رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

استخدام بلا قيد.. ما يفعله الإفراط فى تناول المضادات الحيوية

المضادات الحيوية
المضادات الحيوية

عانى جمال من تكرار الإصابة بالالتهاب الرئوي رغم أن عمره 9 أعوام، وفي إحدى المرات ارتفعت درجة حرارته بشدة، لتطوف والدته به على قرابة أربعة أطباء، وتناول الأدوية كافة إلا أنها كلها لم تؤثر فيه ولم يتماثل للشفاء، وطالت فترة العلاج.

الأدوية جميعها التي كتبها الأطباء الثلاثة كانت تحوي مضادًا حيويًا مختلفًا عن الآخر، ويتناولها الصغير في تلك السن، ولكن تعجبت أمه من أنه لا يتماثل للشفاء طوال تلك الفترة ورغم كثرة الأدوية وتنوعها، لتجري له تحليل دم ومزرعة بول، ليتضح أنه يعاني من مقاومة للمضادات الحيوية بسبب كثرتها.

الاستعمال الخاطئ للمضادات الحيوية

يفتقر كثير من المصريين لثقافة تناول المضادات الحيوية، فيتم تناولها بكثرة دون اعتبار للأضرار الناتجة عنها، وهو ما تحدث عنه الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا بوزارة الصحة والسكان، بأن الاستعمال الخاطئ للمضادات الحيوية يؤثر سلبًا على الصحة العامة، مشيرًا إلى أنه يفضل استخدام المضادات الحيوية تحت إشراف طبي.

وأضاف أنه يجب الابتعاد عن الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية دون استشارة الأطباء، والذي قد يتسبب في ظهور سلالات جديدة من الميكروبات المقاومة لمضادات الجراثيم المتاحة خاصة كورونا، مبينًا أن البرنامج الوطني لمقاومة مضادات الميكروبات يسعى إلى تشجيع الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية.

وأشار إلى أن فوكسازولدين هو مضاد حيوي يحارب البكتيريا في الجسم، والذي توفره هيئة الشراء الموحد بالمستشفيات ويستخدم لعلاج أنواع مختلفة من الالتهابات البكتيرية، مثل الالتهاب الرئوي والتهابات الجلد والالتهابات التي تقاوم المضادات الحيوية الأخرى.

مقاومة المضادات الحيوية 

عقب إصابة جمال بتلك المقاومة للمضادات الحيوية اضطرت والدته لإجراء عدة تحاليل لمعرفة أي المضادات الحيوية التي لا يزال جهازه المناعي لا يقاومها، فلم تجد سوى مضاد حيوي واحد إلا أنه يعاني من النقص في السوق المصرية: «عرفت وقتها خطورة ما حدث لابني بسبب الاستعمال الخاطئ للمضادات الحيوية».

مقاومة المضادات الحيوية هى قدرة البكتيريا على تطوير آليات تمكنها من مقاومة تأثيرات المضادات الحيوية، وتتميز الكائنات الدقيقة المقاومة بكونها أصعب في العلاج، واحتياجها إلى جرعات أعلى أو ضرورة اللجوء إلى علاجات بديلة والتي ربما تكون أكثر سُمية وكذلك أكثر تكلفة.

نفس الأمر تكرر مع زوجة عماد عادل، البالغة من العمر 55 عامًا، والتي أصيبت بإسهال حاد على مدار فترة طويلة لم يفلح معها أي علاج، وأجرت عدة فحوصات وتشخيصات طبية لم تؤد إلى نتيجة واضحة حول عدم تأثير الدواء فيها.

حسب منظمة الصحة العالمية هناك 1.2 مليون شخص توفوا عبر العالم بسبب عدوى بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية.

وبعد فحص أخير اتضح أنها تعاني من التهاب في الغشاء القولوني نتيجة تناول المضادات الحيوية بكثرة، والتي أدت إلى نتيجتين، الأولى عدم استجابة الجهاز المناعي للأدوية والمضادات الحيوية التي تتناولها، والثانية حدوث التهابات حادة في جدار القولون.

تقول: «استدعى الأمر تدخلاً جراحيًا بسبب استمرار الإسهال وعدم تأثير الأدوية في حالتي بسبب اعتياد الجهاز المناعي عليها، ما أحدث مقاومة تجاه المضادات الحيوية تحديدًا، وكان بمثابة درس لي لعدم الاستخدام دون ثقافة أو وعي».

في مارس الماضي خرجت دراسة من مستشفى جامعة أكرشوس وجامعة أوسلو بالنرويج، خلصت إلى أن المضادات الحيوية التي تعطى للمرضى بكثرة أو دون إشراف طبي للقضاء على العدوات الفيروسية ربما لا تزيد فرص البقاء على قيد الحياة.

وقالت الدراسة إن البيانات التي تم الحصول عليها تفيد بوجود إفراط كبير في استخدام المضادات الحيوية، وفي فبراير الماضي خرجت دراسة أخرى من جامعة «جوتنبرج» الألمانية تحذر من تنامي مقاومة الأمراض للمضادات الحيوية عالميًا بسبب الاستخدام غير الواعي لها.