رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صداقتنا مع البريكس

توسيع عضوية تجمع الـ«بريكس»، BRICS، كان أبرز الملفات التى ناقشها وزراء خارجية الدول الخمس الأعضاء فى التجمع، خلال اجتماع عقدوه، الخميس الماضى، فى مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا. وبعد أن قرروا تكليف الجهات ذات الصلة ببحث كل الجوانب المتعلقة بهذا الملف، أعربوا عن أملهم فى الانتهاء من وضع آليات انضمام الأعضاء الجدد، قبل قمة رؤساء دول المجموعة، المقرر عقدها فى أغسطس المقبل.

فى اليوم التالى، أمس الأول الجمعة، وتحت عنوان «لقاء أصدقاء بريكس»، عقد الوزراء الخمسة اجتماعًا مع وزراء خارجية ١٢ دولة، أبدت اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، شارك فيه بعضهم حضوريًا، وبعضهم شارك عبر الفيديو كونفرانس، مثل سامح شكرى، وزير خارجيتنا، الذى تناول، فى كلمته، ما يواجهه النظام الاقتصادى العالمى من أزمات فى الغذاء والطاقة والديون والمناخ، وأكد أن هذه الأزمات تتطلب حوارًا شاملًا بين الدول النامية، لافتًا إلى ما توليه مصر من أهمية لعلاقتها مع تجمع الـ«بريكس» والدول النامية الأخرى، التى تتشارك معها فى المواقف بشأن التحديات والفرص الاقتصادية، والالتزام بالعمل والتعاون متعدد الأطراف، المبنى على التضامن والفوائد المشتركة واحترام السيادة الوطنية.

تقدّر مصر أهمية تجمع الـ«بريكس» وخصوصيته، ليس فقط فيما يتعلق بآليات العمل المؤسسى، التى تقوم بتنسيق سياسات الدول الأعضاء، ولكن أيضًا بسبب الرؤى السياسية المشتركة التى اعتادت قمم التجمع تبنيها تجاه القضايا السياسية ذات الأهمية الخاصة للدول النامية. وخلال مشاركته فى قمة التجمع التاسعة، التى استضافتها الصين فى سبتمبر ٢٠١٧، أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسى عن تطلعنا، تطلع مصر والمصريين، إلى أن يتمكن تجمع الـ«بريكس»، من التوصل، فى وقت قريب، إلى آلية مناسبة للتواصل والحوار مع كل الدول النامية، التى يمكن أن تكون لها إسهاماتها فى التجمع.

مع إيمانها بأن العلاقات بين الدول ينبغى أن تقوم على التضامن واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، تتشارك الدولة المصرية، «دولة ٣٠ يونيو»، قيمًا أساسية أخرى مع دول الـ«بريكس»، أبرزها الالتزام بالقانون الدولى، والإيمان بأهمية السلام والأمن والاستقرار فى تحقيق التنمية الوطنية والازدهار المشترك. ولعلك تتذكر أننا كنا قد أوضحنا، منذ أيام، أن أحد أبرز أهداف هذا التجمع، الذى يضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، هو كسر الهيمنة الغربية، أو الأمريكية، على الاقتصاد العالمى، والإفلات من سيطرة البنك وصندوق النقد الدوليين، وبناء نظام مالى عالمى أكثر عدلًا وتوازنًا.

المهم، هو أن وزير الخارجية تناول، فى كلمته، الفجوة التمويلية التنموية الراهنة، على مستوى العالم، وأكد أنها تتطلب الانخراط فى مناقشات جادة بشأن إصلاح المؤسسات التنموية متعددة الأطراف، بالإضافة إلى إنشاء آليات تمويلية جديدة، مشيرًا إلى أن انضمام مصر إلى «بنك التنمية الجديد»، التابع لتجمع الـ«بريكس»، سنة ٢٠٢١، وإلى «البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية»، سنة ٢٠١٦، يبرهن على دعم الدولة المصرية جهود البنكين فى تعزيز تواجدهما فى الدول النامية، خاصة فى إفريقيا. 

علاقات مصر مع كل شركاء التنمية، تقوم على التضامن والتكامل، وتهدف إجمالًا، إلى تعزيز الجهود المبذولة لتحقيق الأهداف الـ١٧ لأجندة التنمية الأممية، ونسختها المحلية، أو الوطنية، «رؤية مصر ٢٠٣٠». وعليه، نرى أن الإشادة واجبة بإشارة وزير خارجيتنا إلى أن مساعى جهود هذين البنكين، بنك التنمية والبنك الآسيوى، لا يجب أن تشكل بديلًا لمؤسسات تمويل التنمية متعددة الأطراف، التى شدد على ضرورة إصلاحها لتتمكن من الاستجابة لأولويات الدول النامية. كما يستحق الإشادة، أيضًا، تأكيده أهمية تعزيز كفاءة وشمول آليات التعامل مع أزمة الديون، وتحذيره من تأثير هذه الأزمة على الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، التى يهدد عبء الديون جهودها المستمرة منذ عقود، فى القضاء على الفقر.

.. وتبقى الإشارة إلى أن وزراء خارجية الدول الأعضاء فى تجمّع الـ«بريكس» أعلنوا عن ترحيبهم بالدول التى أبدت اهتمامها بالانضمام إلى التجمع، أو الأعضاء الجدد المحتملين، وأكدوا أنهم يتوقعون انضمام المزيد من الدول إلى عائلتهم الكبيرة.