رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يُنهى الذكاء الاصطناعى دور مصممى الأغلفة؟

الذكاء الاصطناعى
الذكاء الاصطناعى

- «تقرير صحفى» يفضح الآلة: تسرق ملامح من أعمال الفنانين الحقيقيين وتدمجها لتبدو مبتكرة

تثير التطورات الحديثة فى مجال الذكاء الاصطناعى جدلًا متصاعدًا بشأن الإبداع البشرى بمختلف أشكاله، بيد أنه فى مضمار صناعة أغلفة الكتب أثار حفيظة الفنانين والمصممين، ليس فقط لأنه يهدد عملهم بصورة مباشرة، ولكن لأنه بصورة ما يُغذّى من الأعمال الفنيّة لهؤلاء المصممين كى يكون قادرًا على إنتاج أعمال أخرى شبيهة أو مغايرة. 

منذ أيام، أثار غلاف كتاب جديد، يعرض رسمًا لذئب، لمؤلفة الأعمال الخيالية «سارا جى. ماس» حفيظة الفنانين الذين اكتشفوا أنه أُنتِج بواسطة الذكاء الاصطناعى عبر خدمة «AdobeStock» التى توفر صورًا دون حقوق ملكية للمشتركين، ما جعل دار النشر تخرج لتعلن عن أنها لم تكن على علم بأصل الصورة.

وفى هذا الشهر، اعتذر مهرجان «برادفورد الأدبى» فى بريطانيا عن الأذى الذى تسبب فيه بعد أن انتقده الفنانون لاستخدامه صورًا تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعى فى مواد ترويجية.

تحديات كبرى تواجه صناعة النشر مع استخدام الذكاء الاصطناعى، وهو ما دفع جمعية المؤلفين «SOA» فى بريطانيا إلى إصدار بيان حول الذكاء الاصطناعى، ذكرت فيها أنه على الرغم من وجود فوائد محتملة للذكاء الاصطناعى، فإن هناك مخاطر يجب تقييمها ووضع إجراءات وقائية لضمان ازدهار الصناعات الإبداعية.

ونصحت الجمعية بضرورة طلب الموافقة من المبدعين قبل استخدام نظام الذكاء الاصطناعى لعملهم، وأنه يجب مطالبة المطورين بنشر مصادر البيانات التى استخدموها لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعى الخاصة بهم.

كانت صحيفة «الجارديان» فى وقت سابق قد ناقشت المخاوف التى تنتاب المبدعين بسبب الطريقة التى يستخدم بها مُنشئو الصور بالذكاء الاصطناعى قواعد بيانات للفن والنصوص الموجودة بالفعل دون إذنهم، فالذكاء الاصطناعى لا ينظر إلى الفن، ويبتكر الفن الخاص به، إذ يأخذ عينات من الجميع ثم يدمجها فى شىء آخر.

وكان المؤلف والرسام هارى وودجيت قد تحدث عن ذلك بقوله: «تعتمد هذه البرامج بالكامل على الملكية الفكرية المقرصنة لعدد لا يحصى من الفنانين العاملين والمصورين والرسامين وأصحاب الحقوق الآخرين». 

هل الإبداع البشرى مهدد فى ظل التطورات السريعة التى تشهدها التقنيات التوليدية، والتغيرات المتسارعة فى هذا العالم الناشئ.. لذا توجهت «الدستور» بالسؤال لمتخصصين حول مستقبل الإبداع البشرى فى فن صناعة الأغلفة. 

أشارت المؤرخة والكاتبة المهتمة بتاريخ الكتاب، الأستاذ المساعد فى تاريخ أوروبا الحديث بجامعة شيكاغو، آدا بالمر، إلى أن «الذكاء الاصطناعى سيؤثر على المبدعين (الرسامين)، وقد نرى الكثير منهم يفقدون أعمالهم، فى وقت تحاول فيه المطابع توفير الميزانية باللجوء إلى الذكاء الاصطناعى».

وأردفت، فى حديثها مع «الدستور»، قائلة: لكن أدوات الذكاء الاصطناعى لا تزال محدودة «حتى الآن» فى الأسلوب والتفاصيل ويمكن تمييزها بسهولة، وهو ما يتعارض مع فكرة أغلفة الكتب التى هى «عادة ما تتطور باستمرار، لأن الهدف هو إبراز كتابك بين أعمال الآخرين، لذلك يحاول المصممون باستمرار تصميم شىء يبدو مختلفًا».

وأوضحت: «عندما يصبح كل شكل جديد لغلاف الكتاب شائعًا، ينتقل المصممون بسرعة إلى أشكال جديدة.. وبالتالى إذا بدأ الناشرون فى استخدام فنون الذكاء الاصطناعى، وخاصة من خلال المطابع والكتاب الذين يقومون بالنشر الذاتى، فسوف تصبح الأغلفة الفنية للذكاء الاصطناعى دليلًا على الكتب الأرخص والأقل احترافًا، وسيقوم الناشرون الأكثر ثراءً بالعكس».

وتابعت أنه «حتى الآن، الذكاء الاصطناعى لا يستطيع فهم الإشارات الدقيقة لأنماط الخط وأشكال التصميم التى يستخدمها مصممو أغلفة الكتب المحترفين لجعل القراء قادرين على التفرقة بين أنواع الكتب المختلفة تحت نفس التصنيف، وإن كان من المحتمل أن الذكاء الاصطناعى سيكون قادرًا على فعل ذلك».

أما الأستاذ المشارك بقسم الكتابة فى جامعة فيكتوريا الكندية، ديفيد ليتش، فقال فى حديثه لـ«الدستور» إنه «من الواضح أن الذكاء الاصطناعى سوف يؤثر على دخل الرسّامين، فى صناعة الكتب وفى كل مجال آخر».

واستطرد: «مع ذلك، سيظل الناشرون بحاجة إلى توظيف مصممى الجرافيك، لجعل الأغلفة تبدو جيدة وتبرز بطرق لا يستطيع الذكاء الاصطناعى القيام بها حتى الآن». بينما لا أحد يدرى ما الذى يحمله المستقبل من تطورات فى ظل التقدم فى تلك التقنيات بعد».

ولفت الأكاديمى الكندى إلى أنه «غالبًا ما يستخدم الناشرون صورًا لأغلفة الكتب، لذلك لا يقومون دائمًا بتعيين رسامين للعمل الأصلى، إنهم فقط يشترون حقوق العمل القديم، وفى هذا السياق قد يعتمد الناشرون الصغار على الذكاء الاصطناعى لخفض تكاليف أغلفة كتبهم».