رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فريد حافظ.. هل يصبح بديل "حفيد البنا" فى أوروبا؟

في الوقت الذي أصبح فيه الأكاديمي طارق رمضان حفيد مؤسس الإخوان، قوة مستهلكة وورقة مشبوهة بسبب جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي التي تلاحقه في أوروبا، والذي تم تقليصه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إلا أن العديد من المراقبين الغربيين والمتخصصين في الإسلام السياسي يؤكدون أن الجماعة الإرهابية تعد "طارق رمضان" آخر أو أكثر من بديل له.

صناعة نجم من أهم آليات تنظيم الإخوان الدولي لأنه يعد أداة مهمة تعمل كهمزة وصل بين الجماعة والساسة وصناع القرار في الغرب، ولذلك عادة ما يتم اختيار النجم الذي يتم زراعته في دول الغرب عن طريق معايير محددة أبرزها أن يكون له كاريزما وأن يكون قادرا على تمثيل دور الإسلامي المعتدل والذي يظهره في خطابه العصري وحججه شبه المقنعة لجذب مختلف الفئات سواء مواطنين عاديين داخل تلك الدول أو مسئولين كبارا في أكثر المؤسسات أهمية هناك.

ويمكن القول أن نموذج طارق رمضان يصف بدقة حالة الصعود والسقوط لجماعة الإخوان منذ ما يسمى بثورات الربيع العربي، فهو أيضا كان نجما بارزا للجماعة قبل أن يسقط سقوطا مدويا في السنوات الأخيرة منذ اتهامه بجرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي التي قام بها بعد أن خدع الشباب والنساء بورقة الدين وبكونه هو الممثل للمسلمين في الغرب.

والآن بعد فقدان "حفيد البنا" التأثير في شرائح واسعة في المجتمعات الغربية برغم محاولاته المستميتة العودة إلى الأضواء مجددا، تقوم جماعة الإخوان بتحضير عدة بدائل لحفيد البنا في الغرب ولعل أكثرهم شهرة وإثارة للجدل هو النمساوي فريد حافظ والذي يشبه كثيرا طارق رمضان فهو أيضا أكاديمي ومحاضر وحاصل على الدكتوراه في الإسلاموفوبيا ولديه عدة كتب تفوح منها أفكار جماعة الإخوان، وولد في دولة أوروبية أيضا وهي النمسا لأب من أصول مصرية وأم من أصول نمساوية، يلعب أيضا بورقة الدين وورقة العنصرية ضد المسلمين ومدعوم بشكل واضح من عناصر مهمة للإخوان في مصر وعدة جهات، تم الكشف عن تلك المعلومات بعد القبض عليه في 2020 ضمن عملية الأقصر في النمسا والتى أسفرت عن الكشف عن عشرات من خلايا الإخوان النائمة في النمسا.

من خلال ضغوط كبيرة على الساسة في النمسا تم إخلاء سبيل فريد حافظ، ومن وقتها وهو يهاجم وبشدة تحركات النمسا لحظر جماعة الإخوان على أراضيها من خلال لعب دور الضحية وهي تلك الطريقة شبه المضمونة التي كانت تتبعها جماعة الإخوان سواء في الشرق الأوسط أو في الغرب بنفس الاستراتيجية، أدى ذلك إلى تراخي إجراءات النمسا التي كانت تعد أبرز الدول الأوروبية فهمًا لخطر جماعة الإخوان.

أثارت تحركات وأفكار حافظ حاسة البحث لدي، ما جعلني أتحدث مع صديقي الأكاديمي والخبير الأمريكي من أصل إيطالي لورينزو فيدينو مدير البرنامج المعني بالتطرف في مركز الأمن الإلكتروني والوطني بجامعة جورج واشنطن، ومؤسس مركز توثيق الإسلام السياسي النمساوي في النمسا، والذي أكد فعلا أن جماعة الإخوان تعد أكثر من طارق رمضان، رغم أنه لا يمكن نسخه بشكل كامل بسبب رابطة الدم مع مؤسس الجماعة حسن البنا، ولكنه كشف عن أن هناك شريحة من الدعاة ولدوا في أوروبا ويخفون بشكل جيد أي رابطة أو علاقة مع جماعة الاخوان ولكنهم في الواقع من عناصر التنظيم فضلا عن أنهم يتميزون بأنهم ماهرون في استخدام لغة اليسار في المجتمعات الأوروبية مما يسهل عليهم التغلغل داخل المؤسسات ومن أبرز هؤلاء الدعاة فريد حافظ.

ويستخدم فريد حافظ – بحسب فيدينو- نفس أدوات طارق رمضان التي اتبعها منذ 10 أو 15 عاما مضت، مؤكدا في حديثه معي أن حافظ يعمل بشكل كبير لتحقيق أهداف الإخوان المسلمين في النمسا ودول أوروبية أخرى لأنه يتم تلميعه من قبل التنظيم الدولي للإخوان، فحافظ الآن نجم صاعد في دراسات الإسلاموفوبيا، ويصنفه العديد من الخبراء بأنه شخص درس أيديولوجية الإخوان المسلمين وكان ناشطًا من خلال علاقاته مع المنظمات المرتبطة بالإخوان في الغرب، وهو أيضًا شخصية مثيرة للجدل للغاية وله صلات بعناصر كثيرة داخل جماعات الإسلام السياسي.

ومن هنا نستطيع ان نقول إن الجماعة في أي وقت في تاريخها تعمل على إعادة إحياء نفسها، وربما يكون صنع رموز تشبه طارق رمضان في الوقت الحالي طريقة من طرق الجماعة لتلميع نفسها من خلال جيل شاب جديد يمتلك الأدوات العصرية لخداع الأوساط السياسية ويجب علينا الانتباه للرموز الإخوانية الجديدة في الغرب لأنها تعمل بخبث على تأليب تلك المجتمعات الغربية وقادتها على أنظمة الشرق الأوسط، كما حدث في فوضى الربيع العربي والتي نجت مصر منها بإرادة شعبها الذي رفض الخضوع للإخوان وفكرهم المتطرف وأسقطهم في يونيو 2013.