولات من الجماعات المتشددة لاختطاف الوطن وإرهاب أبنائه، وقف الأزهر برئاسة الدكتور أحمد الطيب، مساندا للدولة المصرية ومقدرات الشعب، وتضامن مع الكنيسة المصرية ضد استهداف المواطنين المسيحيين وكنائسهم، بعد محاولات تلك الجماعات لإيقاع الفتنة بين أبناء الوطن، ليلعب وعى المؤسسات الدينية وتضامنها مع بعضها البعض دوراً محورياً لعدم تحقيق غرض تلك الجماعات. 

كما عزز من دور بيت العائلة المصرية الذى يجمع رموز الدينين الإسلامى والمسيحى، ونجح فى وأد الفتنة الطائفية وإجراء المصالحات بين الأطراف المتنازعة فى المدن والقرى بجميع أنحاء الدولة.

وقام الأزهر بمساندة ودعم جهود القوات المسلحة، والشرطة المصرية، فى حربهما المستمرة ضد الإرهاب، وقاد الأزهر مسيرة تجديد الخطاب الدينى، والتجديد المستمر للمناهج التعليمية، بما يتوافق مع متطلبات العصر. 

وساهمت جولات الإمام الأكبر أحمد الطيب الخارجية، وقوافل السلام، واستجابة بابا الفاتيكان لدعوته بزيارة مصر؛ فى تعزيز صورة مصر بالخارج، وتأكيد حالة الاستقرار السياسى والمجتمعى الذى أصبحت فيه البلاد، كما عقد الأزهر عدة مؤتمرات لمواجهة الإرهاب وتأكيد قيم التعايش والمواطنة، وإرساء السلام العالمى دعا إليه قادة محليين وعالميين للتأكيد على قيم التعايش والسلام ونبذ العنف والإرهاب.